وجه قائد الثورة الاسلامیة آیة الله السید علی خامنئی نداء لحجاج بیت الله الحرام، تطرق فیه الى الاحداث التی شهدتها بعض البلدان المهمة الاسلامیة، اشار فیه الى امکانیة هذه الاحداث فی تغییر مصیر الأمة الإسلامیة، وانها تبشّر بمستقبل وضّاء مُفعم بالعزّة والتطور المادی والمعنوی.

وصرح قائد الثورة الاسلامیة فی ندائه المهم الذی تلی الیوم السبت فی وادی عرفة وبعد توصیات بضرورة اغتنام فرصة الحج لتطهیر الروح، صرح بان هذه الاحداث اطاحت فی مصر وتونس ولیبیا بالطواغیت المتفرعنین الفاسدین العملاء، وفی بعض البلدان الأخرى تتصاعد أمواج الثورات الشعبیة لتهدّد قصور المال والقوّة بالإبادة والانهدام.

واوضح آیة الله خامنئی بان "هذه الصفحة الجدیدة من تاریخ أمتنا توضّح حقائق هی بأجمعها من الآیات الإلهیة البینات، وتقدّم لنا  دروسًا حیاتیة، مؤکدا ان هذه الحقائق یجب أن تؤخذ بنظر الاعتبار فی جمیع  محاسبات الشعوب المسلمة."

وفی معرض تبیینه الحقائق والدروس الحیاتیة لهذه الاحداث اوضح قائد الثورة الاسلامیة: "أنه انبثق من قلب الشعوب التی کانت لعشرات السنوات قابعة تحت السیطرة السیاسیة الأجنبیة، جیل من الشباب باعتماد على النفس ونهض لمواجهة القوى المهینة وشمّر عن ساعد الجدّ لتغییر الأوضاع".

واضاف: انه "رغم سیطرة الحکام العَلمانیین وما بذلوه من سعی فی السر والعلن لعزل الدین عن الحیاة فی هذه البلدان، فإن الإسلام قد صار هادیا و موجّهًا للألسن والقلوب بنفوذٍ وحضور باهر وعظیم، وبعث الطراوة والحیاة فی أقوال الجماهیر الملیونیة وأعمالهم وفی تجمعاتهم ومواقفهم" معتبرا الانتخابات الأخیرة فی تونس بانها برهان قاطع على هذا الادّعاء.

وتابع قائلا: "لا ریب فإن الانتخابات الحرّة فی أی بلد إسلامی آخر سوف لا تکون لها غیر نتیجة ما حدث فی تونس".

واشار قائد الثورة الاسلامیة الى ان احداث هذا العام قد بیّنت للجمیع أن الله العزیز القدیر قد جهّز فی عزم الشعوب وإرادتها قدرةً لا تستطیع أن تقاومها أیة قدرة أخرى موضحا: ان الشعوب وبما وهبها الله من هذه القوة قادرة أن تغیّر مصیرها وتجعل النصر الإلهی من نصیبها.

واشار قائد الثورة الاسلامیة، الى محاولات الدول المستکبرة وعلى رأسها أمیرکا  لممارسة أحابیلها السیاسیة والأمنیة، من اجل إخضاع حکومات المنطقة والسیطرة الاقتصادیة والثقافیة والسیاسیة المتزایدة على هذا الجزء الحسّاس من العالم، موضحا: ان هذه الدول تواجه الان "أمواجًا من السخط والرفض والنفور من شعوب المنطقة، ومما لا شک فیه أن الأنظمة المنبثقة عن هذه الثورات سوف لا تنصاع أبدًا لحالة عدم التعادل المهینة السابقة، وسوف تتغیر الجغرافیا السیاسیة لهذه المنطقة بید الشعوب وفی اتجاه التحقیق التام لعزّتها واستقلالها".

وصرح بالقول: أن "الطبیعة المزوّرة والمنافقة للقوى الغربیة قد انکشفت لشعوب هذه البلدان وان أمیرکا وأوروبا بذلتا کل ما فی وسعهما بشکل من الأشکال لإبقاء صنائعهما فی مصر وتونس ولیبیا، وحین تغلّب عزم الشعوب على ما أرادوه، توجّهوا إلى هذه الشعوب المنتصرة بابتسامة صداقة مزوّرة".

واکد قائد الثورة الاسلامیة إن الأمة الإسلامیة بأجمعها وخاصة الشعوب الناهضة بحاجة إلى عنصرین أساسیین الاول هو مواصلة النهوض، والحذر الشدید من وهن العزم الراسخ.

وفی هذا المجال استند آیة الله خامنئی فی ندائه الى آیات من القران الکریم حینما یأمر الله سبحانه وتعالى للنبی الأکرم (صلى الله علیه وآله وسلم) "فَاسْتَقِمْ کَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَکَ وَلاَ تَطْغَوْا" و "فَلِذَلِکَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ کَمَا أُمِرْتَ" وکذلک فی الکتاب الکریم على لسان موسى : "وقَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِینُوا بِاللّهِ وَاصْبِرُواْ إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ یُورِثُهَا مَن یَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِین، مضیفا: إنّ مصداق التقوى البارز للشعوب الناهضة فی هذه الفترة یتمثل فی عدم توقّف حرکتها المبارکة، وأن لا تُلهینّها منجزات هذا المقطع.

والعنصر الثانی الذی یحاجة الیه الامة الاسلامیة و خاصة الشعوب الناهضة من منظار قائد الثورة الاسلامیة یتمثل فی "الوعی والیقظة أمام ما یکیده المستکبرون الدولیون والقوى التی صُفعت جرّاء هذه الثورات والنهضات".

واوضح سماحته : ان "هؤلاء (المستکبرون) سوف لا یقفون مکتوفی الأیدی، بل سیتوجهون إلى الساحة بکل قواهم السیاسیة والأمنیة والمالیة لاستعادة نفوذهم واقتدارهم فی هذه البلدان وان آلیّتهم فی ذلک التطمیع والتهدید والخداع".

ثم دعا ایة الله خامنئی الشباب الیقظین والمثقفین وعلماء الدین الى "حالة دقیقة من المراقبة"لکی لا یسقطوا فی فخ مؤامرات هولاء المستکبرین، قائلا ان "التجارب دلت على أن بین الخواص یوجد مَن تفعل هذه الآلیة فعلَها فیهم، ویدفعهم الخوف والطمع والغفلة عالمین أوغیر عالمین، إلى خدمة العدوّ".

 ووصف قائد الثورة الاسلامیة تدخل جبهة الکفر والاستکبار وتأثیرها على صیاغة النظام السیاسی الجدید فی هذه البلدان بالخطر الاهم فی هذا المجال ،موضحا "انهم  سوف یبذلون ما وسعهم کی لا تتخذ الأنظمة الجدیدة هویة إسلامیّة وشعبیّة".

 واکد سماحته انه ینبغی للمخلصین فی هذه البلدان بأجمعهم والذین یحملون عزة بلدانهم وکرامتها وتطورها، أن یسعوا إلى تحقیق إسلامیة النظام الجدید وشعبیته بشکل تام وکامل"منوها الى اهمیة دور الدساتیر فی هذا المجال وقال: "إن الاتحاد الوطنی وقبول التنوع المذهبی والقبلی والقومی شرط لما یُستقبل من انتصارات".

 واکد ایة الله خامنئی ان نجاة الشعوب الشجاعة الناهضة فی مصر وتونس ولیبیا والشعوب الیقظة المناضلة الأخرى، من ظلم وکید أمیرکا وسائر المستکبرین الغربیین انما یکمن فی أن یکون تعادل القوى فی العالم لصالحهم.

کما شدد ان المسلمین یجب علیهم أن یوصلوا أنفسهم إلى مشارف قوة عالمیة کبرى من أجل أن یستطیعوا حلّ مسائلهم بشکل جادّ مع القوى العالمیة الطامعة، وهذا لا یتحقق إلاّ بالتعاون والتعاضد والاتحاد بین البلدان الإسلامیة.

واشار نداء قائد الثورة الى الاحداث التی شهدتها لیبیا من قصف الناتو وتدمیر البنى التحتیة فیها قائلا : ان "امیرکا والناتو ،صبّت النیران على لیبیا وشعبها لاشهر بذریعة القذافی الخبیث والدکتاتور الذی هو نفسه الذی کان یُعتبر قبل ما أقدم علیه الشعب اللیبی من نهوض شجاع، من أصدقائهم المقربین، وکانوا یحتضنونه وینهبون ثروات لیبیا على یدیه، بل من أجل اِغوائه یشدّون على یدیه أو یقبّلونها.. وبعد نهوض الشعب اتخذوه ذریعة وهدموا جمیع البنى التحتیة فی لیبیا".

وتساءل: "أیة دولة استطاعت أن تحول دون مأساة قتل الشعب اللیبی وانهدام لیبیا بید الناتو؟ مضیفا : ان مخالب القوى الدمویة الطامعة والوحشیة الغربیة مادامت لم تنکسر فإن مثل هذه الأخطار متصوّرة للبلدان الإسلامیة، ولا نجاة إلاّ بتشکیل قطب مقتدر من العالم الإسلامی".

واضاف : "ان الغرب وأمیرکا والصهیونیة الیوم أکثر ضعفًا من أی وقت مضى، إنّ المشاکل الاقتصادیة، والهزائم المتتالیة فی أفغانستان والعراق، والاعتراضات العمیقة الشعبیة فی أمیرکا والبلدان الغربیة الأخرى التی اتسعت یومًا بعد یوم، ونضال الشعب الفلسطینی واللبنانی وتضحیاتهما، والنهوض البطولی للشعوب فی الیمن والبحرین وبعض البلدان الأخرى القابعة تحت نفوذ أمریکا.. کل هذا یحمل بشائر کبرى للأمة الإسلامیة وخاصة للبلدان الثائرة الجدیدة".

وختاما دعا سماحته المؤمنین من الرجال والنساء فی جمیع أرجاء العالم وخاصة فی مصر وتونس ولیبیا الى ان یستثمروا أکثر فأکثر هذه الفرصة لإقامة القوة الدولیة الإسلامیة.304
 

رمز الخبر 181248