خبراونلاین - اعلن خبیر فی شؤون شبه القارة: ان تصریحات الحکومة الافغانیة فیما یخص الاتفاقیة الاستراتیجیة هی مجاملات دبلوماسیة لان الاتفاقیة تمنح امیرکا الذریعة اللازمة لزعزعة الاوضاع فی دول الجوار سواء الجویة منها او البریة.

 

تم التوقیع على المسودة الاولى للمعاهدة الاستراتیجیة بین افغانستان وامیرکا الاسبوع المنصرم من قبل  مسؤولی الجانبین. وحتى الان لم تتضح معالم جوانب هذه المعاهدة ولم یتم الکشف عنها ، لکن تم الاشارة فی مواد منها الى خفض عدید القوات الاجنبیة ، وبقاء عدد من القوات العسکریة بغرض تأهیل القوات الافغانیة. ویتوقع ان یوقع الجانبان وقبیل اجتماع شیکاغو المقرر عقده اواخر الشهر الحالی ، على النص الختامی لهذه الاتفاقیة. وسیتم خلال اجتماع شیکاغو بحث کیفیة تأهیل 352 جندیا افغانیا بالاضافة الى اتخاذ قرار حول المساعدة السنویة التی تمنحها الدول الاجنبیة لافغانستان البالغ مقدارها 4 ملیار دولار. وبالرغم من تعهد مسؤولی افغانستان بان هذه المعاهدة لا تشکل ای تهدید لامن دول الجوار لکن العدید من المراقبین والمحللین یرون ان عقد هذه الاتفاقیة یمهد الارضیة لزعزعة توازن القوى فی المنطقة والتأثیر على قدرة مناورة باقی لاعبی المنطقة. وفی هذا السیاق اجرت خبراونلاین مقابلة مع "نوذر شفیعی" خبیر شؤون شبه القارة لتسلیط الضوء على ابعاد وجوانب هذه الاتفاقیة الاستراتیجیة الیکم تفاصیلها:

فی البدایة لتطلعنا على نظرتکم وتحلیلکم لعقد الاتفاقیة الاستراتیجیة بین افغانستان وامیرکا.

اذا ما اردنا النظر الى الموضوع من وجهة نظر القانون الدولی والسیاسی ففی الاساس لکل بلد الحق فی ابرام اتفاقیات استراتیجیة فی اطر متعددة مع مختلف البلدان، ان سیادة الدول تمنحها هذا الحق. لکن هذا الحق یقابله فی الجهة الاخرى واجب ، هذه الاتفاقیات لا ینبغی ان تمثل تهدیدا لباقی الدول. لا یجب على الدول ان یکون لها انطباع تهدید لهذه الاتفاقیات ولا ینبغی الشعور بانها تمثل عاملا یبعث على انعدام الامان. وفی الواقع ان هذا الجزء من الموضوع هو ما یمثل مشکلة هذه القضیة، لیس لایران فقط بل لای بلد آخر. فی الحقیقة ان الاتفاقیة الامنیة بین امیرکا وافغانستان لیست من الجانب القانونی بل من منظورها السیاسی والاخلاقی هی ما یمثل مصدر قلق لنا. وهذا یعنی اننا نتوقع من الحکومة الافغانیة ومن المنطلق الاخلاقی اتخاذ مواقف لاتجعل من تواجد القوات الاجنبیة فی افغانستان مصدر تهدید لدول الجوار. من الناحیة السیاسیة وبسبب علاقات الصداقة مع الحکومة الافغانیة نتوقع مواقف امنیة وسلوکیات من قبل هذا البلد بشکل لا یضر بالعلاقات الودیة بین الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة والحکومة الافغانیة. من الممکن ان تصرح الحکومة الافغانیة ان هذه الاتفاقیة لا تشکل ای ضرر لای بلد ثالث لکن هذا فی الحقیقة مجاملة دبلوماسیة، ان ما یقع هی امور على ارض الواقع ولیس مجرد کلام. لا ینبغی ان ننسى ان حمایة الحدود الافغانیة (ای المواد التی تم الاشارة الیها فی هذه الاتفاقیة فیما یخص الجانب الامنی) تعتبر ارضیة لازمة وذریعة للولایات المتحدة لزعزعة امن واستقرار الاجواء فی بلدان الجوار سواء البریة منها او الجویة وان هذا ما یشکل مصدر قلق لایران ولکافة دول الجوار الافغانی.

هل یمکن ان نکون على یقین بانه فی حال وقوع تهدید لدول الجوار، فان الحکومة الافغانیة اضعف من ان تتمکن من الحیلولة دون وقوعه؟ ای هل الحکومة سیکون لها موقف سلبی فی حال وقوع تهدید وشیک؟

هذه نقطة مهمة. ان ای اتفاقیة امنیة یکون لها اتجاهین: الاتجاه الاول افقی (یتضمن الدول الاعضاء فی الاتفاقیة) والاتجاه الاخر رأسی ای مدى تاثیر الدول التی تتضمنها هذه الاتفاقیة. واعتقد انه نظرا لضعف الحکومة الافغانیة یبدو انه وفی نهایة المطاف فان محور اتخاذ القرار ، سیکون محور تفسیر الاتفاقیة ومحور توجهاتها الامنیة ای الولایات المتحدة الامیرکیة. فی ظل تلک الظروف فی الحقیقة ومهما کانت قوة الحکومة الافغانیة حینها مقارنة بوضعها الان ، فلن یکون لها القدرة على ردع الولایات المتحدة من اتخاذ قرارات تستند الى تفسیرها للاتفاقیة.

وما هو موقف ونظرة البلدان وقوى المنطقة بالنسبة لهذه الاتفاقیة؟
ان موقف الدول بالنسبة لهذه التفاقیة یبتنی على انطباعها عن هذه الاتفاقیة وان هذا الانطباع ایضا یاتی فی اطار علاقات هذه الدول مع الولایات المتحدة الامیرکیة والحکومة الافغانیة. عادة لا تعتبر الدول المحیطة بمنطقة افغانستان والتی لدیها علاقات ودیة مع امیرکا هذه الاتفاقیة تهدیدا لها ، وبالطبع هذا یمثل انطباعا خاطئا. لان نظرتها للامر نظرة الوضع – المحور فی حین ینبغی ان تکون نظرتها نظرة النتیجة– المحور. ای عدم النظر الى القضایا الراهنة بل بحثها ودراستها من خلال القاء نظرة مستقبلیة. من هذا المنظور وفی ظل الظروف الراهنة تعتبر هذه الاتفاقیة تهدیدا مؤکدا للصین، لانه وفی الاساس تعتمد سیاسة امیرکا على تقیید الصین والحد من نفوذها. وان المکان الوحید الذی یعتبر نافذة لتنفس الصین هو افغانستان وآسیا الوسطى. ان امیرکا ومن خلال ایجاد معادلات متعددة الاطراف واتفاقیات التعاون فی المنطقة مع الهند، کوریا الجنوبیة، الیابان، تایوان و محور الاطراف الاربعة (الهند، استرالیا، امیرکا ، الیابان) وفی الاساس ایجاد تحالفات متعددة الاطراف تسعى الى تقیید الصین. والان یمکن ان تمثل افغانستان عنصرا فی حلقة تضییق الخناق هذه على الصین. کما هو الحال بالنسبة للجمهوریة الاسلامیة الایرانیة ای یمکن ان تعنی هذه الاتفاقیة حلقة تضییق امیرکا على ایران.

وما هو موقف باکستان؟

فیما یخص باکستان فان الاوضاع ذاتها تنطبق علیها ایضا. فی الوقت الراهن یعتبر اهم موضوع واکثر ما  یمثل الحاحا وتهدیدا لافغانستان، هو موضوع طالبان ودعم باکستان لها. وبالرغم من الحدیث عن ان هذه الاتفاقیة لم تتطرق کثیرا الى المحور الامنی ولم یتم لحد الان تناول العدید من الامور فیها، لکن وفی الحقیقة فان اول جانب یلفت الاهتمام فیها هو باکستان ولذا فان باکستان فی الظروف الراهنة نجدها اکثر البلدان قلقا بالنسبة لهذه القضیة.
وکیف تتوقع مستقبل المنطقة مع ابرام هذه الاتفاقیة الجدیدة؟
ان ابرام هذه الاتفاقیة سیسهم فی زعزعة التوازن الاستراتیجی على المستوى الاقلیمی التی تعد افغانستان جزءا منه. لا ینبغی ان ننسى ان افغانستان لم تحظى بالاهمیة بسبب مصادر ثرواتها الداخلیة بل اکثر من ذلک هو تاثیرها على محیطها الاقلیمی وبیئتها المجاورة. لذلک سیؤثر ابرام هذه الاتفاقیة على البیئة المحیطة بافغانستان سواء کان ذلک على روسیا، الصین، الهند، باکستان، ایران وبلدان آسیا الوسطى.

30349

رمز الخبر 182252