انتهى المد والجزر فی التصریحات الروسیة - الأمیرکیة والاتهامات المتبادلة بین موسکو وواشنطن فی الآونة الأخیرة بالإعلان عن وقف الاتصالات بشأن الأزمة السوریة بین الجانبین.

 

لکن الجانب الأمیرکی کما یبدو حاول الحفاظ على شعرة معاویة، بالحدیث عن نیة واشنطن التواصل باستخدام قنوات الاتصال العسکریة مع موسکو رغم قرارها، بهدف تجنب وقوع حوادث فی أجواء سوریا.

لم تنتظر موسکو طویلا فی تعلیقها على الإعلان الأمیرکی، واتهمت واشنطن بأنها لم تف بالتزاماتها حسب الاتفاقات حول سوریا.

وذکرت ماریا زاخاروفا، المتحدثة باسم الخارجیة الروسیة، أن إجراءات واشنطن سمحت للمسلحین فی سوریا بإعادة ترتیب صفوفهم، معربة عن أسف الجانب الروسی لاتخاذ مثل هذا القرار من قبل الشرکاء الغربیین: "نأسف لقرار واشنطن وقف عمل مجموعات الخبراء فی جنیف، وسحب الخبراء (العناصر الذین أرسلوا للعمل فی مرکز التنسیق المشترک مع روسیا) والاکتفاء فقط بمجال منع الصدام (قنوات الاتصال العسکریة لتجنب وقوع حوادث فی أجواء سوریا)".

تصریحات المندوب الروسی الدائم لدى الأمم المتحدة، فیتالی تشورکین، کانت أکثر حدة، حیث أوضح الأخیر أنه لولا التدخل الروسی فی سوریا لکانت الرایات السوداء ترفرف فوق دمشق.

الدبلوماسی الروسی ذکر الأمیرکیین مرة أخرى بالتواجد الروسی ودور موسکو على الساحة الدولیة، موضحا أن موسکو لا یمکن لها أن تقبل بإجراءات أمیرکیة أحادیة الجانب فی سوریا، وترک المجال مفتوحا أمام واشنطن للعودة عن قرارها بإشارته لوجود فرصة لوقف الأعمال العدائیة بعد إعادة التفاهم بین روسیا والولایات المتحدة.

وأعلن تشورکین أن موسکو لا تعتزم اتخاذ خطوات أحادیة الجانب لتنفیذ وقف إطلاق النار فی سوریا. واستبق المسؤول الروسی تقدیم مشروع القرار الفرنسی إلى مجلس الأمن بالقول: "إذا کانت فکرة مشروع القرار هی الدفع بنا نحو وقف إطلاق النار من قبل القوات الحکومیة (بشکل أحادی الجانب)، فإن هذا القرار لن یعمل.. سیعمل فقط فی حال موافقتنا على إجراءات منسقة أشد ضد الإرهابیین، لأن وقف الأعمال العدائیة لا یشمل المجموعات الإرهابیة".

وحول العملیة العسکریة الروسیة فی سوریا والوضع المیدانی قال: "جبهة النصرة هی من یقصف المدنیین فی سوریا، وتحاول شن هجوم فی حماة وضواحی دمشق.. لولا تدخلنا فی سوریا لوصلت الرایات السوداء إلى دمشق".

وأشار تشورکین إلى أن روسیا طرحت على مجلس الأمن الدولی مشروع قرار حول محاربة فکر الإرهاب والتطرف.

وأوضح المسؤول الروسی أن موسکو ترى ضرورة فی إجراء تحقیق بقصف القافلة الأممیة فی حلب.

وکانت الخارجیة الأمیرکیة أوضحت فی وقت سابق أن قرارها بوقف الاتصالات، اتخذ بعد دراسة عمیقة وصعبة، مؤکدة أن الوزیر جون کیری أبلغ نظیره الروسی سیرغی لافروف عن وقف الاتصالات.

وذکرت واشنطن على لسان الناطقة باسم الخارجیة الأمیرکیة، إلیزابیث ترودو، أن قرار تعلیق التعاون اتخذ بصعوبة بالغة قائلة: "لا یمکن الحدیث عن أن هذا القرار قد اتخذ بسهولة".

وأکدت الخارجیة الأمیرکیة أن واشنطن ستسحب أفرادها الذین کانوا یعملون فی مرکز التنسیق المشترک مع روسیا، مؤکدة أنها ستواصل استخدام قنوات الاتصال العسکریة مع موسکو رغم القرار المتخذ لتجنب وقوع حوادث فی أجواء سوریا.

وأشارت ترودو إلى أن القرار لم یأت بسبب تعلیق موسکو الاتفاق مع الولایات المتحدة حول معالجة البلوتونیوم.

رغم ذلک فإن الخطوة الأمیرکیة تأتی بعد القرار الروسی الذی یمس الولایات المتحدة، فالرئیس الروسی فلادیمیر بوتین کان قد أصدر أمرا فی وقت سابق من الاثنین بتعلیق الاتفاق مع الولایات المتحدة حول معالجة البلوتونیوم بسبب خطوات واشنطن غیر الودیة حیال موسکو.

وفی نفس السیاق أعلن وزیر الخارجیة الروسی سیرغی لافروف أن تعلیق الاتفاق مع واشنطن بشأن معالجة البلوتونیوم إجراء اضطراری وإشارة إلى أنها لن تتمکن من التعامل مع روسیا من منطلق القوة وبلغة العقوبات والإنذارات النهائیة مع الحفاظ على التعاون مع روسیا فی مجالات تخدم مصالح الولایات المتحدة، مؤکدا أن موسکو ستکون مستعدة لاستئناف العمل بالاتفاقیة فی حال غیرت الولایات المتحدة سیاستها الخارجیة.

تأتی کل هذه التطورات بعد احتدام المعارک فی سوریا بین القوات الحکومیة والمعارضة، لا سیما فی حلب، حیث تفاقم الوضع وأصبحت الهدنة فی مهب الریح، ووصل الأمر إلى تحذیرات روسیا للولایات المتحدة من غزو سوریا بعد أن أوصى الرئیس الأمیرکی، باراک أوباما جمیع وکالات الأمن القومی بدراسة کل الخیارات ضد دمشق.

رمز الخبر 188427