وجه قائد الثورة الإسلامیة نداء إلى حجاج بیت الله الحرام تمت قراءته فی مراسم البراءة من المشرکین التی أقیمت الیوم فی صحراء عرفات أکد فیه أن تقویة روح الأخوة هو درس الحج الأکبر ومشدداً على أن شعوب الصحوة الإسلامیة لن تسمح بعودة عقارب الساعة إلى الوراء.

العصر الحاضر عصر الصحوة واکتشاف الهویة للمسلمین
وبین آیة الله خامنئی فی نداءه أن العصر الحاضر هو عصر الصحوة واکتشاف الهویة بالنسبة للمسلمین؛ مضیفاً أن: هذه الحقیقة یمکن التوصل إلیها بوضوح من خلال الأزمات التی تواجهها الدول الإسلامیة؛ وفی هذه الظروف بالذات فإن العزم والإرادة المعتمدة على الإیمان والتوکل والبصیرة والتدبیر یمکنها أن تأخذ بأیدی الامم الإسلامیة فی هذه الازمات إلى النصر ورفع الرأس وأن یکون مصیرها العزة والکرامة.
وصرح أن الجبهة المقابلة التی لا تطیق یقظة وعزة المسلمین قد استنفرت جمیع وسائلها الأمنیة والنفسیة والعسکریة والاقتصادیة والدعائیة لإرباک المسلمین وقمعهم وإلهائهم بأنفسهم.
وحذر قائد الثورة من أن الأوضاع المؤسفة یمکن أن تجعل الصحوة الإسلامیة عقیمة وأن تهدر الاستعدادات الروحیة التی ظهرت فی العالم الإسلامی وتعید مرة أخرى الأمم الإسلامیة إلى حالة الرکود والإنزواء والانحطاط وتدفع إلى زوایا النسیان قضایاها الأساسیة والمهمة کإنقاذ فلسطین والأمم الإسلامیة من المؤامرات الأمیرکیة والصهیونیة.

نجاة المجتمع الإسلامی بأناس یتمتعون بالفکر والعمل
وأشار قائد الثورة الإسلامیة إلى أن: أکثر ما تحتاجه الأمة الإسلامیة الیوم هو أناس یتمتعون بالفکر والعمل إلى جانب الإیمان والصفاء والإخلاص، والمقاومة فی مقابل الأعداء الحاقدین إلى جانب الاعداد المعنوی والروحی؛ وهذا هو الطریق الوحید لنجاة المجتمع الإسلامی الکبیر من المصائب التی تلم به جهاراً من قبل الأعداء أو بسبب ما علق بهم فی الأزمان السالفة من ضعف العزم والإیمان والبصیرة.

تقویة روح الاخوة درس الحج الأکبر
ولفت آیة الله خامنئی إلى أن العلاج البنیوی والأساسی یمکن تلخیصه فی جملتین وکلاهما من أبرز دروس الحج: الأولى ـ اتحاد وتآخی المسلمین تحت لواء التوحید. والثانیة ـ معرفة العدو و مواجهة مخططاته وأسالیبه.
وأوضح أن تقویة روح الاخوة والتآخی هی درس الحج الأکبر؛ ففی الحج الجدال والخشونة مع الآخرین ممنوعة؛ واللباس واحد والاعمال واحدة والحرکات واحدة؛ والتعامل الرؤوف هنا یعنى المساواة والأخوة بین جمیع الأشخاص الذین یعتقدون بمرکز التوحید، وهذا هو جواب الإسلام الصریح لکل فکر وعقیدة ودعوة تدعو لإخراج فرقة من المسلمین المؤمنین بالکعبة والتوحید من دائرة الإسلام.
وصرح آیة الله خامنئی بالقول: إننی ککثیر من علماء الإسلام والحریصین على الأمة الإسلامیة أعلن مرة أخرى أن أی قول أو عمل یشعل نار الاختلاف بین المسلمین، وأیضاً أی اهانة لمقدسات أی من الفرق الإسلامیة أو تکفیر أحد المذاهب الإسلامیة هو خدمة لمعسکر الکفر والشرک وخیانة للإسلام ومحرمة شرعا.
ولفت قائد الثورة إلى أن: معرفة العدو وأسالیبه هی الرکن الثانی؛ کما لا یجوز الغفلة عن وجود العدو الحاقد أو نسیانه؛ والمراسم المتعددة لرمی الجمرات فی الحج هی علامة رمزیة على هذا الاستحضار الذهنی الدائم لعدم الغفلة عن العدو.

العدو الأساسی الیوم جبهة الاستکبار العالمی والشبکه الصهیونیة
وفی کلامه عن العلاج البنیوی والأساسی ضمن دروس الحج أوضح آیة الله خامنئی قائلاً: ثانیا لا یجوز الوقوع فی خطأ تحدید العدو الأساسی الذی هو الیوم نفس جبهة الاستکبار العالمی والشبکه الصهیونیة المجرمة؛ وثالثاً یجب تشخیص أسالیب هذا العدو المعاند والمتمثلة بإیقاع الفرقة بین المسلمین وترویج الفساد السیاسی والاخلاقی وتهدید وتطمیع النخب والضغط الاقتصادی على الشعوب والتشکیک فی العقائد الإسلامیة کما یجب معرفة المرتبطین به وأیادیهم سواء ارتبطوا به عن قصد أو غیر قصد.
وأشار إلى أن الدول المستکبرة وفی مقدمتها أمیرکا وبمساعدة وسائلها الإعلامیة الواسعة والمتطورة تقوم بإخفاء وجهها الحقیقی کما تقوم بخداع الرأی العام للأمم والشعوب من خلال التظاهر بحمایة حقوق الإنسان والدیمقراطیة؛ وقال: إن هؤلاء یتظاهرون بالدفاع عن حقوق الشعوب فی الوقت الذی تکتوی فیه الشعوب الإسلامیة بکل کیانها بنار فتنهم کل یوم أکثر من الماضی.

محن الشعوب تظهر الوجه الحقیقی لقادة النظام السلطوی
إن نظرة واحدة إلى الشعب الفلسطینی المظلوم الذی یتلقى یومیاً طعنات الجرائم الکیان الصهیونی وحماته على مدى عشرات السنین؛ أو إلى بلدان أفغانستان وباکستان والعراق حیث حول الإرهاب الذی هو ولید سیاساتهم الاستکباریة وأیادیهم الإقلیمیة حیاة شعوبها إلى جحی؛. أو نظرة إلى سوریا التی تتعرض بجرم دعم تیار المقاومة ضد الصهیونیة إلى أمواج حقد المتسلطین الدولیین وعملائهم فی المنطقة، حیث أضحت أسیرة حرب دمویة (داخلیة)؛ أو نظرة إلى البحرین أو إلى میانمار حیث یتم التعامی عما یتعرض له المسلمون من المحن ویتم دعم أعدائهم؛ أو نظرة إلى الشعوب الأخرى التی یتم تهدیدها عسکریاً باستمرار من قبل أمیرکا أو حلفاؤها أو أنها تحاصر اقتصادیاً أو تهدد أمنیا... فإن کل ذلک یظهر الوجه الحقیقی لقادة النظام السلطوی.
مؤکداً أن: على النخب السیاسیة والثقافیة والدینیة فی جمیع أنحاء العالم الإسلامی أن تلتزم ببیان هذه الحقائق... وهذا واجب أخلاقی ودینی علینا جمیعا.
وبین آیة الله خامنئی أن: دول شمال افریقیا التی هی فی معرض الاختلافات العمیقة للأسف أکثر من غیرها یجب أن تنتبه إلى هذه المسؤولیة العظیمة... أعنی معرفة العدو وأسالیبه وحیله؛ فإن استمرار الاختلافات بین التیارات الوطنیة والغفلة عن خطر الحرب الداخلیة فی هذه البلدان خطر کبیر لا یمکن تلافی أضراره الکبیرة على الأمة الإسلامیة فی المدى القریب.

شعوب الصحوة لن تسمح بعودة عقارب الساعة إلى الوراء
وصرح القائد قائلاً: نحن بالطبع لا شک لدینا بأن الشعوب التی نهضت فی تلک المنطقة وجسدت الصحوة الإسلامیة لن تسمح _بإذن الله_ بعودة عقارب الساعة إلى الوراء وعودة الزعماء الفاسدین والعملاء والدیکتاتوریین، لکن الفغلة عن دور القوى الاستکباریة فی إثارة الفتن والتدخل المخرب ستزید من صعوبة عملهم؛ وستؤخر عصر العزة والأمن والرفاه لسنوات.
وأضاف: نحن نؤمن بقدرة الشعوب وبالقدرة التی وضعتها حکمة الله فی عزم وإیمان وبصیرة جماهیر الشعب؛ ونؤمن بها من اعماق القلب، ورأیناها بأم العین قبل ثلاثة عقود فی الجمهوریة الإسلامیة فی ایران وعایشناها بکل کیاننا.
وخلص إلى القول: إن عزمنا هو دعوة جمیع الشعوب الإسلامیة إلى النظر فی تجربة إخوانهم فی هذا البلد العزیز والذی لا یعرف الکلل.

رمز الخبر 185571