الادارة الاميركية.. تهديد بالحرب ام عرض عضلات؟

من قبل ان يصل دونالد ترامب الى البيت الابيض وفي سياق حملته الانتخابية، صوب سهامه باتجاه ايران والاتفاق النووي، ليبدا الاستهداف العملي لطهران بعد ازاحة ريكس تيلرسون وزير الخارجية الاميركي السابق وجيمس ماتيس وزير الدفاع السابق وبروز كل من جون بولتون ومايك بومبيو كابرز وجوه صقور الادارة الاميركية.

الجولة الاخيرة من التصعيد الاميركي ضد ايران اخذت منحى مختلفا عن اي توتر سابق بين البلدين. وهو امر غير مستغرب اذا ما نظرنا لطبيعة الممسكين بالقرار الاميركي وتوجهاتهم ونظرياتهم السياسية التي تتحكم بمواقفهم المتقاطعة شكلا ومضمونا مع الاحتلال الاسرائيلي.

في الاسابيع الماضية ترجمت واشنطن التصعيد المتعمد ضد طهران (بعد ان بدأته بالانسحاب من الاتفاق النووي وفرض اجراءات حظر ضدها) والترجمة كانت عبر ارسال حاملات طائرات وقاذفات الى المنطقة، مبررة ذلك بتلقي الاستخبارات الاميركية معلومات حول تحضير لاستهداف القوات الاميركية في المنطقة من قبل ايران على حد زعم واشنطن.

بعد محطات التصعيد التي وصلت لاقصاها مع تهديدات مايك بومبيو، خرج ترامب بدعوته المسؤولين الايرانيين للاتصال به واستعداده للحوار بينما مارس هواية التهديد في نفس الوقت. ورغم ان ترامب يعرف انه لا يريد الحوار الا بشروطه التي لا يمكن لايران او اي بلد له سيادته وقوته واستقلاله ان يقبله. ورغم ان ترامب يعرف الجواب الايراني مسبقا الا انه يمكن الحديث عن نقاط عدة في هذا السياق..

لا يمكن استبعاد فرضية ان يكون التهديد الاميركي جديا ضد ايران. في ظل وجود مجموعة ترى في الحروب الوسيلة الاولى لتمرير رؤيتها ومشاريعها، مجموعة تضم جون بولتون ومايك بومبيو وبنيامين نتنياهو وبعض العرب. وهذه المجموعة تحاول التحضير لحرب ضد طهران تامل من خلالها ان تحدث تغيرا يضر بايران ويسمح لقادة هذه المجموعة بتنفيذ مشروعها في المنطقة واهم بنوده صفقة ترامب. ولا رادع امام هؤلاء حتى لو ادى اي عمل عسكري ضد طهران الى توسيع رقعة النيران التي قد تاكل كل المنطقة حتى لو طالت بعض الدول العربية من حلفاء واشنطن والكيان الاسرائيلي.

لكن تبعات اي عمل عسكري ضد ايران لن تكون ايجابية على الولايات المتحدة وحلفائها. فايران قبل حوالي اربعين عاما صمدت امام حرب مدعومة من واشنطن واوروبا وثورتها كانت ما زالت في بداياتها. اما اليوم فايران غير واقوى واكثر قدرة على الصمود ووصلت لمرحلة القدرة على الرد.

كما ان ترامب مقبل على انتخابات رئاسية يريد منها البقاء في البيت الابيض لولاية ثانية. وهكذا يمكن القول ان استعراض القوة الذي تقوم به واشنطن لا يعني جديتها في الحرب بالضرورة، واذا ما نظرنا الى طبيعة العمل داخل الادارة الاميركية نرى صراعات وتنافسا وتباينا وتناقضا. والملفت هنا كلام ترامب في سياق دعوته للحوار مع ايران عن جون بولتون اهم صقور الحرب الاميركيين، حيث قال ان بولتون يقوم بعمل جيد وهناك اخرون معه مضيفا انه اي ترامب هو من يتخذ القرارات وفقط هو. وهذا قد يكون مؤشرا على ان قرار الحرب داخل البيت الابيض ما زال يخضع للتجاذبات والاخذ والرد.. الا اذا عرف بولتون وبومبيو ونتنياهو كيف يجرون ترامب لقرار متهور كهذا.

وعليه يصبح مسار الامور بين مشهدين.. مشهد ترامب المحاصر والمعزول من قبل مساعديه ومستشاريه العاشقين للحروب والدماء، وبين ايران التي ليس لديها اي احساس بالامان والثقة بالاميركيين وتقل ثقتها شيئا فشيئا بالاوروبين بعد تنصل هؤلاء من تعهداتهم ضمن الاتفاق النووي.

وهكذا فان التعاطي بين الطرفين هو على اساس صراع بين رؤيتين، رؤية تسعى لفرض شروط واملاءات ومشاريع على اصوات المدافع وهي رؤية واشنطن، ورؤية مبنية على مبدا الحصول على الحقوق المشروعة ومقتنعة بقدرتها على التعامل مع اي سيناريو محتمل، وهي رؤية ايران.

حسین الموسوی

رمز الخبر 189479

تعليقك

You are replying to: .
1 + 4 =