محمد رضا نوروزبور

 

 

خبراونلاین – ان تنسیق مسعود بارزانی مع ترکیا، قطر والسعودیة فی توقیت ساعة اعلان المعارضة ضد نوری المالکی والاوضاع المتوترة التی تشهدها المحافظات الکردیة واتساع نطاق الاضطرابات وتسریبها الى باقی المحافظات المجاورة امر له مغزى.

لا یخفى على احد طموحات واطماع مسعود بارزانی فی منطقة کردستان ونوایا ترکیا التی تبتنی على اثارة الخلافات القدیمة بین اربیل – بغداد من خلال استغلال خصائص بارزانی هذه.

ربما یعلم بارزانی وربما لا ، ان ترکیا وعدا عن نیتها الحسنة ازاء الاکراد تعمل على استغلاله لممارسة الضغط على بغداد لکن لا شک فیه انه یعمل على متابعة آماله واهدافه من خلال اظهار المعارضة والعصیان والتحدی للحکومة المرکزیة وهو امر لیس مستبعد منه وهو موضوع یمکن فهمه وادراکه لانه یقبع تحت طائلة الجغرافیا التی ترعرع فیها الاکراد على مر السنین وقاموا خلالها ببناء علاقاتهم مع العالم الخارجی.

من هنا عندما نرى مسعود بارزانی یشن هجوما مع حلول العام المیلادی الجدید على المالکی ویعتبره المسؤول عن تفکک وتشتت عناصر النسیج الاجتماعی للعراق عندها لا یمکننا اظهار التعجب ازاء ذلک. حتى عندما تظهر للعلن دوافع الانفصال حیث یبدو الامر وکأن شیئا لم یحدث، لأننا لا نتوقع حدوث مواقف غیر هذه من بارزانی.

فی غضون ذلک ان ما یدعو الى القلق والامر الجدیر بالتمعن، هو اللعبة التی لا یمکن ادراکها وفهمها لمقتدى الصدر خلال الایام الاخیرة. فی الحقیقة بقدر ما یمکن ادراک ان بارزانی یرمی لتحقیق الاهداف وتحدید مسار تحرکاته بذات القدر لا یمکن فهم تحرکات رجل الدین المتشدد الشیعی العراقی هذا.

عندما یتحدث بارزانی حول انتهاک الدستور من قبل المالکی حول المناطق المتنازع علیها مع بغداد، ویطلق التهدیدات ویعقد الاجتماعات مع اعداء المالکی ویتحدث مثلهم یمکن ادراک مدى ومقدار المصالح الاقتصادیة التی تنتظره بالرغم من ان هذه الطموحات لا تخلو من اخطار سیاسیة وعسکریة ستنعکس علیه وعلى اهالی منطقته.

لکن حدیث مقتدى الصدر ذات الیوم حول حدوث ربیع عربی فی العراق وتقربه خلال الایام والاشهر الاخیرة من بارزانی والتیارات المتشددة السنیة التی شرعت سیوفها ضد المالکی والحکومة المرکزیة وتقوم باتصالات علنیة وخفیة مع الارهابیین والقاعدة والتیارات الحالیة فی سوریا، وتعمل على نقض سیادة الحکومة المرکزیة فی العراق، امر یضطرنا الى التوصل الى تفسیرین لعمله.

الاول هو ان الصدر انخدع بوعود بارزانی والتیار المعارض للمالکی ذو الصلة بترکیا، السعودیة وقطر و وقع سهوا فی فخها وفی ظل هذه الظروف قام بتوظیف قدراته لاضعاف حکومة المالکی وتفویضها بناء على الوعود المقدمة الیه لاشخاص لا یتمتعون بادنى شبه وقاسم سیاسی، قومی وطائفی معه ولا شک انهم و فی حال تحقیق مآربهم سیعملون على التخلی عنه.

ثانیا ان مقتدى الصدر وبسبب تجربته السیاسیة القلیلة، وفقدانه لخصائص القائد الحکیم الذی یتمتع بمعرفة تامة بتعقیدات عالم السیاسة ، وقع سهوا فی فخ المخطط الذی رسمه المعارضون فی الداخل والخارج للمالکی دون حصوله على ثمن واجر قبال القیام بهذه المهمة لصالح الجانب المعارض.

ونظرا للخصائص التی یتمتع بها الاشخاص العجولون، الذین یفتقدون للتجربة والطماعون فاننا نراهم فی بعض الاحیان وخلال الفترات الخطیرة والحساسة ینتباهم شعور بالقیام بالواجب وفجأة  یقومون بمثابة "الرجل الخارق" دون التمتع بخصائصه باستعراض العضلات، ویبدو ان مقتدى الصدر یصنف ضمن الجزء الثانی من هذا التفسیر حیث قام سهوا فی اللعب فی ارض اطراف ترمی الى تحویل العراق الى سوریا اخرى وتقسیم هذا البلد الى اجزاء مختلفة.

اما ما یمیز "الرجال الخارقون" الذین یظهرون فی الوقت غیر المناسب ، هو تنظیم قائمة بمشاکل ومطالبات الناس، المجموعات، الاقلیات والتعاطف مع المظلومین والنساء الارامل والایتام واتخاذ مواقف انتقادیة متشددة بالنسبة للاطراف التی توجه لها اصابع القصور دون تقدیم ادنى حلول حول المشاکل التی یعددونها. والاسوأ من ذلک انهم وفی حال تولیهم زمام الامور وبسبب تاریخهم الماضی نجدهم لا یتمتعون بالقدرة على حل المشاکل التی اشاروا الیها بل حتى انهم سیعملون على اضافة اخرى الى القائمة ذاتها.

هناک نماذج لهؤلاء الرجال الخارقون للاسف فی الدول النامیة والدول الحدیثة الدیمقراطیة مثل العراق وهم یمثلون ارضیة مناسبة لاثارة الفوضى، الاعمال الارهابیة، الاحتجاجات غیر القانونیة وفی نهایة المطاف تدخل الاجانب.

لا شک ان حکومة المالکی لها نقاط ضعف متعددة لکن مقتدى الصدر وباعتباره زعیما سیاسیا علیه ادراک ابسط الاسس وهو ان التحول الى بوق للمتشددین ضد الشیعة فی العراق او الاکراد الانفصالیین من جماعة بارزانی لن یسهم فی کسب الوجاهة والمکانة له فی المستقبل السیاسی للعراق.

من جهة اخرى لا یخفى على احد ان نیة الصدر الداخلیة من اضعاف حکومة المالکی لیست التعاطف مع شعب العراق والاقلیة السنیة او الاخوة الاکراد، بل، انها تأتی لتضمید جراحه الشخصیة التی لها جذور فی جداله ونزاعه مع شخص المالکی حول بعض القضایا ومن ضمنها توزیع المناصب وکیفیة التعاطی العسکری وقمع تیار الصدر خلال اعوام 2006 و2007.

فی الحقیقة ان ما یقوم به الصدر مقارنة مع بارزانی ، لا یتضمن منطقا وعقلانیة وتبریرا بسبب انه یعمل الیوم على بیع اقتدار ومکانة شیعة العراق التاریخیة بثمن بخس لاعداء الشیعة الاقلیمیین. امر لو کان ارتکب من قبل شخص بارزانی لما مثل وصمة عار علیه بسبب عدم مکانته الدینیة وعدم ارتدائه للباس رجال الدین الشیعة.