٠ Persons
٣٠ نوفمبر ٢٠١٩ - ١٥:٢٨
التحليق مع «الطائرة الثالثة»

خلال الأيام الماضية، ووسط الأجواء السياسية المتشنجة التي خيمت على كل أنحاء لبنان، التقى عدد من الكتّاب ورواد الثقافة والأدب في ركنٍ من «حارة حريك» (ضاحية بيروت الجنوبية)، في ليلة من ليالي العمر، ليشاركوا في توقيع ونقد المجموعة القصصية الجميلة «الطائرة الثالثة» لابنة الوطن، مريم ميرزاده في دار ومكتبة «فيلوسوفيا».

الجو الجميل والتصميم الملفت والترتيب الفني لمئات المجلدات والكتب، الذي ساهمت به أيادي هذه الكاتبة صاحبة الذوق الرفيع، جعل هذا الاحتفال وهذه «الكعدة» الأدبية أكثر شاعريةً ودفئاً.

«الطائرة الثالثة» هو الأثر القيم الجديد لهذه السيدة الإيرانية، الذي نُشر باللغة العربية. صدرت لها قبل هذه المجموعة أعمال أخرى مثل روايتي «عروس الحرب» و«الشاي الأخير»، والمجموعتين الشعريتين «أنا لا أذكر... لقد كان حلماً» و«صلاة الوردة». وقد كانت لمريم مذكرات ومقالات أدبية وترجمات متعددة أخرى. بالإضافة إلى ترجمة كتاب «نحن وإقبال»، ترجمت كتاب «هبوط» للدكتور الشهيد علي شريعتي، الذي صدر أخيراً عن «دار الأمير» في لبنان، وأُطلق بحضور نخبة من المثقفين والكتّاب والإعلاميين. كلمة هذه السيدة الفنانة في هذا المجلس العظيم، كلمتها العربية والفارسية الحكيمة والأدبية، أدهشت الحضور، فوقف الجميع في نهاية المجلس احتراماً لها.
هي تتقن بمهارة اللغات الثلاث: الفارسية والعربية والإنكليزية، ويتدفق قلمها البليغ بقوةٍ في هذه المجالات الأدبية الثلاثة.
حضر بين الجمع برفقة زوجته، السيد نور الدين ميرزاده، والد مريم، الذي كان له دور في نهضة الترجمة خلال سنواتٍ طوال، وخدمات قيّمة في تعريف الثقافة والحضارة والأدب الفارسي إلى المجتمعات العربية، وقد غمره الحبور أمام مواهب ثمرة عمره الأدبية.
معظم النقد كان فنياً، واحترافياً، وودياً، وبنّاءً... النقاد الذين كانوا بمعظمهم من السيدات الكريمات، كانوا قد قرأوا رواية ميرزاده من قبل وشاركوها الطريق والفكر.
بطلبٍ من الحضور، قدّمت بدوري نقداً على النقد، وعبّرت بعباراتٍ مقتضبة طبعاً: «إنه ليسعدني أن أشارك في ظلّ هذه الظروف الصعبة والمأزومة في مجلس الأدباء والمثقفين هذا. أبارك لأبناء حارة حريك، وإني أعتبر هذا النشاط علامةً على ثقافتهم العالية. إني لا أعتبر مريم مترجمة وكاتبة مقتدرة فحسب، وإنما قارئة أكثر اقتداراً ومطالعة عميقة ومتبحرة.
ورغم رأي عباس فقيه، صاحب «فيلوسوفيا» الفاضل، أرى هوية الرواية العابرة للأوطان نقطة قوة لها. وإني أؤمن أن لنا هوية واحدة، تماماً مثل الغرب والمسيحيين والآخرين... الهوية الإسلامية هويتنا المشتركة، لكن بذائقات ونكهات متفاوتة، فارسية وعربية و... لذا فإن إفادة الكاتبة من مفردات وأدبيات عابرة للمناطق والوطنيات وسيرها خلال ثقافة الشعوب المجاورة، هي نقطة قوة الرواية وليس ضعفها».
في الختام، كان لي مرور على إنجازات بلادنا الثقافية والأدبية في حقل الكتاب والقراءة خلال السنوات الأخيرة وضرورة النهوض الجماعي والعالمي لصيانة هذا المجال، وتمنيت أن نشهد على تحليق «الطائرة الثلاثين» وليس الثالثة في فضاء «معرض طهران الدولي للكتاب» الذي أراه حدثاً ثقافياً عظيماً...

* المستشار الثقافي الإيراني في لبنان

رمز الخبر 190384

تعليقك

You are replying to: .
4 + 5 =