ینعقد مؤتمر "هرتسیلیا" الصهیونی بمشارکة عدد کبیر من القادة الصهاینة وشخصیات دولیة بینها رؤساء ووزراء أوروبیون وکبار المسؤولین فی مؤسسات ومنظمات اقتصادیة عالمیة، وکان أمراً لافتاً مشارکة بعض العرب من قطر والأردن والسلطة الفلسطینیة بالمؤتمر.

وبعتبر هذا المؤتمر أحد أهم المؤتمرات الأمنیة الإستراتیجیة لـلکیان الاسرائیلی، والذی یسعى لمساعدة الکیان فی تحدید المخاطر الأمنیة التی تحیط به وکیفیة مواجهتها فی فلسطین المحتلة فی الفترة الممتدة بین 30 کانون الثانی/ینایر و 2 شباط/ فبرایر.
وافاد موقع الانتقاد الثلاثاء ، ان هذه المشارکة تعتبر مشهدا تطبیعیا یتقاطع مع ما جرى تناوله علناً مرة عبر إعلان مجلس تعاون دول الخلیج الفارسی عن خطر إیرانی مزعوم، بالتطابق مع دعوات صهیونیة للتحالف بین العرب و"إسرائیل" فی مواجهة "خطر إیرانی مشترک".

وفی هذا السیاق قال الکاتب السیاسی الفلسطینی، والباحث فی الشؤون الإسرائیلیة، المقیم فی دمشق، تحسین الحلبی فی تصریح لموقع "الانتقاد" الالکترونی، أن "هاجس مؤتمر "هرتیسیلیا" الأول هو مواجهة تحدی محور المقاومة مع تزاید قوتها، والممانعة فی ظل صمودها"، وأشار الحلبی إلى أن "اللافت هو نوعیة المشارکة العربیة فی المؤتمر، التی تکشف عن تمظهر محور جدید متحالف مع "إسرائیل" ینطلق من الدوحة لیصل إلى رام الله مروراً بعمان"، ورأى الکاتب الفلسطینی أن "من أهم المواضیع التی سیتناولها المؤتمر هی: أولاً الأزمة الاقتصادیة العالمیة وأثرها على الکیان الصهیونی، وثانیاً قیمة "إسرائیل" الحالیة استراتیجیاً بالنسبة إلى الولایات المتحدة، وهل دور حمایة المصالح الأمیرکیة فی المنطقة الذی کان یلعبه الکیان ما زال قائماً؟ وثالثاً ملف التجاذب السیاسی والعسکری والأمنی بین تل أبیب وواشنطن وطهران، ورابعاً حرکات المقاومة (حزب الله، حماس) وتأثرهما فی التحولات القائمة ضمن ما یسمى بالربیع العربی".

واعتبر الحلبی أن "المستجد الأبرز فی مؤتمر هذه السنة هو کیفیة التعامل مع التحولات العربیة والنظرة إلى الملف الإیرانی، وتحدث الکاتب الفلسطینی عن "جدول أعمال إسرائیلی ـ أمیرکی ـ أوروبی تتآلف معه بعض الأنظمة العربیة ضد طهران"، ونبَّه الحلبی إلى أن "ما یجری الإعداد له فی المؤتمر کنایة عن تحضیر الوعی الشعبی العربی للقبول بهذا التآلف".
وأوضح أن "المقترحات التی سیتم تقدیمها خلال مناقشات المؤتمر، والمداولات التی سیقوم بها المشارکون ستوصی بالعمل على الترویج لخطة إعلامیة تنفذها وسائل الإعلام المتعددة الناطقة بالعربیة"، ولفت إلى أن "الهدف من هذه الخطة مخاطبة الوجدان الشعبی من أجل قبول إیران کعدو أول من جهة، والعمل على الترویج للفتنة الطائفیة من جهة ثانیة، وهما مطلبان إسرائیلیان بامتیاز".

وشرح الحلبی مشیرا الى أن "المؤتمر سیتطرق إلى التحولات العربیة، وکیفیة استفادة "إسرائیل" منها وتقلیص الأضرار الناجمة عنها على الکیان الصهیونی"، وإذ قال إن "دور المشارکین العرب یخدم الترویج لمبدأ عدم التعارض بین ما یسمى الربیع العربی، والسلام مع کیان الاحتلال" إلا أنه لاحظ "ضعفاً فی التمثیل العربی على مستوى بلدان الثورة ما عدا مصر التی قدم منها مشارک واحد بصفته الدولیة، لأن لا أحد من بلدان الثورات العربیة یجرؤ على التطبیع فی ظل هذه الظروف مع العدو الإسرائیلی".
وأبدى الحلبی استغرابه "لتمثیل قطر فی المؤتمر بإحدى الشخصیات، فی الوقت الذی لا یوجد اتفاقیة تطبیع مباشرة مع کیان الاحتلال، وهو ما یدل على وجود علاقات خلیجیة إسرائیلیة سریة"، لیقارن مع الجانب الترکی الذی "ابتعد عن هذا المؤتمر حرصاً على مظهره، وکی لا تثبت علیه تهمة المشارکة فی المؤامرة على سوریا"، واعتبر الحلبی أن مشارکة الأردن والسلطة الفلسطینیة "لا تعدو کونها أکثر من زینة دیکور للمؤتمر، بما یجعل "إسرائیل" تبدو حریصة على السلام ومستمرة بالتفاوض مع الفلسطینیین".

وتحدث الکاتب الفلسطینی عن المشارکة الأوروبیة فی مؤتمر "هرتسیلیا"، فکشف أن "الهدف منها التعاون مع حکومات أوروبا، للعمل على مکافحة نشاط بعض المنظمات غیر الحکومیة فی القارة العجوز، التی تعمل على نزع الشرعیة القانونیة والأخلاقیة للکیان الصهیونی".
وأضاف أن "العلاقات الأوروبیة ـ الإسرائیلیة وکیفیة تطویرها ستکون محور نقاش بعد التجاذب السیاسی بین الجانبین فی الآونة الأخیرة"، وکشف الحلبی فی هذا الصدد أن "الدولة الترکیة عرضت فیلماً وثائقیاً عمّا یسمى بالمحرقة (الهولوکوست) تزامناً مع إحیاء یوم "المحرقة" الدولی الذی أقامته الأمم المتحدة فی مقرها بنیویورک یوم الجمعة الماضی (27 کانون الثانی/ینایر)".
وعزا الکاتب الفلسطینی الأمر إلى أن "أنقرة أحبت أن تخفف ضغط اللوبی الصهیونی علیها عبر بوابة باریس، بعد أن أقر مجلس الشیوخ الفرنسی قانوناً یجرم إنکار حصول "الإبادة الأرمنیة" زمن الحکم العثمانی"، ولفت إلى أنها "المرة الأولى التی یعرض مثل هذا الفیلم فی دولة مسلمة، وقد مر العرض من دون ضجة شعبیة، نظراً لأن الجمهور الترکی یعی أن حکومته تعانی من الضغط الأوروبی فی خصوص ملف الإبادة الأرمنیة"، لیخلص الحلبی إلى أن هذا الضغط هو " إحدى ثمرات التعاون الأوروبی ـ الإسرائیلی الذی تمر التحضیر له فی مؤتمرات مشترکة سابقة ومن بینها مؤتمر هرتسیلیا".
اما المشارکین العرب فی مؤتمر "هرتسیلیا" المعلن عنهم:

الأمیر الحسن بن طلال، ولی عهد الأردن.
صائب عریقات کبیر المفاوضین الفلسطینیین فی عملیة التسویة مع الکیان الصهیونی.
ریاض الخوری اقتصادی أردنی "مختص" فی شؤون الشرق الأوسط وشمال أفریقیا (مشارک سابق فی مؤتمر هرتسیلیا).
سلمان شیخ، باحث قطری، ومدیر مرکز برکنغز ـ الدوحة (Brookings Institue-DOHA) وباحث فی مرکز "سابان".
طونی بدران، باحث أمیرکی ـ لبنانی مختص بشؤون السیاسة السوریة واللبنانیة فی مؤسسة "الدفاع عن الدیمقراطیة".
شریف الدیوانی، اقتصادی مصری، رئیس شرکة "المرصد"، ومدیر إدارة الشرق الأوسط بمنتدى "دافوس".
 المحامیة بشائر فاهوم جیوسی، من فلسطینیی الـ1948 من مؤسسی المرکز الیهودی ـ العربی فی جامعة حیفا، ورئیسة مجلس إدارته.
ناهض خازم، رئیس بلدیة شفا عمر فی الجلیل الغربی شمال فلسطین المحتلة

30449

رمز الخبر 181628