رهان ترامب على عزل ايران..تجري الرياح بما لاتشتهي السفن

منذ وصوله الى السلطة سعى سمسار البيت الأبيض دونالد ترامب تقويض الإتفاق النووي الذي وقعته مجموعة الدول الست مع الجمهورية الاسلامية الايرانية عام 2015 وأعاد المقاطعات الأمريكية الأحادية عليها من جديد.

عبدالهادی الضیغمی

وبالرغم من ان ترامب نجح في تطبيق وعده الإنتخابي بإخراج أمريكا من الإتفاق الذي وقعته بلاده في اطار المجموعة الدولية مع ايران، الإ انه لم يسلم من المخالفات والمعارضات الداخلية والإقليمية والدولية، لكنه وكما يعرف الجميع انه متغطرس لايقبل بالرأي الآخر، الأمر الذي قد يجلب الويلات له على الصعيدين الداخلي والدولي.

وفيما يخص إعادة فرض الحظر على ايران تمكن ترامب ورغم معارضة الكثير من نواب الكونغرس من إعادة فرض الحظر الأحادي الجانب على ايران، وقد حاول التهويل لخطوته التي قال انها ستكون على مرحلتين، أولاها الخروج من الإتفاق النووي الذي وقعته امريكا ضمن السداسية الدولية مع ايران، ليعيد حرمان الشركات الأمريكية والغربية من التعاون مع ايران، وثانيها التي طبل لها اعلامه واعلام عملائها اكثر من سابقتها، هي تلك الخطوة التي كانت من المفترض أن تحصر ايران في "عنق الزجاجة" مع حلول الرابع من نوفمبر الماضي.

لقد مضى قرابة العامين على وصول السمسار المقامر للبيت الأبيض، ولم تقتصر مهاتراته على ايران فحسب، بل ان اكبر وسائل الإعلام الامريكية (الـ سي أن أن) هي الأخرى أظهرت مدى تفرده بالقرار وسطوته غير الأخلاقية على كل من يعارضه في الراي او الفكر.

فما سعى اليه لفرض العزلة على ايران الاسلامية يؤكد أن جهوده والمخابرات الأمريكية وربيبها كيان الإحتلال الاسرائيلي لم تألو جهدا في تأليب عميلاتها الإقليميات للإضرار بإيران وعلاقاتها الإقليمية عسى ان تصبح في معزل من العالم، وتضطر الى العودة لـ "بيت الطاعة الأمريكي".

لكن ما يكشفه واقع الأمور هو ابعد من أن يتصوره ترامب وفريق حكومته الذي لم تشهد الولايات المتحدة الأمريكية اكثر تشددا منهم لا فيما يخص معاداة ايران وعلاقاتها الاقليمية والدولية فحسب، بل في إثارة التطرف والتمييز العنصري على الصعيد الداخلي في امريكا وكل ما يتأثر بالسياسات الأمريكية.

فهذه اوروبا بإتحادها ومجمل دولها تؤكد ضرورة التواصل وتنمية التعاون الشامل مع ايران خاصة على الصعيدين السياسي والإقتصادي، ناهيك عن الزيارات المتبادلة بين ايران ومجمل دول الإتحاد. أضف الى ذلك الزيارات الإقليمية التي تتم بين ايران والدول الإقليمية وهي تطالب طهران بإستثمار كافة الطاقات والإمكانيات المتاحة للرقي بمستوى التعاون السياسي والاقتصادي معها.

وما زيارة مدير مكتب رئيس الجمهورية الدكتور محمود واعظي الى تركيا يوم امس الجمعة ولقاءه الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الى نموذج من التأكيد الدول المحيطة بإيران على ضرورة تنمية التعاون السياسي والاقتصادي مع طهران.

أما وزير الأمن الإيراني محمود علوي بدوره كانت له زيارة رسمية وعلى رأس وفد رفيع المستوى الى باكو عاصمة جمهورية أذربيجان الشقيقة، حيث إلتقى الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف مساء أمس، وإن إستقبال وترحيب الدول الاقليمية بما فيها جمهورية أذربيجان خير دليل على الترحيب الإقليمي لتنمية التعاون السياسي والإقتصادي مع ايران الاسلامية.

وبما أن الوقت لايسمح للتطرق لباقي النشاطات الإقليمية والترحيب بتنمية التعاون الإقتصادي والسياسي مع ايران، نكتفي بالإشارة اليه زيارة وزير الخارجية الإيراني الدكتور محمد جواد ظريف التي بدأها اليوم الى العاصمة القطرية الدوحة للمشاركة في منتدى الدوحة الدولي الثامن عشر، لمناقشة التحديات التي تواجه العالم ومعالجتها، حيث من المقرر ان تكون له كلمة فيه.

والجدير بالذكر أن من أهم الموضوعات المطروحة على جدول أعمال منتدى الدوحة الدولي، إعادة النظر في النظام العالمي، والتأكيد على انتهاج الحوار السلمي، والإبتعاد عن سياسات التدخل في شؤون الآخرين، ومحاولات إقصاء الطرف الآخر، لحلحلة الأزمات الإقليمية.

ويشهد المراقبون السياسيون ان اطروحة ايران في احلال الامن والسلام في المنطقة والعالم لاتختلف عما يدور البحث حوله في منتدى الدوحة الثامن عشر، بل ان طهران كانت اول من نادى بذلك، وخير دليل على ذلك نجاحها في إنشاء نواة الحوار لحلحلة الازمة السورية عبر مشروع استانا، الذي ساق سوريا الى مشارف وقف اطلاق النار وطرد الجماعات المسلحة والارهابية من مدنها ومعظم محافظاتها.

ورغم كل المساعي التي بذلها سمسار البيت الأبيض ترامب لفرض الحظر والعزلة الإقليمية والدولية على ايران، إلا أن الأخيرة، نجحت في نشر وتعميم فكرة الحوار السلمي لحلحلة الأزمات الاقليمية، حيث شهد العالم تبلور الفكرة بين الأطراف اليمنية بعد نجاح نظرائهم السوريين في التخلص من التدخلات الأجنبية التي اهدتهم جماعات مسلحة كادت تأتي على كل البنى التحتية للدولة السورية، ناهيك عن الأرواح التي ازهقتها من المدنيين والأبرياء.

فهذه ايران وجهودها في إحلال الأمن والسلم في المنطقة والعالم، وإقبال الدول المحيطة والأوساط الإقليمية والدولية للتواصل معها، وليشهد العالم أين يقف اليوم سمسار البيت الأبيض بسياساته العنصرية، ومقاطعاته الظالمة لإيران وشعبها العظيم.

رمز الخبر 188835

تعليقك

You are replying to: .
1 + 1 =