خبراونلاین – تحظى الانتخابات الیمنیة بمرشح توافقی واحد ولیس امام الشعب الیمنی حیلة الا التصویت بنعم او لا للخیار الذی اتفقت علیه العربیة السعودیة والاحزاب الیمنیة.

*محمد فرازمند
انطلقت اول انتخابات یمنیة عقب تنحی علی عبد صالح عن السلطة الیوم الثلاثاء 21 شباط/فبرایر فی کافة ارجاء هذا البلد وذلک استمرارا لتطبیق مبادرة مجلس تعاون دول الخلیج الفارسی العربیة، القاضیة بنقل السلطة الرئاسیة الى عبد ربه منصور نائب علی عبد الله صالح. وتحظى هذه الانتخابات بمرشح توافقی واحد ولیس امام الشعب الیمنی حیلة الا التصویت بنعم او لا للخیار الذی اتفقت علیه العربیة السعودیة والاحزاب الیمنیة، ما اسفر عن ایجاد جو من الاحباط لدى العدید من ابناء الشعب الیمنی ازاء اداء احزاب هذا البلد.
یأتی هذا فی حین انه ومنذ یوم 11 شباط/فبرایر ای اشتعال اول فتیل للثورة الیمنیة ونزول الناس الى شوارع صنعاء وحتى نهایة عام 2011 لم تخلو الشوارع الیمنیة من ابناء الشعب المحتجین. شعب یعیش فی اجواء مجتمع قبلی مسلح لکنه ظل على مدى فترة الاحتجاجات الماضیة منتهجا اسلوبا حضاریا وبشکل سلمی، لکن وللاسف یوجد على الساحة فی هذا البلد وکباقی بلدان العالم العربی صراعین على مستویین مختلفین:
الاول هو صراع بین الحکومة وشعب هذا البلد والثانی صراع على المستوى الخارجی یرتکز على ضمان المصالح الجیوسیاسیة للقوى الاجنبیة. ان سیر الاحداث فی الیمن یعکس واقع ان  الصراع الجیوسیاسی على مستقبل هذا البلد هو اقوى من الازمة الداخلیة التی یشهدها. ان الیمن بلد فقیر لکنه یتمتع بموقع جیوسیاسی هام للغایة. فهو یقع جنوب شبه الجزیرة العربیة ویطل على احد المضائق الاستراتیجیة العالمیة ای مضیق باب المندب کما یشرف على قسم من الضفة الشرقیة للبحر الاحمر، کل هذا اسهم فی ان یتبوأ الموقع الجغرافی للیمن مکانة لا یمکن للقوى الکبرى سواء الاقلیمیة منها او الدولیة تجاهلها وغض الطرف عنها.
حالیا بالاضافة الى السعودیة واحزاب وقبائل هذا البلد التی فرضت هیمنتها على الازمة الداخلیة فی الیمن من خلال اتفاق مبادرة مجلس تعاون الخلیج الفارسی ، هناک الاتحاد الاوروبی ، الامم المتحدة وامیرکا والتی تنشط کلها هی ایضا على الساحة الیمنیة وتوصلت الى الاتفاق حول نقل السلطة بشکل هادئ الى نائب علی عبد الله صالح فی اطار الهیکلیة السیادیة السابقة للیمن. صحیح ان علی عبد الله صالح قد تنحى عن السلطة وتقرر ان یکون هناک رئیس توافقی یمضی بالمرحلة الانتقالیة الى جانب رئیس الوزراء التوافقی الحالی ای محمد باسندو والقیام باجراء انتخابات ترمی لتشکیل برلمان جدید وکتابة دستور جدید للیمن ، لکن الحفاظ على الرکائز الهیکلیة السابقة ومن ضمنها الجیش، الحرس الجمهوری، حزب المؤتمر الحاکم – الذی یحکم البلاد منذ 33 عاما – کل هذه الامور تؤدی الى فقدان الامل بانتصار ثورة الشعب الیمنی وتعزیز الشکوک العدیدة حول تلبیة المطالب الشعبیة فی الیمن وایجاد دیمقراطیة حقیقیة.
من جهة اخرى عمل کل من علی عبد الله صالح والعربیة السعودیة خلال السنوات الاخیرة بشکل کاف على اخافة الغرب من ان تتمکن القاعدة من تحصیل الاقتدار والقوة، لذلک نشهد ان الاتحاد الاوروبی، الامم المتحدة وامیرکا قامت هی الاخرى بتحرکاتها فی اطار مبادرة مجلس تعاون الخلیج الفارسی واعربت عن معارضتها لایجاد تغییرات عمیقة فی الهیکلیة الحکومیة لهذا البلد. على کل تعتبر انتخابات یوم الثلاثاء وحجم المشارکة الشعبیة فیها معیارا هاما ومؤشرا لقیاس وجهة نظر وآراء ابناء الشعب الیمنی ازاء مبادرة مجلس تعاون الخلیج الفارسی.


من جهتها اعلنت احزاب المعارضة عن موافقتها لنقل السلطة الرئاسیة لنائب علی عبد الله صالح عن طریق الانتخابات او اجراء الاستفتاء لانهم یعتبرونها طریقة مناسبة ومضمونة لتنحی وخروج صالح عن السلطة. لکن هذه المبادرة تواجه معارضة کبیرة فی داخل الیمن. الحوثیون فی الشمال والحراک المستقل فی الجنوب لم یعربوا عن ارتیاحهم لاجراء هذه الانتخابات. حیث سعى الحراک الجنوبی الداعی للانفصال خلال الاسبوع الماضی الى ایجاد عقبات وعراقیل امام اجراء هذه الانتخابات فی جنوب البلاد. الحوثیون ایضا فی الشمال وعلى الرغم من عدم رغبتهم باجراء الانتخابات ، لکنهم اعلنوا انهم لن یعیقوا مشارکة ابناء الشعب الیمنی فی شمال البلاد فی هذه الانتخابات. بحیث ان عدد الصواریخ التی تم اطلاقها خلال الاخیرة الماضیة فی بعض مناطق صنعاء وعدن التی استهدفت المکاتب الدعائیة ارتفع بشکل ملحوظ. على کل یجب الانتظار لمعرفة مدى مشارکة الشعب الیمنی فی انتخابات یوم الثلاثاء ومدى رغبتهم فی هذه المبادرة.
* خبیر فی شؤون الخلیج الفارسی
30349

رمز الخبر 181769