خبرأونلاین-منذ النصف الثانی من العام الجاری (العام الایرانی یبدأ فی 21 من مارس/آذار) ، بدأ التوتر والاشتعال فی سوق صرف العملات واحتدت شدته خلال الاسابیع الاخیرة. اذا اردنا التعامل بشکل اساسی مع هذه القضیة،


عباس شاکری
منذ النصف الثانی من العام الجاری (العام الایرانی یبدأ فی 21 من مارس/آذار) ، بدأ التوتر والاشتعال فی سوق صرف العملات واحتدت شدته خلال الاسابیع الاخیرة. اذا اردنا التعامل بشکل اساسی مع هذه القضیة، نرى ان اقتصادنا یعانی فی عدة مجالات محوریة ومنها العملة الصعبة من مشاکل وعراقیل اساسیة ما اسفر عن ظهور مؤثر لهذه العوامل وتسببها بزعزعة نسبیة لاستقرار وثبات الاقتصاد. على مدى السنین الماضیة کان کلامی هو ان فقدان نظام العملة الصعبة والمنافسة، سواء خلال السنوات التی استطعنا فیها تحقیق ارباح نفطیة عالیة او السنوات التی شهدنا فیها انخفاضا فی هذا المجال، نرى ان سوق العملات لطالما کان موضع ضرر وواجهنا فیه شحة فی الدخل على صعید العملات الصعبة والسبب فی ذلک یعود الى ان المیزان التجاری للبلاد من دون النفط کان وعلى الدوام ذو معدل سلبی حتى انه اضحى مؤخرا سلبیا للغایة.
وبعبارة اخرى یتم توفیر حوالی 80 بالمئة من العملة الصعبة فی البلاد عن طریق مبیعات النفط وهو عامل خارجی. فی الحقیقة اننا لا نمتلک عدة بضائع متنوعة للتصدیر ذات امکانیة تنافسیة لازمة لکی نقوم بتصدیرها ونحصل من خلالها على العملة الصعبة التی نبغی. اننا فی ظروف نقوم فیها بتوفیر 80 بالمئة من العملة الصعبة من خلال مبیعات النفط و30 بالمئة عبر تصدیر السلع غیر النفطیة والتی یظهر سیرها وترکیبها وجود نقاط ضعف فیها. لذلک واجهنا فقدان نظام عملات او شحة فیه وفی بعض الاحیان کان لنا فائضا فی العملات، بحیث ان الحکومة ارادت استخدامه فی الموازنة العامة للبلاد، لکن کافة العملات التی کان یشتریها المصرف المرکزی من الحکومة لم یکن بمقدوره بیعها للمستوردین ، لذلک یعتبر فقدان نظام عملات فی البلاد مشکلة رئیسیة.
وبالرغم من زعم العدید من العاملین فی القطاع الاقتصادی خلال السنوات الماضیة من اننا نمتلک نظام عملات ذو ادارة عائمة ، لکننی اعتقد اننا لم نکن نمتلک ذلک یوما، لان شرط وجود نظام عملات هو وجود عدة مصادر لتوفیر العملة الصعبة، ولیس ان یکون مصدر 80 بالمئة من عملات البلاد عاملا خارجیا لا یعلم احد ما هی الظروف المستقبلیة التی ستحیط به، بالاضافة الى  ان له تداعیات اقتصادیة متعددة.
ان المشکلة الاساسیة الاخرى هی انه ومنذ بدایة الخطة التنمویة الاولى وحتى الیوم کان لنا نموا فی السیولة بلغ معدله اکثر من 25 بالمئة سنویا. فی عام 1989 کان حجم السیولة للبلاد 1650 ملیار تومان والیوم یقارب حجمها 350 الف ملیار تومان وهو مؤشر على وجود العدید من القضایا. ان الاحتفاظ بجزء من هذه السیولة لاغراض تجاریة، شراء السلع وتوفیر الاحتیاجات والاحتفاظ بجزء آخر من هذه السیولة ، والطلب على المضاربة، ای الاحتفاظ بالاموال للافادة منها لتحصیل الارباح والدخل وصرفها على املاک ومشتریات ذات مردود مثل شراء المسکوکات والعملة الصعبة والاراضی هو امر موجود بشکل ملحوظ فی اقتصادنا. اننا وبغرض احتیاجاتنا الیومیة نقوم بنشر المال و لا نفکر بان هکذا تدابیر ستسهم فیما بعد بخلق سیل عارم سیتسبب بالحاق الضرر بنا فی الظروف الصعبة التی ستحد من تحرکاتنا.

 

وهذا ایضا عامل آخر دخیل فی خلق الظروف الراهنة. لذلک نرى ان حجم السیولة فی البلاد یساوی بشکل تقریبی حجم الناتج الاجمالی الوطنی، وفی الحقیقة ان سرعة التدفق المالی لها مرونة کبیرة وینبغی توظیف جزء کبیر من هذه السیولة الضخمة لمطالبات المضاربة. من ناحیة اخرى ، اذا کان لنا وبشکل متوسط نموا ذو 25، 26 و27 بالمئة فی السیولة وان یکون هذا النمو عبر ارتفاع مستوى القاعدة النقدیة ، فان ما سیحدث هو وجود علاقة غیر مستقرة بین المال والسلع وفی الحقیقة ومع مضی الوقت ، سیکون هناک اشخاص کثیرون یمتلکون الاموال ویقومون بایداعها المصارف ، لکن هذه الاموال لن تکون لتبادل السلع الاساسیة.
فی عملیة الاستثمار یکون الادخار شیئا ضروریا وسیکون ادخارنا بغرض تبادل السلع، ای وضع جزء من السلع المنتجة بغرض الاستثمار. هذه الاموال یجب انفاقها على البیع والشراء. الاموال التی تنفق على البیع والشراء فی المعاملات لها صلة بـ GNP وستکون اموال المضاربة السائبة تبحث عن فرصة لتحصیل الارباح. ان مشکلتنا الیوم هی السیولة وهی ما تسبب بصعوبة العمل، فبمجرد تضرر السیولة ومواجهتها الاحباط فی مکان ما ، تذهب نحو مکان آخر لتدمیره، بالطبع من الممکن اتخاذ تدابیر انفعالیة لکنها ستسهم بدورها عن الحاق اضرار باجزاء اخرى على المدى البعید. فی الحقیقة تقوم هذه التدابیر بنقل السیولة من مکان الى آخر، لانه وفی کل الاحوال، نمو السیولة بنسبة 25 الى 30 بالمئة سنویا ، یمثل بحد ذاته سیلا عارما وهذه هی قضایانا الاساسیة.
وثمة قضیة اخرى هی ان اقتصادنا یعانی من القسم الغیر انتاجی بشکل ملموس، لانه وفی الاقتصادات الطبیعیة، لا وجود لهذا القسم ، وان کافة عملیات البیع والشراء والوساطة والتسویق تعتبر کلها اعمالا انتاجیة وتعتبر جزءا من سلسلة الفعالیات الانتاجیة وحتى انها اهم من الانتاج ذاته. لکن وفی بلادنا، هناک انتشار للکثیر من النشاطات التی لا تعتبر نشاطا انتاجیا، ای انه فی حال ازالتها لن یکون لها تأثیر فی شئ. یترکز العدید من السکان فی المدن الکبرى والذین یمتلکون نشاطا غیر انتاجی. بالطبع آلیات العائدات النفطیة فی اقتصادنا، اسهمت فی فتح هذا المجال لبروز هذه الاوضاع. لذلک نرى ان قطاع الانتاج محدود وضعیف. ان جودة الانتاج باتت منخفضة فی حین ان قطاع اللا انتاج بات قویا. کما انخفضت حدة المنافسة على صعید انتاج السلع، واضحت الاسعار النهائیة غیر مستقرة ولا یتم رعایة الجودة والمعاییر ونرى اننا نعانی من انخفاض فی الجودة مقارنة بالسلع المنتجة فی العالم. کل هذا بسبب الجزء الغیر انتاجی فی اقتصادنا وتواجده بقوة وبمردود عال. على سبیل المثال یقومون باخذ القروض باسم الانتاج ویعملون على انفاقها فی القسم الغیر انتاجی، ولا یقومون بدفع الضرائب او بدفع القلیل منها، فی حین انه عندما یتم الاشارة الى النمو الضریبی فی موازنة البلاد یکون ذلک عن طریق معلومات الاشخاص الذین هم ذاتهم اصحاب قطاع الانتاج. لذلک تعتبر الانشطة الانتاجیة ومن ناحیة الجودة، السعر النهائی وامکانیة المنافسة غیر مستعدة لاضفاء التنوع والتعدد على قطاع الصادرات. فی الحقیقة اننا لا نمتلک صادرات متعددة. وبالرغم من ارتفاع مستوى صادراتنا، لکن وفی حال القاء نظرة علیها نجد ان غالبیتها یشتمل على المواد الخام الصناعیة والمعادن، ولیست سلعا ذات تقنیة عالیة وبکمیات کبیرة.
* استاذ جامعة العلامة الطباطبائی

 

رمز الخبر 181687