مهرزاد دانش

 

 

خبراونلاین - الحظر والمقاطعة ، تعتبران من ضمن السیاسات المتداولة ازاء المواقف التی لا تحظى بالرضا لای سبب من الاسباب العقائدیة ، الاقتصادیة، الثقافیة او السیاسیة.

هذه السیاسة تتخذ عادة عندما لا تتمخض استراتیجیة التفاوض والاتفاق عن النتیجة المنشودة ومن هنا یقوم الشخص او المجموعة التی تفرض الحظر الاعلان عن عدم ارتیاحها من خلال العقوبات بغرض حمل الطرف المقابل على قبول مطالباتها. وهذا یظهر ان الحظر یبتنی على اسس وقواعد ولا ینبغی العمل به فی ای وقت من الاوقات. اهم هذه الاسس، الامل فی التأثیر على الاجواء السائدة عبر دعم ذلک بموقف حازم ومقتدر من قبل الطرف الذی یفرض المقاطعة.

ان قضیة مقاطعة الاسکار من قبل ایران وبسبب موضوع ما یسمى الفیلم المسیء ، هی انموذج عن استخدام هذه السیاسة التکتیکیة فی غیر محلها. هذه المقاطعة وفی ذات الوقت الذی تفتقر فیه فلسفتها الى الصیغة العقلانیة سیترتب عنها تداعیات سلبیة. وفیما یلی نماذج لافتقار هذا القرار للادلة اللازمة ونتائجه السلبیة:

1-یقال لان الفیلم تم انتاجه فی امیرکا وان الاسکار یقام ایضا فی امیرکا، لذلک نقوم بمقاطعة الاسکار. اولا هذا الانتاج لیس فیلما سینمائیا وهو منتج فردی بطریقة الفیدیو التی یصنعها الهواة، لذا لا صلة تربطه بالعلاقات السینمائیة الامیرکیة. ثانیا ما هذا الترتیب الذی یتم حشده الى جانب بعضه البعض؟ وفقا للاسس السائدة للاستدلال فی القضایا العقلیة هذا النحو من الاستدلال خاطئ، لان ابعاد ونطاق ونسبة موضوع الجزء الاول لا تتسق مع الجزء الثانی من العبارة.  هل من الممکن من ناحیة الاستدلال الفلسفی مقاطعة ای شئ یجری الیوم فی امیرکا، وربطه بالفیلم ؟ الا تشمل هذه النقطة سفر السید احمدی نجاد الى نیویورک ؟ هل من الممکن لاولئک الذین یرکبون سیارت "بیجو" التخلی عنها بسبب الرسوم المسیئة التی نشرتها الصحف الفرنسیة؟ هل من الممکن حتى تقدیم الغرب اعتذارا التخلی عن الهواتف المحمولة واجهزة الحاسوب والتلفاز وکافة السلع الاجنبیة؟ ام انهم من خلال هذه الاجراءات یقومون بالانفاق من حساب عامة الناس لکن عندما یصل الامر الى حیاتهم الشخصیة ینسون هذا الاستدلال؟.

2-ترى ما الذی سیتمخض عنه امر مقاطعة الاسکار عن نتائج عملیة ستؤثر فی ذلک الفیلم المسیء والبغیض؟ ان ارسال فیلم من قبل ایران او عدمه ، لن یؤثر على مسؤولی اقامة الاسکار او الجمهور العالمی؟ فی الاساس ترى هل هناک من یعیر ای اهمیة لهذه المقاطعة حتى نتوقع منهم نهجا یسهم فی تغییر اساسی حول قضیة هذا الفیلم الذی لا یساوی شیئا؟.

3-ان مقاطعة الاسکار، تعتبر حرقا للفرصة التی تواتینا. بغض النظر عن ان نعتبر فیلم "حبة قند" مناسبا للاسکار ام ای فیلم آخر لکن الاسکار یمثل فرصة جیدة لجذب الانتباه الى اثر ثقافی ایرانی بکل میزاته الثقافیة والعقائدیة المحلیة. ونحن وبدلا عن استغلال هذه الفرصة نقوم بایدینا باغلاق الابواب امام نظرة العالم ازاءنا. ترى ما مدى تناسب هذه الاجراءات مع نطاق ثقافتنا الایرانیة؟.

4-ان تکریم صورة النبی الاکرم (ص)، لا سیما عقب العمل المقزز للمخرج القبطی المصری، هو عملیة لا ینبغی ان تتم من خلال تحرکات سلبیة. ان الثقافة الغنیة الدینامیة تتجلى امام العموم عندما یکون هناک ادارة مقتدرة وحیویة تعمل على بلورة جوانبها الثریة. ان سیاسة المقاطعة، نتیجتها التداخل مع الفکرة التی یرمی هذا الفیلم الذی یفتقر للقیمة والقائمین علیه لترویجها وهی ان المسلمین ذوی وجه غیر عقلانی ومعزولون عن العالم. ان الرد الحازم على اباطیل وافتراءات هذا القبطی، لیس الاختباء فی الزاویة ، بل الحضور الفاعل والنشط فی الاوساط العامة الثقافیة لتقدیم وعرض نماذج دینیة ومحلیة. ان اثبات محبة الرسول (ص) وعدم الرضا وعدم الارتیاح لاساءته سیکون بهذا الاسلوب ولیس من خلال سبیل الخصام الساذج الذی لا یعیر احد الیه ایة اهمیة.

5-لن لجنة مؤلفة من عدد من اصحاب الرأی السینمائی وعقب مناقشة معمقة وطویلة تتوصل الى اختیار صعب وتقوم بتعریف فیلم یراعی العلاقات الرسمیة والقانونیة الى الاسکار. وقبل جفاف حبر اعضاء اللجنة على الورق فجأة یتم اقتراح مقاطعة الاسکار خلال بضع ساعات ویتحول الى قرار حازم. ترى او لم یکن بالامکان اتخاذ هذا القرار قبل مناقشة وتعریف الفیلم او حتى قبل تشکیل مجموعة فارابی التی بذل اعضاءها جهدا حثیثا؟ ان هذه السیاسة المزدوجة تؤثر سلبا على نفسیة صناع الافلام لا سیما من تم اختیار فیلمه للتمثیل فی مراسم الاسکار؟ ترى ما الضمانات الموجودة العام المقبل التی ستحفز لجنة الخبراء لعقد اجتماع حول اختیار الفیلم الذی سیمثل البلاد فی الاسکار؟.

رمز الخبر 183268