٠ Persons
٢٥ يونيو ٢٠١٣ - ١٧:٠١

انتهت مرحلة مهمة فی تاریخ قطر والمنطقة عموما بانتقال السلطة من الشیخ حمد بن خلیفة آل ثانی لابنه الشیخ تمیم.

 ومع توافد القطریین لمبایعة الأمیر الجدید تتسابق وسائل الإعلام للحصول على معلومات إضافیة تبیّن أسس التغیرات التی ستطرأ على سیاسة دولة قطر، لاسیما السیاسة الخارجیة التی یحسب لها حساب فی السنوات الأخیرة.

محمد المسفر: انتقال السلطة سابقة تاریخیة ستکون لها أصداء

یعتقد أستاذ العلوم السیاسیة فی جامعة قطر محمد المسفر أن السیاسة الخارجیة لقطر لن تتغیّر، ذلک أن الأمیر الجدید تمیم بن حمد آل ثانی هو من صنّاع السیاسة القطریة خلال السنوات الـ 5 الأخیرة، إن کان إقلیمیا على المستوى الخلیجی، أو من خلال الجامعة العربیة، أو الحراک العربی، وکذلک على مستوى العلاقات الدولیة. وأضاف المسفر أن الشیخ تمیم قد یلقی خطابا الأربعاء یوضح فیه هذه السیاسة. واشار المسفر إلى عملیة انتقال السلطة التی شکلت سابقة تاریخیة بتسلیم القیادة للصف الثانی، فی وقت "نرى فیه بعض القیادات فی اشتباک مع شعبها الرافض لها" منوها بأن هذا الانتقال للسلطة ستکون له أصداء على المستوى العربی وفی منطقة الخلیج تحدیدا.

کان الشیخ حمد بن خلیفة آل ثانی قد تولى مقالید الحکم فی 27 یونیو/حزیران 1995 إثر انقلاب على والده الشیخ خلیفة الذی بدوره کان قد أطاح بحکم ابن عمه بانقلاب، فبعد استقلال قطر عن بریطانیا عام 1971 کانت تحت حکم الشیخ أحمد بن علی آل ثانی الذی أطیح به بانقلاب عسکری نفذه ابن عمه الشیخ خلیفة بن حمد آل ثانی.

 أمین قموریة: 3 أسباب لانتقال السلطة

وقال الکاتب والصحفی أمین قموریة إن الأمیر القطری کان بحاجة لقوة تحمیه بعد الإطاحة بوالده، فأقام تحالفا قبلیا وقرّب المعارضة بزواجه، ودعا الأمریکیین ووضعهم بینه وبین السعودیة، وتحالف مع الإخوان فی مواجهة التحالف السعودی – السلفی. لکن الخلافات السعودیة القطریة لم تعد الیوم من مصلحة الأمریکیین. وأعاد قموریة عملیة انتقال السلطة إلى 3 أسباب أولها الحالة الصحیة للأمیر حمد بن خلیفة، حیث جعله المرض یخشى حالة طارئة یمکن أن تدفع أولاده للاقتتال فی ظل ضعفه، ووجد الأفضل أن یجری تسلیم السلطة لولی العهد تحت إشرافه الشخصی. أما السبب الثانی فهو تضخّم حجم رئیس الوزراء الشیخ حمد بن جاسم سیاسیا ومالیا،

ویرى قموریة أنه ظهر خوف لدى الأمیر من أن یکون کبر حجم رئیس الوزراء على حساب الأمیر الشاب، وذهاب الـ "حمدین" یفتح الطریق لقدوم أمیر جدید مع فریق عمل شاب یناسبه. وثالثا، برأی الکاتب، ما أشیع حول وجود ضغوط أمریکیة على الدوحة نتیجة تضخّم دورها بما یزید عن حجمها، لاسیما الدور المالی الذی خرج عن الرقابة الأمریکیة، وکذلک الخلاف غیر المعلن مع السعودیة، والذی ظهر واضحا فی دعم المعارضة السوریة وکان له تأثیر على أدائها.

ارتبط حجم النفوذ الذی تتمتع به قطر بالتحولات الاستراتیجیة التی تمر بها المنطقة منذ نهایة عام 2010، والتی أدت إلى إعادة توزیع الأدوار. سیاسة قطر النشطة فی خدمة مصالح الولایات المتحدة ظهرت بقوة فی المنطقة العربیة، حیث حاولت أن تکون رأس الحربة أو کما عبّرت صحیفة تونسیة "مخلب القط الأمریکی"، من أجل إیصال الحرکات الإسلامیة المتصدرة لحرکة الشارع الثائر إلى سدة الحکم فی إطار أجندة الولایات المتحدة الأمریکیة التی ترى فی وصول الإسلامیین إلى الحکم على حساب المد القومی أو اللیبرالی تجربة جدیدة تستجیب لمصالحها وفقا للتصور الذی قدمه الکاتب والمفکر العربی الکبیر محمد حسنین هیکل بأنها "سایس بیکو" جدیدة فی إطار ناعم عنوانه المعلن هو "الربیع العربی".

فی عام 2008 وقع اللبنانیون "اتفاقیة الدوحة" وظهرت قطر فی حلة جدیدة کوسیط مقبول بین الأطراف المحلیة والإقلیمیة المتصارعة. ساعدها فی ذلک احتفاظها بعلاقات جیدة مع إیران والنظام السوری و"حزب الله" وحرکة "حماس". کان الدور القطری وقتذاک مطلوبا أمیرکیا وغربیا، لأنه ینفتح على دول وأحزاب ذات علاقات متوترة مع الغرب، وبالتالی شکلت المبادرات القطریة نافذة مفتوحة للغرب کی یطل على هذه القوى السیاسیة بطریقة غیر مباشرة. ومع أن قطر فشلت فی الوساطة بین حماس وإسرائیل عام 2008، وفی الأزمة الیمنیة بین النظام والحوثیین، ورغم بقاء الفتیل مشتعلا فی دارفور عام 2010، فقد جرى تنصیب قطر "وسیطا" بین الأطراف المتنازعة. ومنذ بدایة الانتفاضات العربیة، تخلت قطر عن "أدوار الوساطة" کی تلعب "أدوارا جدیدة". ومنذ اندلاع الثورة التونسیة أواخر عام 2010، واکبت "قناة الجزیرة" الحدث التونسی لحظة بلحظة وبرعت فی إضاءته. وعند انتقال "الربیع العربی" إلى مصر مع بدایة 2011، أصبحت المحطة التلفزیونیة القطریة محرکا رئیسا للأحداث وتوجیهها لمصلحة "الإخوان المسلمین".

وبحلول صیف 2011 کانت الدوحة فی مقدمة صفوف مناوئی النظام السوری. ودعت إلى تدخل عسکری فی سوریة، وحاولت تمریر قرار فی مجلس الامن یطالب الأسد بنقل سلطاته الى نائبه. ومثلما تفعل فی مصر وتونس، تتحالف قطر مع "الإخوان المسلمین" فی سوریة، وهم مکون أساس لـ"الائتلاف الوطنی"، الذی ترعاه الدوحة وتملک علاقات تعود إلى سنوات خلت مع بعض أقطابه. لقد فتح "الربیع العربی" الآفاق أمام قطر لتوسیع دورها عبر التحالف مع الإسلام السیاسی فی دول الانتفاضات الشعبیة، ووصول الإسلامیین المدعومین قطریا إلى السلطة فی تونس ومصر أمر إیجابی لها ولقدرتها على لعب دور "العراب" بین الإسلام السیاسی والغرب.

لکن "الربیع العربی" أظهر محدودیة قدراتها وسحب منها إمکانیة الوساطة کطرف محاید فی النزاعات الإقلیمیة بعد اصطفافها الجدید الذی حوّل معارضی الإسلامیین فی تونس ولیبیا ومصر وسوریة إلى معارضین لقطر. کما أن موقع الدوحة الجدید أبرز تناقض دعمها للدیموقراطیة خارجها، فی ظل عدم وجود مجالس منتخبة فیها من أی نوع. وتحولها من راع للوساطة إلى ماکنة تفریخ لحرکات الربیع العربی یهدد بظهور أعراض ما تروج له خارجیا عندها فی الداخل.

المصدر: روسیا الیوم


 

رمز الخبر 185071