هی لیس انتخابات امریکیة، هی انتخابات مصریة. دون ای تدخل اجنبی.

هو جاهز لمغادرة مکتبه و منصبه کأمین عام للجامعة العربیة، مطاردا لموقفه من الترشح لانتخابات الرئاسة التاریخیة المقبلة. یوکد یحضر فی هذه المنافسة و لایهتم بالدور الصلبی الامریکان علی موقفه. یقول مصمم للترشح و ذهب إلى التأکید على أنه یعکف حالیاً - مع مجموعة من الخبراء - على وضع برنامجه الانتخابى تمهیداً للإعلان عنه فى الوقت المناسب، وتحدث لنا فى العدید من القضایا الشائکة، من الاقتصاد وحتى السیاسة والضغوط الدولیة، فبالتالی نص الحوار:

■ قبل کل شء، ما رأیک عن ثورة ٢٥ ینایر و احداث التی خلفتها؟

- ثورة ٢٥ ینایر هى ثورة بکل معنى الکلمة، فریدة فى نوعها، کبیرة فى تأثیرها الوطنى والإقلیمى. البعض منا تنبأ بالفعل بأن العالم العربى بشبابه، بل بکل مکوناته یعیش حالة إحباط شدیدة، وهذا کان واضحاً فى مصر بصفة خاصة، فالخلل الذى حدث للمجتمع المصرى کان من شأنه أن یؤدى إلى انفجار ومواجهة ما.

■ هل کنت تتصور ان یسقط النظام؟

لا ابدا، حقیقة لم یتصور أحد أن تحدث ثورة بهذا الشکل الهائل وغیر المسبوق وغیر التقلیدى، غیر أنها ثورة بمعاییر القرن الحادى والعشرین للتخلص من مخلفات القرن العشرین.

هذه الثورة أحدثت بالفعل، وحتى الآن، تغییراً ضخماً فى المفاهیم، وفى أسس الوعى السیاسى المصرى، بالإضافة إلى ما یتوقع أن تسهم به من تغییر فى العالم العربى والشرق الأوسط على اتساعه فى المستقبل القریب.

هذه الثورة أطلقت ما یسمى «نظریة الدومینو»، وهنا لا یشترط أن تکون وسائل ونتائج التغییر واحدة، ولکنها فى النهایة ستؤدى إلى تغییر فى طریقة إدارة وحکم الدول العربیة ومسارها السیاسى، وهنا یجب أن نشید بثورة تونس التى شکلت الشرارة التى فتحت طاقات کبیرة، وأطلقت زخما، قدر من جانبنا جمیعا فى الوطن العربى، لکن تبقى الثورة المصریة ذات تأثیرات عمیقة على المجتمع العربى ککل. صحیح أن ثورة ٢٥ ینایر المصریة لیس لها رأس محدد، ولکن بالتأکید لها قاعدة عریضة وهذا إلى حد کبیر أهم من الرأس.

■ هناک تخوف شدید من اختطاف ثورة ینایر من قبل قوى سیاسیة أو تیارات دینیة، فهل تشعر بأن هذا الخوف فى محله؟

- انا اری ارض الواقع برویة مختلفة. أعتقد أن مصر بعد ٢٥ ینایر لن تکون هى مصر قبل ٢٥ ینایر مرة أخرى، وبالتالى مهما کانت المخاوف لدى البعض من احتمال اختطاف الثورة والعودة إلى المربع الأول أو الانحراف بها إلى مربعات أخرى، فإن القاعدة الواضحة هى أنه لا عودة إلى النظام السابق أو إلى الشکل السابق لحکم مصر، وأنه إذا أحسنا إدارة الأمور، وأکدنا الحرکة نحو الدیمقراطیة والشفافیة والحکم الدستورى والإصلاح الشامل فهذه الثورة سوف تکتسح فى طریقها کل المحاولات السلبیة.

■ إذن انت تستبعد محاولات الاختطاف و تقول هناک لیس اختطاف من قبل قوا السیاسیة المنحرفة؟

- لا.. لا أستبعد محاولات الاختطاف - هذه هى السیاسة و جمیع الامور تحتمل فیه- ولکن لا أخشى منها لأن الشعب هو الذى ثار ولیس مجموعة منه، إنما الشعب کله خرج للمطالبة بالحریة والتغییر. الآن الفرصة أصبحت سانحة لتنطلق مصر الفتیة مرة أخرى بعدما کانت مصر العجوزة الکسولة والخاملة و تستبعد من هذه الحالة، وهذا لن یختطف.

■ قیل إن الإخوان المسلمین هم أکثر المستفیدین من ثورة ٢٥ ینایر والبدایة کانت بتشکیل حزب سیاسى؟

- من حق جمیع القوى السیاسیة أن تکون لها أحزاب تنطق باسمها، وأن تطرح أفکارها والحلول التى تقترحها لمشاکل مصر حتى تکون موضع نقاش قومى. ومن حق الشعب أن یعلم ماذا ترید هذه المجموعة أو تلک وأن یقارن بین البرامج المطروحة ویقدر مدى فائدتها والإمکانیات الحقیقیة التى تعتمد علیها، فالهدف الآن هو إطلاق مصر الحدیثة، مصر الدیمقراطیة، والدیمقراطیة تعنى أن یکون لکل مواطن ولکل تیار فى مصر الفرصة لأن یعبر عن نفسه، وأن یکون الخط السیاسى الذى تقره مصر نابعاً من نقاش وطنى ومؤسساً على توافق رأى تنتجه آلیات الدیمقراطیة.

■ نظرا لتدمیر الأحزاب السیاسیة المصریة طوال فترة النظام السابق، وسقوط الحزب الوطنى مؤخرا، بدا للبعض أن أى انتخابات برلمانیة قادمة ستأتى بالإخوان، لأنهم الفصیل الوحید الذى له وجود فى الشارع الآن؟ الامریکان یتحدثون عن هذه الموضوع بکثیر.

- أعتقد أن الحرکة السیاسیة المصریة یجب أن تبدأ بانتخاب رئیس الجمهوریة أولا ولیس بالانتخابات البرلمانیة، فالمجلس الأعلى للقوات المسلحة قام حتى الآن بخطوات جیدة مثل تعدیل الدستور، وتهدئة الأحوال، والتغییر الواضح فى کبار المسؤولین. وربما یکون التغییر الأهم هو المتعلق بالدستور، والمقصود بالتعدیلات الدستوریة أن تمکن للمعرکة البرلمانیة والرئاسیة أن تبدأ، وأرى أنه بعد انتهاء الفترة الانتقالیة التى یدیرها المجلس الأعلى للقوات المسلحة، تأتى الانتخابات الرئاسیة على أساس الدستور الحالى بعد إدخال التعدیلات اللازمة علیه، ویدیر الرئیس العمل لصیاغة دستور جدید بدءاً بدعوة مجموعة واسعة التمثیل من خبراء القانون الدستورى وممثلین عن شرائح المجتمع المصرى وممثلین لأبناء المهن المختلفة من المهندسین، الأطباء، والزراعیین، وأیضا العمال وغیرهم، وممثلى المرأة والشباب، بمعنى تمثیل المجتمع ککل فى وضع مشروع الدستور، ثم یدعو الرئیس بعد ذلک إلى جمعیة تأسیسیة منتخبة مکونة من ٢٠٠ أو ٢٥٠ عضوا لهم مواصفات معینة للنظر فى مشروع الدستور واعتماده، وإذا ما تم اعتماده یدعو الرئیس إلى انتخابات برلمانیة فورا على هذا الأساس ووقتها ستکون انتخابات منطلقة ومؤسسة على أساس الدستور الجدید.

■ لماذا تلح علی الاصلاح الدستور مرة اخری. هناک کانت اصلاح ابتداء بعد سقوط النظام، فلماذا ترید اصلاحا جدیدا علی الدستور؟ یحتمل هذا الامر یتعب الشعب و تبنی احتجاجات جدیدة.

لا ابدا، یجب أن نراعى فى صیاغة الدستور أننا فى القرن الحادى والعشرین، وأننا نرید دستورا یتماشى مع احتیاجات المجتمع فى هذا العصر الذى نعیشه، ویفصل بین السلطات، ویحدد سلطات الرئیس ومجلس الوزراء والبرلمان، ویحدد فترات الرئاسة بفترتین، أرى أن تکون کل فترة خمس سنوات، بمعنى أن یتولى الرئیس إدارة البلاد لعقد من الزمان، وذلک حتى یمکن تقییم مدى التقدم والإنجاز عقداً وراء عقد. وفى هذا یهمنى أن أشیر إلى أن الدستور لیس مجرد بنود أو مواد و إنما هو فى الأساس روح وتوجه یشکل إطار فکر المجتمع ویحدد أهدافه ویضبط حرکته.

■ هل تمتلک فکرة لرئاسة الجمهوریة القادمة؟

- الرئیس القادم لمصر، أیا کان من هو، یجب فى رأیى أن یکون رئیسا لفترة واحدة فقط، سواء اتفقنا على أن تکون خمس أو أربع أو ست سنوات، یقود فیها عملیة الإصلاح والتعدیل، ویضع البلد على طریق الاستقرار وإرساء الأمور، ثم نبدأ من ٢٠١٥ فصاعداً بتحدید فترة الرئاسة بمدتین.

■ ما الخطورة الأساسیة التى تلتمسها من إجراء الانتخابات البرلمانیة قبل الرئاسیة؟

- لا توجد خطورة حقیقیة، نعم هناک الآراء مختلفة ولکنها لیست بالضرورة متصادمة، ورأیى هو إعطاء وقت کافٍ للأحزاب لأنها غیر جاهزة، والدیمقراطیة والبرلمانات بصفة خاصة تتطلب أحزاباً جاهزة بدرجات متقاربة تتیح لها منافسة حقیقیة، أى أن تتاح لهم الفرصة لیعملوا ویستقطبوا أصواتاً ومؤیدین ومرشحین للحصول على مقاعد فى البرلمان، إذا أعطوا المساحة الزمنیة المعقولة والکافیة للإعداد والاستعداد والفرصة سانحة لذلک الآن بعکس الماضى، وسیساعد على ذلک، من وجهة نظرى، وجود رئیس للبلاد، ووجود دستور دائم تستند إلیه الحرکة الانتخابیة والبرامج التى سوف تقدم.

■ وضحنا بلاتشویش و الحواشی، نحن نحتاج إلى حسم موقفک الآن: هل ستخوض انتخابات الرئاسة أم لا؟

- أنا مستعد لترشیح نفسى للانتخابات، فهذا أراه واجباً ومسؤولیة، ولما لا والمنصب شاغر، والمطالبات کثیرة من عدد کبیر من الشباب وفئات المجتمع المختلفة، وأنا الآن أرتب برنامجى لأتمکن فى اللحظة المناسبة من طرح اسمى للترشح للانتخابات الرئاسیة، فالباب مفتوح فى العهد الجدید للجمیع للمشارکة، والعهد الجدید یبدأ بالتمکین وفتح الباب للمنافسة الحقیقیة. تمکین کل من یصلح حتى یکون التنافس إیجابیاً ودون تدخل أو تفضیل، وهذا هو التغییر الذى سعت الثورة لتحقیقه.

■ اما تدری بالتاکید ان الامریکان یتحفظون عن ترشحک؟

هی لیس انتخابات امریکیة، هی انتخابات مصریة. دون ای تدخل اجنبی. نعم سمعت بکثیر بان الامریکان یقولون ان موسی لایناسب لمنصب الرئاسة الجمهوریة المصریة اما لازم ان لاتنسی اولا، ان الانتخابات القادمة سیکون حرة و نزیهة و الامریکان لازم ان یعترفون بالنتیجة حتی اذا الاخوان فازوا بالانتخابات. ثانیا، لایمکن ای تدخل اجنبی فی هذه الانتخابات من قبل ای طرف، امریکان او غیرهم. الشعب یختار کل ما یرید.

■ وما الملامح العامة لبرنامجک الانتخابى؟

- یجب ألا یتوقع أحد أن یکون لدىّ برنامج انتخابى شامل فى هذه المرحلة، ولکننى أرى أن النظام المصرى فى المرحلة الراهنة یجب أن یکون نظاما رئاسیا ولیس برلمانیا، ویجب أن یکون هناک نص یسمح بإعادة النظر فى شکل النظام الدیمقراطى الذى یحکم مصر فى إطار عشر سنوات مثلاً من بدء إطلاق الدستور الجدید وإمکانیة الانتقال إلى النظام البرلمانى.

الأفضل فى اللحظة الراهنة من وجهة نظرى هو النظام الرئاسى، مع تحدید سلطات الرئیس بطریقة واضحة ودیمقراطیة، خصوصا أن هذه المرحلة ستکون مرحلة ذات خصوصیة لأن مهمة الرئیس خلالها ستکون إعادة وضع البلاد على الطریق الصحیح والعمل على استقرارها.

فى الوقت نفسه فالرئیس یجب أن تکون له رؤیة استراتیجیة واضحة لمصر المستقبل یطرحها فى برنامجه الانتخابى على بنى وطنه وتبحثها مؤسساته، تنبثق عنها خطط للتنفیذ، والنقطة الأساسیة هنا أن یقود الرئیس تغییراً حقیقیاً بإعلان أن هذه المرحلة هى مرحلة أهل الخبرة ولیس أهل الثقة، فأهل الثقة وأعضاء الشلل کانوا أحد أسباب ما آلت إلیه الأوضاع فى مصر من تدهور. أنا إذن مع وضع دستور جدید للبلاد بالآلیة التى اقترحتها أو ما یوازیها.

اما من ناحیة اهتمامى ببعض المسائل لیس من الیوم ولا بعد ثورة ینایر، ولکنى کنت أوالیها باستمرار وأتابع النقاش بشأنها مع عدد من خبراء الاقتصاد والاجتماع والعلوم المختلفة من المصریین، حیث کنت على یقین أن سبب التراجع المصرى هو الخلل الذى أصاب المجتمع فى تنمیته البشریة کما فى مفهوم الاقتصاد الذى یحکم توجهنا التنموى بما فیها الخدماتى وفى مرافق الحیاه المختلفة من العمل إلى مرفق التعلیم إلى الرعایة الصحیة إلى کل الخدمات.

هذا ما نحن بحاجة إلى التوجه إلیه بالإصلاح، وأنا أراهن على قدرة المصریین على اختصار الوقت ما دامت هناک جدیة، وأن الإصلاح یتم طبقاً لمفهوم وخطة وبواسطة الخبراء والعلماء، وقد تأکد لى ذلک بعد أن اختلطت بالکثیر من الناس أثناء الثورة، وقابلت وأقابل وفوداً من الشباب من القاهرة والإسکندریة والمحافظات المختلفة.

ورغم أن التعلیم فى مدارسنا وجامعاتنا لا ینتج السلعة المطلوبة لسوق العمل ولا حتى المعرفة الجیدة، ورغم ما کان لدى من انطباع بأننا نواجه نتائج سیئة بسبب التعلیم وسوء إدارته، فإننى عندما تحدثت مع الشباب وجدت أنهم ذوو عزم وعزیمة ووعى، وعلى وعى شدید.

ولأنهم لم یتلقوا التعلیم الکافى واصلوا تلقى التعلیم الإضافى الذى یحتاجون إلیه، فیذهبون لتعلم الإنجلیزیة والصینیة والکمبیوتر وتثقیف أنفسهم بعیدا عن التعلیم النظامى، بالإضافة إلى وعیهم بحقیقة المشکلات التى تمر بها مصر، وقد استفدت کثیرا من هذه اللقاءات وتأکدت من قدرة هذا الشباب على إحداث التغییر. شبابنا فى وضع أفضل کثیراً مما کنا نظن، ولدیه قدرات وعزائم تستحق التشجیع والتحیة. ونحن نستطیع بمثل هذه الدرجة من الوعى أن نسیر إلى الأمام، مستندین إلى أجیالنا القائمة من أهل الخبرة والعلم، وإلى روح الثورة التى سرت فى نفوسنا وضمائرنا.

ولدىّ إیمان بأن المطلوب تحقیقه مثلاً فى عشر سنوات یمکن إنجازه فى خمس سنوات بالإدارة الجریئة والخبیرة والحاسمة فیما یتعلق بأوضاعنا الاقتصادیة والاجتماعیة.

■ کیف تتفکر عن مخرج من المأزق الاقتصادى؟

- تحدثنا فى بدایة التسعینیات عن الإصلاح الاقتصادى فى إطار النظام الدولى الذى بزغ بعد انتهاء الحرب البادرة وإتمام سیطرة النظام الرأسمالى، وسیادة اقتصادیات السوق والخصخصة وغیرها، وذلک بالإضافة إلى تزاید دور صندوق النقد والبنک الدولى، وکانت النظریات لدینا تابعة ولیست مؤسسة على رؤیة مصریة واضحة لما یجب اتباعه وما یجب استبعاده باعتبارنا بلداً نامیاً ولا یمکن أن یکون رأسمالیاً بالمعنى الکامل فکان ما کان من انفصام النظرة الاقتصادیة وعدم تمکن السیاسة الاقتصادیة من تحقیق التنمیة ووصول نتائجها إلى مختلف شرائح المجتمع.

هذا فشل فى السیاسة الاقتصادیة لا شک فیه ویجب تجنبه تماماً فى سیاستنا القادمة، ثم إنه فى السنوات العشر الأولى من القرن الجدید - أى فى القترة من ٢٠٠٠ إلى ٢٠١٠ - ظهر رجال الأعمال بقوة غیر مسبوقة، فتحول الاقتصاد تماما بعیداً عن التنمیة الشاملة إلى تحقیق الثراء السریع لفئة قلیلة ممن سموا أنفسهم رجال أعمال، وقد رأینا نتیجة ذلک فى سوء التوزیع الذى نلمسه الآن ما بین الثراء الفاحش للقلة والفقر المدقع للکثرة.

■ و عن السیاسة الاقتصادیة التى یجب اعتمادها فى المرحلة المقبلة؟

- الحل لدى أن یکون باعتماد سیاسة الاقتصاد الحر والعدالة الاجتماعیة فى الوقت نفسه، لیکونا بمثابة القدمین للجسد الواحد. ولدى رؤیة للتفاصیل لسنا فى معرض مناقشتها الآن، ولکن السیاسة العامة للاقتصاد یجب أن تستند إلى رؤیة وخطة ولیس إلى مجرد حرکة لا تفید ودعایة لا تسمن من جوع، أو أن تکون معدلات نمو مرتفعة یتم الافتخار بها دون أن یلمس الناس فى الشارع والنجوع والکفور والقرى أثر هذه المعدلات علیهم، فهناک نسبة کبیرة من مواطنى المجتمع لا یصل إلیهم معدل النمو، وبالتالى هناک خلل فى الاقتصاد وسیاساته والتحلیل الاقتصادى المرافق له یعانى أیضا من سطحیة وخلل، یجب أن یسیر الاقتصاد المصرى على هاتین العجلتین: السوق الحرة والعدالة الاجتماعیة سویا.

■ تأخرنا کثیرا عن الرکب العلمى وبات البحث العلمى مجرد کلمة نرددها دون أن نلمسها فى الواقع، الآن وفى هذه اللحظة الفاصلة من تاریخنا ألا یجدر بنا وضع البحث العلمى فى قائمة الأولویات؟

- موضوع البحث العلمى لم یتراجع فقط بل کان غیر موجود أصلا، والسبب أننا لم نقدر أبدا معنى البحث العلمى فخصصت له میزانیة لا تکفى حتى رواتب الباحثین، ولم یتم فهم معنى تواجد الدکتور زویل فى مصر ولا کیفیة الاستفادة منه، وکانت فرصة عظیمة عندما عرض مساعدته لبلده واستعداده لإنشاء جامعة علمیة تکنولوجیة، دون أن یستجیب أحد، ولم یکن یصح أبدا أن یجنب الدکتور أحمد زویل أو یتم تجاهله. کذلک مشروع الدکتور فاروق الباز «ممر التنمیة» الذى یعد أعظم المشروعات التى طرحت فى السنوات الماضیة، وهى الفکرة التى بدأ طرحها منذ الثمانینیات وأعدنا نقاشها فى بدایة التسعینیات جدیا، وأذکر مناقشات تمت بیننا فى شأنها فى ذلک الوقت مع الدکتور الباز فى مصر وفى واشنطن، ومع ذلک لم تدرس بشکل جدى لتنفیذها رغم کونه مشروعاً ضخماً یحقق التنمیة والتعمیر ویحقق نقلة هائلة، ومثل هذه المشروعات قائمة على أسس علمیة ولیست دعائیة. للأسف نحن أهملنا العلم والمراکز البحثیة طوال السنوات الماضیة.

■ وماذا عن البرنامج النووى المصرى؟

- کنت أخشى من أن ینجح بعض رجال الأعمال فى إلغاء البرنامج النووى السلمى المصرى لأسباب لا داعى لذکرها، وکنت شدید الإصرار والتصمیم بأنه مهما کان موقعى کنت سأعترض علنا کمواطن مصرى على تعویق البرنامج، ولکن الله سلم وتمت الموافقة على أن تکون الضبعة مقراً للمحطة النوویة، وأرجو أن تمثل نقلة نوعیة فى هذا المشوار النووى السلمى.

■ وهل یمکننا ان نواجه ضغوط أجنبیة؟

طبعا، خاصة ونحن نتحدث عن مشروع نووى سلمى وفقا لشروط وکالة الطاقة الذریة. أنا أعرف بوجود الضغوط بالنظر إلى المصالح العالمیة المتناقضة، ولکننى لا أفهم الخضوع الأوتوماتیکى لها، والأمر یتوقف على موقفنا وسیاستنا، فإذا کان موقفنا قویاً وکنا مصرین على إتمام المشروع یمکننا تنفیذه لأنه من حقنا طبقا لمعاهدة عدم الانتشار، وطالما نحن ملتزمون بالالتزامات الخاصة بالاستخدام السلمى، المهم أن تکون هناک ثقة فى الموقف المصرى الواعى. وبالمناسبة، نحن لن نبدأ من الصفر، فلدینا عدد من المفاعلات لیس فقط مفاعل أنشاص ولکن أیضا لدینا مفاعلاً أرجنتینیاً تم الحصول علیه فى التسعینیات.. المهم الآن هو توفیر الإمکانیات والمیزانیات وإعادة إطلاق الطاقات، وإظهار تأیید ودعم العلماء والعلم فى المرحلة المقبلة.

ولابد من النظر فى إنشاء مجلس أعلى للبحث العلمى فى مصر ترصد له المیزانیات وتکرس له الفروع المتخصصة فى الجامعات المصریة، ویتواصل مع الجامعات المهمة فى العالم، وأن نتوجه فى ذلک شرقا أیضا ولیس غربا فقط. وجامعات الیابان والصین وکوریا والهند وغیرها کلها جاهزة وبتکالیف أقل کثیرا من مثیلاتها فى قارات أخرى.

■ ماذا رایک عن علاقات الدولیة؟

یجب ان نبنی علاقات جیدة مع جمیع البلدان العالم. فی فترة الماضیة نحن کنا فی ازمة علاقات مع کثیر من البلدان العالم، ایران، سوریة، لبنان و غیرها و فی المقابل عبرنا حد العلاقات مع بعض کاسرائیل التی نفعت من هذه العلاقات اکثر من نحن ننفع. یوجب ان نخلق توازن فی تلک العلاقات و نفتح صفحة جدیدة مع جمیع البلدان العالم من جملة ایران.

4949

رمز الخبر 159672