خبراونلاین – بالتزامن مع افتتاح خط انبوب نفط حبشان – الفجیرة الذی من المقرر ان تصدر الامارات 75 بالمئة من نفطها عبره والذی یمتد على طول 360 کیلومترا وذلک بغرض خفض اعتماد هذا البلد على عبور نفطه المصدر من مضیق هرمز الى مقدار الربع قامت سفینة حربیة تابعة للقوات البحریة الامیرکیة قرب میناء جبل علی فی دبی ، باطلاق النار صوب قارب صید صغیر هندی کان على متنه مواطنون اماراتیون وهنود ما اسفر عن مقتل شخص وجرح ثلاثة آخرین.

 

نصرة الله تاجیک
المسؤولون الامیرکیون اعلنوا ان الحادث وقع عن طریق الخطأ وانه حدث بسبب عدم اهتمام قارب الصید بتحذیرات البارجة الامیرکیة (1) . لکن وقوع هذا الحادث یعید الى الاذهان من جدید ذکرى اطلاق صاروخ من بارجة "یو اس اس فینسنس" صوب طائرة الایرباص الایرانیة وسقوطها فی الخلیج الفارسی عام 1988.
الرحلة رقم 655 التابعة للخطوط الجویة التی ترکت حینذاک میناء "بندر عباس" جنوب البلاد نحو وجهتها تم اسقاطها من قبل صاروخ یتم توجیهه من قبل بارجة القوات البحریة الامیرکیة فوق میاه الخلیج الفارسی ومقتل کافة رکابها ال 290 شخصا بینهم 46 شخصا غیر ایرانی و66 طفلا. وعلى الرغم من ان الحکومة الامیرکیة وضمن اقرارها بالخطأ الذی اسفر عنه هذا العمل الوحشی، اتجهت نحو المصالحة ودفعت مبلغ 55 ملیون دولار لعوائل الضحایا و40 ملیون دولار اخرى کتعویض عن اسقاط طائرة الرکاب المدنیة لکن هذه المبالغ تم دفعها کمنحة دون تحمل مسؤولیة الحادث ولم یتم ملاحقة ای من افراد طاقم هذه البارجة حتى ان قائدها حصل على وسام حین انهاء فترة خدمته.

هذه الاجراءات والتدابیر غیر الملائمة انما تعکس مدى عدم اهلیة وعدم کفاءة المسؤولین العسکریین والسیاسیین الامیرکیین بالنسبة لهذه المنطقة الحساسة وان ما تم فعله لا یمثل اجراءا منافیا للمعاهدات والمقررات الدولیة فحسب وانتهاکا للعدید من المعاییر الدولیة خاصة المعاهدات المختصة بحمایة الطائرات والسفن غیر الحربیة وحمایة المدنیین خلال حالة نشوب حالة من العداء بل انه یظهر النفسیة المتأزمة للقوات الامیرکیة وخشیتها ازاء ای تحرک حتى قوارب الصید. مع الاخذ بعین الاعتبار للعلاقة بین البارجة الامیرکیة فی الخلیج الفارسی واوامر وادارة البنتاغون المباشرة، فان هکذا اجراءات فی الخلیج الفارسی تقع مسؤولیتها بشکل مباشر على عاتق حکومة ذاک البلد ومن وجهة نظر القوانین الدولیة، فان کافة الاجراءات التی تتخذها البارجات الامیرکیة فی المنطقة تعتبر اجراءات من قبل الحکومة الامیرکیة نفسها.
ان دخول بارجة الامدادات "یو اس اس بونس" الامیرکیة خلال شهر تموز/یولیو الى میاه الخلیج الفارسی والتحاقها بالاسطول الخامس الامیرکی فی البحرین الى جانب حاملات الطائرات "انتربرایز"، "آیزنهاور" و"ابراهام لینکولن" اسفر عن جعل هذا الشریان المائی محلا لافعالها واجراءاتها غیر المدروسة والاستفزازیة ما یذهب نحو اشعال فتیل برمیل البارود الجاهز للانفجار فی هذه المنطقة الحیویة.
اذا ما کانت المحاکم القضائیة الدولیة او المنظمات المعنیة العالمیة قضت بضلوع امیرکا فی حادث الهجوم على طائرة الرکاب الایرانیة الذی یعتبر انتهاکا سافرا لمقررات امن الخطوط الجویة ومقتل المدنیین على متن تلک الطائرة وحمل امیرکا على دفع کافة التعویضات عن کافة الاضرار التی تسببت بها وتقدیمها اعتذار لایران والتعهد بعدم تکرار مثل ذاک الحادث لما شهد العالم الیوم وقوع مثل هذه الافعال. للاسف وعقب وقوع مثل هذه الحوادث لا تتحمل الحکومة الامیرکیة ای مسؤولیة جنائیة ویتم تسویة القضیة عادة على انها مجرد ارتکاب خطأ.

ان عدم الایفاء بالتعهدات من قبل امیرکا المتمثلة فی محاکمة ومعاقبة مرتکبی مثل هذه الجرائم والمضی فی مسار یتعارض مع المعاییر الدولیة من قبلها، انما یعکس وجود نوع من هروبها من النظم الدولی وانتهاجه من قبل سیاسة هذا البلد. ان امیرکا وعلى مر التاریخ، قامت فقط بمراعاة المعاییر الدولیة وفقا لما تقتضیه مصالحها وانها متى ما ارتأت تعارضا بین مصالحها والمعاییر الدولیة، نجدها تمضی قدما نحو تغییر مضمونها وان ما یعتبر مثالا ملموسا على هروبها من النظم السائد هو جهودها الرامیة لسلب الاعتبار عن الاصول والاسس المعنیة بالدفاع المشروع وحفظ السیادة على الارض والاستقلال السیاسی للشعوب.
ان عدم شرعیة هذه الاجراءات لا یعتبر فقط مجرد ارتکاب فعل ضد المعاییر المؤکدة للقوانین الدولیة فحسب، بل وانه ارتکاب لجریمة دولیة ، جریمة تقف الى جانب المسؤولیة الدولیة للحکومة الامیرکیة ازاء بلدان المنطقة، وحتى انها تسهم فی تفعیل الامکانیات القانونیة الدولیة المتاحة فی مجال ملاحقة ومحاکمة کافة الافراد الضالعین فی مثل هذه العملیات دولیا سواء ازاء من اصدر اوامر القیام بها ومن نفذها وان وزارة الخارجیة تتحمل على هذا الصعید مسؤولیة قانونیة، سیاسیة ودبلوماسیة وعلیها عقد مشاورات مع بلدان المنطقة والمنظمات الدولیة المعنیة.

لا یهم ان قارب الصید الذی تعرض للحادث قبالة سواحل الامارات کان هندیا، المهم ان هکذا اجراءات استفزازیة یمکن ان تسفر عن نشوب توتر وبدء مواجهات خاصة فی ظل الظروف الراهنة والمتأزمة فی المنطقة والتطورات التی تواجهها کل من بلدانها . وعلى بلدان المنطقة التعاطی مع هکذا افعال وتداعیاتها بشکل واع ویقظ واتخاذ کافة التمهیدات اللازمة. ان فتح ملف جوانب وابعاد هذه الافعال وتداعیاتها الخطیرة على المنطقة من خلال بیان یصدر عن وزارة الخارجیة لدى المنظمات المعنیة وتحذیر امیرکا بشکل علنی من مغبة افتعال ازمة فی المنطقة یعتبر اقل عمل یمکن القیام به على هذا الصعید ومع هذا ینبغی ان تکون الاحداث موثقة، ذات ادلة وقانونیة والتعاطی مع الامر بسیاسة نشطة الامر الذی لم نشهده على الاقل خلال الایام الاخیرة. هذه الاجراءات الاستفزازیة ستتواصل وعلى المسؤولین من الان الاستعداد لاتخاذ تدابیر تتناسب مع هکذا افعال فی حال وقوع ذات الامر لقارب ایرانی.

30449


 

رمز الخبر 182696