خبراونلاین – کتب موقع مرکز دراسات ایران و اوراسیا فی حوار اجراه مع آیة الله هاشمی رفسنجانی رئیس مجمع تشخیص مصلحة النظام فی ایران:

*منذ مسؤوليتي باعتباري رئيس مجلس الشورى الاسلامي وابان الفترة التي اعقبت الدفاع المقدس قمنا بتفعيل العلاقات مع روسيا، وحتى يومنا هذا يعتبر سلوك التعاطي الروسي مبعثا للارتياح، ابان فترة حكومة غورباتوشف ، قمت بزيارة الى روسيا واجريت مباحثات مطولة جدا وشاملة وووقعنا اتفاقيات تفاهم مشتركة في مختلف المجالات والتي لا يزال الكثير منها ينفذ حتى يومنا هذا ومن ضمنها اتفاقية محطة بوشهر.

*ان الروس يخضعون للضغوط الاميركية، وهم لديهم مصالح في العلاقات مع اميركا، وهذه الضغوط تسفر عن ايجاد تباطؤ في حركة الروس بعض الاحيان ، لكن هذا التحرك لم يتوقف ابدا ولاتزال برامجنا وخططنا معهم مستمرة.

*ان موضوع الانتخابات الروسية قضية مهمة ، هذه الانتخابات تعتبر احد العوامل المؤثرة على مواقف مسؤولي الكرملين على صعيد السياسة الخارجية وازاء مختلف الدول. وان العلاقات الايرانية الروسية لا تستثنى من تأثيرات هذه القضية، خاصة ان الحكومة الروسية وعلى الاخص السيد بوتين بحاجة في هذه الانتخابات لاتخاذ مواقف مناهضة لاميركا واظهار استقلالية عمل بلاده على صعيد السياسة الخارجية.

*اعتقد ان هذا بات واقعا ملموسا وهو ان الجانب الروسي والايراني يحدوهم الامل ازاء العلاقات الثنائية المستقبلية ويقومون بالمضي قدما على هذا الطريق. هناك مواضيع مستجدة للتشاور والبحث بين كلا البلدين ومن ضمنها قضية سوريا والضغوط الداخلية والخارجية التي يتعرض لها هذا البلد، ان هذه الاتجاهات تظهر ضرورة البدء في ايجاد تحول وتغيير على صعيد العلاقات بين طهران – موسكو ويجب ان لا تتقيد هذه التغيرات بمجرد الكلام والافكار.

*ان مواقف مسؤولي الكرملين ومن ضمنها مواقف السيد لافروف خلال لقاءه السيد صالحي تظهر ان الجانب الروسي يرمي ومن خلال اخذ زمام المبادرة والنظرة الايجابية الدخول في ملف ايران النووي وفي الحقيقة انه يرمي لاتخاذ خطوات عملية لتسوية هذه القضية.

*ان روسيا ومثل الغرب يساورها القلق ازاء اقتدار ايران وحيازتها للسلاح النووي في حال لزمت الضرورة. من وجهة نظر الروس ، هناك رغبة في الغرب وفي ايران لتسوية هذه القضية، وبعبارة اخرى ان الجانبين يدرك فشل الحلول السابقة وهما يرحبان بحلول جديدة، لذلك يعتبر عرض المبادرة الذي تم تقديمه هو صورة تعكس مكانة ومصداقية روسيا ايضا، لكن وبغية معرفة افق هذا العرض يجب مراقبة سير التطورات والاحداث.

*في بعض الاحيان لم يعمل الروس بتعهداتهم وتسببوا عبر ذلك بخلق مشاكل لنا واسهوم في تضعيف ثقتنا بهم، لكن وبشكل اجمالي يمكن القول: انه وخلال الفترة التي يسود فيها النظام الدولي ، نظام التعددية القطبية (الظروف الراهنة)، لا يمكن لاي من الاطراف تنظيم علاقاته مع اي طرف آخر دون الاخذ بعين الاعتبار وجهة نظر القوة الاساسية في هذا النظام، لان هذه الهيكلية لها متطلباتها الخاصة بها، ومن الطبيعي وبالنسبة لروسيا وعلاقاتها مع ايران ان تأخذ هي ايضا بعين الاعتبار هذا العامل.

*في حقيقة الامر هناك تأثير من قبل العلاقات الروسية الاميركية على علاقات موسكو- طهران، كما هو الحال فيما يخص التغييرات التي طرأت على العلاقات الروسية الايرانية بسبب وجود عامل مؤثر هو اميركا، وفي هذا السياق يمكن الاشارة الى معارضة البلدين لنظام القطب الواحد الدولي وايضا معارضة واشنطن لحصول ايران على التكنولوجيا المتطورة.

*ينبغي قبول ان لا يمكن لروسيا القيام بنشاط مستقل فيما يخص موضوع ملف ايران النووي، لان هذا الموضوع هو "رزمة" وهناك العديد من المؤسسات والدول الدخيلة في هذا الملف، مثل مجلس الامن والوكالة الدولية للطاقة الذرية اللذان لا يتحملان استقلالية عمل روسيا على هذا الصعيد.

*ينبغي الالتفات ايضا الى ان قضايا ملف ايران النووي ليست ثنائية بل لها جوانب متعددة الاطراف، في حين انه وحتى فيما يخص بعض شؤون العلاقات الثنائية لا يمكن العمل باستقلالية.

*ان الوقائع الاخيرة تظهر ان العلاقات الايرانية الروسية لا تتمتع كما يبدو بالمتانة اللازمة وهي تخضع لتأثيرات هشة، وعلى الرغم من ان المحللين والراي العام الداخلي يرى ان ازدواجية السياسية الخارجية الروسية هي من اهم اسباب هذه الهشاشة، لكن وقبل توجيه اصابع الاتهام نحو الروس ووصفهم بمختلف الصفات، ينبغي النظر الى اي مدى وحجم تبتني فيه ماهية السياسية الايرانية ونظرتها نحو جارتها الشمالية على الوقائع والمصداقية والى اي مدى تبتني على صنيع ونسج خيالنا.

*ان السؤال هنا هو هل يمكن اعتبار اوضاع العلاقات الثنائية الراهنة هي نتاج لسياسة الروس المزيفة ام ان نظرتنا الخاطئة وانطباعنا عن السياسة العالمية في اعقاب الحرب الباردة هي ايضا من ضمن العوامل المؤثرة في ايجاد هذه الاوضاع؟ ان الادلة تشير الى انه وبغض النظر عن طبيعة السياسة الخارجية الروسية المتعددة، ربما ان نهج ايران ازاء علاقاتها مع هذا البلاد يمثل في حد ذاته مشكلة.

*على الاقل يمكن القول ان الشكل القائم للعلاقات الايرانية الروسية لم يتم وفقا لاستراتيجية ايران. ان العلاقات الجديدة التي تربط ايران وروسيا تمت في ظروف كانت فيها الجمهورية الاسلامية الايرانية وبسبب عداء الولايات المتحدة والضغوط المتعددة التي كانت تواجهها ، تعتبر ان التعاون مع دول مثل روسيا يمكن ان يتمخض عنه اهمية بالغة لايران. وللاسف تسبب احتلال روسيا لافغانستان بايجاد نظرة وخلف ذكرى سيئة في عقول ابناء الشعب الايراني ولكن وفي كل الاحوال وفي ظل الظروف الراهنة غالبا ما يتم تناسي هذا الامر ، ومن الطبيعي ان العلاقات هذه التي تشكلت في ظل هذه الظروف الخاصة لها ميزاتها ومتطلباتها الخاصة بها وينبغي الالتفات لها وتحليلها من منطلق منطقها الخاص ايضا.

*احد اسباب تضرر سياسة ايران الخارجية خلال السنوات الاخيرة هو انتهاج نظرة "اسود يا ابيض" تجاه مختلف البلدان. وفيما يخص روسيا يبدو ان سير التطورات الاخيرة ذهب بالتحليلات الى ان الروس ايضا تحولوا من الميل الى البياض الى الميل نحو السواد، في حين يجب قبول وجود دول تقبع تحت طائلة الدول "الرمادية" وان سلوكنا هو ما سيذهب بها نحو انتهاج صبغة البياض او السواد، وهذا يمثل اسوأ الحالات التي يمكن ان تحدث في العلاقات مع روسيا.

*ان المسؤولين الروس لطالما صرحوا ان ليس لدينا حليف استراتيجي، لكن هذا التصريح لم يؤخذ على محمل الجد في ايران. وبعبارة اخرى، ان الفهم الغير دقيق للنظام الدولي تسبب في ايجاد انطباع في ايران وهو ان النظام الدولي هو نظام متعدد. ان النظام الدولي وفي افضل حالاته هو نظام احادي-متعدد الاقطاب ، اي انه في غالبية القضايا العسكرية والاستراتيجية هو نظام احادي وفي بعض القضايا ثنائي اوثلاثي الاقطاب. لكن ومع هذا ، ان النظام الدولي هو احادي القطب وهو امر تسبب في تقييد ايجاد جبهة دولية. لذلك من هنا يمكن فهم موضوع عدم التحالف في اكثر وثائق الامن القومي، التصريحات والسلوكيات الروسية. في الحقيقة عندما لا ترغب روسيا في الدخول بتحالف استراتيجي مع روسيا البيضاء فما بالك مع ايران، ان نتاج الادراك الخاطئ لسياسة روسيا الخارجية غذى التوقعات الخيالية ازاء الجانب الروسي وانتظار قيامه بخطوات لا يمكنه فعلها.

*لقد اوضح الروس اسس سياستهم الخارجية من خلال وثيقة استراتيجية السياسة الخارجية وحددوا فيها اولوياتهم. وفقا لهذه الاسس ، تعتبر ايران الاولوية الخامسة لسياسة روسيا الخارجية، ومن جهة التهديدات الغير مباشرة تم تحديد ايران على انها احدى مصادر التهديد الغير مباشر، حتى انه تم الاشارة بشكل صريح في آخر وثيقة لهم ان ايران النووية تمثل تهديدا امنيا لروسيا.

*يمكن اعتبار روسيا احدى البلدان المؤثرة في العالم والمنطقة. كما ان موضوع فهم نوع العلاقة التي تربط هذا البلد بايران لطالما تبوأ اهمية بالغة. خلال سنين متوالية ، سواء قبل انهيار الاتحاد السوفياتي وبعده ، لطالما كان الغموض محيطا بالسياسة الخارجية الروسية، فضلا عن الشك وعدم اليقين لكن مع وجود اختلاف، هو، انه وقبل الانهيار كان الاتحاد السوفياتي الطامح للاقتدار (الواقعية الكلاسيكية)، يعتبر القيم والهوية (الهيكلية) هي محور علاقاته الدولية وفي اعقاب تغيير الهيكيلة السياسية للبلاد، استبدلت روسيا ذلك النهج بتحقيق المصالح واستتباب الامن. وفي سياق علاقات ايران بهذا البلد تم اثارة مواضيع عدة مثل محطة بوشهر، تعيين النظام القانوني لبحر قزوين، خطوط نقل الغاز والنفط، النظام الصاروخي اس 300 وقضايا عديدة اخرى تم فيها لمس اسلوب التعاطي الروسي ما اسهم في تعزيز موضوع ان هذا البلد ينتهج في علاقاته مع ايران اسلوبا يفتقد للنزاهة والمصداقية ويرتكز على تحصيل المصلحة.

*منذ عامين وحتى الان اتجهت العلاقات الايرانية- الروسية نحو البرود، وان هذا النهج يعتبر مؤشرا على نشأة نهج جديد في سياسة روسيا الخارجية وان سبب هذا الاختلاف ينبغي البحث عنه في تغيير التركيبة السياسية للحكومة الراهنة. ان بوتين والنخب من انصاره هم من الفئة التقليدية والقومية ونظرا للمصالح المشتركة بينهم وبين ايران يعتقدون بضرورة اقامة علاقة ودية وصديقة مع ايران. ولقد حاولوا تنظيم العلاقات الثنائية بين البلدين وفقا للمتطلبات الامنية المشتركة ، لكن ومع تغيير التركيبة السياسية في الحكومة الروسية ، طرأ تغيير على سياسة روسيا الخارجية مع ايران وباتت السياسة الخارجية الروسية تميل تجاه التعاون مع الغرب. ان العقيدة السائدة في سياسة روسيا الخارجية تبتني اليوم على اساس تطوير الاقتصاد والمصالح القومية عن طريق ايجاد علاقات افضل مع عالم الرأسمالية، اميركا والاتحاد الاوروبي.

4949
 

رمز الخبر 181626