حسن بهشتی بور

خبراونلاین – یبدو ان طول الطریق المغلق الذی یواجه الیوم عملیة المباحثات بین ایران والوکالة الدولیة للطاقة الذریة لا یصب لا فی صالح ایران ولا فی صالح مکانة ومصداقیة منظمة الطاقة الذریة الدولیة.
لقد اقترحت الوکالة الدولیة عقد جولة مفاوضات مع ایران الشهر المقبل (اکتوبر) حول تسویة القضایا العالقة محل الخلاف. اما السؤال الذی یطرح نفسه هنا هو لماذا یا ترى لیست الوکالة على استعداد للتوصل الى اتفاق مع ایران حول جدول اعمال وآلیة عمل محددة؟.
وللاجابة على هذا السؤال المهم ینبغی القول ان الوکالة تتوقع قیام ایران خارج اطار عمل المعاهدة النوویة التی یتفق علیها الجانبان ، وبمجرد اعتماد المصادر الاستخباراتیة التی لا تشیر الى ذکرها، السماح لمفتشی الوکالة بزیارة موقع بارتشین العسکری، فیما ان جواب ایران على هذا الطلب واضح.
1-لا یوجد بلد یسمح بتفقد موقع عسکری له من قبل مفتشی الوکالة ، لان وظیفة الوکالة تفتیش المنشآت النوویة فقط فی حین لا تشمل المراکز العسکریة حیطة عمل مفتشی الوکالة.
2-قامت ایران وفی سیاق اعلان حسن نیتها وبغرض فضح وتفنید مزاعم وافتراءات وسائل الاعلام الغربیة الکاذبة فی عام 2005 بالسماح بتفتیش المنشآت من قبل مفتشی الوکالة الذین اعلنوا فی کلا المرتین عدم العثور على ای شئ یخالف القوانین والمقررات من قبل ایران. فی تلک الفترة تعهد "هاینون" النائب الفنلندی للامین العام لوکالة الطاقة الذریة محمد البرادعی شفهیا انه فی حال تفتیش موقع بارتشین فانهم سیعلنون ان هذا الموقع منشآة غیر نوویة ولا حاجة لتفتیشها مجددا. لکن ومع تغییر الامین العام للوکالة، اعلن السید ناکارتس النائب الجدید للامین العام فی 2011 انه ونظرا لبعض المزاعم الجدیدة من قبل بعض البلدان الاعضاء فی الوکالة فمن الضروری تفتیش موقع بارتشین مجددا. هذا الموضوع اسهم فی زیادة عدم ثقة ایران بوعود مسؤولی الوکالة اکثر من ذی قبل.
3-ان ایران وعقب ثلاث جولات من المفاوضات مع البعثات التی ارسلها الامین العام للوکالة اعلنت انهم اولا اذا ما وافقوا عقب تفقد الموقع مجددا بعدم تقدیم طلب جدید لتفتیش بارتشین وثانیا عرض الوثائق التی تتضمن مزاعم الوکالة على ایران لتقیمها ومناقشتها بدقة لتقدیم الرد الوافی علیها للوکالة، حینها یمکن للوکالة القیام بتفتیش موقع بارتشین من جدید. لکن الوکالة وردا على هذا الطلب المنطقی اعلنت انه نظرا لان الدولة التی تقدمت بالوثائق لا تسمح باستنساخ الوثائق المزعومة من قبل ایران ، رفضت طلب ایران وقامت عملیا وبناء على ان الوکالة منظمة دولیة حیادیة ولها صلاحیة تحدید صحة الوثائق، بسلب حق ایران فی الدفاع عن نفسها.
 4-ان الجمهوریة الاسلامیة فی ایران ترید من الوکالة التعهد بعدم تسریب مفتشی الوکالة خلال تفقدهم لموقع بارتشین للمعلومات غیر النوویة لهذا المرکز وابقاءها فی نطاق السریة. لان سجل عمل الوکالة فی العراق یظهر ان المعلومات المتعلقة بالمراکز العسکریة غیر النوویة للعراق تم ایصالها قبل احتلال العراق من قبل امیرکا الى کافة البلدان. على الرغم من ان الوکالة اعلنت ان من وضع هذه المعلومات تحت تصرف امیرکا لیسوا مفتشی الوکالة، لکن وفی کل الاحوال فان ای مسؤول عن تسریب تلک المعلومات السریة حول المراکز العسکریة العراقیة ، عمل على توجیه ضربة کبیرة لمصداقیة الوکالة الدولیة.
ومع الاخذ بعین الاعتبار لهذه البنود الاربعة الآنفة الذکر، یمکن القول انه وحتى تحدید تعهدات الجانبین المتقابلة ، لا یمکن توقع التوصل الى اتفاق اساسی فیما یخص المفاوضات بین الوکالة وایران فی اکتوبر المقبل. کما ان المزاعم حول مساعی ایران للقیام باختبارات نوویة لا تقتصر على موقع بارتشین وهناک مزاعم اخرى یمکن الافادة بغرض تسویتها نهائیا من تجارب تعاون الجانبین فی 2007 حیث استطاعت ایران حینها والوکالة من الرد على الاسئلة الستة الاساسیة مرحلة بمرحلة والتی کانت تتعلق بفعالیات ایران النوویة السلمیة وبشکل نهائی. وحالیا فان ایران على استعداد للتعاون مع الوکالة فی کافة الشؤون شریطة ان یکون التعاون متقابلا ویرتکز على ادراک وفهم الاعتبارات الامنیة.
لذلک اذا لم تکن الوکالة لای سبب من الاسباب لیست على استعداد للقیام بالتعهدات اللازمة تجاه تعاون ایران خلال السنوات العشر الماضیة فانها فی حقیقة الامر ستحمل ایران على قطع تعاونها الکامل مع الوکالة.
الموضوع الهام الآخر الذی یحوم الخلاف حوله بین ایران والوکالة هو تنفیذ القرارات الست لمجلس الامن الدولی والقرارات الاثنى عشرة لمجلس حکام الوکالة. وبغرض ایجاد انطباع حقیقی لمطالبات الوکالة من ایران ینبغی ملاحظة هذه النقاط الاساسیة:
1-فی الاساس تم احالة ملف ایران دون اتخاذ الاجراءات اللازمة فی اطار المعاهدة النوویة ومیثاق الوکالة الى مجلس الامن الدولی.
2-کافة المراکز النوویة الایرانیة تخضع لاشراف الوکالة الدولیة بالکامل ویتم تفتیشها دوریا وقانونیا وبصورة مستمرة.
3-ان الوکالة ومن دون الاعتراف بحق ایران وکافة البلدان فی تخصیب الیورانیوم فی قرارات مجلس حکام الوکالة تطالب ایران بتعلیق عملیات التخصیب. من الواضح اذا ما قامت الوکالة او مجلس الامن الدولی بالاعتراف رسمیا بحق ایران وکافة البلدان الموقعة على معاهدة ان بی تی واتخذت الاجراءات اللازمة وفقا للنظام النووی للوکالة، عندها یمکن ان نتوقع من ایران وبغرض ایجاد التعاون المتبادل مع الوکالة وقف عملیات تخصیب الیورانیوم بصورة مؤقتة عند نسبة 20 بالمئة على سبیل المثال ، بهدف اخراج المفاوضات من طریقها المغلق.
4-فی حال الاعتراف رسمیا بحق ایران وکافة البلدان فی تخصیب الیورانیوم تحت اشراف الوکالة الدولیة للطاقة الذریة فی قرارات مجلس الامن ومجلس حکام الوکالة فان الارضیة المناسبة ستتمهد لرفع مستوى  الاشراف القانونی للوکالة فی اطار مقررات ان بی تی . وذلک بغرض تمهید الارضیة لایجاد الثقة لعدم انحراف البرامج النوویة للبلدان الراغبة فی حیازة الطاقة النوویة نحو الاغراض العسکریة النوویة.
5-اضافة الى ذلک بامکانیة الوکالة وبغرض توفیر الارضیة اللازمة لنزع الاسلحة النوویة للدول التی تمتلک رؤوسا نوویة تهدد السلام والامن العالمی اتخاذ اجراءات اساسیة استنادا للمادة الرابعة من معاهدة ان بی تی لرفع مستوى مصداقیتها امام الدول مثل ایران التی تعارض بشدة السیاسات المزدوجة للوکالة حیال الکیان الاسرائیلی وکافة الدول التی تمتلک السلاح النووی. فی هذه الحالة لا شک سیتم توفیر ارضیات جدیدة وکثیرة لاشراف الوکالة الدولیة.
6-ان مباحثات ایران والوکالة غالبیتها ذات طابع قانونی وفنی لکنها ومن الناحیة العملیة تخضع لضغوط امیرکا التی فرضت علیها طابعا سیاسیا. ان من حق کل بلد وبغرض الوصول الى حقه والاعتراف رسمیا بشرعیته مقاومة الضغوط  ، کما ان عدم تطبیق القرارات الظالمة لا یعنی التمرد امام المنظمات الدولیة بل الهدف منه اصلاح السیاسات الخاطئة التی اوجدتها القوى السلطویة خلال السنوات الاخیرة.
7-اذا لم تجب الوکالة ومجلس الامن على اقتراح ایران الواضح والرامی الى الاعتراف رسمیا بحق ایران فی تخصیب الیورانیوم ، فکیف یطالب الغرب ایران بتعلیق تخصیب الیورانیوم؟  فی حین ان تعلیق التخصیب یعتبر قضیة والاعتراف رسمیا بحق ایران فی تخصیب الیورانیوم قضیة اخرى، ای ان بامکانهم الاعتراف بحق ایران فی التخصیب ومن ثم مطالبة ایران وبغرض ایجاد الثقة وقف عملیات التخصیب بنسبة 20 بالمئة فی المرحلة الاولى.
8-ان مبدأ حق ایران فی تخصیب الیورانیوم ، هو خط احمر لایران لن تتراجع عنه قید انملة. بامکان الغرب الاعتراف بهذا الحق رسمیا ومن ثم المطالبة بتطبیق القرارات، هذه آلیة من الممکن ان تتمخض عن انفراجة.