خبراونلاین – یبدو ان الفیتو الروسی –الصینی فی مجلس الامن الدولی على مشروع القرار المدعوم عربیا وغربیا حول سوریا وردود الافعال التی جوبه بها هذا الاجراء من قبل الدول المعارضة له اسهم فی بدء فصل جدید من التطورات على الساحة السوریة بل وفی منطقة الشرق الاوسط باکملها.


محمدرضا نوروزپور:

فالاجراء الروسی – الصینی المتمثل فی تقدیم الدعم لسوریا فی مجلس الامن الدولی عبر الافادة من حق النقض الفیتو اسفر عن تبیین ووضوح مواقف الدول الغربیة –العربیة وحتى اسرائیل التی اختارت السکوت خلال الاشهر العشرة الماضیة ازاء تطورات الاحداث فی سوریا وازاء بشار الاسد شخصیا الامر الذی یعتبر مساعدة کبیرة لسوریا.
فالقاء نظرة على المواقف التی اتخذت من قبل هیلاری کلینتون وزیرة الخارجیة الامیرکیة القاضیة بتشکیل جبهات مختلفة على الاصعدة العسکریة، الاقتصادیة والمالیة ضد دمشق وضرورة العمل بای وسیلة للضغط على بشار الاسد بغرض اجباره على التنحی عن السلطة او المساعدة على الاطاحة بحکومته ، او موقف اسرائیل السافر الذی اعلنت فیه عن ترحیبها بالاطاحة ببشار الاسد ومن ثم موقف رئیس الوزراء البریطانی القاضی بضرورة مساعدة بلاده للجیش الحر السوری وما اعقب هذه المواقف من تصریحات السناتور الجمهوری المعروف جون ماکین التی اعلن فیها ضرورة تسلیح المعارضة السوریة من قبل الولایات المتحدة الامیرکیة، کل هذه المواقف والتصریحات تعکس حقیقة مفادها هو ان تصریحات المسؤولین السوریین حول وجود مؤامرة غربیة – عربیة دخیلة فی الازمة التی تشهدها البلاد لم تکن مجرد مزاعم واهیة وان الوقائع المتعلقة بتدخل هذه البلدان باتت الیوم تعلن وبشکل سافر وصریح من قبل مسؤولیها.
هذه التصریحات الرسمیة والسافرة للمسؤولین الغربیین تؤید مساعی المسؤولین السوریین الرامیة لاقناع الرای العام العالمی على وجود مساعدات لا تعد ولا تحصى غربیة -عربیة للجماعات المسلحة داخل البلاد والذین حسب قول المسؤولین فی سوریا، قاموا بالتغلغل بین ابناء الشعب فی مدن حمص وحماة واستخدموا المدنیین کدروع بشریة ، بغرض زیادة اعداد الضحایا من نساء واطفال وشباب ومسنین للضغط على الحکومة المرکزیة.
ان اتخاذ المواقف المتشددة من قبل زعماء الدول الغربیة ازاء سوریا ودعمهم الشامل للاجراءات المسلحة سیسفر عنها فی القریب العاجل ترجیح کفة الرای العام العالمی لصالح روسیا والصین. لان روسیا والصین قامتا بنقض مشروع قرار مجلس الامن الدولی عبر استخدام الفیتو استنادا الى عدم وجود جهود وعزم سواء کان عربیا او غربیا رامیا لتسویة الازمة السوریة سلمیا ودبلوماسیا وان کلا الجانبین (الغربی-العربی) لم یفکرا سوى بالاطاحة بحکومة الاسد.
لقد اکدت الصین وروسیا ان الغربیین وبلدان جامعة الدول العربیة بزعامة السعودیة وقطر ومنذ البدایة فکروا بخیار تسلیح وتجهیز المعارضین وان هذا مشروع القرار جاء فی سیاق تعزیز هذه الفکرة.
من ناحیة اخرى تعتبر هذه التصریحات السافرة الغربیة الداعمة للمعارضة المسلحة وتأییدها واثارتها على مواصلة العنف انما تظهر مدى تخبط، فقدان التدبیر و خلط الامور لهذه الدول فیما یخص رد فعلها عل الاجراء الروسی – الصینی فی نقض مشروع قرار مجلس الامن الدولی.
من هذا المنطلق وبسبب المواقف السافرة لزعماء الدول الغربیة ومن ضمنهم هیلاری کلینتون ودیفید کامیرون اللذان تحدثا بصراحة عن دعم وتجهیز معارضی بشار الاسد، بات شرعیا لدمشق توسیع رقعة عملیاتها العسکریة حتى داخل المناطق السکنیة التی تقول انها مخابئ وخنادق للجماعات المعارضة المسلحة.
ان هؤلاء الزعماء السیاسیون ودون الاخذ بعین الاعتبار ظروف المنطقة ودون الادراک والفهم الصحیح للمعادلات التی تسود النسیج الطائفی، القومی والمذهبی، وبدلا عن تقدیم سبل حل لانهاء الازمة عبر الطرق السلمیة والدبلوماسیة، قاموا بتقدیم حل ولا زالوا یقدمونه نتیجته تمثلت فی ارتفاع عدد ضحایا الجانبین والمضی بسوریا نحو حرب داخلیة یبذل بشار الاسد وانصاره اقصى الجهد لعدم التورط بها.
وبعبارة اخرى ان اجراءات ودعم الغربیین هذه لم تسفر فقط عن عدم مساعدة الشعب السوری، بل انها تسببت فی تأجیج نار الصراع اکثر من ذی قبل واسهمت فی رفع مستوى التوتر فی المنطقة.
اما السؤال الذی یطرح نفسه هنا فهو: کیف ان الغربیین لم یدرکوا ان بشار الاسد وبالاستناد الى هذه الوقائع والتشبث بهذه التصریحات المعادیة الصادرة عنهم قام بالاتیان بادلة وتبریرات لاجراءاته الماضیة والمستقبلیة.
اذا کان هناک مقدار من التعقل ولو بصورة بسیطة لدى قادة الغرب سوف یتم التکهن بانهم على علم بنتائج فعلتهم لان تسلیح معارضی الاسد فی سوریا ودون رخصة من مجلس الامن الدولی واعلان منطقة محظورة الطیران او ای تدخل عسکری خارجی فی هذا البلد لدعم المعارضین – مثلما حصل فی لیبیا – وبوجود عدم رغبة دول الناتو فی القیام بای عملیات عسکریة فی الاراضی السوریة ومع العلم بان روسیا ستقف بکل ثقلها امام ای هجوم عسکری على الاسد ومع وجود احتمال تدخل کافة حلفاء الاسد فی المنطقة، یعتبر اجراء الغربیین هذا سببا فی زیادة عدد الضحایا المدنیین وارتفاع التکالیف الانسانیة.
اذن ربما یجب استبعاد وجود تعقل وادراک لدى قادة الغرب او اذا کنا نقیم وزنا لادراکهم فینبغی الاجابة على هذا السؤال وهو هل ان الغربیین ومع العلم بهذه النتیجة الدمویة التی لا طائل منها، هم حقا اصدقاء الشعب السوری؟
یبدو ان الغربیین على علم تام بالنتیجة الدمویة الناجمة عن دعمهم للجماعات المسلحة فی سوریا ویقومون عبر التشبث بشعارات دعم الشعب امام نظام الاسد، الى نشر استراتیجیة رفع مستوى التوتر فی سوریا ولا شک فی المنطقة باکملها، حتى یتمکنوا من خلال هذا السبیل الحصول على الوقت اللازم لمخططاتهم واجراءاتهم المسقبیلة وتنظیم سیاستهم المتخبطة ازاء التطورات التی تشهدها المنطقة.

30349

رمز الخبر 181695