*حسن هانی زادة
الازمة السوریة التی مضى علیها 16 شهرا والتی اسفرت عن کشف تیارات سیاسیة ومؤامرات اقلیمیة ودولیة واوجدت ترتیبات جدیدة على الساحات السیاسیة فی الشرق الاوسط بحیث جعلت اصدقاء واعداء الشعب السوری الحقیقیین یقفون بشکل تام فی مواجهة بعضهم البعض. لطالما کان للرئیس السوری الراحل حافظ الاسد نظرة ثاقبة و ذهنا فذا تجاه احداث المنطقة والعالم وقبیل وفاته، نقل تجاربه وخبرته السیاسیة الى ابناءه باسل، بشار، ماهر ومجد. لطالما شدد حافظ الاسد فی توصیاته لابناءه على عدم الانفصال عن ایران تحت ای ظرف کان لان هذا البلد فی الصعاب والمشقات یعتبر العمق الاستراتیجی لسوریا.
ویبدو ان المرحوم حافظ الاسد قال مرة لابنه البکر "باسل الاسد" الذی توفی اثر حادث سیارة عام 1994 اذا ما قطع العرب جمیعهم وبلدان المنطقة علاقتهم بسوریا فان ملجأکم وملاذکم الوحید سیکون ایران. والیوم تحقق تنبوأ حافظ الاسد لانه فی الوقت الذی تخطط فیه کل الدول العربیة للتآمر على حکومة بشار الاسد تقف ایران الى جانب بشار الاسد من منطلق القیم الانسانیة وبعیدا عن تحصیل المصالح السیاسیة. ان سبب وقوف ایران الى جانب حکومة بشار الاسد لیس فقط لکون بشار الاسد من الطائفة العلویة بل بسبب دعم حافظ الاسد للجمهوریة الاسلامیة الایرانیة ابان فترة الحرب المفروضة التی خاضها العراق ضد ایران. فی تلک الفترة کانت الحکومة السوریة وبالرغم من الضغوط الداخلیة، الاقلیمیة والدولیة البلد الوحید الذی وقف الى جانب الجمهوریة الاسلامیة ودعم مواقفها امام الهجمة الکبیرة لصدام والانظمة العربیة. یعتقد الکثیر ان دعم سوریا کان بسبب المساعدات المالیة والنفطیة الایرانیة فی حین انه وخلال تلک الفترة کانت کل من السعودیة، الامارات، الکویت وقطر مستعدة الى تقدیم اضعاف المساعدات الایرانیة الى سوریا بغرض تغییر مواقفها فیما یخص الحرب العراقیة.
والیوم تتعرض سوریا لهجمة وحشیة داخلیة وخارجیة غرضها الاطاحة بحکومة بشار الاسد واستبدالها بحکومة عمیلة تقوم فیما بعد بتنفیذ اجندة امیرکا والدول العربیة فی المنطقة.
على الصعید الداخلی نرى السلفیین المجرمین والوهابیین مناهضی البشریة وبسبب نظرتهم ومواقفهم الطائفیة بالنسبة لحکومة بشار الاسد ، لا یتوانون عن ارتکاب ای جریمة ضد الشیعة والعلویین فی سوریا. جریمة "الحولة" وحی الزهراء (س) فی حمص التی اسفرت عن ابادة مئات الاشخاص من النساء والاطفال الشیعة هی جزء من جرائم السلفیین لکن وللاسف ان المجتمع الدولی "الاطرش والاعمى" اختار السکوت المطبق ازاء هذه الجرائم البشعة. اما على الصعید الاقلیمی فالسعودیة، قطر وترکیا کل منها ومن منطلق مصالحها وبالنیابة عن امیرکا، الناتو واسرائیل تساعد على تشدید الازمة الداخلیة فی سوریا. فی هذا السیاق قامت هذه الدول وعلى مدى 16 شهرا من الازمة فی سوریا بتقدیم ملیارات الدولارات من الدعم المالی، اللوجیستی والتسلیحی للمجموعات الارهابیة المسلحة ضد الشیعة فی سوریا. اما على الصعید الدولی ، فقد بذلت امیرکا والغرب مساع مکثفة لایجاد امن مستدام فی المنطقة للکیان الصهیونی عبر الاطاحة بحکومة بشار الاسد. لذلک نرى ان ما ساعد على استمراریة حکومة بشار الاسد امام هذه الجبهة الواسعة النطاق الداخلیة والخارجیة هو مساعدة ودعم ایران، روسیا والصین. طبعا یأتی دعم روسیا والصین فی سیاق تحصیل مصالحهم العسکریة والاقتصادیة من حکومة بشار الاسد فی حین ان الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة قامت بتقدیم الدعم من منطلق الجانب الانسانی والاخلاقی ولا غیر وکذلک للتشدید على المواقف المناهضة للصهیونیة من قبل الحکومة السوریة ونظام بشار الاسد. لهذا السبب نرى انه وخلال اجتماع جنیف الرامی الى مناقشة الازمة السوریة والذی تم بمشارکة الدول الخمسة الاعضاء فی مجلس الامن ، ترکیا، قطر والکویت نرى ان امیرکا وبغرض اضعاف جبهة روسیا والصین اعربت عن معارضتها لمشارکة ایران فی هذا الاجتماع.
فی هذا الاجتماع تم مناقشة خطة کوفی عنان التی تتضمن تشکیل حکومة انتقالیة خلال عملیة مدتها 6 اشهر، لکن لا شک ان هذه الخطة لن تسفر عن تقدیم ای مساعدة لحل الازمة السوریة. وسبب هذا الامر هو ان روسیا والصین تعارضان ای مشروع یتضمن اخراج بشار الاسد من السلطة عنوة. لذا فان هذا المشروع و کما هو حال خطة عنان ذات البنود ال 6 سیکون مصیره الفشل لان حکومة بشار الاسد والمجموعات المسلحة لم توافق علیه. الامر المؤکد هو من دون مشارکة ایران فی مثل هذه الاجتماعات فان ای سبیل للحل وای آلیة لن تتمخض عن نتیجة لان مفتاح حل الازمات فی الشرق الاوسط لاسیما الازمة فی سوریا هو فی ید ایران.
*خبیر شؤون الشرق الاوسط
30449