خبراونلاین- یرى السید مرتضى نعمة زادة معتقد: ان ما یشغل ایران ویمثل قضیة حساسة لها هو المقاومة ولیس نظام بشار الاسد او شخص الاسد.

محمدرضا نوروزبور

بعد ایام قلیلة ومع بدء شهر آذار/مارس یکون قد مضى عام منذ انطلاق الاحداث التی تشهدها سوریا، ولا تزال کل من مدینتی حمص وحماة قابعتان تحت اعمال العنف والحرب المستنزفة التی لا یلوح فی الافق وجود نهایة لها. وقد استضاف موقع خبراونلاین السید مرتضى نعمة زادة ، الملحق الثقافی السابق لایران فی سوریا ونائب قسم الاخبار فی وکالة تقریب لبحث ومناقشة هذه الاوضاع الیکم تفاصیل هذه المقابلة:
فلتحدثونا عن آخر مستجدات الاوضاع فی سوریا.
 یمکن متابعة الاوضاع فی سوریا على صعیدین، الصعید الداخلی والخارجی. فیما یتعلق بالصعید الخارجی شهدنا اصدار قرار من قبل الجمعیة العامة للامم المتحدة صوت له 137 عضوا فیما عارضه 12، وهو عبارة عن مشروع تقدمت به الدول العربیة والغربیة یمنح مهلة 15 یوما للحکومة السوریة للتصدی لاعمال القتل وایقافها. وبالرغم من ان هذا القرار لا یتسم بصبغة عملیة لکنه یعتبر وثیقة من قبل الامم المتحدة ضد سوریا وخطوة اخرى فی سیاق تصعید الضغوط على هذا البلد.
اما الاوضاع على الصعید الداخلی فیبدو ان الحکومة السوریة تبذل السعی للسیطرة على منافذ حدودها التی تستخدم لادخال السلاح الى سوریا، ومن هنا نرى ان هجماتها تترکز حول نقاط خاصة منها حمص ما اسفر فی تصعید الحملة الدعائیة حول عدد القتلى واثارة الرای العام العالمی والعربی. ان الحکومة السوریة تسعى منذ فترة لفرض حصار على بؤر التوتر وتطهیرها تدریجیا، وهذا الامر واکبه ضجة کبیرة وشدیدة من قبل المعارضین.
یقال انه وبسبب عملیات القتل التی اقدم علیها حافظ الاسد عام 1983 لا یزال اهالی حمص وحماة یکنون الحقد والضغینة لآل الاسد. وهو امر یشبه مشاعر اهالی بنغازی ازاء القذافی. حیث قام القذافی بقتل العدید من اهالی بنغازی. وهناک رای یقول انه لو نجح المعارضون فی السیطرة على حماة وحمص مثل ما فعل الثوار اللیبیون ، فهناک احتمال لتقدمهم نحو دمشق، الى ای مدى یمکن اعتبار هذا التحلیل امرا صحیحا؟
ان احداث عام 1983 والنهج العنیف الذی تم اتباعه ابان تلک الفترة له دور هام فی المواقف الاخیرة التی ابداها اهالی حمص وحماة. حتى ان السیاسات المتعاقبة ومنها الحریات الطائفیة لم تستطع التعویض عن هذه القضیة. لکن الحقیقة هی لا یمکن اعتبار الاوضاع فی سوریا ثورة، لان الثورات تکون شاملة لکنها فی سوریا لیست کذلک وهناک العدید من المناطق مثل حلب ودمشق لم تدخل الى ساحة المعارضة مع النظام السوری. بالطبع هذا لا یعتبر دفاعا عن النظام السوری ، لکن هناک تعریف کلاسیکی لکلمة الثورة وان تطورات الاحداث فی 2011 اثبتت ان لاوجود لای ثورة فی الدول العربیة حققت الانتصار دون الوصول الى العاصمة فاحداث تونس ومصر ولیبیا هی من ضمن هذه الدلالات التی تؤکد انه وحتى وقوع التغییر فی العواصم لم یکن بالامکان اطلاق کلمة ثورة علیها.
من جهة اخرى حماة وحمص لا تملکان القدرة على أن تصبحا بنغازی، لان ذلک یستلزم حدودا ونطاقا قویا لتکون محلا لدخول القوات الاجنبیة وثانیا ان دخول العملاء الأجانب إلى سوریا سواء بصورة مباشرة وغیر مباشرة عبر توفیر المساعدات التسلیحیة، یعتبر عاملا فی اخراج المعادلة من إطار الثورة والباسها ثوبا جدیدا. وإذا کنا بصدد تعریف مصدر خارجی لای ثورة، حینها لن تکون ثورة.
قلتم ان حماة وحمص لا تمتلکان القدرة على ان تکونا مثل بنغازی، هل تقصدون من الناحیة الجغرافیة؟
نعم. نعم فطبیعة الشعب السوری هی ذات طبع لطیف. فعلى سبیل المثال نرى ان الشعب العراقی وعلى مر التاریخ کان شعبا عصیا ولطالما کان هذا البلد مرکزا لحرکات التمرد والعصیان، فی حین ان الاوضاع فی سوریا تختلف. فی سوریا وعقب اشتباکات عام 1983 تم توسعة الانتماءات الدینیة وفتح الاجواء الطائفیة، بالطبع مع شرط مسبق هو عدم التدخل فی الشؤون السیاسیة. هذا الامر اسفر عنه اتساع الحرکة الاسلامیة فی سوریا بعیدا عن السیاسة، ومن هذا المنطلق کان تواجد الناس فی الاماکن الدینیة بارزا ، تعتبر سوریا من اقوى البلدان التی یعتبر فیها الحضور النسوی والشبابی کبیرا فی المساجد ، لکن لا وجود لصلاة جمعة مرکزیة فی هذا البلد.
ومن هنا نرى ان الانتماءات الدینیة اتسعت فی سوریا لکنها لا تمتلک القدرة على ان تضحى حرکة سیاسیة اسلامیة. بالطبع یجب الاشارة هنا الى النظام الاستخباراتی القوی لسوریا بحیث تم العمل بآلیات حالت دون تبدیل الامکانیات الدینیة الى سیاسیة وهی لا زالت ناجعة حتى الیوم. على کل الحریة الدینیة فی سوریا قویة جدا، وبالرغم من وجود السلفیة المدعومة من السعودیة لکن هذا الامر ایضا لم یفلح فی تنمیة هذه الحرکة لتکون سلفیة سیاسیة. حتى تیار الاخوان المسلمون الذین ینتشرون فی سوریا لم یتحولوا الى تیار شامل کما هو الامر فی مصر.
کیف تقیمون اوضاع القوات المعارضة والمؤیدة للاسد؟
ان الشعب السوری له عدة فئات. الفئة الاولى هم المعارضة الناشطة للنظام، والمؤیدون الناشطون للنظام. الفئة الثانیة هی المؤیدون غیر الناشطون والمعارضون غیر الناشطون. والفئة الثالثة هی المحایدة. وکل من هذه الفئات یسعى الى توسیع نطاق مؤیدیه ومعارضی الجانب المقابل.
لقد شهدنا الاسبوع الماضی موقف ایمن الظواهری زعیم تنظیم القاعدة حول سوریا الذی اعلن فیه دعمه للمجاهدین السوریین ووصفهم ب"اسود الشام". کیف تقیمون دخول القاعدة الى سوریا؟
فی بادئ الامر یجب ان نعلم ان النهضات الشعبیة لا تعتبر انموذجا ترتضیه القاعدة ولذلک نجدها لم تدعم ایا من هذه الثورات. ان نهج القاعدة هو الحرب المسلحة والعملیات الانتحاریة وهی لا تعیر ایة اهمیة لدور الناس. من جهة اخرى تسعى القاعدة الى التعویض عن الهزائم والخسارة التی منیت بها فی الثورات العربیة الاخرى جراء نهجها واسلوبها المعتمد.
الامر الثانی ان القاعدة تواجه ضغوطا شدیدة فی کل من افغانستان وباکستان کما ان امیرکا تتفاوض الیوم مع حرکة طالبان واحد شروطها هو نعم لطالبان ولا للقاعدة. لذا یتوجب على القاعدة جمع قواعدها من هذه المنطقة والیوم نرى ان هناک فرصة جیدة لتجد موقعا جغرافیا جدیدا لها.

الامر الثالث هو، صحیح ان القاعدة تنشط بشکل کبیر فی العراق لکن حقیقة الامر هی انه نظرا للغالبیة الشیعیة وائتلاف الاکراد مع الشیعة، فلا مکان لنجاح القاعدة واهدافها هناک، ای انشاء امارة اسلامیة. من هنا وبسبب الغالبیة السنیة فی سوریا تعتبر القاعدة هذا البلد بیئة مناسبة للقاعدة وترى الیوم وجود فرصة تاریخیة لها ولعناصرها للترکیز على محور سوریا وتعبئتها وممارسة نشاطاتها هناک.
الامر الرابع هو ان القاعدة ومع دخولها لسوریا ستقوم بایجاد ارتباط کامل بین شبکتها، شبکة جزء منها فی العراق، الاردن، لبنان وسوریا وعبر السکن فی هذه المنطقة سترتبط القاعدة مع بعضها البعض فی منطقة الشرق الاوسط. الامر الآخر هو التنسیق والتوافق بین شبکة القاعدة وسیاسة السعودیة ، حیث تتدخل السعودیة بشکل سافر الیوم فی احداث سوریا وکذلک تتدخل القاعدة بما یتناسب مع ذلک ، وبما ان مصادر اموال القاعدة یتم توفیرها من قبل المؤسسات الخیریة وغیرها فی السعودیة فسیکون هناک تنسیق فی سیاسة القاعدة والسعودیة وهذه المؤسسات هی التی اجبرت القاعدة على دخول الساحة.
النقطة الاخرى هی ان اساس تاسیس القاعدة ایدیولوجیا  لم یکن للتصدی لامیرکا بل للتصدی لانموذج الثورة الاسلامیة. لکن تجربتها العملیة وانموذجها فشل فی باکستان وافغانستان. وحالیا تدعم ایران النظام السوری ومن هنا فهی تعتبر ان الفرصة مواتیة لتستعرض القاعدة انموذجها امام الثورة الاسلامیة.
هل تعتبر القواسم المشترکة بین القاعدة وامیرکا فی سوریا محض صدفة؟
ان موضوع موقف السعودیة هام للغایة، لا یجب ان ننسى انه فی کثیر من الاحیان نرى ایضا وجود اتفاق غیر مدون بین ایران وامیرکا، وهذا لا یعنی ان لدیهما مبادئ مشترکة ، بعض الاحیان یبرز وجود هدف مشترک.
الا یمثل تواجد القاعدة فی الساحة فرصة لبشار الاسد؟
لا اعتقد ذلک. فتورط القاعدة فی التفجیرات الاخیرة بات امرا مؤکدا. لا اعتقد ان حضور القاعدة فی سوریا بتلک الشدة بحیث تقوم الحکومة السوریة بتبریر قمعها عبر ذلک. لانه یمکن السیطرةعلى القاعدة لانها لا تمتلک موقفا مناهضا لاسرائیل ولا تمثل تهدیدا لهذا الکیان. من جهة اخرى تقبع القاعدة تحت تاثیر السعودیة، فی حین ان المجتمع الدولی لا یتجه نحو التدخل العسکری فی سوریا، واعلن الناتو رسمیا انه لا یستطیع التدخل العسکری فی هذا البلد، کما ان امیرکا لا یمکنها شن هجوم احادی الجانب، لذا فان نهجهم هو اسقاط الحکومة من الداخل.
هل یمکن القول ان امیرکا لا تحبذ الاطاحة بالاسد؟
لا اوافق هذا التحلیل. امیرکا تسعى لاسقاط بشار الاسد. لکن العرب یرون ان الخطر یحدق بهم ، ومن جهة اخرى ینبغی اضافة ایران الى القضیة ، حیث یرمی الغرب لتسویة قضیة ایران عبر سوریا. انه موضوع مهم للغایة یتمثل فی هل ان اسقاط الاسد سیساعد على تسویة هذه القضیة ام لا؟

اذا لم تتمکن الدول العربیة من اسقاط الاسد فما الذی سیحدث؟
فی هذه الحال من الممکن لبشار الاسد تجاوز الازمة وستواجه حینها هذه البلدان مشاکل عدیدة خاصة اذا استطاعت ایران تجاوز الازمة النوویة بسلام عندها ستشهد المنطقة ترتیبا جدیدا للقوى یصب فی صالح ایران وحلفاءها. بعبارة اخرى سیکون النظام الاقلیمی من صالح الشعوب وهوسیکون بدایة ازمة للبلدان الدکتاتوریة فی المنطقة ومن ضمنها السعودیة وسیکون مصیر ثورات الیمن والبحرین افضل حالا.
هل هناک امکانیة لتتحول سوریا الى ما هو علیه العراق ونشهد اندلاع اعمال عنف فیها جراء عملیات القاعدة؟
کلا
وما هی نسبة سقوط بشار الاسد؟
لقد اظهر بشار الاسد حتى الان مقاومة ، لکنه لو کان بدأ فی الاصلاحات منذ الیوم الاول لما وصل الامر لما هو علیه الیوم. بلد تمت ادارته بذات الطریقة على مدى 40 عاما من الطبیعی ان یظهر صعوبة وعصیانا امام التغییر ولا یمکن لمس رد فعل سریع من قبله امام التغییرات، خاصة الاصلاحیة منها.

هل هناک وسیلة وسبیل لانهاء هذه الاوضاع عقب کل هذا العنف؟
ان النظام الاستخباراتی فی سوریا لم یکن مستعدا لمواجهة انتفاضة الشعب، لذلک نجده قام بافعال وسلوکیات متشددة کثیرة. هذه القوات حتى لم تکن تمتلک اسلحة مکافحة الشغب وما کان بحوزتها هی الاسلحة الناریة. ان إعداد القوات الامنیة والجیش لمواجهة الاضطرابات وتفکیک الاحتجاجات الشرعیة والمطالبات العادلة لا یتم عبر استخدام العنف والعملیات الانتقامیة والمغرضة وان هذه الاسالیب تعتبر من اهم اسباب تصعید وتازیم الاوضاع.
وهل هناک حل للخروج من الازمة الراهنة؟
یجب البحث عن حل سیاسی ولیس امنی. مع الاخذ بعین الاعتبار ان العثور على حل سیاسی امر فی غایة الصعوبة. فالدول الرامیة للاطاحة ببشار الاسد لا توافق هذا الامر وهی تشترط امرا واحدا فقط، وهو الحوار بدون حضور الاسد او عدم وجوده. اننی اعتقد ان الحکومة السوریة مستعدة للتفاوض لکن هذه البلدان المعارضة هی من یعارض المفاوضات وحتى انها لا تسمح للمعارضة بالتفاوض مع الحکومة السوریة. ان المعارضین هم فئتان : معارضة الداخل ومعارضة الخارج. فریق الداخل على استعداد اکثر لمجاراة الحکومة . اما فریق الخارج وبسبب خصائصه، مکانته وقاعدته یعارض الحوار. اذا تم هذا الحوار سیتم تسویة العدید من المشاکل . ربما اجراء استفتاء باشراف من مراقبین دولیین یمکن ان یسهم ایضا على تهدئة اجواء العنف وفتح ابواب الساحة امام المفاوضات السیاسیة.
یجب التوصل الى نتیجة هی ان لا وجود لای قدرة حقیقیة تستطیع جمع هذا التیار ، وان القدرة الحقیقیة هی العقل. عل بشار الاسد والمعارضة ایضا التوصل الى هذه الحقیقة وهی ان الازمة الراهنة لا یمکن تسویتها بالسبل الامنیة وینبغی التوصل لتسویة سیاسیة لها.
30349

رمز الخبر 181803