تاريخ النشر: ٢٨ يوليو ٢٠١٢ - ٢٢:٣٣

خبراونلاین - اعتبر خبیر شؤون الخلیج الفارسی: ان تعیین بندر بن سلطان فی منصب رئیس جهاز الاستخبارات السعودی وتولیه للهیکلیة الامنیة السعودیة لا یمثل نبأ سارا لتطورات الاحداث المستقبلیة فی سوریا والمنطقة.

 

یساور العراق البلد الجار الملاصق لسوریا هذه الایام قلقا بشأن تدفق المهاجرین السوریین. خاصة ان حدود هذین البلدین لطالما کانت مکانا لدخول الجماعات المتطرفة الى العراق حیث وجه مسؤولو العراق عدة مرات تحذیرات الى الرئیس السوری فیما یتعلق بوضع تدابیر مراقبة اکبر من قبل الحکومة السوریة على هذه الحدود. یأتی هذا فی وقت وعقب فترة قصیرة من الهدوء فی العراق، اسفرت فیه الانفجارات الشدیدة التی شهدتها مدن بغداد والنجف – التی لم یسبق لشدتها مثیل خلال العامین الماضیین – عن مقتل وجرح قرابة 500 شخص، وهو مؤشر على ان هذا البلد لا زال امامه طریق طویل حتى تحقیق الاستقرار والهدوء. وربما ان مصدر القلق هذا، هو ما حمل الحکومة العراقیة على اظهار عدم الرغبة فی استقبال المهاجرین السوریین واعتبرته ان خارج نطاق قدراتها. ویبدو ان المالکی وضمن ادراکه لموقع العراق الجیوسیاسی، یفضل، فی وقت اتخذت فیه غالبیة البلدان العربیة موقع الهجوم ، انتهاج سیاسة معتدلة کی تخرج بلاده باقل الاضرار جراء التطورات الداخلیة فی سوریا. تاثیر تطورات المنطقة خاصة الازمة السوریة على سیر العملیة السیاسیة فی العراق بات الیوم مشهودا من قبل المراقبین اکثر من ای وقت مضى. هذا واجرى موقع خبراونلاین حوارا مع رضا میرابیان خبیر شؤون الخلیج الفارسی، تناول فیه تاثیر تطورات المنطقة على العراق، الیکم تفاصیله:

الى ای مدى یمکن ان تؤثر الازمة السوریة على العراق؟
دون شک ان هناک تاثیرا لها على العراق. فی السابق ابدى السوریون نوعا من الجفاء ازاء موضوع مراقبة الحدود بالنسبة للعراق وللاسف لم یتخذوا موقفا صحیحا فی تعاملهم مع الارهابیین ولم یعیروا اهتماما لشکوى الحکومة العراقیة. لقد راینا ان التیار الارهاب الذی تدفق على العراق من سوریا تسبب فی التاثیر على الاوضاع الامنیة فی العراق واسفر عن تحمیل هذا البلد تکالیف مالیة وبشریة کبیرة. والمثیر فی الاهتمام عندما بلغت الاحداث فی سوریا ذروتها، عاد اولئک الارهابیین من داخل العراق الى سوریا. وان تصریحات السفیر السوری فی العراق الذی لجأ الى قطر، هی مؤشر على مدى تقصیر السوریین ازاء هذه القضایا وتسببهم فی انزعاج وعتب العدید من مسؤولی العراق سواء الشیعة منهم او السنة.
والان ومع عودة هذا التیار الارهابی الى سوریا نرى ان العراقیین قلقین حیال تولی هذا التیار الارهابی الذی کان یوما فی العراق ویقوم الیوم بالقتال، زمام السلطة فی سوریا. انهم قلقون من ان یتولى تیار متطرف الاوضاع الامنیة فی سوریا، وان یواجه العراق عودة الاضطرابات. لذلک یعارض العراقیون على الدوام موضوع تسلیح القوات المعارضة فی سوریا ویرون انه فی حال تقرر استتباب السلام فی سوریا فینبغی عقد مباحثات بین الحکومة والمعارضین، لانهم قلقون من ان یسفر استمرار التحرکات المسلحة داخل سوریا فی تنمیة التیارات المتشددة والقاعدة وهو ما حدث الیوم. حیث راینا القاعدة وفی آخر تصریح لها اقرت بهذه القضیة وهی ان القاعدة تسیطر على العدید من العملیات المسلحة فی سوریا وهناک قلق من وصول المجموعات المتطرفة فی سوریا الى السلطة، ومن ثم تصاعد الضغوط على العراق. لان سیادة العراق، تمثل السیادة الشیعیة الوحیدة فی العالم العربی وهذا مصدر قلق شدید. لهذا نرى ان العراقیین انتهجوا سیاسة مختلفة على الدوام عن قطر والسعودیة فیما یخص الازمة السوریة واعلنوا عن معارضتهم للنهج القائم وان هناک تقارب فی سیاستهم مع سیاسة الجمهوریة الاسلامیة.

من هنا لو حدث تغییر فی سوریا، فکیف سیکون تعامل هذین البلدین؟
اذا ما ذهبت تطورات الاحداث فی سوریا نحو الاسوأ، ستکون الاوضاع على الشکل الذی اشرت الیه. اما الان نرى ان الحکومة السوریة قد سیطرت على الاوضاع فی الایام الاخیرة. حدیثی یعتمد على مواصلة التیارات المسلحة لهذا النهج والامساک بزمام السلطة، عندها ستنعکس تداعیات سوریا وتؤثر على العراق. عندما تعید الحکومة السوریة السیادة والامن، فمن الطبیعی ان تشهد العلاقات المستقبلیة بین سوریا والعراق تحسنا ملحوظا مقارنة بالماضی.

اذا ما تولى الاخوان المسلمون زمام السلطة فی سوریا، فکیف ستکون علاقة هذا التیار مع الحکومة القائمة فی العراق؟
اذا ما امسک الاخوان بزمام السلطة فی سوریا، فاننا لا نقول ان العلاقات ستشهد توترا او ازمة، لکن لا یمکن حتى الان اثبات ان الاخوان هم من سیمسک بزمام السلطة ام لا. ان الوضع فی سوریا معقد للغایة. انها ذات التحرکات التی بدأها الغرب فی افغانستان وما اعقب ذلک من امساک طالبان، القاعدة والجماعات المتطرفة بالسلطة فی هذا البلد ، وان ذات الامر یتکرر الیوم فی سوریا ویعمل الغرب على دعم ذات الجماعات المتطرفة وتسلیحها والمساعدة على اسقاط الحکومة.
هناک مجموعة خارج سوریا تعرف بالمعارضة، المعارضة السیاسیة وهی لیست مثل الهیکلیة المسلحة والتیارات المسلحة داخل سوریا التی تمتلک قدرة السیطرة والتغلغل. لکن هذا لا یعنی انه ومع تولی الاخوان للسلطة، ستشهد علاقاتهم ازمة، لان العراقیین لم یظهروا حتى الان موقفا معادیا بالنسبة للتطورات المستقبیلة فی سوریا وللمعارضین. حتى ان الحکومة العراقیة لطالما اقترحت استضافة مباحثات بین الحکومة السوریة والمعارضین کما اجرى سیاسیو ووزارة الخارجیة العراقیة عدة جولات من المباحثات مع المعارضة السوریة وشجعوهم على عقد مباحثات مع الحکومة السوریة. ان سیاسة الحکومة العراقیة ازاء سوریا لم تکن فی ای وقت من الاوقات سیاسة عدائیة.

وما هو موقف الاکراد ومکانتهم فیما یخص العلاقات بین البلدین سوریا والعراق؟
لطالما لعب الاکراد دورا متحفظا فی سوریا و لا یثقون بالمعارضین ومستقبلهم حال امساکهم بزمام السلطة فی سوریا. انهم یعتقدون ان تعاطیهم مع الحکومة السوریة القائمة افضل وسیکون بناء اکثر ولا یعلمون ان الحکومة المقبلة ستضمن لهم ذات الحقوق التی تضمنها لهم الحکومة القائمة ام لا. حتى الان کانت سیاسة الاکراد ازاء الازمة والمعارضین فی سوریا حذرة جدا ولم یلتحقوا حتى الان بالتیارات المعارضة لحکومة بشار الاسد.

وکیف تقیمون دور کافة القوى الاقلیمیة (مثل السعودیة) فی سیر هذه العملیة؟
للاسف ان الغرب (امیرکا وبریطانیا) وبعض دول المنطقة وعلى وجه التحدید السعودیة وقطر عقدت العزم على مساعدة التیارات المسلحة وان مجئ بندر بن سلطان وتعیینه فی منصب رئیس جهاز الاستخبارات السعودی وامساکه بالبنیة الامنیة السعودیة لا یمثل نبأ سارا لتطورات الاحداث المستقبلیة فی سوریا والمنطقة. لانه یتمتع بشخصیة امنیة متشددة یمکن ان تؤثر فی تأجیج هذه التطورات. لذا یبدو ان مواقف البلدین ستشهد تشددا وصعوبة اکثر مقارنة بالماضی.

وما هو تأثیر هذا الاختیار على العراق؟
یقف العراق هنا فی المرحلة التالیة. فی الوقت الراهن یترکز کل شئ على سوریا . کافة الجهود والمحاور صوبت على سوریا بغرض اسقاط الحکومة السوریة. اذا ما تمکنوا من تحقیق هذا الامر، فلا شک ان تاثیراته وتداعیاته ستنعکس بالتحدید على العراق وعلى المنطقة باسرها.


وما هی توقعاتکم للمستقبل؟
ان التطورات الاخیرة فی دمشق وعلى الرغم من الانفجار الذی وقع فی مجلس الامن القومی وادى الى  مقتل کبار الشخصیات البارزة واسفر عن دخول التیارات المسلحة فی مرحلة امنیة وعسکریة فی دمشق، انما اظهر مدى تماسک الجهاز الامنی والعسکری للحکومة السوریة وقدرة الحکومة السوریة على صیانة مکانتهاوالحفاظ علیها. یمکن القول ان ما حدث فی دمشق الان هو امساک الحکومة السوریة بزمام المبادرة وان المعارضین سحبوا قواتهم الى حماة حیث تتصدى لهم القوات الحکومیة هناک. وبشکل عام یمکن القول ان الحکومة امسکت بزمام الامور على الصعیدین الامنی والعسکری.

30449