تم المصادقة على مسودة الدستور المصری اخیرا وعقب شهر ونیف من التوتر والاضطرابات من خلال مرحلتین بنسبة 57 و64 بالمئة من اصوات المصریین. حیث جرى الاستفتاء على الدستور فی مرحلته الثانیة یوم السبت فی ال 22 من دیسمبر الجاری فی ظل تبدیل المعارضة المصریة لشوارع القاهرة والاسکندریة لیلة الاستفتاء الى ساحة مواجهة ضد قوات الشرطة فیما سجلت اعداد المصابین نسبة ملحوظة. ویمنح الدستور مجلس الشعب للقیام بوظیفته فی تشریع القوانین حتى اجراء الانتخابات البرلمانیة. ومع هذا لا یمکن تجاهل حقیقة ان مصر باتت ممزقة الى فئتین عقب الثورة وان مرسی سیواجه تحدیات عدیدة على الاصعدة السیاسیة، الاجتماعیة والاقتصادیة وبغیة مواجهتها سیکون الى جانبه نصف المجتمع فقط. وبهذا الصدد اجرى موقع خبراونلاین مقابلة مع صباح زنکنه ممثل ایران السابق فی منظمة التعاون الاسلامی ورئیس غرفة تجارة ایران ومصر لتسلیط الضوء على مستقبل مصر والتحدیات التی تواجهها عقب المصادقة على الدستور.
بالرغم من معارضة المحتجین الطویلة الامد، تم اخیرا المصادقة على الدستور. هل یمکن القول انه تم تجاهل حقوق الاقلیة لصالح الاکثریة؟
من الممکن ان تمثل حقوق الاقلیة والاکثریة والقضایا المرتبطة بها موضوعا یحظى باهتمام الحکام او المعارضة، لکن کیفیة تحقیقها هو طریق معقد وصعب یتم تعیینه وفقا للسبل الاجتماعیة. ما یمکن لمسه فی مصر هو تفوق الاخوان المسلمین على الاکثریة فی مصر بالطبع الاکثریة الهشة. ان قلق معارضة مصر (الذین یمثلون ثقلا لا یستهان به) حول اوضاع المستقبل مصدره سیادة الشریعة وتطبیق نوع من الاستبداد والسیطرة على السلطات التنفیذیة، التشریعیة والقضائیة. هذا الموضوع والاحتجاجات ایضا، لا مناص انها ستمثل تحدیات خلال المراحل المختلفة على الرغم من ان مسؤولی الحکومة قدموا وعودا بعدم انتهاج سبل الحکومة السابقة.
هذه التحدیات التی اشرتم الیها على ای المستویات ستتسبب بمواجهة مرسی للصعاب؟
مع استمرار التحدیات الامنیة، سیواجه مرسی ومصر بشکل عام لمشاکل اجتماعیة . اذا ما استمرت الخلافات والاحتجاجات فاننا سنشهد تصعیدا کبیرا على صعید المجتمع ما سیفضی عنه ایجاد مؤشرات سلبیة على المستثمرین الاجانب والمحلیین. من هنا ستشهد قنوات ایرادات مصر تأثیرات سلبیة ومن ضمنها قطاع السیاحة والایرادات المترتبة علیه. التأثیر على سوق المال والبورصة، وخروج الاستثمارات الى خارج البلاد تعتبر من اهم الآثار المترتبة عن زعزعة الاستقرار والثبات السیاسی وهذه القضایا من الممکن ان تمهد الارضیة لاتساع نطاق السخط الاجتماعی، البطالة، ارتفاع الاسعار، انخفاض او نسف ایرادات الشرائح المختلفة .
لماذا لا یقوم مرسی بتمهید الارضیة لتعدیل واصلاح البنود التی تمثل اساس المشکلة بالنسبة لمعارضی الدستور؟ هل هناک عزم بین الاسلامیین لتلبیة مطالب المعارضین؟
حتى اذا کان هذا الامر على جدول اعمال الاسلامیین، فان المشکلة ستکمن فی احتجاج مجموعة معارضة اخرى وان آلیة مرونة الدستور ینبغی ان تکون قائمة على الدوام وفی حال نشوب ای حرکة احتجاجیة ینبغی تشکیل فریق عمل بغرض اصلاح وتعدیل الدستور من جدید وهذا موضوع لن ینتهی یوما. ربما سبب ذلک ان مرسی لا یستطیع اتخاذ قرار واضح وشفاف. ان عدم اهتمام السید مرسی بالحساسیة المدنیة للمجتمع المصری اسهم فی ادخاله بالمشاکل. لقد تسبب مرسی من خلال اعلانه الدستوری بقلق المعارضین حتى انه اصدر حکما یعتبر ان کافة الاحکام الرئاسیة تتمتع بالحصانة ولا یمکن الاحتجاج علیها او نقضها. ان هذا الاعلان الدستوری یفوق فی شدته احکام الرؤساء السابقین ویمثل امرا لا سابقة له. حتى مبارک لم یصدر حکما خلال فترة رئاسته مثل هذا الحکم وکان یحق للقضاة معارضته ومعارضة احکامه وهو موضوع تم القیام به عدة مرات.
وما هی توقعاتکم لمستقبل مصر؟
ان المشکلة الرئیسیة تکمن فی انه وخلال صیاغة الدستور المصری لم یحدث اتفاق فی الآراء على وضع القوانین وتم ذلک بعیدا عن مشارکة الشعب وممثلیهم المنتخبین ، من هنا ولهذا السبب لا یعکس الدستور ارادة الشعب المصری کافة. کما ان الاشخاص الذین تم تعیینهم فی المجلس التأسیسی وصیاغة الدستور تم انتخابهم لکن هذا الانتخاب لم یتم من قبل الشعب المصری. من هنا ستمثل التحدیات التی اشرت لها تهدیدا خطیرا للمصریین.