دعا الأمین العام لحزب الله سماحة السید حسن نصر الله المسؤولین اللبنانیین إلی جهد داخلی لإجراء الانتخابات الرئاسیة، وعدم انتظار المفاوضات بین الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة والمملکة السعودیة، منوهًا بالانتخابات الرئاسة السوریة ومشددًا علی أن الحل فی سوریا یبدأ وینتهی مع الرئیس بشار الاسد.

 

 

 

 

کلام السید نصر الله جاء فی کلمة ألقاها عبر الشاشة خلال رعایته احتفال تأبینی أقامه حزب الله عصر الیوم الجمعة لمناسبة مرور أسبوع علی وفاة المدیر العام لـ«المؤسسة الإسلامیة للتربیة والتعلیم» الشیخ مصطفی قصیر فی قاعة الشهید السید محمد باقر الصدر فی مدرسة الإمام المهدی (عج) - الحدث، بالضاحیة الجنوبیة لبیروت بحضور حشد کبیر من الفعالیات السیاسیة والحزبیة والثقافیة والتربویة ولفیف من علماء الدین.

وحث السید نصر الله المسؤولین اللبنانیین علی سرعة فی إقرار مشروع قانون زیادة الرواتب المعروف بـ«سلسلة الرتب والرواتب». وقال: «الیوم هناک معضلة یعیشها البلد هی سلسلة الرتب والرواتب ووصلنا للحظة حساسة جدا»، معتبراً أنه «امام المواعید المحددة للامتحانات الرسمیة بتنا أمام موقف انسانی صعب ومن اوصل الأمور الی هذه المرحلة هی الطبقة السیاسیة، وبات علیها مسؤولیة معالجتها».

وتساءل سماحته: «إذا لم یشعر النواب والکتل النیابیة بحاجات الطلاب والاساتذة فماذا نسمی ذلک؟ من الذی أوصل الامور الی هذه اللحظة؟ من الذی یجب ان یعالج هذا الامر خلال الایام القلیلة المقبلة؟ وقال: الطبقة السیاسیة مسؤولة عن معالجة هذا الموقف خلال الایام المقبلة والکتل النیابیة واجبها الاخلاقی والانسانی والوطنی ولیس لأحد عذر علی الاطلاق التوجه الی مجلس النواب لیحسموا هذه المسالة فی جلسة او اکثر وینصفوا الموظفین وینقذوا الطلاب والامتحانات والعام الدراسی ومن یتخلف هو الذی یتحمل المسؤولیة وهذا استحقاق وطنی کبیر.

وتطرق السید نصر الله الی شغور موقع الرئاسة فی لبنان، فنفی الاتهامات التی یسوق لها فریق «14 آذار» لـ«الثنائی الشیعی» (حزب الله وحرکة أمل) بأنه یعطل الانتخابات الرئاسیة ویسعی للفراغ فی موقع الرئاسة من أجل الوصول إلی استبدال المناصفة فی الدستور اللبنانی بین المسلمین والمسیحیین بـ«المثالثة» (بین الشیعة والسنة والمسیحیین). مؤکدا أن «هذا الاتهام لا اساس له»، مطالبًا أصحاب هذا الاتهام بأن یقدموا الدلیل علی ادعاءاتهم، متحدیًتا هؤلاء بأن یأتوا ولو بشخص واحد من الثنائی الشیعی، أو حتی من ناسهم ونخبهم من یقول إننا نرید مثالثة فی لبنان.

وصوّب السید نصر الله فی هذا السیاق أن «أول من طرح موضوع المثالثة هم الفرنسیون، خلال وفد فرنسی زار إیران، وقالوا للمسؤولین الإیرانیین إن «اتفاق الطائف (النسخة الثانیة من الدستور اللبنانیة) لم یعد صالحًا فما رأیکم باتفاق جدید علی أساس المثالثة؟، وطبعا الایرانیون رفضوا وقالوا لنا هذا الامر واکدنا لهم رفضنا له».

وقال محاطبًا فریق «14 آذار»: «إذا کنتم تتهموننا أننا نسعی الی فراغ رئاسی من أجل الوصول إلی المثالثة، تعالوا ننتخب الرئیس، اقبلوا بالرئیس الذی له حیثیة مسیحیة واللیلة نطلب من رئیبس مجلس النواب نبیه بری عقد جلسة وننتخب رئیسا ونقطع الطریق علی المثالثة. لکن من یمنع صاحب الحق من الحصول علی حقه معروف».

وأضاف السید نصر الله: «إننا ندعو الی سعی جدی وفعالیة داخلیة وندعو الی لجهود متعددة الاطراف للوصول الی نهایة لهذا الاستحقاق عبر جهود داخلیة» وقال مخاطبًا المسؤولین اللبنانیین: «الخارج مش فاضی (لا وقت له) للبنان.. الخارج کل یوم یقول لکم نحن لا نتدخل.. لا ینتظرن أحد العلاقات الایرانیة - السعودیة ولا المفاوضات الایرانیة - السعودیة.

وقال السید نصر الله: بالنسبة للجمهوریة الاسلامیة فهی لا تفرض شیئا علی حلفائها ولا اصدقائها فی کل مکان لأنها تحترمهم، بالتالی أنا بکل صدق واخلاص کلبنانی وجزء من اللبنانیین الحریصین ان ینجز الاستحقاق فی اسرع وقت اقول تفضلوا لعمل جهد داخلی حقیقی وهناک قادة فی البلد یستطیعون أخذ مبادرات.. حتی السعودیون یقولون لا نتدخل، لا احد یرید ان یعمل مسعی لا اقلیمیا ولا دولیا وکل الدول التی کانت تساعد فی الماضی مشغولة.. أدعو الی جهد داخلی لانجاز الاستحقاق.

وأشار السید نصر الله إلی أن هناک علی ما یبدو اجماعا اقلیمیا دولیا ان یکون لبنان مستقرا آمنا وهذه نعمة، وهذا ایضا یحتاج الی تعاون اللبنانیین وهذا لا یکفی فیه التمنیات والارادة الاقلیمة والدولیة مع انها مؤثرة وتستطیع بعض الدول ان تشغل مخابراتها فی لبنان لتخرب الوضع الامنی. وأکد اننا حریصون علی الامن والاستقرار وان تمر هذه الایام والاسابیع والشهور والسنوات بسلامة وعافیة لِما للامن والسلم من برکات وآثار سیاسیة ونفسیة واقتصادیة واجتماعیة، مشددا علی انجاح الخطط الامنیة والتعاون والتواصل فی ای مستوی من المستویات.

 

وتناول السید نصر الله موضوع الانتخابات الرئاسیة فی سوریا واصفًا إجراء هذه الانتخابات بـ«الانجاز الکبیر»، وبأنها «أهم حدث حصل فی الآونة الأخیرة» منوهًا بنتائجها وقال: «إن إجراء الانتخابات والاقبال الشعبی علیها من إنجاز وانتصار لسوریا ولشعبها لأن أمیرکا والکثیر من الدول عملت لإفشال هذه الانتخابات منذ بدایة الأزمة».

ولفت السید نصر الله الی أن الغرب هدد وتوعد انه اذا حصلت انتخابات سنفعل کذا وکذا، لکن هذه التهدیدات والضغوط ایضا، ونعرف ان ضغوطا مورست علی القیادة السوریة لعدم اجراء انتخابات، لکن الموقف السوری کان حاسما لإجراء الانتخابات.

وأشار إلی الضغوط الأمیرکیة والغربیة والعربیة التی مورست علی الشعب السوری، عبر وصف الانتخابات قبل حصولها بانها «مهزلة ولن نعترف بها»، هذه ضغوط، وکل الذین رفضوا الانتخابات بسوریا ووصفوها قبل ان تجری بأنها مهزلة وغیر شرعیة وبأنها لا تعبر عن الارادة الشعبیة، هم یصادرون الارادة السوریة الشعبیةˈ.

وسخر من التحذیرات التی أطلقها رئیس ما یسمی بـ«الإئتلاف السوری» المعارض (أحمد الجربا) الذی دعا فیها الشعب السوری إلی الأتزام البیوت بزعم أن النظام السوری سیرسل سیارات مفخخة إلی مراکز الاقتراع لتفجیرها هناک، سائلاً: «من مصلحة النظام حصول انتخابات شعبیة فکیف یتهموه بانه سیرسل سیارات مفخخة؟»، لافتًا إلی أن «الانتخابات حصلت رغم کل الموانع والضغوط وفتاوی التکفیرˈ، لافتا الی ˈاننا رأینا ما حصل فی الانتخابات».

ورأی السید نصر الله أن الشعب السوری أثبت عبر الانتخابات عدة امور:

- أولاً ثبّت فی النتائج السیاسیة وحدة سوریا حیث اثبتت الانتخابات ان سوریا واحدة وستبقی واحدة.

- ثانیاً بقاء الدولة وانها متماسکة وقادرة ان تدیر انتخابات وتستوعب ناخبین بالملایین.

- ثالثا اکد ما حصل ارادة الصمود عند السوریین والحضور فی صنع المستقبل السیاسی وعدم الیأس والاحباط وعدم التخلی عن مستقبلهم لتصنعه دول العالم -بین هلالین ما یسمی اصدقاء سوریا- بل قالوا نحن من نصنع مستقبل سوریا ، لا امیرکا ولا جنیف 1 و2 ولا ای عاصمة فی العالم، السوریون یصنعون مستقبلهم ویعیدون بناء وطنهم واصلاح نظامهم السیاسی.

- رابعا قالت الملایین ان المعرکة لیست بین النظام وبین الشعب کما قلتم فی اعلامکم خلال السنوات الماضیة ، فلو کان ذلک صحیحا کان توجه بضعة مئات أو الاف الی الصنادیق، بینما عندما توجه الملایین فهذا یعنی ان النظام یتمتع بحاضنة شعبیة کبیرة جدا.

- خامساً : الحرب العسکریة التدمیریة علی سوریا قد فشلت، والانتخابات اعلان سیاسی وشعبی بفشل الحرب.

- سادسا النتیجة التی ترتبت علی الانتخابات هی ان من یرید ان یحقق حلا سیاسیا فی سوریا لا یستطیع ان یتجاهل الانتخابات التی حصلت وهذه الانتخابات التی انتخبت الدکتور بشار الاسد رئیسا لسوریا تقول ان ای حل لیس صحیحا انه یستند الی جنیف 1 و2 والی صیغة استقالة الرئیس بشار الاسد وتسلیمه السلطة او مفاوضات تفضی الی استقالة الرئیس بشار الاسد، الانتخابات تقول لکل المعارضة والدول الاقلیمیة والدولیة ان الحل السیاسی یبدأ وینتهی مع الرئیس الدکتور بشار الأسد، رئیس منتخب لولایة جدیدة انتخبته الملایین، ومن یرید ان ینجز حلا سیاسیا ˈبدو یعمل حل معه ویتناقش معه (الأسد)ˈ.

واعتبر السید نصر الله ان الحل السیاسی فی سوریا «یقوم علی مقدمتین اساسیتین الاولی الاخذ بنتائج الانتخابات، وثانیا وقف دعم الجماعات التکفیریة بما یساعد علی وقف القتال والحرب، ولا یکفی ان تقوم بعض الدول العربیة او الاقلیمیة بوضع هذه الجماعات علی لائحة الارهاب لأن هناک دول فی المنطقة وضعت او قد تضع هذه الجماعات علی لائحة الارهاب لکنها لا زالت تقدم الدعم لها».

ونبیه سماحته «کل الجماعات المقاتلة فی سوریا من خلال الوقائع المیدانیة والسیاسیة إلی أنه لا أفق لقتالکم سوی المزید من سفک الدماء وتدمیر البلاد، لا افق للحرب العسکریة فی سوریا، والحفاظ علی ما تبقی ومن تبقی فی سوریا من اهلها وشعبها المقاوم ومن عمرانها وحقولها وصناعتها، ویتوقف علی ان یذهب الجمیع الی المصالحة والحوار ووقف نزف الدم والقتال المتواصل الذی لم یعد یخدم ای اهداف داخلیة سوریة».

وختم السید نصر الله مبارکًا للشعب السوری بهذا الانجاز وللرئیس بشار الأسد هذه الثقة المتجددة بقیادته، متوجها للبنانیین بالقول: «لا تقلقوا اذا انتصرت سوریا بل اقلقوا اذا هُزمت، انتصار سوریا سیکون مبارکا علیها وعلی المنطقة».

رمز الخبر 186922