خبراونلاین – ان ما حدث فی سوریا یشیر الى وجود ازدواجیة تهیمن على هذا البلد ما یعمل على وضع عقبات لاتخاذ قرار من قبل اطراف الازمة فی سوریا.

 

حشمت الله فلاحت بیشه
هذه الازدواجیة هی عبارة عن "مشکلة امکانیة نشوب الحرب على الحدود السوریة" والاخرى "موجة الطموح للدیمقراطیة التی تعم المنطقة". ما سیضطر الجمهوریة الاسلامیة الى المضی بسیاستها الخارجیة وفقا لهذین المحورین.
 ان الامر الجدیر بالاهتمام هو ان سوریا تقف فی واجهة الخط الامامی فی الحرب مع اسرائیل ولا تزال امکانیة نشوب حرب بین سوریا واسرائیل قائمة. ونظرا لان فصائل المقاومة الاسلامیة اللبنانیة هی الاخرى ، تتأثر بسوریا فان انهیار والهاء سوریا، یعتبر استراتیجیة تصب فی صالح اسرائیل. من هنا نرى ان الرأی العام الذی یتسم بالعدالة والانصاف فی العالم العربی یطالب بایجاد نوع من التوازن والتفاهم فی سوریا. لکن اسرائیل ترمی اکثر من الجمیع الى ایجاد حالة شبیهة بحالة لیبیا فی سوریا واخضاعها للمادة 42 من میثاق الامم المتحدة ذات الطابع العقابی.
الامر الاخر هو "موجة الطموح نحو الدیمقراطیة" التی تسود المنطقة حالیا. قلما نجد مکانا فی العالم مثل الشرق الاوسط یفتقر الى الدیمقراطیة. حیث اکد تقریر التنمیة الانسانیة لعام 2003 الصادر عن الامم المتحدة ان احد اسباب نشوب الانحرافات والارهاب فی الشرق الاوسط ، هو منع مشارکة الشباب فی الشؤون العامة وعدم مشارکتهم السیاسیة. واستعرض هذا التقریر اسباب التوجه نحو الارهاب وتنفیذ العملیات الانتحاریة فی الدول الاسلامیة، وعزا ذلک الى عدم وجود انظمة دیمقراطیة تستقطب طاقات جیل الشباب. "الاستبداد" فی الداخل و "الاستکبار" فی الخارج اسفرا الى تآمر فی شؤون مثل قطاع النفط، رافقه ثبات استراتیجیة الغرب فی المنطقة ما ادى الى توجه جیل الشباب الى العملیات الانتحاریة لمواجهة مستبدی الداخل ومستکبری الخارج.
فی عام 2004 تم طرح "مشروع الشرق الاوسط الکبیر" من قبل امیرکا. هذا المخطط له محورین. الاول استراتیجیة "ابقاء اسرائیل" ودورها المحوری والثانی "تفعیل الدیمقراطیة" فی المنطقة" بالطبع لا یعنی هذا تنظیم مشاریع ومخططات المنطقة من قبل امیرکا، بل یعنی انهم اخذوا بالاعتبار هذه الحقائق فی استراتیجیاتهم.
نحن ایضا علینا الاعتراف بسوریا کامر واقع، ولیس الایحاء بان دخولنا الساحة هو بسبب الحفاظ على بشار الاسد. اذا ما کانت نظرة ایران الى سوریا واقعیة فان دخولها الى الساحة سیکون مبررا. لذا اعتقد ضرورة عدم وجود مشکلة لایران مع المعارضة السوریة. لقد اقترحت هذا الموضوع عدة مرات على السلک الدبلوماسی فی البلاد وطرحت فکرة عقد مباحثات مع المعارضة السوریة، لان لدیهم مواقف ومصالح مشترکة مع ایران وان الجمهوریة الاسلامیة لا تعارض استتباب الدیمقراطیة فی سوریا. من هنا ینبغی الترحیب بتصریحات السید صالحی الاخیرة التی اشار فیها الى عقد مباحثات واجتماع مع المعارضین السوریین، ویتوجب على الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة التباحث مع معارضی هذا البلد.
ان عقد مباحثات مع المعارضین فی سوریا یعنی وضع کافة تطورات الاحداث فی اطار خطة کوفی عنان التی تسوق نحو حکومة انتقالیة تتضح فیها معالم مکانة الاسد من خلال عملیة دیمقراطیة واضحة. هذا النهج هو مؤشر على "ثبات" ایران على "المساعی الجمیلة" ویمکن ان یسفر عن مشروع لبحث عملیة التغییر فی دول مثل الاردن والبحرین والسعودیة.
اذا ما کان للبلدان مواقف ملموسة وموضوعیة، عندها لن یتم توجیه اصابع الاتهام الیها بالتناقض وتهمیشها. کما هو حال الجامعة العربیة التی وبسبب مواقفها المتطرفة تم تهمیش دورها هذه الایام. استنادا لهذا اعتقد ان على الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة اعتماد استراتیجیة معتدلة ازاء تطورات الاحداث فی سوریا.
 

30449

رمز الخبر 182647