خبراونلاین – کهولة الامراء الطاعنین فی السن الذین یقفون فی طابور الحکومة، اسفر عن ایجاد مخاوف وقلق لدى القوى السلطویة ومن ضمنها امیرکا ما حمل بترایوس ، رئیس وکالة ال "سی آی ای" الامیرکیة للقدوم الى السعودیة لعقد مشاورات حول مستقبل الحکومة السعودیة.

 

*حسین علایی
بدأت الاحداث مع مقتل اثنین من اهالی منطقة القطیف السعودیة خلال اشتباکات مع عناصر الشرطة المحلیة. هناک حیث استعرت شعلة غضب الشیعة اثر اعتقال رجل الدین الشیعی نمر النمر، ما ادى الى تخبط قوات الامن السعودیة. حتى الان تم اعتقال 600 شخص على خلفیة هذه الاضطرابات ولاتزال القطیف والشرقیة مسرحا للاشتباکات المتفرقة بین الجانبین. وعن اسباب احتجاجات الشیعة شرقی السعودیة غالبا ما یقال انها تظاهرات متأثرة بالثورات العربیة. ان السعودیة تعتبر من بین الانظمة الملکیة غیر الدیمقراطیة فی المنطقة وتعانی من مستوى متدنی فی مجال حقوق المواطنة والمدنیة ولها خصائص تنفرد بها. لا یمکن نسیان ان السعودیة هی النظام الوحید الذی وفر الدعم والحمایة عقب بدء الثورات فی البلدان العربیة للرؤساء الذین حکموا على مدى العمر مثل رؤساء مصر، تونس، الیمن وامارة البحرین وبذلت مساع کبیرة للحیلولة دون توصل الثورات الشعبیة فی مختلف الدول الى نتیجة. لقد منحت العربیة السعودیة الملجأ لزین العابدین بن علی کما دعت حسنی مبارک للهروب حفاظا على نفسه. لکن وبالرغم من کافة هذه الجهود، انتهت مساعی الشعوب فی الدول العربیة کافة بما لا یصب فی صالح السعودیة والیوم نرى ان اسرة آل سعود تواجه ثلاثة مشاکل رئیسیة اعقبت الثورات الشعبیة فی البلدان العربیة:
اولها هو ان هذه الثورات کانت شعبیة وضد الانظمة الاستبدادیة والدیکتاتوریة العربیة التی یعتبر النظام السعودی مظهرا لاحدى هذه الانظمة فی الشرق الاوسط.
ثانیا ان الثورات کانت تطمح للدیمقراطیة فی الدول العربیة والنظام السعودی یعتبر من الانظمة التی لا تعیر ایة اهمیة للدیمقراطیة ولا محل لها من الاعراب من وجهة نظر هذا النظام وهناک قبیلة تحکم البلد. لقد طالب الناس خلال تیار الثورات فی الدول العربیة بالحریات السیاسیة، التواجد والمشارکة فی السیادة والحکومة وان اطلاق هکذا شعارات یعتبر تهدیدا کبیرا للحکومة الملکیة الموروثة وان مفاهیم الحریة والمشارکة الشعبیة، تمثل خطرا لبنیة هذا النظام.
المشکلة الاخرى التی یواجهها السعودیون، هی عدوى الانتفاضات الشعبیة وتفشیها فی البحرین، البلد الذی یشکل الشیعة غالبیة سکانه، فی حین ان السلطة تقع فی ایدی اسرة سنیة تابعة لآل سعود. ان السعودیون یعلمون جیدا فی حال استبدال حکومة آل خلیفة، فان کافة الحکومات الملکیة فی منطقة الخلیج الفارسی ستنهار ومن هنا واستنادا لهذا الامر قامت السعودیة بالتدخل العام الماضی بقواتها العسکریة فی البحرین بغرض الحیلولة دون وصول الثورة الشعبیة فی هذا البلد الى نتیجة مثمرة.
اما الیوم وبالرغم من کافة الجهود السعودیة لاحباط الثورات، نرى ان الثورة الشعبیة اشتعل فتیلها من داخل السعودیة ومن المنطقة الشرقیة وان شیعة القطیف والمنطقة الشرقیة یصرخون باعلى اصواتهم وبکل ما اوتوا من قوة لکسب الحد الادنى من حقوقهم المشروعة والحریة. ربما ان النظام السعودی بات یعانی من التخبط والاضطراب اکثر من ای وقت مضى ، لا یمکن انکار ان الازمة الداخلیة من جهة وتواجد القوات السعودیة فی البحرین اصبح مصدر قلق کبیر للسیاسیین ومن جهة اخرى نرى ان الثورات والانتفاضات الشعبیة فی الدول العربیة اسفرت عن انخفاض النفوذ التقلیدی للریاض فی منطقة الشرق الاوسط. من هذا المنطلق نجد ان النظام السعودی قام بتوظیف ما لا یقل عن 7 ملیارات دولار خلال السنوات الثلاث الماضیة بغرض التصدی للثورات الشعبیة فی الدول العربیة. لقد وجه سقوط مبارک ضربة موجعة للامراء السعودیین ، حیث کان مبارک حلیفا لامیرکا واسرائیل ومن حلفاء العربیة السعودیة وان سقوط حکومته ومجئ الاخوان المسلمین الذین لا یؤیدون التطبیع مع اسرائیل ضد الفلسطینیین، اسفر عن مواجهة النفوذ السعودی فی المنطقة تحدیات متعددة.
فی غضون ذلک لا یمکن تجاهل تطورات الیمن وتأثیرها على مکانة السعودیة الاقلیمیة. فی الیمن ،ادى سقوط علی عبد الله صالح الى تضییق الخناق على السعودیة والیوم نرى الحکومة السعودیة تشعر بالقلق من ناحیة الیمن، فی حین انه لو استطاع ابناء الشعب الیمنی تشکیل حکومة مستقلة فان هذا سیعنی انخفاض مستوى النفوذ السعودی بشدة فی هذا البلد.
الى جانب الازمة السیاسیة فی المملکة السعودیة، فان کهولة وهرم سن حکام هذا البلد وشیخوخة الامراء المسنین الذین یقفون فی طابور الحکومة، اسفر عن ایجاد مخاوف وقلق لدى القوى السلطویة ومن ضمنها امیرکا ما حمل بترایوس ، رئیس وکالة ال "سی آی ای" الامیرکیة للقدوم الى السعودیة لعقد مشاورات حول مستقبل الحکومة السعودیة ومعالجة قضیة کبر سن الحکام السعودیین.
لا یمکن إنکار أن الثورات الشعبیة فی البلدان العربیة، اسهمت فی البدء فی انهاء حیاة الحکومات الملکیة والموروثة لحکام یحکمون مدى الحیاة وربما ان السنوات المقبلة ستسهم فی خلق تطورات عظیمة اکثر بکثیر مما شهدته الیوم البلدان العربیة.
* خبیر شؤون الشرق الاوسط

30449

رمز الخبر 182646