أکّد نائب وزیر الخارجیة الإیرانی للشؤون العربیة والإفریقیة السیّد أمیر عبد اللهیان أنّ 'إیران ستبقی دوماً إلی جانب لبنان فی مواجهة أیّ تهدید صهیونی'، معتبراً أنّ 'أمن المنطقة ولبنان هو من أمن إیران'، وأکّد 'أنّ الحکومة والشعب والمقاومة فی لبنان لن یسمحوا بحرب طائفیة فیه'.

 وقال فی حدیث شامل لصحیفة 'الجمهوریة' اللبنانیة نشرته الیوم الثلاثاء خلال زیارتی الأخیرة إلی لبنان التقیت جمیع المسؤولین وحملت رسائل ودّ وأخوّة إلیهم وتشدیداً علی وحدة لبنان وسیادته علی أراضیه، وتحدّثنا وتشاورنا فی کلّ التطوّرات فی المنطقة، خصوصا فی سوریا والبحرین والیمن. وأکّدنا لهم أنّ الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة تدعم سوریا فی محور المقاومة، وهذا الموقف سیستمرّ بکلّ قوّة وصلابة. و قد عقدت لقاءات جیّدة مع الرؤساء سلیمان وبری ومیقاتی، وکذلک عقدت لقاءً مثمراً ومفیداً جداً مع الأمین العام لحزب الله السیّد حسن نصرا لله.

وأضاف: 'فی مجال التعاون الثنائی بین طهران وبیروت، أکدنا استمرار الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة فی التعاون فی کلّ المجالات التی یحتاج إلیها إخواننا فی الجمهوریة اللبنانیة. وقد مهّدنا لزیارة النائب الأول لرئیس الجمهوریة الإیرانی رحیمی إلی لبنان، وقبل شهر أنشأنا اللجنة المشترکة العلیا بین رحیمی (النائب الأول للرئیس أحمدی نجاد) ورئیس الوزراء نجیب میقاتی. وقد توقّفنا عند الأحداث الأخیرة التی شهدتها مدینة طرابلس، فهی أحداث تستهدف الوحدة الوطنیة اللبنانیة، وإنّ المسؤولین عن هذه الأعمال غیر الإنسانیة فی المدینة یدعمون علناً إرسال الأسلحة إلی سوریا الشقیقة. ونحن متأکّدون من أنّ القادة اللبنانیین سیصونون بکلّ قوة وحدة لبنان الوطنیة، وأیّ لبنانی لن یسمح بأن یکون لبنان مکاناً لإثارة الوضع الأمنی فی سوریا، ولبنان سیبقی بوحدته وسیادته وأمنه عنواناً للمقاومة والصمود'.

وردا عن سؤال جدد عبداللهیان التأکید علی أن إیران ستبقی فی مواجهة أی تهدید صهیونی للبنان، کما ستبقی إلی جانب المقاومة ولبنان. وقال: 'إنّ أعداء لبنان والمنطقة قلقون من التعاون والتعاطف بین بیروت وطهران'. مکرراً موقف إیران بعدم تدخلها فی الشؤون الداخلیة اللبنانیة، ودعمها للمقاومة والحکومة اللبنانیة، واستعدادها لتقدیم أی شیء یدعم تقدّم لبنان.

وردا عن سؤال آخر قال عبداللهیان: 'نعتقد أنّ تحقیق الأمن فی المنطقة یجب أن یکون فی أیدی أهل المنطقة. ونحن نعتبر أن امن المنطقة ولبنان هو من امن إیران، وسنردّ فی مواجهة الإجراءات الصهیونیة. ودعمنا للبنان هو فی إطار دعمنا المقاومات اللبنانیة، وأیّ کلام غیر هذا هو کلام غیر منطقی وفارغ'.

وعما إذا کانت لدیه مخاوف علی لبنان قال: إن 'الذین کانوا یبحثون عن إثارة الحرب الطائفیة فی سوریا، هؤلاء یبحثون عن زعزعة امن المنطقة بما فیها لبنان، ولکنّنا متأکّدون من أنّ الحکومة والشعب والمقاومة فی لبنان لن یسمحوا بحرب طائفیة فی لبنان. إنّ بعض التیارات الأجنبیة والخارجیة کانت وراء الأحداث الأخیرة فی طرابلس، وجمیع الأطراف والطوائف والأحزاب یجب أن یکونوا علی درایة ووعی'.

وأکد أن سوریا 'عبرت مرحلة أمنیة صعبة، ولکن بعض الأطراف الغربیة والعربیة تحض علی إثارة الفتنة والخلافات داخل سوریا من أجل فصلها عن محور المقاومة وتغییر الأوضاع السیاسیة فیها. لکن سوریا لا تزال صامدة رغم مرور نحو عام ونیف من الإرهاب والتدخّل الخارجی فی شؤونها. ونحن متأکّدون من أنّ الشعب السوری ومن خلال الإصلاحات التی یقوم بها الرئیس بشّار الأسد سینقذ هذا البلد'.

وعن القول إنّ ما یحصل فی سوریا إنّما یستهدف إیران قال عبداللهیان: 'إنّ هذا الموضوع أعمق ممّا أشرتم إلیه. نحن خلال العام ونیف الماضی کنّا شاهدین علی بعض الثورات العربیة، حیث کنّا نشاهد الصحوة الإسلامیة فی هذه البلدان. ونتیجة هذا الحراک الشعبی کانت هناک نقطتان مهمّتان: حشر الکیان الصهیونی فی الزاویة، ونمو المقاومة وتعزیزها ضدّ هذا الکیان'. وأضاف: 'نحن نشاهد فی المنطقة متغیّرات سیاسیة جدیدة ضد المصالح الأمیرکیة والغرب والکیان الصهیونی، وهی متغیرات تعزّز المقاومة ضد الصهاینة، وتعزز الأمن فی المنطقة وفی الخلیج الفارسی. فی حین أنّ المحور الغربی ـ الأمیرکی یهدف إلی فرض إستراتیجیة سیاسیة واجتماعیة جدیدة یتمّ من خلالها استهداف سوریا، وهم یظنّون أن انهیار النظام السوری سیؤدّی إلی انهیار احد قلاع المقاومة ضدّ الکیان الصهیونی، وأنّ فصل إیران عن حزب الله والجماعات الجهادیة فی فلسطین وإضعاف المقاومة فی لبنان إنّما یعزّز الکیان الصهیونی. ولذلک فإنّ الحرب التی یشنّها هذا المحور علی سوریا إنّما تندرج فی إطار هذه الإستراتیجیة. ونحن کجمهوریة إسلامیة سنواجه هذه الإستراتیجیة، ولذلک نعلن بصوت عالٍ دعمنا للشعب السوری وإصلاحات الرئیس الأسد'.

ورداً عن سؤال قال عبداللهیان: 'نعتقد أنّ موضوع الإصلاحات ضروری فی سوریا وفی کلّ البلدان العربیة، وإنّ الشعب السوری لدیه مطالب، ولکنّنا نواجه فی المنطقة سیاسة مزدوجة یمارسها بعض الأطراف. فخلال العام الماضی قتل أکثر من 15 ألف یمنی فی الیمن ولکنّنا لم نسمع إدانات دولیّة وعربیة لهذه المأساة. وشاهدنا تعذیب الشعب البحرینی ولکنّ أحداً لم یلتفت إلی معاناة هذا الشعب. ونحن فی إیران لدینا سیاسة واحدة إزاء کلّ بلدان المنطقة، خصوصاً حیال سوریا والبحرین والیمن. ویجب الاهتمام بمطالب هذه الشعوب، ونرفض التدخّل الأجنبی فی هذه الدول وندینها. وکذلک ندین التدخّل الأجنبی فی سوریا ونرفض أیّ تدخّل عسکری فیها، وندین التدخّل العسکری السعودی فی البحرین ونعتبره خطأً استراتیجیّا. ونری أن الحوار هو الخیار الاستراتیجی فی کلّ هذه البلدان. ونعتقد أنّ الحلّ فی هذه الدول هو عبر الحوار السیاسی، وندین المذابح التی تقع فیها أیّاً تکن الجهة المرتکبة'.

وإذ أوضح أن أعداء سوریا هم الذین أدخلوا السلاح إلی المناطق الحدودیة، سأل: 'هل هذه هی ثورة الشعب؟ وکیف یمکن تفسیر رغبة الغرب وبعض البلدان العربیة والکیان الصهیونی فی إسقاط النظام السوری؟ هذه الدول والحکومات کان ینبغی لها أن تسمح للشعب السوری بالمطالبة بما یریده فی أجواء من الهدوء، ولکنّها تبحث عن إثارة الفتن فی سوریا'.

وأشار إلی أن المواقف الترکیة إزاء سوریا تعتبر إحدی نقاط الاختلاف فی وجهات النظر بین طهران وأنقرة. وقال: نحن 'لا نعتبر أنّ المواقف الترکیة إزاء سوریا حکیمة، وأبلغنا ذلک صراحة إلی القیادة الترکیة. کثیر من البلدان التی کانت تعتبر أن النظام السوری سیسقط بعد ثلاثة أشهر، باتت الیوم وبعد مرور سنة ونصف سنة علی الأزمة السوریة تری أنّها تعجّلت فی مواقفها، وأنّ التدخّل الأجنبی والأعمال الإرهابیة فی هذا البلد ستؤدّی إلی تعقید أکبر'.

وإذ کشف عبداللهیان عن مشاورات إیرانیة دائمة مع روسیا والصین ودول أُخری فی المنطقة فی ما یخصّ القضیة السوریة، لفت إلی أن 'الشعب السوری هو مَن یجب أن یقرّر مصیر بلده'. وقال: 'نحن نری ضرورة إجراء الإصلاحات فی سوریا وأنّ الشعب السوری سیرحّب بمشارکة الرئیس بشّار الأسد فی الانتخابات الرئاسیة المقبلة عبر الدیمقراطیة ولیس بالتدخّل الخارجی'. مضیفاً: ' نحن ندعم الإصلاحات فی سوریا بحزم وحسم، ولا نسمح بأن تتخذ بعض الأطراف قرارات تضرّ بمحور المقاومة'.

وأشار إلی تباین مواقف بلدان مجلس التعاون فی الخلیج الفارسی حیال الوضع فی سوریا، وقال: 'بعض دول مجلس التعاون تتدخّل فی شؤون سوریا الداخلیة لکی تَحرف الأنظار عمّا یحدث فی البحرین والیمن، إنّهم یریدون نقل الأزمة فی البحرین والیمن إلی سوریا ولفت الأنظار العالمیة وأنظار الرأی العام إلی سوریا'.

وأکد رداً عن سؤال أن العلاقة بین إیران ودول مجلس التعاون فی الخلیج الفارسی 'طبیعیة، لکن بعض الأطراف الخارجیّه تحاول عبر وسائل الإعلام خلق نوع من التخوّف من إیران'، وقال: 'نحن لا نواجه مشکلة خاصة مع السعودیة، ولکنّنا نختلف فی وجهات النظر فی بعض الملفّات. ونحن دائما نُصرّ علی أن یکون باب الحوار مفتوحاً مع السعودیة، وإنّ اللقاءات مستمرّة معها علی کلّ المستویات، السعودیة بلد مهم فی منظومة العالم الإسلامی ویجب استخدام قدراتها لمساعدة العالم الإسلامی'.

وشدد عبداللهیان علی وجوب أن یتّخذ الشعب البحرینی بنفسه القرار فی خصوص 'الوحدة السعودیة – البحرینیة'، مؤکداً أن موقف السعودیة خلال العام ونیّف الماضی فی البحرین لم یکن جیّداً، 'لأنّ وجودها العسکری هناک أدی إلی تعقید الأوضاع أکثر. ومشروع الوحدة بین البحرین والسعودیة سیجعل البحرین فی مهب الانفجار الداخلی. إنّ موضوع البحرین داخلیّ محض، والسعودیة بإجرائها العسکری الخاطئ جعلت الملف البحرینی ملفّاً إقلیمیا، ونحن نعتقد أنّ أزمة البحرین یجب أن یکون لها حلّ سیاسی بحَق'.

وأکد رداً عن سؤال أن 'الربیع الإیرانی هو واقع وحقیقة، وقد تحقّق قبل 33 عاماً مع سماحة الإمام الخمینی عندما انتصرت الثورة ونشأت الجمهوریة الإسلامیة، ونحن نشعر بأنّ الدول العربیة تأخّرت عن إیران 33 عاماً'. معتبراً أنّ 'تنامی القدرات والطاقات الإیرانیة فی کلّ المجالات یدفع أیّ طرف إلی التخوّف من الهجوم علی الجمهوریة الإسلامیة'.

30449