خبراونلاین – لا یوجد ای بلد یمکنه لعب دور مؤثر على الحکومة السوریة مثل ایران التی باستطاعتها ان تکون بمثابة طاولة للتفاوض بین الحکومة السوریة والمعارضین.



ووفقا لاعلان منظمة الصلیب الاحمر الدولی، فان الحرب الداخلیة فی سوریا اتخذت طابعا سیئا. فیما اعلن سیرغی لافروف وزیر الخارجیة الروسی ان : "لیس من الواقعیة بان یحدو بکم الامل حول استطاعة روسیا اقناع بشار الاسد بترک زمام السلطة". ونظرا لان اللقاءات والمشاورات الدبلوماسیة التی تمت حتى الیوم لم تتمکن من خفض وتیرة الازمة السوریة المحتدمة ، اقترحت ایران استضافة المعارضین السوریین وحکومة بشار الاسد بغرض اجراء محادثات بین الجانبین. وحول مدى تفعیل هذا الحل، سؤال تم توجیهه الى حسن رویوران ، خبیر شؤون الشرق الاوسط والذی اجاب علیه خلال هذه المقابلة التی اجراها معه موقع خبراونلاین الیکم تفاصیلها:
اقتراح ایران حول استضافة اجتماع بین المعارضین والحکومة السوریة ونظرا لفقدان الثقة اللازمة بین الجانبین هل هو امر یمکن تفعیله؟
ان الاقتراح الذی عرضته ایران لا یتضمن فقط مشارکة المعارضین. لقد قالت ایران ان بامکانها توفیر الارضیة اللازمة لعقد طاولة مباحثات بین المعارضین والحکومة السوریة. واننی ارى ان هذا الاقتراح ایجابی لقد اجرت ایران مباحثات مع بعض المعارضین فی اوروبا، کما عقدت روسیا الاسبوع الماضی اجتماعا مع بعض عناصر المعارضة فی موسکو والذی لم یتمخض عنه ای نتیجة. لقد اجریت عدة مباحثات بین عدد من البلدان وبعض عناصر المعارضة ولیس بین المعارضة والحکومة السوریة.
اقتراح ایران یتمیز بعدة جوانب ، فاولا نرى ان النظرة الایرانیة للازمة السوریة تتبوأ اهمیة بالغة. ان الازمة السوریة هی نتیجة ثلاث عوامل داخلیة، اقلیمیة ودولیة وان اقتراح عقد مباحثات بین الحکومة والمعارضة یعتبر موضوعا ینفی دور العاملین الاقلیمی والدولی، وهی عوامل دخیلة فی هذه الازمة من خارج نطاق المقررات الدولیة. الامر الثانی هو ان ایران تعتقد ان الازمة السوریة هی نتیجة عوامل داخلیة وخارجیة لذا یمکن للعوامل الخارجیة ایضا المشارکة فی اجتماع طهران ، لان تسویة هذه الازمة امر غیر ممکن من خلال المشارکة الداخلیة فقط. لذلک نرى ان هذا الاقتراح یتضمن عددا من العوامل، الجهات الفاعلة والاطراف الخارجیة ایضا.
 
وهل یتسم هذا الاقتراح بالواقعیة؟
ارى لو ان ایران لم تقدم هذا الاقتراح لکان هناک شعور بوجود فراغ فی الساحة، لان خطة کوفی عنان وخطة جنیف لم تتضمنا ارضیة تنفیذیة محددة. فی حین ان قیام ایران بتحدید ارضیة تنفیذیة لهذه الخطط، یعتبر بحد ذاته امرا جیدا وایجابیا وامرا یملأ الفراغ الراهن.
لکن السؤال الذی یطرح نفسه هو مدى تفعیل وتحقیق اقتراح ایران نظرا لمواقفها ودعمها للحکومة السوریة. لا یوجد ای بلد یمکنه التأثیر على الحکومة السوریة بحجم ایران وان حضور المعارضین فی طهران یمکن ان یسهم فی تعزیز دور ایران الوسیط فی تقریب الحکومة والمعارضین بشکل جید، وذلک بسبب نوع التأثیر الذی تتمیز به ایران على الحکومة السوریة. بالرغم من اننی استبعد امکانیة تنفیذ هذا الاقتراح لکننی ارى ان اساس عرض هذا الاقتراح هو امر جید.

لماذا لم یتمخض اجتماع جنیف عن نتیجة؟
عقب خطة عنان، عقد اجتماع جنیف. نتائج هذا الاجتماع تمثلت فی وقف اعمال العنف وبدء محادثات بین المعارضین والحکومة وان اول نتائجه کانت تشکیل الحکومة، حکومة وحدة وطنیة لها صلاحیات محددة، تقوم باجراء الانتخابات وادارة شؤون البلاد. لکننا رأینا فشل هذا الاتفاق منذ بدءه بسبب تصریحات السیدة کلینتون التی اشارت فیها الى ضرورة تنحی بشار الاسد ، فی حین انه لم یتم بحث موضوع تنحی بشار الاسد فی جنیف وفقط تم بحث مواضیع تشکیل حکومة الوحدة الوطنیة ووقف اعمال العنف.
لهذا السبب لم یکن بالاستطاعة تطبیق خطة جنیف. ما حدث هو ان الغرب عکف على متابعة عملیة الاطاحة من خلال تعزیز المسلحین وتجهیزهم وایصال الاسلحة الیهم لانهاء الامر ، فی حین ان هذا یتعارض مع خطة عنان ومع خطة جنیف ایضا.
تکرار المآسی التی شهدناها خلال الاشهر الاخیرة ما مدى تأثیرها على زعزعة مکانة الحکومة. وفیما یخص کارثة التریمسة وکما مثیلاتها فی السابق لم تتحمل ای جهة المسؤولیة على عاتقها.
التریمسة، قریة صغیرة للغایة فی ریف حماة مساحتها لا تتجاوز کیلومترا واحدا. ثانیا لا یمکن من ناحیة المنطق قبول استخدام المدفعیة والطائرات لضرب قریة بهذا الحجم وهو الامر الذی یزعمه المعارضون. ثالثا ان بعثة مراقبی الامم المتحدة قامت بزیارة لهذه القریة یوم السبت وفی اول تصریح، اعلنت المتحدثة باسمها عدم استخدام مدفعیة وطائرات فی هذه المدینة وان استهداف الحکومة لعدد من الابنیة التی یتحصن فیها المسلحون امر طبیعی. جدیر بالذکر انه ووفقا لتقاریر الامم المتحدة فان بعض الاشخاص الذین قتلوا کانوا من الاجانب حیث من المرجح ان یکون ضمنهم اشخاص من السلفیین والقاعدة. لقد تحصنوا فی هذه القریة وتم استهدافهم وقتلهم فی هذا المبنى. لذلک فان القتلى کانوا من المحاربین ولیس من المدنیین او من اهالی القریة وان القتل فی ساحة الحرب امر طبیعی.
ان ما حدث هو استخدام بعض المدنیین کدروع بشریة من قبل المقاتلین والارهابیین لتفادی هجوم الجیش وان هؤلاء المدنیین قتلوا بید الارهابیین. وهذه کانت شهادة الامم المتحدة فیما یخص هذه القضیة وهی تحظى باهمیة بالغة وتظهر ان الجیش السوری – بالرغم من امکانیة وقوع خطأ فی الحرب – وفیما یخص هذه القضیة لم یشن هجوما على المدنیین وان القتلى المدنیین قتلوا بید الارهابیین ، فیما تحصن الارهابیون فی المبانی التی تم استهدافها من قبل الجیش السوری ولم یستهدف الجیش القریة باکملها.
 فی حال اتمام مهلة الایام ال 10 المحددة لانهاء اعمال العنف، یا ترى ما الذی سیحدث لسوریا؟
لقد اعلنت الحکومة السوریة انها على استعداد کامل لانهاء العنف وهو ما یمثل المادة الاولى من خطة کوفی عنان، لقد اعلنت سوریا مسبقا عن موافقتها على المادة الاولى من خطة عنان فیما یخص وقف اعمال العنف. المادة الثانیة هی اجراء المباحثات مع المعارضین لکن الحکومة السوریة وباعتبارها حکومة لها وظائف فیما یخص حفظ الامن فهذا یعنی انه ما دام الارهابیون موجودون ویبتزون ابناء الشعب ویتصرفون خلافا للقانون، فان من واجب الحکومة السوریة ضمان امن مواطنیها.
لذلک ینبغی وقف اعمال العنف اولا من جانب المعارضین، اذا ما قام هؤلاء بالتخلی عن العنف، حینها یتوجب على الحکومة ایضا التخلی عن العنف. لان استخدام العنف من قبل الحکومة امر طبیعی لضمان امن المجتمع. وان من اول واجبات الحکومة التصدی لای اعمال تتنافى مع استتباب الامن بای شکل من الاشکال.
وما هی توقعاتکم لمستقبل سوریا؟
ان مستقبل سوریا فی ظل الظروف الراهنة لیس ایجابیا. للاسف ان الظروف القائمة التی تبتنی على القتل، المواجهة، الاشتباکات هی عوامل سلبیة. هل باستطاعة الحکومة السوریة تسویة الامر وانهائه وتطهیر اراضیها؟ برأیی ان بامکانها ذلک الى حد ما. لقد شهدنا انه متى ما قررت الحکومة السوریة فی ای مکان کان (مثل التریمسة) امکنها الدخول، لقد دخلت الحکومة السوریة الى هذه المنطقة خلال نصف ساعة وابادت المسلحین فیها. وهذا مؤشر على ان الجیش السوری له القدرة على انهاء الامر لکن هذه القدرة لا تشمل البلاد باکملها. لکن الحکومة وبالرغم من کافة اجراءات الغربین والدول العربیة وتوفیر الاسلحة الخفیفة والثقیلة للمعارضین تتمتع باقتدار اکبر.
ونظرا للاجواء القائمة اعتقد ان الظروف بنحو یذهب بنا نحو رؤیة استمرار زعزعة الامن فی سوریا. لا یمکن توقع تسویة الازمة فی الوقت الراهن الا اذا ما تغیر اسلوب الاطراف الدخیلة فی هذه الازمة.
 

30449

رمز الخبر 182656