وفیما یلی مقتطفات من تصریحاته وآراءه التی اوردها خلال المقابلة:
فی کثیر من الاحیان نرى انه وفی الدول الغربیة ، ان نتائج دراساتهم لا تتحقق ولیست ملموسة، بل انها مدونة استنادا لخطة یرغبون بتحقیقها ویعملون على ادراج تلک الرغبات فی نتائج دراساتهم وبحوثهم. وهنا ینبغی النظر الى کتاب «ساموئل هانتیغتون» حیث کتب فی اول مقالة فی "فورین فوست" ان نتائج بحوثه لا تتسم بالواقعیة وان الشئ الذی یرغب فی وقوعه تم ادراجه ولیس الحقیقة. ان حرب الحضارات هو موضوع یرغبون کثیرا فی الغرب بحدوثه ولیس موضوعا جاء نتیجة متابعة اکادیمیة.
هل ان احداثا مثل حرق القرآن او الاساءة الى الرسول (ص) هی امثلة ملموسة على مواجهة الحضارات ام لا؟ ینبغی الالتفات هنا الى وجود البعض الذین یرمون الى الاصطیاد فی الماء العکر، اولئک الذین ینتفعون من بیع الاسلحة او یحققون مکاسب سیاسیة، هؤلاء بصدد تصویر المواجهة والعداء بین الاسلام والغرب بشکل متأزم وتصاعدی.
وهناک تیار فی الغرب عکس التیار الاول بصدد اقامة تساهل وتسامح بین الحضارة الغربیة والحضارة الاسلامیة، لکن هؤلاء الذین لا ترقى افعالهم الى مستوى الحرب والقتل لا وجود لهم فی وسائل الاعلام.
کلما حاولت اقناع نفسی مشاهدة فیلم الاساءة للنبی (ص) فی الانترنت لم استطع لکن لمست من حدیث طلابی انه فیلم بدائی وطفولی وهو فیلم هابط جدا من الناحیة الفنیة. صناع هذا الفیلم هم من المسیحیین الاقباط المصریین المقیمین فی امیرکا وکانوا مدعومون. ینبغی ان اشیر هنا الى تعایش الاقباط والمسلمین فی مصر بشکل تقلیدی وسلمی الى جانب بعضهم البعض.
على کل ان انتاج هذا الفیلم المسیء لا یمکن ان یکون قد تم على یدی هذین الشخصین بل ان هناک قوة داعمة لهما وهی قوة مقتدرة. فی الغرب لا یتساءل احد لماذا یغضب المسلمون من امیرکا؟.
ان موجة محاربة الاسلام فی امیرکا واوروبا جاریة. یقول عنها الغرب«islamofobia»
فوبیا تعنی بالیونانیة الخوف ، لکن الخوف من ماذا؟ فکافة القنابل والطائرات هی بید الغرب ولا تمتلک الحضارة الاسلامیة شیئا منها.
خلال القرن العشرین لا سیما عقب الحرب العالمیة الثانیة ، ومن خلال تاسیس مراکز دراسة الادیان والبحوث الواسعة حول الادیان الاسیویة ، تم بذل جهود کبیرة لتقریب الادیان وکان ذلک على وشک الوقوع. لکن احداثا مثل تقسیم فلسطین ، حرب الجزائر ، استقلال الممالک الاسلامیة عن الاستعمار الغربی وفی نهایة المطاف وقوع الثورة الاسلامیة التی لم تکن ابدا فی حسبان الغرب بان یقف النظام الناتج عنها بوجهه اسهم فی ایجاد نهضات فی الغرب تعمل على احیاء عداء القرون الوسطى نحو الاسلام.
ان الحضارة لیست فردیة بل هی مجموعة افراد ذوی افکار وآراء متعددة، لکنها تخضع لحکومة رب نوع فلسفیة واحدة، و بعبارة اخرى ان الافراد المتعددین لحضارة واحدة یتصلون ببعضهم البعض بایدیولوجیة واحدة.
ان حضارة الغرب تعتبر نفسها الحضارة المکتملة للمسیحیة التقلیدیة من خلال العبور من عصر النهضة، وعصر اعادة البناء وعصر التنویر وانها وصلت الى ما هی علیه الان من مرحلة لاادری، التعلق بالدنیویات والعلمانیة. اننی اقول على دوام من باب المزاح ان اکبر صادرات اوروبا الفکریة هی الالحاد. ان الحضارة الغربیة الجدیدة لم تعمل فقط على تهمیش میراث الحضارة الغربیة الماضیة بل وانها اثرت على الحضارات غیر الغربیة ، ومن هنا بات التجدد والحداثة بصور مختلفة وتم ترسیخه فی حضارات مختلفة.
ان اوضاع الدول التی شهدت تطورات مختلفة عن بعضها البعض. على سبیل المثال النهضة التی بدأت فی تونس تستمر الیوم على هذا النحو من القتل فی سوریا، هناک اختلاف کبیر عن بعضها البعض. لکن الشئ الذی اراه انا الطالب فی علوم تاریخ وحضارة الاسلام هو، موجة منشأها الوعی الوطنی والعربی وایضا الصحوة الاسلامیة.
عندما نتحدث عن نتیجة هذه التطورات فهذا امر عجول بعض الشئ. لان القوى المؤثرة فی الاوضاع السیاسیة فی العالم تسعى الى التأثیر على هذه التطورات وادارتها بصورة تصب فی صالحها، وحتى انها بصدد حرف مسار الموجة نحوها.
اذا ما تم دراسة اوضاع العرب خلال العقود الاخیرة سترون انهم اصیبوا بالخمول والنوم العجیب وباتوا ذوی مستوى هابط جدا من ناحیة التفکر على الصعید العالمی. لکن ذلک العصر ولى وبدأ عصر جدید وانا آمل فی مواکبته للبناء الفکری فی العالم العربی. اننی اقول هذا بقلق، لان الصحوة فی الاراضی العربیة رافقها صحوة اشخاص یعارضون الصحوة. الجماعات السلفیة والوهابیون الجدد هم اولئک الذین یعارضون التفکر. لکن یحدو بی الامل انه وعلى الامد الطویل سیسفر هذا الربیع العربی عن الصحوة الحقیقیة. اننی متفاءل جدا بهذه التطورات لا سیما فی تونس لان شخص راشد الغنوشی الذی یتزعمها فکریا یتحلى ببصیرة کبیرة.
وفی مصر هناک جماعة الاخوان المسلمین الذین انتهجوا لفترة جمود الفکر، لکنی متفاءل بابناء الشعب المصری. لانهم من الناحیة الاخلاقیة اشخاص سلیمی الانفس وحافظوا على المعتقدات الاسلامیة والاهم من ذلک انهم یکترثون لمصالح بلادهم. والیوم ان اکثر هذه البلدان تعقیدا من بین الدول العربیة هی سوریا التی تشهد مواجهة بین عدة سیاسات عدائیة تسیر بالاحداث قدما الى مسار مجهول. علیهم ان یعلموا انه اذا ما انفجرت سوریا، فانهم ولسنوات مدیدة سیواجهون ازمة شاملة لن تکون ترکیا بمنأى عنها ولا العراق، الاردن، لبنان، السعودیة والکیان الاسرائیلی. اننی آمل ان تتحلى اطراف النزاع فی هذا البلد وداعمیهم بالمنطق والعقل والعمل على عدم تأزیم الاوضاع اکثر مما هی علیه.