تاريخ النشر: ١٧ أغسطس ٢٠١٢ - ٢٢:٣٢

خبرأونلاین-إذا رأیت رجلا عائدا من حی السفارات یضحک ویمرح مع مرافقیه فاعلم أنه راجع من السفارة الإیرانیة، وإذا رأیت آخر غاضبا متوترا یقلب أوراقها بین یدیه یهمس بالشتائم فی غضب عارم فاعلم أنه راجع من السفارة السعودیة.

 

د . شاه بندر الجترالی
 
هل تترجم هذه الصورة التی تتکرر یومیا فی حی السفارات فی إسلام آباد نظریة المؤامرة، أم مبدأ السذاجة والبلاهة، أم روح الإستغلالیة وسیطرة الفرعنة ومسخ المبادئ على حساب المصالح الشخصیة؟!.
إذا أردت الحصول على فیزا العمرة أو الحج فلابد أن تذوق الأمرین، وکأن الدبلوماسی السعودی من المرتزقة الذین جندوا لبث الکراهیة بین الناس للسعودیة وللسد عن سبیل الله. فإما تقبل الذل وتضرب أبواب الرجاء عسى و لعل واسطة من هنا أو هناک یفرج کربک أو تبحث عن الفیزا فی السوق السوداء وتشتری زیارة بیت ربک بمحاربته بدفع الرشاوی. أما إذا ضل بک الطریق وأردت زیارة مراقد الأئمة فی إیران فابشر بالضیافة والإکرام مع التعامل الحضاری وحسن الخلق.
عاتبت الأمیر السابق للجماعة الإسلامیة 'القاضی حسین أحمد' حضوره فی مؤتمر 'الصحوة الإسلامیة' فی طهران فی سبتمبر الماضی، فی حین أن جمیع الحرکات الإسلامیة وعلى رأسها الإخوان قاطعت المؤتمر، إذ وجدت فیها مؤامرة ضد السعودیة وتزییفا لأحداث البحرین وإجحافا لسوریا.
دافع عنه ابنه ثائرا: إذا أردنا الذهاب لزیارة بیت ربنا یستذلنا اصغر موظف فی السفارة السعودیة وکأننا نقصد بیت أبیه، وقد زارنا السفیر الإیرانی فی بیتنا ثلاث مرات یدعونا إلى المشارکة فی هذا المؤتمر، فکیف کان لنا أن نرفض بعد هذا الإحراج؟!.
إذا کان هذا هو حرص السفیر الإیرانی لکسب مصالح بلده، فلم لا تحرص الدبلوماسیة السعودیة على کسب قلوب الناس لصالح بلدها؟.
زورت 150 تأشیرة فی الحج الماضی وأعید الحجاج من مطار المدینة المنورة، وظهر أن الدبلوماسی المطعون فی أخلاقه کان یبیع تأشیرات الحج التی خصصتها دولته لدعاة التوحید بمبالغ هائلة.
کیف تعاملت المملکة مع هذا الملف؟! هل حوسب الدبلوماسی وجعل عبرة لغیره، أم أن الفساد المستشری فی مؤسسات الدولة والمحسوبیة غطت على الجریمة لتظهر بشکل أبشع بعد حین؟!.
وإذا کان السفیر السعودی فی باکستان لایدری ماذا یصنع الدبلوماسی المسؤول فتلک مصیبة وإن کان یدری فالمصیبة أعظم!.
تصور لو أن إیران بما تملک من اجندة حول العالم أخذت تطالب بإدارة دولیة متشکلة من دول العالم الإسلامی لإدارة الحرمین وإخراجهما من سطوة السعودیة، وخلقت حربا إعلامیة شرسة بما تملک من القنوات الفضائیة بأکثر من أربعین لغة، وبما تملک من المرتزقة فی الإعلام العربی، وبما لها من المجندین بین أصحاب القرار العربی، کیف سیتفاعل الشارع الإسلامی؟!
وتصور أن الشارع الباکستانی الذی یتمتع بهامش من الحریة، والذی فی جوفه الکثیر من الأجندة الکارهة للسعودیة، خرج ثائرا یطالب بطرد القنصل السعودی؟!.
إن کانت الدبلوماسیة السعودیة تفتقد الحنکة والدهاء فما أقل أن تلتزم بواجب المسؤولیة والحرص على بلدها، فهی الیوم تحارب بلدها بعنجهیة وشراسة وسذاجة لا توصف...
ولو رزق الإعلام السعودی حیزا ولو بسیطا من الحریة لانکشفت کثیر من الأمراض المستعصیة التی تعانی منها الإدارة السعودیة لأصحاب القرار فی هذا البلد، ولتمکنوا من استدراک الأمور قبل فوات الأوان.
ألا هل بلغت... اللهم فاشهد...