مضى 30 عاما على تطبیق القانون الجزائی الاسلامی فی ایران بصورة تجریبیة، وما بین عامی 1982 و1983 وما تلاها تم تمریر القانون الجزائی الاسلامی بشکل تجریبی (ولیس دائمی) للمصادقة علیه من قبل اللجنة القانونیة والقضائیة فی مجلس الشورى الاسلامی حیث تم تعیین فترة 5 اعوام لتطبیقه بشکل تجریبی، وقرر المشرع القانونی انه وخلال هذه الاعوام الخمسة التجریبیة، ینبغی طرح الانتقادات النواقص المتعلقة بهذا المشروع من قبل السلطة القضائیة واصحاب الاختصاص القضائی والقانونیین والفقهاء ، حتى یتم فی نهایة العام الخامس تقدیم لائحة شاملة ووافیة للمصادقة علیها بشکل دائمی، ومن ثم قام جمع وفی نهایة المطاف وعقب 8 دورات من سن القوانین فی البرلمان ، وخلال الاشهر الاخیرة من العام الایرانی الحالی (یبدأ فی 21 مارس/اذار) قام النواب اعضاء اللجنة القضائیة والقانونیة فی البرلمان واستنادا للمادة 85 بالمصادقة على هذا القانون لکن ومرة اخرى سیتم تطبیقه بصورة تجریبیة لخمسة اعوام.
ویحمل هذا القانون فی مضمونه تغییرات عدیدة، مثل وقف عقوبة الرجم للمتهمین بالزنا واللواط وایضا الزام المحاکم بتعیین عقوبة بدیلة للاعدام لمن هم دون الـ 18 عاما. کما سعى القانون الجدید لانتهاج الشفافیة بالنسبة للاحکام القضائیة والعقوبات المتعلقة بمختلف الجنایات، وتقلیل زمن اصدار الحکم. وبشکل اجمالی تم اضافة 200 مادة قانونیة اخرى للقانون الجزائی الاسلامی السابق بحیث یشتمل القانون الجدید على 720 مادة، کما تم تعیین فصل خاص فیما یتعلق بعقوبات الاطفال.
وفی هذا السیاق تم عقد اجتماع طاولة مستدیرة بحضور امین حسین رحیمی، المتحدث باسم اللجنة القضائیة والقانونیة فی البرلمان الثامن، منصور مقاره عابد، الرئیس السابق لمرکز التاهیل والتربیة والناشط فی مجال حقوق الاطفال والناشئة وکامبیز زندیة، المحامی العدلی. وذلک بغرض القاء نظرة ومناقشة مختلف ابعاد ونقاط قوة وضعف هذا القانون فیما یلی الیکم تفاصیله:
ترى لم کل هذا التأخیر فی المصادقة على القانون الجزائی الاسلامی الجدید؟
رحیمی: ان لائحة القانون الجزائی الاسلامی تم دراستها منذ دورة آیة الله شاهرودی والحکومة آنذاک ومن ثم تم عرضها على البرلمان، وقد تم احالتها الى اللجنة القانونیة المختصة ومن ثم الى اللجنة القضائیة والمادة 85، ووفقا لدستور البرلمان یمکن لبعض القوانین فی الحالات الاضطراریة وعبر مراعاة المادة 85 تفویضها للجان الداخلیة، حیث یتم تطبیق هذه القوانین خلال الفترة التی یعینها البرلمان بصورة تجریبیة.
ترى ما هی اهم المواد التی تم تغییرها واعادة النظر فیها من هذا القانون؟
رحیمی: لقد بذلنا الجهد لتسویة النواقص والخلل الشرعی الذی حدده مجلس صیانة الدستور ومن جهة اخرى اخذنا بعین الاعتبار قضایا حقوق الانسان. مثلا فی المادة 12 تم التاکید على شرعیة جلسات المحاکمة ، وفی المادة 14 کان هناک اختلاف حول العقوبات التعزیریة ، ای العقوبات الرادعة.
وفیما یتعلق بالمادة المختصة باعطاء الدیة عرفنا الدیة انها سواء المقدرة منها او غیر المقدرة المالیة التی یتم منحها من خلال الشرع المقدس للجنایات المتعمدة التی تطال الانفس، الاعضاء او الجنایات التی لا تسوجب حکم القصاص.
وهل تم الاشارة فی القانون الى تطبیق العقوبات؟
رحیمی: نعم. فی المادة 27 تم الاشارة الى ان فترة الحبس تبدأ منذ الیوم الذی یحکم فیه بشکل نهائی على المتهم بالحبس. ففی حال تم حبس الشخص بسبب التهمة او الاتهامات الموجهة الیه فان مدة حبسه هذه سیتم احتسابها فی الحکم الصادر علیه. ففی حال الحکم علیه بالجلد التعزیری او الجزاء النقدی فان کل یوم قضاه فی الحبس سیعادل جلدة واحدة او 100 الف ریال. وسیتم احتساب مبلغ هذه العقوبات وفقا لمعدل التضخم الذی یعلنه المصرف المرکزی وسیتم تعدیله من قبل وزیر العدل ومصادقة مجلس الوزراء.
اما احد المواضیع التی لم یوافق علیها مجلس صیانة الدستور لنواقصها فهی المادة 35 التی تم تعدیلها، وهی عبارة عن انتشار احکام المتهمین بجرائم اعلان المحاربة والفساد فی الارض والاحتیال الذی یشمل اکثر من ملیار ریال وما فوق، عندما یتسبب ذلک بایجاد خلل فی النظام والامن العام حیث یتم اعلان الجرم فی احدى الصحف المحلیة. ومن هنا فان الاحکام النهائیة الصادرة بحق جرائم الرشوى، الاختلاس ، تبییض الاموال و .. التی یصل مجموعها الى 13 نوعا وبجرم ملیار ریال او اکثر سیتم نشرها عبر وسائل الاعلام الوطنیة او احدى الصحف الواسعة الانتشار.
وما هی اهم المواد التی طرأ علیها التغییر؟
رحیمی: احد هذه المواد هی المادة 36 التی تتطرق الى ان المحکمة یمکنها تبدیل الحکم التعزیری الى حبس بمقدار درجة او درجتین، تبدیل مصادرة الاموال الى جزاء نقدی من الدرجة الاولى الى الرابعة، تبدیل الفصل الکامل الى فصل مؤقت بمقدار 5 الى 15 عام وخفض العقوبات التعزیریة بمقدار درجة او درجتین من ذات النوع او تبدیلها الى اخرى.
کذلک تم تغییر المواد 38، 39، 55، 61 و 63 ، مثلا المادة 38 فیما یتعلق بالجرائم التعزیریة اذا ما قررت المحکمة ان الشخص یمکن تاهیله عندها وفی حال لم یکن للمدعی علیه سوابق جنائیة و تخلى الشاکی عن الدعوى التی قام برفعها یمکن اصدار حکم بالاعفاء.
زندیة: فی السابق کان هناک تعلیق للعقوبة ولیس اعفاء وهذا امر جید جدا ، ای فی حال ارتکاب جرم لکن الشاکی یتخلى عن الدعوى تستطیع المحکمة ولاجل عدم ادراج سوابق جنائیة للشخص شرط ان یتم تاهیله عدم اصدار حکم بحقه. بالطبع ینبغی الاشارة هنا ایضا الى احکام البدء بالجریمة التی قد تم تنظیمها.
اشرتم ان المادة (61) تعتبر امرا مستحدثا فی هذا القانون. هل یمکنکم توضیح ذلک؟
رحیمی: جاء فی المادة 61 ان الجرائم التعزیریة حتى الدرجة الخامسة یمکن للمحکمة تبدیل اصدار احکام السجن المختصة بها وبموافقة منها فی مکان محدد الى اشراف عبر نظام المراقبة الالکترونی.
زندیة: هذا الامر سیسفر عنه خفض عدد السجناء فی السجون وهو امر مستحدث فی قوانینا. بالطبع المادة 63 تشیر الى الشؤون البدیلة للحبس مثل الجزاء النقدی، الاشراف والحرمان من الخدمات الاجتماعیة حیث واستنادا لموافقة الشاکی ومع الاخذ بعین الاعتبار عمر، مهارة، سوابق المجرم ونوع الجریمة یمکن تبدیل العقوبة الى امور اخرى غیر الحبس.
عابد: بعبارة اخرى ان الشؤون البدیلة للحبس تم تحدیدها وتشریعها حیث بذلنا جهودا حثیثة عام 1999 لتعدیل القوانین الخاصة بالاطفال دون سن الـ18 عاما.
یبدو ان هناک تغییرات اساسیة فیما یخص العقوبات المتعلقة بالاطفال والناشئة؟
رحیمی: نعم ولذلک تعتبر المواد من 87 وال 90 فی غایة الاهمیة. ویمکن القول ان اهم تغییر فی القانون الجدید اضافة الفصل العاشر الجدید تحت عنوان "العقوبات والاجراءات الضمانیة والتربویة للاطفال والناشئة" خاصة المادة 90 التی جاء فیها تحدید کیفیة اصدار احکام العقوبات والقصاص والحد. طبعا هناک امور مهمة اخرى فی هذا المجال مثل "نظام شبه الافراج"، "الافراج المشروط" وتصنیف العقوبات التعزیریة وتحدید العقوبات المختلفة بما یتناسب مع درجاتها.
وفیما یتعلق بالاطفال والناشئة الذین یرتکبون جرائم ویکون عمرهم حین ارتکاب الجرائم ما بین 9 و15 عاما یمکن للمحکمة احالتهم الى اولیائهم او القیمین الشرعیین علیهم واخذ تعهد منهم او احالتهم الى الطبیب، الاخصائی الاجتماعی او ارسالهم الى مؤسسة ثقافیة تعلیمیة لیتعلموا حرفة. لذلک لن یتم تطبیق احکام القصاص على الاطفال دون سن الـ18 عاما الذین لم یبلغوا سن الرشد.
ان التغییر الکبیر الذی طرأ على لائحة هذا القانون ان الاطفال الذین یبلغون السن الشرعی (الفتاة 9 سنین والفتى 15 سنة) ولکنهم دون سن الـ 18 عاما ، فی حال التشکیک برشدهم و کمالهم العقلی ، لن یتم تطبیق الحد والقصاص علیهم. ای ان المحکمة لن تحکم علیهم ابدا باحکام الحد والقصاص. کذلک وفقا لهذا القرار فان الاطفال معافون من تحمل المسؤولیة الجنائیة. وبموجب هذا القانون ایضا فان العقوبات التعزیریة للاشخاص دون ال 18 عاما تختلف عن مثیلتها لمن هم فوق ال 18 عاما.
الاشخاص دون ال 18 عاما لا یحکم علیهم بالسجن بل بالارسال الى المراکز التربویة مثل مراکز التاهیل والتربیة واذا ما کان الابوان لا یتمتعان بالاهلیة اللازمة للاعتناء بهم سیتم احالتهم الى اشخاص او مؤسسات ذات اهلیة.
لقد کان هذا الموضوع یتم حسب المنوال ولم یکن مقننا. وخلال الدورة السابقة للسلطة القضائیة بذلت جهود حثیثة للاطفال دون ال 18 عاما من خلال عدة طرق منها کسب رضا الجانب الآخر ، الدقة فی اصدار الاحکام او تأجیل تنفیذ عقوبة الاعدام.
کما تم التأکید فی المادة 89 ان المحکمة یمکنها فیما یخص اصدار الاحکام على الاطفال او الناشئة اعادة النظر وخفضه الى مدة الثلث ، ومن حسن الحظ ان مجلس صیانة الدستور لم یعرب عن مخالفته لهذه المادة.
عابد: ان المادة 90 مهمة للغایة وقد بذلنا جهدا کبیرا للمصادقة علیها، وجاء فیها انه فیما یتعلق بالجرائم التی تستلزم احکام الحد او القصاص عندما یکون الاشخاص البالغون دون سن ال 18 عاما یرتکبون جرما لکنهم لا یعلمون بماهیته ولا یدرکون حرمته او هناک شک فی بلوغهم الفکری والعقلی فانه ستتم معاقبتهم وفقا لعمرهم ویتعین على المحکمة طلب مساعدة الطب العدلی. ان لجنة حقوق الطفل اشترطت الکمال العقلی لتنفیذ الاحکام المتعلقة بالاطفال، لان فترة العمر من ال 15 وحتى 18 هی فترة دقیقة و مشوبة بالازمات وینبغی الالتفات لهذا الامر .
وهل یعتبر الحکم هنا عطفا على ما سبق؟
زنکنة: نعم وفقا لهذا القانون فان الاشخاص الذین لا یطبق علیهم حکم القصاص یتم تعدیل حکمهم.
رحیمی: لقد جاء فی المادة 10 انه اذا کان سلوکا فی السابق یعتبر جرما فانه سیتم التعاطی معه استنادا للقانون الجدید. لذلک فان کافة العقوبات ستکون عطفا على ما سبق.
فی حقیقة الامر لم یتم الاشارة فی ای من مواد هذا القانون الى عقوبة الرجم.
رحیمی: لقد تم الاشارة فی المادة 225 الى کیفیة تنفیذ حد الزنا ، حیث ان سفاح المحارم النسبیین، الزنا مع زوجة الاب، زنا الرجل غیر المسلم مع المراة المسلمة وزنا العنف یستوجب عقوبة اعدام الزانی. کما تم تعیین عقوبة الاعدام فیما یتعلق بتنفیذ حد اللواط.
لقد تم ازالة عقوبة الرجم کعقوبة لزنا المحصنة کما تم المصادقة من قبل مجلس صیانة الدستور على ازالة زنا المحصنة کجرم من لائحة القانون الجزائی الاسلامی . ویجب الاشارة هنا الى ان لائحة الجزاء الاسلامی لم توضح حدود الارتداد والرجم بشکل صریح، لکن جرائما تستحق تنفیذ هذه الحدود سیتم التعامل معها وفقا للمادة 167 من الدستور. ووفقا للدستور فان المادة 167 ، تلزم القاضی ببذل الجهد للتوصل الى الحکم المکتوب والمدون فی القوانین واذا لم یتم العثور على الحکم فعلیه الرجوع الى المصادر الاسلامیة الموثقة والفتاوى المعتبرة ولا ینبغی علیه بذریعة السکوت او النقص او الاجمال او التعارض مع القوانین المکتوبة عدم البت فی الدعوى والامتناع عن اصدار الحکم. لذا فی حال وقوع جریمة تستلزم تنفیذ هذه الحدود، وبسب عدم الاشارة الى هذه الحدود فی القانون الجدید سیتم العمل وفقا للمادة 167 من الدستور حیث ینبغی على القاضی الرجوع الى الفتوى المشهورة ای الى فتوى الولی الفقیه التی اشار الیها القانون بشکل صریح وواضح.
السید عابد وفقا لاعادة النظر فی القوانین المتعلقة بالاطفال والناشئة ترى ما هو تقییمکم للقانون الجدید؟
عابد: یعتقد البعض، ان وقوع الجریمة یعود الى وجود ضعف فی القوانین، لذلک یجب تطبیق القانون کما هی العادة لحد الان ، الا ان البعض من الناس لیسوا على اطلاع بالقوانین. فی بعض الاحیان حیث یکون للجریمة ابعادا وجوانب عامة ، اذا اطلع الناس على تنفیذ الحکم سیکون له جوانب رادعة عدیدة کما سیتم من جهة اخرى ایجاد شعور بالامان فی المجتمع.
ان انشاء المؤسسات الجدیدة والاعفاء من العقوبات وتعلیق اصدار احکام بعض الجرائم ، ونظام شبه الافراج للمحکومین بالسجن وتعیین العقوبات البدیلة هی کلها من ضمن الابتکارات الهامة فی لائحة القانون الجزائی الاسلامی الجدید.
کذلک حذف الجنس من عقوبات الاطفال والناشئة، وتنفیذ العقوبات التدریجیة بدلا عن الجزاء مرة واحدة وتحدید عمر تحمل المسؤولیة الجنائیة وفقا للتاریخ الشمسی تعتبر من ضمن میزات هذا القانون. کذلک تم الاعتراف رسمیا بالقیام بالخدمات العامة مجانیا باعتبارها نوعا من العقوبات البدیلة وهی ایضا من میزات هذا القانون والاهم وضع فصل خاص بعقوبات الاطفال والناشئة وتصنیف الاشخاص دون ال 18 الى اشخاص اقل من 9 ، من 9 الى 15 ومن 15 الى 18 عاما وهذه ایضا من اهم خصائص هذا القانون، لذلک یمکن تحدید العقوبة الخاصة بکل فئة من هذه الفئات وان الاشخاص دون ال 9 من العمر وبشکل عام لا یتحملون ای جزاء او عقوبة جنائیة.30349