٠ Persons
٢٩ سبتمبر ٢٠١٢ - ١٠:٥٠

احمد محمود رباطی

 

 

خبراونلاین – غالبیة الدول التی یعتمد اقتصادها على الموارد الطبیعیة لا سیما النفط خلال العقود الاخیرة لم تظهر اداء اقتصادیا مقبولا من جهتها. نمو اقتصادی منخفض المستوى، عدم استقرار الاقتصاد العام، عجز فی المیزانیة ، معدل تجاری سلبی، انخفاض قیمة العملة الوطنیة ، ارتفاع التضخم، ارتفاع معدل البطالة، الفساد المالی والاداری، التمییز وفقدان العدالة کلها من سمات العدید من هذه البلدان.

 من احدى الخصائص للاقتصاد العام، معیار معدل النمو المنخفض وحتى السلبی فی البلدان النفطیة اکثر من باقی الجوانب التی تعانی من الفشل، بحیث ان موضوع تبیین الجوانب النظریة والعملیة لفشل النمو لهذه المجموعة من الدول لا سیما خلال العقدین الاخیرین بات من اکثر المواضیع دراسة وبحثا على الصعید الاقتصادی.

وتظهر الدراسات ان الدول التی تعتمد الموارد الطبیعیة تربطها علاقة سلبیة بنموها الاقتصادی. ان دراسة ساکس وارنر (1999) تظهر ان نسبة ارتفاع واحدة فی اعتماد الدول على الموارد الطبیعیة یعادل 3و3 بالمئة انخفاضا فی النمو الاقتصادی. فی حین ان الدول التی تعتمد الموارد المعدنیة یرتفع فیها معدل انخفاض النمو الى 5و4 بالمئة.

کلما ازدادت حصة النفط فی سلة ایرادات الحکومة، ازدادات نسبة اعتماد السیاسة المالیة على تغییرات اسعار النفط بصورة اکبر وتشتد حینها آثار المرض الهولندی. فی هذه الاقتصادات تمثل تغییرات اسعار النفط الکبیرة وغیر المتوقعة خاصة فی ظل الظروف المتأزمة تحدیات اساسیة. ملاحظات دانیال (2003) تشیر الى ان حصة النفط فی سلة ایرادات الحکومة وایضا سلة صادرات بعض البلدان النفطیة ومن ضمنها ایران مرتفع للغایة. ووفقا للدراسات التی اجریت فان حصة النفط من ایرادات الحکومة فی ایران بلغ نسبة 67 بالمئة حیث ارتفع هذا العدد خلال الدورة التالیة.

فشل النمو

ردا على هذا السؤال الرئیسی وهو لماذا نرى العدید من الدول النفطیة لم تتمکن من تحقیق نمو طویل الامد وتطور اقتصادی، نجد ان الباحثین والمنظرین ووفقا للدراسات التی اجریت بذلوا الجهد وفی اطار المفاهیم المطروحة الى تبیین فشل النمو فی الدول النفطیة.

عدم استقرار الاقتصاد العام ، المرض الهولندی، انعدام التوازن فی التکوین للاستثمار، آثار صدمات النفط الریعی وغیر المتناظر هی من اهم  نظریات أسباب فشل النمو فی البلدان النفطیة.

ان توزیع الایرادات النفطیة بین الشرائح الاجتماعیة، القطاعات الاقتصادیة والاهداف السیاسیة المنشودة تعتبر من اهم مصادر قلق واهتمام الحکومات فی الدول النفطیة. ان السیاسیین فی هذا البلدان لدیهم مصدر للدخل وسیع وهام للغایة مقارنة بکافة الموارد. وان تکالیف انتاجه منخفضة للغایة والاهم من کل ذلک لا مساءلة على کیفیة توزیعه وتخصیص الکلفة له. من هنا یوضح بارو (1999) ، ان مؤشر الدیمقراطیة یقع فی مرتبة متدنیة فی الدول النفطیة مقارنة بغیرها. وهذا یظهر ان تحصیل الایرادات النفطیة لا یتغیر بالقرارات، البنیة السیاسیة، النسیج الاجتماعی والسلوک بحیث انه لا یواجه ای تغییر مع انخفاض وارتفاع اسعار النفط.

ان العائدات النفطیة، تعفی الحکومات من تحصیل الضرائب فی حین اننا نرى فی الاقتصاد التقلیدی وبسبب حاجة الحکومة لتحصیل الضرائب ینبغی تنظیم علاقة بینها وبین القطاع الخاص والمجتمع. فی هذه الاقتصادات، تنمیة المؤسسات الاقتصادیة تمثل حالة فوز-فوز بحیث ان منفعة المؤسسات على صلة وثیقة بمنفعة الحکومة. کما ان العوائل ومن خلال دفع الضرائب، تعمل على خلق حق لها یمکنها من المساءلة على النهج المتبع. ان النفط یضعف العلاقة المتقابلة بین الحکومة والعوائل وایضا بین الحکومة والمؤسسات الاقتصادیة.

الدیمقراطیة والاقتصاد

هذه الامور تظهر ان فقدان او ضعف الدیمقراطیة فی البلدان النفطیة مکلف للغایة. امور مثل شفافیة الآلیات المتعلقة بالقرارات فی القطاع العام خاصة فیما یخص توزیع العائدات النفطیة، المساءلة والاجابة من قبل المشرعین الاقتصادیین فیما یخص الموازنة العامة والاشراف على کیفیة تخصیص عائدات النفط، التصدی للمجموعات المتنفذة والمقتدرة فی استخدام المصادر العامة، اشراف عامة المجتمع على کفاءة وبیروقراطیة الحکومة لاسیما فی توسعة حجم الحکومة، اظهار الحساسیة ازاء الفساد فی توزیع عائدات النفط کل هذه الامور یمکن لمسها وتفعیلها فی اطار الدیمقراطیة. 2010

فی الأنظمة السیاسیة المبهمة التی لیس للناس إمکانیة رصد المهام السیاسیة، فان واضعی السیاسات فی البلدان النفطیة لدیهم الفرصة للتغطیة على الاخطاء السیاسیة بغض النظر عن تفضیلات الشعب  من خلال توظیف عائدات النفط.

ان التجارب والظروف الراهنة تظهر انه وبغرض الافادة الحسنة من الموارد الطبیعیة للبلاد، التغلب على الازمات وامکانیة تحصیل النمو الطویل الامد والمستدیم، فان اکثر التدابیر ملائمة هو تنظیم العلاقة بین الحکومة ، الشعب والمؤسسات الاقتصادیة بنیویا وفی اطار السبل التی تم تجربتها وکفاءتها الدیمقراطیة.

*الرئیس السابق لصندوق التعاون فی البلاد

رمز الخبر 183265