أکد خبراء سیاسیون فی ندوة بالدوحة أنه خلافاً للاتحاد الذی حصل لتقویض نفوذ الاتحاد السوفیتی، فإنه لا یوجد الآن أی محور ایدیولوجی وسیاسی یمکنه توحید الغرب والکیان الاسرائیلی ودول مجلس التعاون فی معارضتهم لطهران، فأعداء إیران متفرقون والثقة بینهم معدومة.


 

وتناولت الندوة التی عقدها معهد "بروکنغز" الأمیرکی فی مرکزه بالدوحة ومعهد "فراید" الاوروبی برعایة المجلس الاوربی تحت عنوان "نحو شراکة استراتیجیة؟ الاتحاد الاوروبی ومجلس التعاون الخلیجی فی شرق أوسط ثوری" بحضور باحثین وجامعیین ودبلوماسیین من الدول المطلة على الخلیج الفارسی والاتحاد الاوروبی وأمیرکا، تناولت تطورات العلاقة بین الاتحاد الاوروبی ودول مجلس التعاون فی ظروف التحولات الراهنة التی تشهدها المنطقة والهواجس الداخلیة لدول المجلس.
وعبر التأکید على أن تطورات المنطقة وضعت علاقات الاتحاد الاوروبی ودول مجلس التعاون على مفترق طرق؛ فهناک تعاون ضد سوریا وسعی مشترک لـ"دعم الاقتصاد" فی دول کمصر وتونس ولیبیا والیمن من ناحیة وهناک بعض التأزم بسبب التحدیات التی تواجهها الاصلاحات الداخلیة فی الدول المطلة على الخلیج الفارسی من ناحیة ثانیة، أضاف الخبراء: وجود بعض الخلافات بین الاتحاد والمجلس صعّب إمکانیة تعاونهما استراتیجیا.
وقد أثبت ما یسمى بـ"الربیع العربی" فی نظر المشارکین أن اوروبا غالباً تخضع للإرادة الأمیرکیة وقت الأزمات ما یستدعی من الدول الاوروبیة من أجل توسیع نفوذها فی المنطقة المزید من التعاون والتنسیق مع الولایات المتحدة.
وإشارة إلى تغییر الثورات العربیة الأخیرة لموازین القوى فی المنطقة، والنشاط الذی شهدته التحرکات الدبلوماسیة لمجلس التعاون الخلیجی کالتدخل فی الأزمة الیمنیة وما سمی "إحیاء دور الجامعة العربیة!" والضغط على حکومة بشار الأسد، فقد شکک المشارکون فی استمرار هذا الدور الخلیجی.
وتنویهاً بأن درجة تدخّل دول مجلس التعاون، لاسیما السعودیة وقطر، فی الحرب على سوریا تفصح عن مدى ارتباط السیاسة الخارجیة لهذه الدول بمصیر هذا الصراع، ذکر أحد الخبراء فی الشأن الخلیجی فی الندوة: ان "هذا الأمر لیس مؤشراً إیجابیا بالنسبة للمجلس ذلک أن تجربتهم لا ترقى أبدا إلى التجربة الإیرانیة (فی إدارة الأزمات)". هذا إلى جانب ما صرح به خبیر آخر من أن تنامی النفوذ القطری الاقلیمی یهدد دور هذا البلد وتجربته فی الوساطة.
وأجمع الحاضرون على أن اللاعبین الأساسیین فی المنطقة یتبنّون النهج الطائفی فی سیاستهم الاقلیمیة والداخلیة، مشیرین فی هذا الصدد إلى ما یمارَس من عنف طائفی متزاید فی سوریا وکذا إظهار النظام البحرینی لأزمة بلاده کصراع طائفی محاولة لصد البحرینیین السنة عن التوحد مع إخوانهم الشیعة.
وإذ فسر معظم الخبراء الإقلیمیین المشارکین فی الندوة محاولات زعماء المنطقة لإثارة الفتنة الطائفیة والمشاعر المعادیة للجمهوریة الإسلامیة بسعی هؤلاء لتعزیز مکانتهم فی المنطقة، فقد أشار أحد المشارکین إلى مبالغة مجلس التعاون فی الخلیج الفارسی فی الحدیث عما یزعمون أنه "التهدید الإیرانی!" (الذی تلعب الولایات المتحدة دورا مهما فیه)، مؤکداً أن زعماء المجلس لا یستطیعون التفکیر بالمنطقة من دون أخذ هذا "التهدید!" بالحسبان.
وألمح الخبراء إلى دخول وسائل الإعلام الإقلیمیة، نتیجة الاستقطاب السیاسی والاصطفاف الطائفی، فی حرب إعلامیة، مشیرین إلى منع بث الفضائیات السوریة الرسمیة من قبل بعض الأقمار العربیة وتحول فضائیتی "العربیة" و"الجزیرة" إلى بوق لترویج السیاسات الخارجیة لأصحابها.
وبخصوص ما یحدد السیاسات الخارجیة فی دول مجلس التعاون، رأى المشارکون أنه على الرغم من تأثیر المتغیرات الداخلیة على سیاسات هذه الدول، فإن أثر ضغط الجماهیر لا یضاهی أثر الظروف الداخلیة العامة على هذه السیاسات. وکمثال على ذلک، أشار أحد الجامعیین المقیمین فی منطقة الخلیج الفارسی إلى أن سیاسة الإمارات العربیة المعادیة لإیران ناشئة عن وصول جیل شاب ذی اهتمامات أمنیة من آل نهیان إلى الحکم، مضافا إلى التخبطات الاقتصادیة.

الدوحة (فارس)

رمز الخبر 184297