تاريخ النشر: ٢ مارس ٢٠١٣ - ١٢:١١

سید مرتضى نعمت زاده

 
الرابح الأساسی من الحوار هو الشعب السوری من دون تردید مثلما هو أیضاً فصل الخطاب فی الأزمة الراهنة، ولا مجال فی ذلک لمصالح وأجندات قوى الهیمنة الأجنبیة والأنظمة أو الجماعات التابعة لها.

لا تزال الأزمة السوریة وبالرغم من کل الجهود والمساعی الدبلوماسیة المبذولة على المستویین الدولی والأقلیمی، تعانی من تعقیدات سیاسیة وأمنیة، ولا تزال الحرب الإستنزافیة الجاریة فی هذا البلد تتواصل دون توقف على الرغم مما أثبتته المعطیات على الساحة من عدم قدرة المعارک والصراع المیدانی على حسم الموقف لصالح أی من الطرفین المتنازعین.

ویبدو أن طبول هذه الحرب القذرة الدائرة فی سوریا لا تنوی التوقف لترفع من ظلالها الثقیلة على الشعب السوری وما یعانیه بسبب هذه الحرب التی حصدت ما لا یحصى من الأرواح والأنفس البریئة وأبادت الحرث والنسل وأهدرت ثروات الشعب السوری وقضت على کل ما حققه طوال العقود الأخیرة من مشاریع تنمویة وثقافیة وإقتصادیة لتعود به إلى عصر ما قبل النهضة الصناعة.

هذا فی الوقت الذی یتکرر فیه الحدیث بین الفینة والأخرى عن ضرورة التوصل إلى مخرج سلمی وفتح باب الحوار والتفاهم والتأکید على أولویة الحل السیاسی بدلاً عن معالجة الأزمة عن طریق النزاع المسلح، فعلى الرغم من موافقة کل الأطراف الداخلیة والإقلیمیة والدولیة وقناعتهم بذلک بشکل عام، لکن یبدو أن ذلک لا یتعدى کونه مجرد کلام لا تدعمه أی أفعال ملموسة على الأرض، وأن المنطق الحاکم فی الوقت الراهن هو منطق القوة والسلاح.

النقطة الملفتة للنظر أن عملیة الحوار والتنسیق لإیجاد مخرج لهذه الأزمة المستعصیة تفتقد للتخطیط والهندسة المناسبة وفی المقابل نجد أن إدارة سوح المعارک والعملیات العسکریة تتمتع بأعلى درجات التنظیم والتخطیط والهندسة الدقیقة، وهذا هو السبب فی عدم تحقیق أی خطوة جدیة وعملیة فی مسار الحوار بالرغم من استمرار الحدیث عنه مراراً وتکراراً ومعاناته فی الوقت نفسه من ثغرات عدیدة من أبرزها أدبیات الحوار المتبعة من کلا الطرفین والتی لا تتعدى النقاط الإیجابیة فیها من مجرد الموافقة المبدئیة على الحوار والتفاهم، وما عدا ذلک فلیس سوى إعادة لجمیع الشروط والمطالب السابقة من دون أی تنازلات مهما کانت بسیطة، ومن هنا یبدو أن أساس قبول الحوار یأتی من منطلق الشعور بالعجز عن حسم الموقف عن طریق المواجهات المیدانیة، لا من منطلق الإحساس بالقوة لحل الأزمة لمصلحة الشعب والبلد.

وفی ظل الظروف المهیأة إلى حد ما لإنجاح الحوار والمواقف الراهنة لکل أطراف الأزمة والتی بذلت الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة جهداً بالغاً من أجل توفیر هذا المناخ وقدمت تضحیات معنویة کثیرة فی سبیل ذلک، نجد لزاماً على المسؤولین الإیرانیین التعامل مع المعطیات الراهنة بحساسیة بالغة من أجل إنجاح هذه المرحلة وإفشال المخططات الرامیة إلى التدخل العسکری لحل الأزمة السوریة.

إن الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة ترى أن من واجبها الإنسانی والإسلامی ومبادئها الثوریة الوقوف إلى جانب الشعب السوری لتحقیق مطالبه المشروعة والمحقة وفی الوقت نفسه الوقوف إلى جانب هذا الشعب وقیادته للتصدی لمخططات الأعداء وقوى الإستکبار العالمی، تماماً کما وقفت القیادة السوریة إلى جانب الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة طوال السنوات الثمانیة من الحرب المفروضة علیها من قبل النظام العراقی البائد وحماته الدولیین.

وفی الختام نعود لنقول أن الرابح الأساسی من الحوار هو الشعب السوری من دون تردید مثلما هو أیضاً فصل الخطاب فی الأزمة الراهنة، ولا مجال فی ذلک لمصالح وأجندات قوى الهیمنة الأجنبیة والأنظمة أو الجماعات التابعة لها.