خبراونلاین – یقول مجید تفرشی: فی حال تصدی آل خلیفة لمطالب وارادة الشیعة ، فان تکلفة قمع الشیعة على مدى الاعوام ال 44 الماضیة فی هذا البلد سترتفع.

 

 

تشهد البحرین ومنذ عامین استمرار احتجاجات الشیعة على سیاسة آل خلیفة. ان تشکیل حکومة ملکیة دستوریة وتغییر الدستور، هی من ضمن المطالبات التی یطالب بها المعارضون منذ سنین والتی لطالما جوبهت برفض الملک وعمه (رئیس الوزراء) ویبدو ان لا عزم هناک لتلبیتها. وبالرغم من کافة المبادرات التی تم طرحها لانهاء الازمة السیاسیة القائمة بین المعارضة والحکومة لا تزال هذه الجزیرة مسرحا للاحتجاجات الشیعیة فی الشوارع والتی غالبا ما یشوبها العنف وقمع قوات الامن.

ان اقتراح الامیر سلمان الامیر الشاب الذی یقال ان یتسم بمرونة اکثر مقارنة بباقی اعضاء آل خلیفة، کان بمثابة سبیل لجمع المعارضة حول طاولة الحوار. لکن لا یمکن تجاهل حقیقة ان الامیر سلمان لیس هو من یتخذ القرار فی البحرین بل ان الملک ورئیس الوزراء اللذان یخضعان لسلطة السعودیة منذ تشکیل الحکومة ومنذ القدم یمثلان العقبة الرئیسیة امام حوار الوحدة الوطنیة فی هذا البلد. واحتضنت المنامة اعمال قمة مجلس تعاون دول الخلیج الفارسی فی ظل مواجهتها لازمة کبیرة وهی بحاجة الى مباحثات واجتماعات جادة لحل ازمتها الداخلیة. وبهذا الصدد اجرى موقع خبراونلاین حوارا مع مجید تفرشی، المؤرخ والباحث الایرانی المقیم فی لندن حدثنا خلاله عن آخر مستجدات الاوضاع فی البحرین.

دعا الامیر سلمان الى اجراء حوار مع المعارضین. ویقال ان هناک خلافات بین الامیر سلمان ورئیس الوزراء . ترى من هو صاحب القرار الرئیسی فی البحرین؟

ربما لا یمکن التوصل بدقة الى النیة الحقیقیة والواقعیة للسیاسات المختلفة لاعضاء التیارات المختلفة للحکومة السنیة لآل خلیفة فی البحرین فیما یخص التعاطی ومواجهة المطالبات الشعبیة للغالبیة الشیعیة فی البحرین. مع هذا وعلى صعید هذه المعرکة الطویلة والقدیمة هناک نقطة اشتراک بین هذه التیارات التی تعمل على توحیدها وهی تجاهل وتضییع الحقوق الطبیعیة والقانونیة للسیادة الشیعیة باعتبارها الغالبیة المطلقة من سکان البحرین. بالرغم من شهرة الامیر سلمان فی مرونته فیما یخص التعاطی مع الغالبیة الشیعیة المعارضة وتأکیده ان ازمة البحرین شأن داخلی وان لا دخل لایران فیها، لکن من غیر المحدد هل هو صادق فی وجهة نظره المعتدلة هذه وثانیا حتى لو کان صادقا فی کلامه هل هناک عزم حقیقی فی تنفیذ هذه الآراء من قبل حکام البحرین؟ الحقیقة ان آراء ولی العهد هذه لم تتمخض عن تأثیر جاد على صعید الازمة واستمرار انتهاک حقوق الشعب فی البحرین.

حیث وعقب استقبال قیادات الشیعة لتصریحات الامیرسلمان، دعا خالد بن علی آل خلیفة وزیر الداخلیة وامیر آخر الى حل مشاکل البلاد بعیدا عن التدخل الاجنبی. کما نفت سمیرة رجب وزیرة الامن البحرینیة فی لقاء مع صحیفة الشرق الاوسط تصریحات ولی العهد السلمیة رافضة ای مواکبة لغالبیة المعارضة فی البلاد. والان یمضی عامان منذ انطلاق الاحتجاجات الشعبیة فی البحرین التی تشهد تصعیدا یوما تلو الآخر. وفیما اعلنت حکومة البحرین مؤخرا ورسمیا منع ای نوع من الاحتجاجات ، نرى ان هذا المنع لم یسفر عن خفض حدة التظاهرات فحسب بل اسهم فی جرأة الشعب بشکل اکبر.

ترى ما هی مطالب المعارضة الرئیسیة التی ادت الى هذه الحساسیة ازاءها؟

ان مطالب المعارضة البحرنیة لیست بالشئ العجیب والجدید. المعارضة هی الغالبیة المطلقة لشعب البحرین التی تخضع للظلم والتجاهل . انها تطالب بمشارکة الشیعة فی ادارة بلادهم وازالة التمییز العلنی والخفی ازاء الشعب بسبب کونهم شیعة او ایرانیی الاصل. خلال فصل البحرین عن ایران ابان فترة الاحتلال البریطانی وحکومة الاربعین عاما لآل خلیفة التی تمثل الاقلیة السنیة المهاجرة تعرض الشیعة الى ظلم فی مختلف المجالات الاقتصادیة، الاجتماعیة، السیاسیة والثقافیة.

ان شعب البحرین یطالب بحقوقه الطبیعیة وحقوق المواطنة فی حین کان الرد على ذلک التجاهل، التمییز، انتهاک حقوق الانسان، العنف، الاعتقال والتعذیب وحتى القتل وصمت الداعمین الغربیین لآل خلیفة. لقد اشار التقریر الاخیر لمنظمة حقوق الانسان والعفو الدولیة انه بالرغم من ادعاءات حکومة آل خلیفة حول السیطرة والاشراف على عمل قوى الامن فی تصدیها للاحتجاجات، لکن التعذیب فی السجون لا یزال قائما فیما تواصل السلطة القضائیة تعاملها الجائر مع المحتجین والمعارضین المعتقلین.

لماذا وبالرغم من مرور عامین من تطورات الاوضاع فی العالم العربی لم ینجح النظام الحاکم والمعارضة فی البحرین الى التوصل لحل سلمی للازمة، فی حین ان کافة الدول مثل الکویت، نجحت فی الالتفات الى تطبیق رأی المعارضة بصورة افضل؟

بالرغم من التشابه فی المطالبات المدنیة لغالبیة شیعة البحرین فی بعض الاوجه ومن ضمنها سیادة القانون، الحریات الفردیة والجماعیة والرفاه الاجتماعی مع باقی شعوب الدول الاخرى التی تتعرض للظلم فی الدول العربیة، لکن قضیة ومطالبات شعب البحرین لها تاریخ اطول وهی اعمق من باقی البلدان العربیة فی الشرق الاوسط.

ان حکومة البحرین والى جانب حیلولتها دون اقامة ای حکومة ذات سیادة شعبیة وقانونیة، لم توقف حتى الیوم الظلم والتمییز ضد الغالبیة الشیعیة فی هذا البلد ولا تزال تستخدم ذات الذرائع القدیمة مثل الدعم المالی والسیاسی الایرانی للمعارضة  والتدخل الخارجی وذلک بغرض ازالة صورة المأزق الذی تعانی منه. ان شعب البحرین یطالب بحقوقه منذ 90 عاما وان مزاعم حکومة البحرین حول مساعی شعب هذا البلد لنیل حقوقه منذ بدء الثورة الاسلامیة فی ایران وتشکیل الجمهوریة الاسلامیة امر لا اساس له من الصحة وان جذور القضیة تعود الى حوالی قرن من الزمن.

ان صعود ورقی مکانة الشیعة فی البحرین یصب فی صالح ایران. ترى کیف هی علاقة شیعة البحرین بایران؟

ان علاقة شعب البحرین (سواء الاکثریة الشیعیة او الاقلیة السنیة) مع ایران ، علاقة عمیقة، تاریخیة ووثیقة. خلال القرن الاخیر، سواء خلال فترة الاستعمار البریطانی او خلال شبه الاستفتاء غیر القانونی والمزیف فی ذلک الاقلیم او خلال الفترة الاخیرة من حکومة آل خلیفة، سعى النظام الحاکم فی البحرین الى قطع العلاقات الطبیعیة بین البحرین وایران وقطع الجذور الایرانیة – الشیعیة لشعب هذا البلد. من خلال تبعید الشیعة وتجنیس السنة دون اتخاذ الاجراءات القانونیة ، الحیلولة دون توظیف الشیعة فی مختلف المناصب الحکومیة. ان شعب وحکومة ایران وخلال السنوات التی سبقت الثورة او بعد تشکیل الجمهوریة الاسلامیة، قلقان ازاء مصیر شعب البحرین. هناک علاقة وطنیة ، دینیة وعاطفیة وثیقة بین ایران والبحرین ولا تزال. ان تحسین اوضاع شعب البحرین واحقاق الحقوق المدنیة لشعب ذلک البلد هو من مطالب ایران وهو عامل مهم لحفظ وترسیخ السلام والامن فی منطقة الخلیج الفارسی.

فی حال توصل الحکومة البحرینیة الى توافق نسبی مع المعارضة ، فما هی تکالیف-فرص هذا التغییر والتحول المهم؟

فی الوقت الراهن لا ترید ولا تستطیع التوصل لاتفاق عادل مع شعب هذا البلد. لا ترید لانها تعتقد ان منح الحقوق الطبیعیة والشرعیة لغالبیة شعب البحرین یعنی انهاء عهد من التفرد وانتهاک القانون. ولا تستطیع لانه لو افترضنا وصول غالبیة شعب البحرین مع الحکومة وداعمی الحکومة الغربیین لا سیما امیرکا وبریطانیا ، فانهم واستنادا لمصالحهم الاستراتیجیة والتوسعیة لن یوافقوا على حصول شعب البحرین على تسویة عادلة وسلمیة. ان تسویة عادلة فی البحرین تمثل منح السیادة لشعب البحرین ولحکومة الاغلبیة الشیعیة وان ای حل غیر هذا لا یرضى به شعب البحرین.

فی الحقیقة ان حکومة البحرین على حق فی قولها ان الایادی الخارجیة تمنع استتباب الاستقرار فی هذا البلد. هذه القوى الخارجیة تشمل التدخل السعودی ومن ثم الامیرکی والبریطانی ووجود حاملات الطائرات والقواعد العسکریة التی لا تسمح بان ینعم شعب البحرین بالاستقرار وبتلبیة مطالبهم. لقد شهدنا خلال الفترة الاخیرة تشدید الحکومة البریطانیة من ضغوطها على المعارضة وتمثل ذلک فی تدابیر التفتیش والتحقیق فی مداخل المطارات البریطانیة على ممثلی الشیعة وتحذیرهم من معارضة حکومة المنامة.

وما هی توقعاتکم على الامد المتوسط والبعید لمستقبل البحرین؟

منذ قرن من الزمن وحتى الان، لم تتمخض مساعی المستعمرین والحکومة الراهنة لاسکات الغالبیة الشیعیة عن نتیجة. خلال السنوات الاخیرة لم تفلح عملیات التجنیس للمهاجرین الاجانب، فی تغییر الترکیبة السکانیة للبحرین. ویبدو انه وعلى الامد المتوسط والبعید هناک طریقان امام حکومة آل خلیفة: اما علیها ایجاد تغییر ثوری ومفاجئ لانهاء فترة سیطرتها على زمام السلطة فی البلاد او ومن خلال برنامج وخطة منظمة ومصالحة تستسلم لمطالبات الاغلبیة الشیعیة وتفویض زمام الحکومة للقیادات الشیعیة. لقد توصل بعض سیاسیی البحرین الى صحة هذه الحقیقة ای کلما عجلوا فی تلبیة المطالبات الشعبیة فانهم سیدفعون ثمنا اقل. بالمقابل هناک عدد آخر من هؤلاء السیاسیین یصرون على مواجهة المطالبات المشروعة. وهو امر اثبتته التجارب التاریخیة حیث ان التصدی لهذه المطالبات سیؤدی الى تشدید التصعید وارتفاع التکلفة والثمن الذی ینبغی ان تدفعه الحکومة.

ان شیعة البحرین وکما اعلن الشیخ سلمان القیادی فی جمعیة الوفاق الوطنی مؤخرا ان منح حقوق المواطنة الکاملة للشیعة وتغییر الحکومة الحالیة امر لن یتم بهذه السرعة لکن هذه المسیرة لا تعرف هدفا سوى تحقیق هذه المطالبات. سلمان وضمن تأکیده على ضرورة الحوار مع ولی العهد اکد انه فی حال عدم توصل الاطیاف المعتدلة فی کلا الجانبین الى نتیجة حول تلبیة الحقوق المشروعة للغالبیة الشیعیة عندها سیدخل المتشددون من کلا الجانبین الى الساحة ویحولوا البلاد الى مسرح لاراقة الدماء والحرب الاهلیة.

بالاضافة الى جمعیة الوفاق، هناک عدة اطیاف شیعیة مثل وعد، الوحدوی، القومی والحزب الوطنی للاخاء اکدت ان السبیل الوحید لتحقیق مطالبات الشیعة المشروعة فی المواطنة هو الحوار للحیلولة دون اراقة مزید من الدماء فی البحرین. کما اعتبر قادة الشیعة ان تنحیة الشیخ خلیفة بن سلمان آل خلیفة رئیس الوزراء وتشکیل حکومة انتقالیة مؤقتة هی الخطوة الاولى والعملیة لتحقیق مطالب اغلبیة الشعب. ومع هذا تظهر لقاءات رئیس وزراء البحرین الاخیرة مع قادة المعارضة السوریة انه یرغب اکثر فی تسویة قضایا باقی الدول العربیة ودعم المعارضة المسلحة اکثر من قلقه على مصیر ابناء شعب بلاده وتحقیق مطالبهم.

رمز الخبر 184025