خبراونلاین – ان تجاهل مسؤولی القطاع النفطی الى جانب القوانین المعقدة الروتینیة اسهم فی افتتاح احد اکبر المشاریع الصناعیة العالمیة بغرض تحویل الغاز الى المشتقات النفطیة المعروفة باسم مشروع لؤلؤ GTL (Pearl GTL Project) فی دولة قطر.

حتى سنوات قليلة، كان الهم الشاغل لايران الوصول الى مستوى الاستخراج اليومي لقطر من حقل بارس الجنوبي او ما يعرف بالقبة الشمالية ، واليوم وعقب مضي عدة سنوات بات همها الشاغل والاساسي هو هجرة الغاز الى الجانب القطري بسبب الاستخراج الغازي المطرد لهذا البلد من هذا الحقل وفشل الاستثمارات الايرانية في بارس الجنوبي لعدم بقاء غاز في الجانب الايراني لاستخراجه.
لكن هناك عدة عوامل دخيلة تقف وراء هذا الفشل و ربما تستلزم الضرورة كشف الستار عن احد اكبر اخطاء مسؤولي قطاع النفط الايراني منذ عام 1999 وحتى عام 2004. خطأ تسبب اليوم في افتتاح احد اكبر المشاريع الصناعية العالمية بغرض تحويل الغاز الى المشتقات النفطية المعروفة باسم مشروع لؤلؤ GTL (Pearl GTL Project) في دولة قطر. واليوم وعقب مرور ستة اشهر على افتتاح هذا المشروع يتم انتاج وتحويل ما حجمه 47 مليون متر مكعب من غاز القبة الشمالية (بارس الجنوبي) يوميا فقط عبر هذا المشروع.
لكن الشئ الجدير بالاهتمام فيما يخص هذا الموضوع ان شركة "شل" اقترحت هذا المشروع منذ البداية على ايران و واصل مسؤولو هذه الشركة وعلى مدى عامين مفاوضتهم مع ايران وعندما اصيبوا باليأس جراء ذلك اقترحوا هذا المشروع على قطر ، واليوم وبدون اي تكلفة تذكر من جانب قطر جلب هذا المشروع لها مليارات الدولارات وحقق لها ارباحا هائلة. كما لا يجب ان ننسى هنا ان مقدار الغاز المستخرج من هذا الحقل نصفه هو من حق ايران ، لكن وللاسف يجب القول ان شركة "شل" وفي عام 2006 واثر يأسها من ايران قامت بطرح هذا الاقتراح على قطر. وحاليا يمضي اليوم ستة اشهر على تنفيذ هذا المشروع الذي سنتطرق الى تفاصيله فيما بعد.
لكن لماذا لم ينفذ مسؤولو القطاع النفطي آنذاك هذا المشروع؟، ربما هو امر يعود الى عقود النفط الايرانية التي تفتقد لعامل الجاذبية والتي تسببت في تقييد ايدي مسؤولي قطاع النفط بشكل كامل في استقطاب رؤوس الاموال الاجنبية. وبالرغم من ان خبراء قطاع النفط لطالما شددوا على ضرورة تصحيح القوانين النفطية لكن هذا الامر لم يتحقق لحد يومنا هذا، مع انه وخلال فترة وزارة "مير كاظمي" بذلت الجهود وللمرة الثالثة الى تصحيح قوانين البيع المتقابل لكن وبسبب العقبات القانونية الموجودة وبعض العوامل السياسية لم يتم اتخاذ تغييرات جادة على هذا الصعيد ولا زالت المشاكل العالقة ذاتها ولكن مع تعديل اقل تعترض تطوير هذا القطاع.
عرض "شل" لايران
قلة هم من يعلمون ان هذا المشروع وقبل حوالي 11 عاما تم عرضه من قبل شركة شل على المسؤولين الايرانيين ، وكانت شركة شل حينها عاقدة العزم على تنفيذ هذا المشروع في ايران. وتم متابعة المفاوضات مع القطاع الخاص، الشركة الوطنية للصناعات البتروكيماوية، شركة النفط الوطنية وشركة الغاز الوطنية الايرانية وتم خلال المرحلة الاولى التخلي عن القطاع الخاص وتم التوقيع على اتفاقية مع الشركة الوطنية للصناعات البتروكيماوية لانشاء وحدة انتاج بطاقة 70 الف برميل في اليوم من GTL (المرحلة الاولى من المشروع) . وقامت هاتين الشركتين بتخصيص 30 مليون دولار والتي يبدو ان ايران دفعت نصف هذا المبلغ ، لغرض اجراء الدراسات والبحوث الاولية لهذا المشروع.
لكن ومع هذا وللاسف وعقب مرور عامين من العمل واخذ الرخص اللازمة لتحديد سعر الغاز وكيفية تعيين الغاز اللازم لهذا المشروع مع شركة النفط الوطنية وباقي الاجهزة المعنية وصل المشروع الى طريق مسدود وتم انهاء العقد الموقع في عام 2005.
عقب ذلك قامت شركة شل باجراء مفاوضاتها مع قطر عام 2004 وفي عام 2006 تم التوقيع على عقد انشاء مجمع لؤلؤGTL مع قطر وبعد 5 سنوات وفي عام 2011 وباستثمار بلغ 19 مليار دولار في هذه الامارة تم افتتاح اكبر مجمع صناعي في المنطقة.
يأتي هذا في وقت كانت تستطيع فيه ايران وعبر هذا الاستثمار من الحصول على اكبر مجمع لانتاج GTL في العالم وبانتاج 140 الف برميل من المشتقات النفطية وبافضل نوعية من الغاز الطبيعي، وان تضيف 300 الف برميل نفط يوميا الى صادراتها.

تفاصيل تنفيذ المشروع في قطر
وفقا لهذا التقرير ، يعتبر هذا المجمع اكبر مصفاة تكرير من نوعها في العالم وتقدر امكانية انتاج المشتقات النفطية من الغاز الطبيعي فيها بحجم 175 الف برميل يوميا واسهمت في الرقي بدولة قطر وتبوءها لمكانة اكبر منتج لمشتقات GTL على مستوى العالم.
هذا المشروع تم تنفيذه بصورة مشتركة وبالتعاون مع شركة "شل" العالمية وشركة النفط القطرية باستخدام احدث التكنولوجيا والهندسة عالميا ، بحيث استطاعت قطر عبر هذا المشروع الحصول على حجم ضخم من القيمة المضافة من انتاجها للغاز.
ووفقا لاعلان شركة شل يعتبر هذا المشروع من اكبر نجاحات هذه الشركة وتعود اسباب ذلك الى تعاون شركة النفط القطرية والذي وصل الى نتائجه المنشودة عقب مرور خمسة اعوام. ان مجمع مشروع لؤلؤ GTL یتکون من قسمین القسم الاعلى والقسم السفلي، بحيث ان 66/1 مليار فوت مكعب في اليوم (حوالي 47 مليون متر مكعب في اليوم) من الغاز الطبيعي يتم استخراجه وبواسطة شركة شل من الحقل الغازي المشترك مع حقل بارس الجنوبي، وبعد تكريره بشكل كامل يتم استخراج غاز الميثان الذي يتم الافادة منه في هذا المجمع وبواسطته يتم انتاج 140 الف برميل من الغازوييل، النفطا، النفط الابيض، البارافين والزيت الاساسي، كما يتم ايضا انتاج 120 الف برميل يوميا من السوائل الغازية LPG والاثان خلال مراحل الانتاج اليومية. وفي ذات الوقت يقال ان اول محمولة من الغازوييل المنتج لهذا المجمع تم عرضها في الاسواق العالمية قبل خمسة اشهر.
ايضا وبما ان قطر تفتقد للايدي العاملة المختصة لتنفيذ هذا المشروع، فانها قامت بتوظيف 52 الف عامل وموظف من 60 بلد في العالم للعمل في هذا المشروع على مدى خمس سنوات ، وتم تخصيص 500 مليون ساعة عمل لتخطيط وتصميم وبناء هذا المجمع الذي يعتبر اكبر مصفاة تكرير في العالم. كما تم تخصيص ميزانية استثمار بحجم 19 مليار دولار من قبل شركة شل وعلى ارض بلغت مساحتها 250 هكتار.
كما تقدر القيمة المضافة للسوائل الغازية والمشتقات النفطية لهذا المجمع بحوالي 11 مليار دولار سنويا بينما تقدر ايراداته بمبلغ 3/7 مليار دولار.
اما الغاز االلازم لهذا المشروع فيتم توفيره من قبل دولة قطر دون استلام اي مبلغ ازاءه فيما تعد قطر شريكا بنسبة 50 – 50 من كل عائدات هذا المشروع. اما ايرادات المتأتية عن هذا المشروع فان قطر ومن دون استثمار لدولار واحد بصورة مباشرة فتبلغ نسبتها ازاء انتاج كل متر مكعب من الغاز حوالي 30 سنتا عند البيع.
يبلغ عدد سكان قطر (بغض النظر عن العمالة والموظفين الاجانب) اقل من 200 الف شخص نصفهم دون الـ 25 من العمر.
في حين ان ايران وبكثافة سكانية تفوق 15 اضعاف كثافة سكان قطر لها طلبة جامعيون يدرسون في الجامعات. وهنا يطرح هذا السؤال نفسه كيف ان بلدا وبهذه الامكانيات المحدودة يستطيع ان يكون اكبر مصدر للغاز السائل والمشتقات النفطية من الغاز عالميا اما نحن وبامتلاكنا لحقل بارس الجنوبي الغازي المشترك نفتقد لهذه الانتاجات؟.

4949

 

رمز الخبر 181440