تاريخ النشر: ١٨ يونيو ٢٠١٢ - ١٣:٤٥

خبراونلاین – عقب سبعة اشهر من خفض مستوى العلاقات الایرانیة البریطانیة وخروج اعضاء البعثات الدبلوماسیة من طهران ولندن من مقار مهامهم، عقد لقاء بین وزیری خارجیة طهران ولندن فی کابول.


عقد هذا اللقاء على هامش اجتماع فی العاصمة الافغانیة کابول یعتبر بحد ذاته مهمة صعبة ودقیقة من قبل رئیسی السلک الدبلوماسی فی کلا البلدین. کما جاء اللقاء فی وقت یلقى فیه موضوع اغلاق السفارات وقطع العلاقات بشکل تام تأییدا ودعما فی کلا طرفی القضیة، وفی ایران قلما تجد شخصا لیس على اطلاع بالدور الغامض والخاص لبریطانیا فی التخطیط وفرض الضغوط السیاسیة والاقتصادیة على ایران او یساوره الشک حیال ذلک.
هذا اللقاء الخاص فی کابول جاء فی حین انه ، ومنذ شهر دیسمبر الماضی وعقب دخول عدد من الطلبة الجامعیین الى داخل سفارة بریطانیا، وبالرغم من الاجواء الایجابیة ودعم ما قام به الطلاب من قبل البرلمان وباقی المنظمات والمؤسسات والمجتمع فی سیاق الاحتجاج على سیاسة الحکومة البریطانیة، نرى بالمقابل ان وزیر الخارجیة لم یدعم هذا الفعل الذی اقدم علیه الطلبة وبذل الجهود لابقاء منافذ للعلاقة ومن هذا المنطلق تم توجیه العدید من الانتقادات الحادة والشدیدة الیه والى السلک الدبلوماسی فی البلاد.

ان المضی فی هکذا مسارات من هذا القبیل التی یتم فیها توجیه الانتقادات اللاذعة یعد امرا اعتیادیا، وهو جزء من عمل ووظیفة السلک الدبلوماسی الذی یشمل الابقاء على سبل للعلاقات حتى مع اعداء الثورة والبلاد، بالطبع موضوع البحث هنا لا یشمل الکیان الصهیونی وامیرکا، کما شهدنا وفی مواقع الضرورة واللزوم اجراء اتصالات مباشرة مع امیرکا فی اطار عقد المباحثات مع 1+5 او فیما یخص الشأن العراقی والافغانی.

ان حالة السلک الدبلوماسی فیما یخص احداث دیسمبر العام الماضی تشبه احداث عام 1979 ودخول الطلاب الجامعیین السفارة الامیرکیة حینها مع اختلاف واحد هو ان الامام الراحل رحمه الله وضمن اعلان موقفه فی دعم ما اقدم علیه الطلاب قام بتحدید عمل سلک السیاسة الخارجیة فی البلاد، اما فی عام 2011 فان الانتقادات الواضحة لقائد الثورة الموجهة لسیاسة بریطانیا، بالطبع دون الاشارة المباشرة الى قیام الطلاب بدخول سفارة هذا البلد شددت على قیام السلک الدبلوماسی بمهامه ووظائفه المحددة.

على مدى المواجهة خلال ال 30 عاما من عمر الثورة الاسلامیة فی ایران مع القوى الغربیة، نجد ان الامر الجدیر بالتمعن والاخذ به بعین الاعتبارهو، المهام والوظائف الذاتیة للمؤسسات والاجهزة وتقسیم حیطة العمل والشؤون بشکل یتم تطبیقه فی اطار مراعاة ثلاث اصول هی الکرامة، التدبیر والمصالح ولیس تطبیق ذلک من قبل جهاز مؤسساتی واحد بل من قبل کافة اجزاء المجتمع والنظام ومتابعة ذلک.

فی غضون ذلک نرى ان دور السلک الدبلوماسی هو دور یتسم بالمرونة القصوى فی اطار الاسس والقوانین والمعاییر وقواعد النظام ازاء باقی البلدان، کما یعتبر علی اکبر صالحی الیوم على رأس هذا السلک من الشخصیات الایرانیة المرنة وصعبة المراس على الصعید العالمی، وبما انه کان رئیسا لمنظمة الطاقة الذریة فی البلاد ومسؤول عدة مشاریع نوویة سلمیة، فان تولیه رئاسة السلک الدبلوماسی فی البلاد یحمل رسالة خاصة للعالم اجمع، تعنی ان السیاسة الخارجیة والنوویة لایران مرتبطة ببعضها بشکل ذو مغزى ، صعب المراس ومرن وفی اطار محدد. وکما شهدنا حتى الیوم عدم ترک طاولة التفاوض مع الوکالة ولا طاولة مفاوضات 1+5 من قبل ایران، فانها و فیما یخص القوى الاوروبیة نجدها ایضا صامدة وان خفض مستوى العلاقات یرافقه نوع من الحوار ونقل مباشر لوجهات النظر فی مختلف المیادین الهامة.

ان لقاء صالحی مع هیغ فی ظل الظروف الحساسة الراهنة فی المنطقة فی سوریا، مفاوضات ایران و1+5، افغانستان، العراق وموجة الصحوة الاسلامیة یتبوأ اهمیة بالغة، فی ذات الوقت وضمن اقرار الجانبین بوجود طریق مغلق فی العلاقات، بدأ الجانبان ببحث مسار جدید حول تعیین بلد ثالث فی العواصم بغرض حفظ المصالح ومتابعة شؤون الرعایا ، وفی حال تحقیق هذا الامر فانه سیصب فی صالح علاقات رعایا الشعبین، خاصة الطلبة الجامعیین الایرانیین فی بریطانیا.

لقد تم الحدیث کثیرا فیما یخص السیاسة الخارجیة وعدم تقییم هذه الساحة بالصفر والمئة لانها ساحة خاصة على صلة بساحة العلوم الانسانیة والسیاسیة الاجتماعیة. من هنا ومن خلال هذه النظرة للسیاسة الخارجیة، ینبغی القاء نظرة على التوجهات ومسارات الحرکة ولا ینبغی الاستناد لحادثة او واقعة خاصة لتقییم الاوضاع ، ان حادثة دخول الطلبة الجامعیین الى سفارة بریطانیا وبالرغم من جذورها الخاصة بها والتی جاءت نتیجة استفزاز الرای العام من قبل الحکومة البریطانیة، لکنها حاى ولو لم تقع لکانت العلاقات بین ایران وبریطانیا وبسبب سیاسات لندن باردة ومتباعدة، لذا فان الاحتجاج، اتخاذ المواقف، والاحتجاج السیاسی حیال بریطانیا بحاجة ایضا الى مستوى من العلاقة.

فی الظروف القائمة ینبغی النظر الى لقاء وزیری خارجیة ایران وبریطانیا فی بلد ثالث وتبادل وجهات النظر فی الظروف الحساسة التی تشهدها المنطقة خطوة لها حجمها وحدودها الخاصة بها.

هذا اللقاء فی حجمه یعتبر خطوة جاءت فی الوقت المناسب ویمکن ان یسهم فی تغطیة مختلف القضایا من سوریا حتى مفاوضات 1+5 . وبما ان العقوبات الیوم ضد ایران باتت اقل تاثیرا من ذی قبل ولاجدوى منها کما ان العدید من البلدان لم یعد یشملها قانون ادراجها فی الحظر ، فمن الممکن ان یسهم اللقاء فی التأثیر على خفض هذه العقوبات.

ان هذا اللقاء بین ایران وبریطانیا على مستوى وزیری الخارجیة وعقده فی بلد ثالث وبالرغم من مواجهته لانتقادات بکل الاحوال ، لکنه یعتبر اتصالا وتعاملا قریبا جاء فی وقت لمعالجة وتحدید المسارات والتوجهات الصحیحة للعلاقات ویعد واقعة ومبادرة اتت فی اطار مهام ومسؤولیات السلک الدبلوماسی.

30349