رئيس الجمهورية : إيران اثبتت بروح عظيمة وإرادة خالدة مرارا أنها لن تركع أمام الغزاة

قال رئيس الجمهورية الاسلامية "مسعود بزشكيان" : إيران، باعتبارها أقدم حضارة متواصلة في العالم، وقفت على مدى التاريخ بوجه العواصف؛ وقد أثبتت هذه الأمة، بروح عظيمة وإرادة خالدة مرارا وتكرارا، أنها لن تركع أمام الغزاة، واليوم هي تقف شامخة بوجه المعتدين، معتمدة على قوة الإيمان واللحمة الوطنية.

وأفادت وكالة الجمهورية الاسلامية للانباء، أن الرئيس "بزشکیان" أكد في كلمته أمام الاجتماع السنوي الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة اليوم الأربعاء، أن "الشعب الإيراني، خلال دفاعه البطولي الممتد لاثني عشر يوما، أظهر للمعتدين الواهمين أن حساباتهم كانت خاطئة"؛ مشيرا إلى، أن "أعداء إيران أسهموا من غير قصد في تعزيز الوحدة الوطنية المقدسة داخل البلاد".

وأضاف رئيس الجمهورية : إن الشعب الإيراني، على الرغم من تعرضه لأقسى وأطول العقوبات الاقتصادية والحرب الإعلامية والنفسية ومحاولات إثارة الفتنة، وقف صفا واحدا خلف قواته المسلحة فور اطلاق أول رصاصة على أراضيه، ولا يزال اليوم يكرم دماء شهدائه".

وأشار إلى أن شعار الأمم المتحدة لهذا العام، "ثمانون عاما وأكثر من أجل السلام والتنمية وحقوق الإنسان"، قائلا : ان هذا الشعار يمثل في جوهره دعوة للتضامن، ورؤية مشتركة نحو مستقبل أكثر إشراقا؛ مؤكداب أن "العقيدة الدينية للشعب الإيراني وتعاليم جميع الأنبياء (عليهم السلام) تستند إلى مبدأ المساواة بين بني البشر، وأن ما يجعل الإنسان أكرم هو التقوى القائمة على مبادئ الصدق والعقل والطهارة ومحبة الآخرين".

وأوضح بزشكيان، أن قاعدة "لا تحب لغيرك ما لا تحبه لنفسك" هي متجذرة في جميع الأديان السماوية والضمير الإنساني؛ مستشهدا بمقوله للسيد المسيح (ع) : [عاملوا الناس كما تحبون أن يعاملوكم]، وفي حديث للنبي الاكرم محمد (ص) : [لا يؤمن أحدكم حتى يحبّ لأخيه ما يحب لنفسه]، وبما ورد عن الحكيم هيلل في التوراة، "ما تكرهه لنفسك لا تفعله للآخرين"؛ لافتا إلى، أن "التقاليد الشرقية والفلسفات الأخلاقية العلمانية توصلت جميعها إلى الحقيقة ذاتها".

واستطرد رئيس الجمهورية متسائلا : هل عالمنا اليوم قائم على هذه القاعدة؟! ولفت الى أنّ "العامين الماضيين شهدا إبادة جماعية في غزة، وانتهاكا متكررا للسيادة في لبنان، وتدميرا للبنى التحتية في سوريا، وهجوما على الشعب اليمني، وتجويعا للأطفال في أحضان أمهاتهم، واعتداءات على سيادة الدول، واستهدافا مباشرا لزعماء الشعوب، وكل ذلك بدعم كامل من أكثر الحكومات تسليحا في العالم وتحت ذريعة الدفاع عن النفس".

وتابع : هل ترضون هذه الجرائم لأنفسكم؟ من هو المهدد الحقيقي لاستقرار المنطقة والعالم؟ ومن هو الخطر على السلم والأمن الدوليين؟ ومن هو المنتهك لقاعدة الأخلاق الإنسانية الذهبية؟

رئيس الجمهورية : إيران اثبتت بروح عظيمة وإرادة خالدة مرارا أنها لن تركع أمام الغزاة

ومضى القول : إيران تعرضت في يونيو/حزيران الماضي لاعتداء وحشي يخالف أبسط مبادئ القانون الدولي، حيث شن الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية هجمات جوية على المدن والمنازل والبنى التحتية في البلاد، في وقت كانت طهران تخطو خطوات نحو المفاوضات الدبلوماسية؛ معتبرا أن هذا العدوان يمثل خيانة كبرى للدبلوماسية وتقويضا لجهود إحلال الاستقرار والسلام، وأشار إلى أنه أسفر عن استشهاد عدد من القادة والمواطنين والأطفال والنساء والعلماء والنخب العلمية، وألحق أضرارا جسيمة بالثقة الدولية وآفاق السلام في المنطقة.

ورفع الرئيس "بزشكيان" صورا لضحايا العدوان الصهيوني، قائلا : ان ما تكشفه هذه الصور من هذه الجرائم يوضح بجلاء حجم المأساة، حيث استهدفت النساء والأطفال والمدنيون العزل في عمليات قصف متعمد، كما دمرت المنازل والمستشفيات والمدارس والبنى التحتية، وحرم الشعب من الماء والغذاء والدواء؛ مضيفا أن "هذه الجرائم التي ارتكبت باسم السلام لم تجلب سوى الفوضى وعدم الاستقرار، وان ذات النهج الوحشي يمارس اليوم ضد الأبرياء في غزة".

رئيس الجمهورية شدد في كلمته خلال اجتماع الجمعية الاممية اليوم، بأن "التغاضي عن مثل هذه الانتهاكات الخطيرة يفتح الباب أمام بدع خطيرة تهدد النظام الدولي، منها استهداف المنشآت النووية الخاضعة للرقابة الدولية، ومحاولات اغتيال علنية لزعماء ومسؤولين رسميين لدول أعضاء في الأمم المتحدة، والاستهداف المنهجي للصحفيين والعلماء وتحويل الكفاءات العلمية إلى أهداف عسكرية".

وتساءل الحضور بقوله : هل ترضون بمثل هذه الجرائم لو ارتكبت بحقكم؟؛ مؤكدا بأن "مقترفي هذه الجرائم يجب أن يدركوا أن إيران، صاحبة أعرق حضارة متواصلة في التاريخ، وقفت دوما صامدة أمام العواصف، وأن شعبها بروحه العظيمة وإرادته الراسخة لم يخضع يوما للمعتدين"؛ مردفا، أن "الإيرانيين اليوم، مستندين إلى قوة الإيمان ووحدة الصف الوطني، يقفون شامخين في مواجهة العدوان".

وتابع بزشكيان : إن الدفاع البطولي الذي خاضه الشعب الإيراني على مدى اثني عشر يوما من العدوان الصهيوني الغاشم، كشف للعالم وهم حسابات المعتدين المتغطرسين، وأثبت أن الأعداء عززوا من دون قصد الوحدة الوطنية المقدسة؛ لقد وقف هذا الشعب، ورغم أشد العقوبات الاقتصادية وأقسى الضغوط النفسية والإعلامية ومحاولات إثارة الفتنة، صفا واحدا إلى جانب قواته المسلحة منذ اللحظة الأولى للهجوم، ولا يزال حتى اليوم يحفظ دماء شهدائه ويكرم تضحياتهم.

وصرح رئيس الجمهورية من مقر الامم المتحدة : أعلن هنا باسم شعب إيران عن خالص شكري لكل الشخصيات والشعوب والدول والمنظمات الإقليمية والدولية التي أبدت تضامنها معنا خلال هذه الحرب.

واضاف : اليوم، وبعد مرور ما يقرب من عامين على جرائم الإبادة الجماعية والتجويع الممنهج واستمرار سياسة الفصل العنصري داخل الأراضي المحتلة الفلسطينية وفي قطاع غزة، وتوغلات الكيان الصهيوني المتكررة في حق الجيران، يطرح هذا الكيان اليوم وبصورة علنية وخارجة عن كل اعتبارات العقل والمنطقة، فكرة "إسرائيل الكبرى"، وذلك على لسان كبار قادته؛ لافتا الى أن "هذه الخطة تطال مساحات واسعة من أراضي المنطقة، وهي ترجمة صريحة للأهداف الحقيقية التي يسعى وراءها الكيان وهو ما جاء في تصريحات رئيس وزرائه مؤخرا، فلا أحد في العالم بأمان من النوايا التوسعية لهذا الاحتلال.

واردف بزشكيان : من الواضح أن الكيان الصهيوني وحلفاءه لم يعودوا مكتفين بمشروع التطبيع السياسي؛ وانما باتوا يفرضون وجودهم بلغة القوة، ويسوقون ذلك تحت عناوين مزيفة مثل "السلام من منطلق القوة"؛ مؤكدا بان "هذا ليس سوى اعتداء واستبدادٍ واستقواء بالقتل والقهر، لا سلام ولا قوة عادلة".

واستدرك قائلا : ان ايران القوية تطمح إلى بناء مستقبل واعد مع جيرانها؛ قائلا : إننا ندافع عن رؤية بديلة تجنب المنطقة مخططات كبيرة تلهمها العنصرية والتدمير والفوضى؛ رؤية تقوم على الأمن الجماعي باستخدام آليات تعاون دفاعية فعلية ورد مشترك على التهديدات، رؤية تحترم كرامة الإنسان وتنوّع الثقافات، وتعزز التنمية المشتركة بالاستثمار في البنى التحتية والمعرفة الجديدة، رؤية تحترم أمن الطاقة ومبدا التقاسم العادل للموارد الحيوية كركيزة للاستقرار الاقتصادي، رؤية تحمي البيئة للأجيال القادمة، رؤية تقر بسيادة الدول وسلامة أراضيها كخطوط حمراء لا تفاوض عليها، ورؤية لا تبحث عن "سلام عبر القوة" بل عن "قوة من أجل السلام".

وتابع : في إطار هذه الرؤية، لا مكان للقتل والدمار، ولذلك كانت بلادي على مدى سنوات مديدة من أشد المدافعين عن بناء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل، ولكن هناك من يمتلكون أكبر ترسانات نووية ويخرقون بتصرف فاضح معاهدة انتشار الأسلحة النووية (NPT)، كما يطورون أسلحتهم يوميا لكي تصبح أكثر فتكا ودمارا، وهم يوجهون اتهامات واهية ضد شعبنا ويضعوننا تحت ضغوط مستمرة.

واوضح : خلال الأسبوع الماضي، حاولت ثلاث دول أوروبية، بعد مرور عقد على خذلانها وعدم التزامتها بالعهود وبأمر وضغط من الولايات المتحدة الأمريكية، إنعاش قرارات ملغاة لمجلس الأمن الدولي ضد إيران ومارست في هذا السياق الضغوط والتعسف والاستغلال الصريح.. وقد تجاهلوا القواعد القانونية، وصوروا الإجراءات القانونية التعويضية الإيرانية ردا على خروجهم من الاتفاق النووي وانتهاكات أوروبا وتخلفها، كـ "خرق فاضح"، وادعوا زورا كونهم "أطرافا حسنة السيرة" للاتفاق، كما وصفوا جهود طهران الصادقة بأنها "غير كافية"، وكل ذلك بهدف إنهاء الاتفاق الذي كانوا يعتبرونه أعظم إنجاز للدبلوماسية متعددة الأطراف.

واعتبر الرئيس الايراني، بان "هذا الفعل غير القانوني، الذي واجه احتجاجات لعدد من أعضاء مجلس الأمن الدولي، يفتقر الى الشرعية الدولية ولن يحظى بتأييد المجتمع الدولي"؛ مضيفا : انني اجدد التاكيد من أمام هذه الجمعية، بأن إيران لم ولن تسعى لصناعة سلاح نووي ولا نريد هذا لنوع من السلاح، وهو موقف عقائدي قائم على فتوى من قيادتنا، لذلك نحن لن نؤيد أسلحة الدمار الشامل.

وتابع : "إسرائيل" هي من يعكر صفو الأمن في المنطقة، بينما تُفرض العقوبات على إيران؛ نحن لدينا مثل شعبي يقول "لقد أذنب حداد في مدينة بلخ، بينما تم قطع رأس نحاس في مدينة شوشتر، بمعنى أن شخصا يثير الفوضى في مكان ما، بينما يُعاقب اخرون لقاء الجريمة ذتها.

واكمل في الشان ذاته : إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية ترحب بالسلام والاستقرار وتؤمن بأن مستقبل المنطقة والعالم يجب أن يُبنى على أساس التعاون والثقة والتنمية المشتركة، وفي هذا الإطار، تدعم إيران مسار السلام بين جمهورية أذربيجان وجمهورية أرمينيا، وتأمل بأن تكون هذه النتيجة مستدامة وتشكل أساسا لتحسين العلاقات بين هذين البلدين الجارينن كما تأمل إيران بأن تؤدي الجهود المبذولة لإنهاء الحرب في أوكرانيا إلى اتفاق عادل ومستدام بين روسيا وأوكرانيا.

وتابع : إيران ترحب بالتحالف الدفاعي بين الدولتين الشقيقتين المسلمتين، المملكة العربية السعودية وباكستان، باعتباره بداية لنظام أمني إقليمي شامل بتعاون دول غرب آسيا المسلمة في المجالات السياسية والأمنية والدفاعية.

وصرح رئيس الجمهورية : أخيرا، تدين إيران العدوان الإجرامي الذي شنه الكيان الصهيوني على قطر، مما أدى إلى استشهاد عدد من المواطنين الفلسطينيين والقطريين، ونؤكد دعمنا وتضامننا مع دولة قطر وشعبها.

واردف قائلا : إن الأمن الحقيقي لا يتحقق بالقوة، بل من خلال بناء الثقة والاحترام المتبادلين والتقارب الإقليمي والتعددية القائمة على القانون الدولي، وانطلاقا من ذلك، انني أدعو الجميع ليتدربوا على الاستماع لبعضهم الاخر بدلا من المجابهات ورفع الاصوات، وإعادة النظر في الأسس الفكرية للاستقطاب والعنف السياسي، التي لا تعصف فقط بالمجتمع الدولي اليوم، بل تنشر التوتر والفوضى داخل المجتمعات أيضا. وكقاسم مشترك لجميع المعتقدات والثقافات، وبدلا من التفسير المغرض للمفاهيم والروايات، فلنتجنب معاملة الآخرين بما لا نرضاه لأنفسنا، ولنعمل على إصلاح وإعادة بناء مصداقية المؤسسات والآليات القانونية الدولية، ولنلتزم بإنشاء نظام أمني وتعاون إقليمي في غرب آسيا.

ومضى الى القول : نحن الإيرانيون نشرنا قوتنا في انحاء العالم، ليس بإنتاج واستخدام الأسلحة النووية وقتل مئات الآلاف من البشر في القرن العشرين، ولا بالإبادة الجماعية وتجويع أطفال غزة في القرن الحادي والعشرين، بل بثقافة الإنسانية ورسالة التعاطف لمستكشفي القلوب مثل مولانا وحافظ وسعدي.

وأضاف : الجناة الذين يمارسون البلطجة من خلال قتل الأطفال لا يستحقون اسم الإنسان، وبالتأكيد لن يكونوا شركاء موثوقين؛ مردفا : إيران، بالاعتماد على تقليدها العريق في الإنسانية، هي شريك مستقر ورفيق موثوق لجميع الدول المحبة للسلام؛ صداقة وشراكة لا تقوم على المصلحة المؤقتة، بل على أساس العزة والثقة والمستقبل المشترك.

وختم رئيس الجمهورية تصريحاته بالقول : نحن، الشامخون من أبناء إيران، صمدنا وسنصمد في وجه الخارجين على القانون، وتجاوزنا الظلم والتمييز والمعايير المزدوجة بكرامة، واليوم، بنظرة قائمة على الفرص، حولنا هذا الإنجاز التاريخي للشعب الإيراني إلى منصة للقفز نحو مستقبل مليء بالأمل.

رمز الخبر 198370

تعليقك

You are replying to: .
2 + 0 =