قال علی جنتی فی حواره مع مقهى الخبر : کلما قدم الاسد المزید من التنازلات ، کلما زاد عدد الاشخاص الذین ینزلون الى الشارع وهذا مؤشر على وجوب تفکیره بحلول اخرى.

تمثل سوریا الى جانب ایران ولبنان محورا للمقاومة امام الکیان الصهیونی. وما من شک لطالما کان هذا المحور مستهدفا من قبل امیرکا واسرائیل حیث وللوهلة الاولى العمل على تدمیره واذا ما فشل هذا الامر السعی الى اضعافه . لذا نرى ان امیرکا والکیان الصهیونی سعیا وخلال الاشهر الاخیرة وبغرض بلوغ اهدافهما الى اثارة الفوضى فی سوریا بهدف توجیه اکبر کم من الضرر الى جبهة المقاومة. ان النهج الذی تم اتباعه فی البلاد خاصة من قبل انصار المقاومة تجاه  التطورات والاحداث فی سوریا کان نهجا لا مفر منه ، یبتنی على الحکمة وقائما على المصالح الشاملة لسوریا وعدم منح الفرصة للکیان الصهیونی للاصطیاد فی الماء العکر. فی غضون ذلک وبغض النظر عن ان اضعاف الاسد والاطاحة به سیصب فی صالح امیرکا والکیان الصهیونی لکن وقائع الاحداث فی سوریا ومن ضمنها اسلوب القمع الخاطئ تجاه المحتجین امر لا یمکن تجاهله. من هنا فان تحلیل الاوضاع فی سوریا ومستقبل هذا البلد عدا الحاجة الى فهم وادراک دقة الاحداث واستخدام تفاصیل الوقائع هو امر بالغ الاهمیة. ان التشجیع على الفوضى والمصیبة التی حلت بسوریا بذریعة مواکبة الربیع العربی والمضی نحو التدخل السافر لامیرکا واسرائیل لضرب المقاومة هو بمثابة عمل خاطئ وقبیح بقدر امر تجاهل کل الاحداث التی یشهدها هذا البلد.

لذا ومن هذا المنطلق یجب التمعن فی الامور التی تقع فی سوریا بصورة ذکیة ، لذا تم توجیه دعوة الى "علی جنتی" سفیر ایران السابق لدى الکویت والخبیر بشؤون العالم العربی للحضور فی "مقهى الخبر" لیحل ضیفا علینا. ویرى جنتی ان امیرکا واسرائیل لدیهما رغبة شدیدة لتدمیر محور المقاومة وان اسلوبهما هذه المرة یتمرکز حول استخدام  سخط الشعب الذی تم التمهید له عبر الخمسین عاما الماضیة وعلى مدى فترة حکم عائلة الاسد. ویقول جنتی: ان الاسد ومنذ امد بعید شعر ان المجتمع الذی یحکمه بحاجة الى اصلاحات لکن من کان حوله عرقلوا هذه العملیة. والیوم وعندما قرر القیام بالاصلاحات رأى ان الاوان قد فات وعلیه بذل مساع جمة وکبیرة بغیة تحقیق مطالب الشعب.

فی بدایة الامر دعنا نتحدث قلیلا عن تاریخ والاوضاع الراهنة فی سوریا.

ان للنظام السوری وجهان متناقضان تماما. اولهما وجه ضد الصهیونیة والاستعمار والذی کان منذ عهد حکومة حافظ الاسد ولا زال حتى یومنا هذا. منذ عام 1967 ای خلال فترة الحرب التی خاضتها سوریا مع اسرائیل والتی اسفرت عن احتلال مرتفعات الجولان السوری، نرى ان الدولة المجاورة الوحیدة للکیان الاسرائیلی والتی لا تزال حتى الیوم تواجه اسرائیل ولم تنطلی علیها الاعیب واغراءات التسویة والتطبیع من قبل الصهاینة والامیرکان هی سوریا . فی تلک الاعوام تم تخصیص 7 بالمئة من الموازنة العامة لسوریا للانفاق العسکری وقررت سوریا استعادة مرتفعات الجولان فی عهد حافظ الاسد بای ثمن کان. وفی السیاق، کانت علاقات شاه ایران مع نظام حافظ الاسد تشهد جمودا کبیرا. فی تلک الفترة کانت سوریا تصنف ضمن کتلة الشرق والاتحاد السوفیاتی وکانت دولة مناهضة للامبریالیة ولامیرکا، بینما کانت ایران من حلفاء جبهة الولایات المتحدة. وعلى اعتاب انتصار الثورة الاسلامیة، کان الثوار الایرانیون فی سوریا وکان لدیهم تعاون وثیق جدا مع السوریین وکانت سوریا تمثل قاعدة مناسبة للثوار الایرانیین ضد نظام الشاه. حیث ان العدید من القوات الثوریة لاقت التدریب العسکری فی مخیمات اللاجئین الفلسطینیین اطراف دمشق وبعدها عادوا الى ایران.

عقب انتصار الثورة ربطت سوریا بایران علاقات وثیقة لاتزال حتى یومنا هذا قویة بحیث یمکن القول ان علاقة ایران بسوریا هی اوثق علاقة تربط ایران بدولة فی المنطقة. وعلى صعید مواجهة الصهاینة لطالما تعتبر سوریا قاعدة للمقاومة الفلسطینیة ومنذ عهد حافظ الاسد وحتى الیوم نرى ان العدید من الحرکات الفلسطینیة امثال فتح وکافة الفصائل لها مکاتب فی العاصمة دمشق.

من جهة اخرى فان العدید من اللاجئین الفلسطینیین یعیشون فی المخیمات السوریة، وبالرغم من قیام  عدة بلدان من دول الجوار الاسرائیلی بالتطبیع مع هذا الکیان مثل الاردن ومصر وتوقیع معاهدة کامب دیفید لاحقا ، لکن حافظ الاسد لم یکن فی ای یوم على استعداد للتخلی عن المقاومة.

ان کل هذه الخصائص تمثل صورة سوریا الایجابیة. اما الوجه الآخر لسوریا فهو الاوضاع الداخلیة لهذا البلد وکیفیة تعاطی النظام الحاکم مع الشعب. فحافظ الاسد تولى سدة الحکم من خلال انقلاب عسکری ولیس من خلال انتخابات شعبیة وحقق ذلک مع جماعة من العلویین فی الجیش الذین ساندوه لیتولى زمام القدرة ، ولا یزال هؤلاء الاقلیة وحتى هذا الیوم یتولون زمام  السلطة فی البلاد.

ان هذه القضیة تمثل نقطة ضعف للنظام السوری وعلى مر السنین لاتزال هذه الاقلیة تحکم الاکثریة السنیة. من جهة اخرى، نظام حزب البعث الحاکم یمثل احد ارکان هذه الازمة. فهذا الحزب سعى لأن یکون حزبا شمولیا ، لکن جزءا من الشعب لم یکن على استعداد للدخول فی عضویة هذا الحزب. ومن جهة اخرى لا یوجد فی سوریا حزب آخر . لذا لم یشهد هذا البلد ومنذ امد بعید اجراء انتخابات حرة. وعلى الرغم من اجراء استفتاء کل عدة اعوام لانتخاب حافظ الاسد کرئیس للبلاد لکن هذا الاستفتاء کان مرشحه الوحید هو نفسه حافظ الاسد.

اما نواب مجلس الشعب فجمیعهم هم من اعضاء حزب البعث ونظرا للدعم المادی، السیاسی والدعایة التی یوفرها النظام الحاکم، فهم یحضرون اجتماعات المجلس وان عامة الشعب یعلمون جیدا ان هؤلاء لا یمثلون الشعب وان الشعب لیس له ای صلة بتعیین مصیره بنفسه. اما من الناحیة الاقتصادیة فان الفقر والفجوة الطبقیة تعتبر ایضا من اسباب سخط الشعب. لقد کنت متواجدا فی سوریا بین عام 1975 وحتى عام 1979، لقد لمست فقر عامة الشعب بنفسی بین مختلف طبقات الشعب السوری.

لقد ضاق الناس ذرعا من الناحیة الاقتصادیة وان النقطة السلبیة  الاخرى خلال العقود الاربعة الاخیرة فی سوریا، هی الفساد المالی المستشری بین النظام الاقتصادی والاداری فی هذا البلد. ففی سوریا لن تتمکنوا من رؤیة ای مشروع یخلو من استثمار اعضاء حزب البعث. فغالبیة الاستثمارات الاجنبیة فی هذا البلد تتم اما عبر تقدیم الرشوة لاعضاء النظام الحاکم او عن طریق الشراکة مع احد اصحاب النفوذ فیه. وعلى سبیل المثال نرى ان رامی مخلوف احد اثریاء واصحاب الاراضی هو ابن خالة الرئیس بشار الاسد والذی یمتلک ثروة هائلة من ضمنها شرکة الاتصالات السوریة، اراض واسعة، مصانع وشرکات کبرى والذی اعلن مؤخرا وعقب الاضطرابات الاخیرة انه سیتخلى عن کامل ثروته لصالح الشعب.

ویعتبر مخلوف احد الافراد الذین لهم تواجد دائم فی کل المشاریع. وفی اسفل القائمة فی قطاع الجمارک، المصارف ، وزارة التجارة و ..... لا یمکن القیام بای عمل دون تقدیم الرشوة والتی اضحت ظاهرة عادیة ومتداولة فی سوریا. حتى ان الحدود السوریة اللبنانیة وبسبب رواج هذه الظاهرة یتم عبور المسافرین الاجانب خلالها عن طریق تقدیم الرشوة ودون اظهار جواز السفر .

اما من الناحیالاجتماعیة فان اجواء الکبت التی تسیطر على هذا البلد تعتبر ایضا من اسباب الاحتجاجات الشعبیة التی شهدتها سوریا مؤخرا. حیث عانی الناس على مدى 48 عاما من حالة الطوارئ التی تسود البلاد، بحیث لا یحق لمحاکم سوریا التدخل، فیما تتم الاعتقالات دون اصدار حکم من المحکمة ویحاکم افراد الشعب فی محاکم عسکریة ولا وجود لای قانون یحدد طبیعة الاعتقالات والیوم وعقب 48 سنة تم رفع حالة الطوارئ مؤخرا.

اما نظام الشرطة والاستخبارات الحاکم فی سوریا فقد اسست قواعده منذ زمن حافظ الاسد ولایزال حتى یومنا هذا تحت اشراف حزب البعث ، ویعتبر من اشد الانظمة الاستخباراتیة تعقیدا فی کل منطقة الشرق الاوسط. لا یشعر ای شخص فی سوریا بالحریة فی التعبیر عن رأیه ضد النظام الحاکم ولا وجود لای صحیفة خارج سیطرة حزب البعث.

ان مجموع القضایا التی ذکرتها، القمع، سیطرة الارهاب، الاختلاف الطبقی، الفقر وانعدام الحریات السیاسیة اسفرت کلها عن وقوع الاحداث الراهنة فی سوریا. ان شبکة الشرطة التی کانت تلف عامة الشعب على مدى 50 عاما تم اختراقها الیوم واستطاعت جموع ابناء الشعب السوری بیان آراءها عبر الاحتجاج والنزول الى الشارع. هذان الوجهان یجب ان یوضعا جنبا الى جنب ومن ثم یمکن النظر الى سوریا من جهتین وهذه القضایا هی ما یمیز سوریا عن باقی الدول.

ان الازدواجیة الموجودة فی سوریا ادت بنا داخل البلاد الى عدم امکانیة تحلیل اوضاع سوریا بصورة صحیحة حتى ان الخبراء السیاسیین الایرانیین اصیبوا بنوع من التخبط والخلط فی اراءهم. کیف یمکن تفسیر هذه الازدواجیة؟ وکیف یمکن تقدیم تحلیل صحیح وعادل حول الاوضاع فی سوریا بحیث لا یتم اضعاف جبهة المقاومة من جهة ومن جهة اخرى لا نتهم بتجاهل الحقائق المؤلمة الراهنة فی هذا البلد فیما یتعلق بقمع ابناء الشعب السوری؟
یجب الالتفات هنا الى وجود موقفین مختلفین فی ایران ، الاول موقف نظام الجمهوریة الاسلامیة والآخر موقف النخبة، المتفکرین والاکادیمیین الذین یتابعون القضایا عن کثب. من جهة موقف النظام ، فعلى الرغم من کافة المشاکل الداخلیة یعتبر النظام السوری جبهة المقاومة ضد الصهاینة وامیرکا وان العدید من الانجازات التی حققتها الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة یعود جزء کبیر منها الى التحالف الاستراتیجی مع سوریا والذی ادى الى تعزیز قدرات حزب الله والمقاومة اللبنانیة امام الکیان الصهیونی ومن هنا اذاقت المقاومة طعم الهزیمة لکیان الاحتلال فی لبنان، وبالطبع فی حال هزیمة جبهة المقاومة (ایران، سوریا، حزب الله) ، فان صورة المنطقة ستتغیر کلیا. لذا نرى ان الجمهوریة الاسلامیة تشعر ان البلد الذی ابدى صمودا ومقاومة امام الصهاینة یجب ان یلاقی الدعم السیاسی والدعایة بقدر ذلک حتى یتمکن من الوقوف على قدمیه حتى لا تکسر شوکة المقاومة فی المنطقة. وکما تعلمون فانه وفی الوقت الراهن یتواجد العدید من قادة مقاومة حماس وغیرهم فی دمشق. ولا زالت سوریا حتى الان تلعب دور حلقة الوصل بیننا وبین حزب الله لبنان وقدمت خدمات کثیرة لجبهة المقاومة على هذا الصعید. لذا فالان وخلال الاوضاع المتأزمة الراهنة فی سوریا ، یتوجب على ایران عدم التخلی عن هذا البلد واعلان تقدیم الدعم لها من خلال وسائل الاعلام الرسمیة. اما المتفکرین وباقی المثقفین فلا یمکنهم تجاهل بعض الحقائق والتی من ضمنها القمع الشدید الذی توجهه قوات الامن الى ابناء الشعب والذی لا یمکن تبریره بای شکل ، لذا ومن هنا فلدیهم مواقف لا یمکن لاحد ان یعارضها ، ویمکنهم ایضا تقدیم وجهات نظرهم وتحلیلاتهم بهذا الشأن.

اذا ما استمرت اوضاع سوریا بنفس الطریقة التی اشرتم لها فان نتیجتها ستکون الاطاحة بنظام الاسد . اذا ما حدث هذا الامر فما هو مآل علاقة بلادنا بسوریا عقب الاسد؟
یمکن القول انه ما من امل فی بقاء الاسد واذا سقط نظام الاسد فان ایران ودون ادنى شک ستواجه ضررا کبیرا، ای ان النظام القادم سیکون غیر علوی ومعارضا للجمهوریة الاسلامیة الایرانیة. حیث نرى الان ادلة وشواهد على هذا المستقبل الغامض ، انظروا الى تظاهرات واحتجاجات الشارع السوری سترون ان بعض المحتجین فی المدن السوریة وبسبب دعم ایران لبشار الاسد اقدموا على حرق العلم الایرانی کما اعلن بعض ابناء الشعب السوری معارضتهم لایران. فضلا عن وجود العناصر المأجورة المندسة من قبل اسرائیل والسعودیة والتی تقوم بهذه الامور وفق مخطط معد ، لکن لا یعارضهم احد من عامة الشعب. ومع ذلک، ووفقا للاعراف الدبلوماسیة والسیاسة التی تتبناها کل دولة فان ایران لاتزال تدعم بشار الاسد وهذه القضایا هی بالتأکید ستلقی بظلالها على العلاقة التی ستربطنا بالنظام القادم فی هذا البلد وفی افضل الاحوال ستکون عبارة عن علاقة یسودها الجمود وباردة. ومن جهة اخرى لن تکون ایران هی المتضرر الوحید جراء ذلک. فسقوط نظام الاسد سیخل بتوازن القوى فی المنطقة کما ستتعرض المقاومة لمأزق کبیر.

صحیح ان الاسد یمثل محور مقاومة امام اسرائیل لکن بعض المحللین یرون ان احتمال الاطاحة به سیکلف اسرائیل ثمنا باهظا لأن لیس هناک وضوح حول خلیفته وکیفیة تعاطیه مع هذا الکیان وحتى هناک احتمال ان یکون بمثابة عدو بکل ما للکلمة من معنى. ما هو رأیکم حول مدى صحة هذا التحلیل؟

فیما یتعلق بهذه القضیة هناک تحلیلان: یرى البعض ان الاسباب التی ذکرتموها هی الت تحول دون رغبة اسرائیل وامیرکا بسقوط نظام الاسد ، بل انهم حتى یفضلون بقاء بشار الاسد، لکن بشار الاسد الضعیف الذی یمکن فرض مخططاتهم التطبیعیة علیه حتى تتمکن اسرائیل من الحفاظ على مکانتها وتفوقها الحالی. اما الدلیل الذی یکمن خلف هذا التحلیل فهو انه فی اعقاب حرب 1967 وحتى الیوم کانت حدود الجولان اکثر الحدود امانا لاسرائیل . فحدود سوریا-اسرائیل وخلافا لحدودو مصر-اسرائیل او الاردن-اسرائیل تعتبر الاکثر امنا وهدوءا لذا ما ضرورة الاطاحة بنظام لا یمثل ای تهدید جاد لاسرائیل.

اما التحلیل الثانی فیتعارض تماما مع هذه الفکرة ویقول ان امیرکا واسرائیل تسعیان للاطاحة بنظام بشار الاسد. لأن الامیرکیین یعتقدون ان لا وجود لای مشاکل مع النظام الذی سیخلف الاسد وحتى فی حال تولی الاخوان المسلمین زمام السلطة فهذا سیکون افضل لان الاخوان انفسهم لا مشکلة لدیهم مع امیرکا . کما هو حال اخوان مصر الذین اعربوا فی الآونة الاخیرة وتزامنا مع تصریحات وزیرة الخارجیة الامیرکیة عن استعداهم للحوار مع واشنطن. وایضا نرى ان اخوان الاردن وسوریا لا مشاکل لهم مع الامیرکیین ، ونقلا عن بعض مصادر الاخوان فی سوریا فهم الان على اتصال مع اجهزة الاستخبارات الامیرکیة.

ان الحکم حول مدى  صحة ای من هذین التحلیلین ، امر فی غایة الصعوبة. لأن معلومات المصادر تحکی عن ان العدید من الاحتجاجات والتظاهرات التی تشهدها سوریا یتم الترتیب لها عبر رسائل قصیرة یتم ارسالها من داخل اسرائیل ویتم حشد الناس عبر هذا الاسلوب وهذا یوضح ان اسرائیل تقوم فی بعض الاحیان بتألیب الشعب السوری وایضا السعودیة التی تقوم بالتآمر ضد نظام بشار الاسد ویکون هذا عبر قبیلة "شمر" التی یقطن بعض منها فی السعودیة، سوریا والاردن. ویقال ان بعض السلاح الذی تم الکشف عنه مؤخرا تم ادخاله الى سوریا عبر السعودیة.

 

وهل هناک طریقة یستطیع من خلالها بشار الاسد تجاوز الوضع الراهن والمضی ببلاده نحو الاستقرار والهدوء؟
ان توقع هذا الامر صعب للغایة. فالظروف تزداد سوءا یوما تلو الآخر. فالنظام السوری بقدر ما یصعد من قمعه او فی تقدیم  التنازلات للشعب ، فی کلتا الحالتین تشتد حدة التظاهرات. لقد قام الاسد حتى الان باصدار عفو عام لمرتین، کما الغى حالة الطوارئ وقدم وعودا بتعدیل مواد من الدستور ووضع دستور جدید لکن التظاهرات لا تزال متواصلة. وکان آخرها عقب خطاب بشار الاسد الاثنین الماضی حیث نزل المتظاهرون الى الشارع رافضین وعوده والاصلاحات التی اقدم علیها. ویبدو ان الاسد بادر الى تفعیل الاصلاحات عقب فوات الآوان. لذا لا یرضى الشعب بای من الخطوات والحلول التی قام بها. ربما لو کان قد قام بهذه الاصلاحات قبل عام من الآن لکان استطاع الیوم اطفاء هذه الشعلة المستعرة.

 
هل یمکنک تقدیم نماذج عن هذه الحلول؟
ربما کانت هذه الاصلاحات تتمثل بالتخلی الکامل عن حزب البعث وتأسیس حزب جدید یرتکز على الحریة. کما یتوجب علیه الاعلان بشفافیة عن الحریات السیاسیة، ویمکنه ایضا حل جهاز الاستخبارات – العسکری الذی یسیطر بصورة شاملة على حیاة ابناء الشعب والمضی نحو اصلاحات عملیة یقنع من خلالها ابناء الشعب بالعودة الى منازلهم.

نظرا لسیادة واقتدار البعثیین، ترى ما مدى قدرة بشار الاسد على المناورة؟ هل سینجح فی سعیه لتفعیل الاصلاحات؟
ان العامل الایجابی الان الذی بحوزة بشار هو وقوف الجیش الى جانبه. وهذا لا یعنی مواکبة حزب البعث له الى نهایة المطاف. یبدو انه کلما مضى الاسد نحو الامام  فهناک امکانیة حدوث شرخ کبیر فی حزب البعث بحیث ینضم عدد منه تحت لواء الاسد فیما یذهب البعض الآخر تحت لواء البعثیین. ونرى ان المؤسسة الوحیدة التی صمدت حتى الان ووقفت خلف الاسد هی مؤسسة الجیش العسکریة التی لاتزال تطیع اوامره. لکن داخل حزب البعث ودون شک فان الاسد یواجه مشاکل عدیدة.

هل تعتبرون الجیش جهازا منفصلا عن حزب البعث؟
لا یمکن القول ان الجیش منفصل بشکل تام عن حزب البعث لان العدید من العسکریین هم من اعضاء حزب البعث لکن اذا ما تقرر حدوث شرخ وانفصال فی حزب البعث ، فلیس الجیش الذی سینفصل ، بل عناصر اخرى من ضمنها قوات الامن هی التی یتوجب ان تنفصل.

هناک قضیة اخرى تطرقتم الیها وهی ان امیرکا وبغیة اضعاف سوریا او ازالتها من حلقة المقاومة تقوم الان بالتجوال فی هذا البلد. ویتبادر الى الاذهان هذا السؤال وهو اذا ما قام الاسد بقبول الشروط الامیرکیة، هل باستطاعة امیرکا السیطرة على الاوضاع الراهنة فی سوریا واعادة کل شئ الى سابق عهده؟
کلا. ان العوامل المؤثرة فی هکذا قضایا، هم عامة وحشود الشعب. ان التیارات والقوى الاجنبیة تستطیع عبر وسائل الاعلام ، الشبکات الاجتماعیة او التجسسیة التأثیر على مسیرة الاحداث، لکن وفی نهایة المطاف ابناء الشعب السوری هم من سیقرر مصیر مستقبل بلادهم . کما حدث مع نظام الشاه ، حیث سعى الامیرکان وبشدة الى ابقاء الشاه لکنهم فشلوا فی مواجهة مطالب الشعب. واعتقد ان مطالب الشعب السوری تراکمت الیوم بحیث ان حتى الامیرکان انفسهم وباقی القوى الکبرى الاقلیمیة والدولیة اذا ما ارادت ابقاءه فی السلطة لن تستطیع. ربما یمکنها تأخیر التغییر فی هذا البلد لکنها لن تتمکن من الحیلولة دون وقوعه.

وبالعکس، اذا کانوا یریدون ذهاب بشار الاسد هل یستطیعون تسریع هذا الامر؟
لقد قاموا حتى الان بتسریعه. من الناحیة الاتصالات وتمکین باقی بلدان المنطقة امثال السعودیة للعمل على ذلک فی سوریا. ان الغرب الیوم بصدد کسر وتدمیر شوکة المقاومة. وفی الحقیقة انهم یعکفون على تحقیق ذلک بشتى الطرق.

هل هناک امکانیة فی ان یقوم الاسد حال تأکده من رحیله وان کل شئ شارف على نهایته بالانتقام من اسرائیل؟
شئ مستحیل لأن سوریا لیست على استعداد لشن حرب على اسرائیل. فی الماضی وخلال حروب اسرائیل وحزب الله، وفی الوقت الذی کانت القوات السوریة متواجدة فی لبنان لم تطلق النار نحو الطائرات الحربیة الاسرائیلیة فما بالک بقیامها بهذا الامر الیوم. ان العمل الحکیم  والوحید الذی یستطیع القیام به بشار الاسد الیوم، هی ذات الحلول التی اشرت لها مسبقا، تأسیس حزب جدید، وحل الاجهزة القمعیة الاستخباراتیة و .... ، ان شخصیة بشار الاسد تختلف عن والده ، فهو من خریجی بریطانیا ولدیه نفسیة لیبرالیة تتطلع نحو الحریة ویعتقد بهذه الامور ، اما حزب البعث فنسیجه یعود الى 50 عاما الماضیة وهو یلف بشار الاسد ولا یسمح له بتفعیل اصلاحاته ومنحها صورة عملیة.

ان آفاق سوریا عقب الاسد تبدو مظلمة وضبابیة اما فی حال تولی الاخوان سدة الحکم بعد الاسد ، هل یمکن استنتاج انه نظرا لان بشار الاسد من العلویین والاخوان من السنة ، وقدوم شخص بعده من الطائفة السنیة سیقع محط ترحیب حرکة حماس؟
لقد حققت حماس حتى الان منافع جمة من قبل نظام الاسد، وحتى ان سوریا کانت من اهم الداعمین الاساسیین لحماس ، کما تمکنت من تعویض الضربة التی وجهها نظام مبارک لها على مر سنین عبر دعم سوریا. لکن عقب رحیل الاسد ، فمن المؤکد سیتولى الاخوان زمام الامور ، ولا یمکن التنبؤ بکیفیة العلاقة التی ستکون بین حماس والحکومة السوریة المقبلة. فقوات عبد الحلیم خدام ، العناصر التابعة لبیان دمشق وکافة اللاعبین فی سوریا لا یمکن تجاهلهم. ولا وجود لای معلومات عن مدى القدرة التی سیکتسبها الاخوان فی المستقبل.

على ایة حال ای شخص سیحل مکان الاسد سیکون سنیا او سلفیا او اخوانیا او من الاشخاص الغیر مقربین من الشیعة ، لذا فاننا لا نرى ای خطوة عملیة تتخذها حماس بغیة دعم الاسد وکانت حتى الیوم مراقبا محایدا فی حین ان السید نصر الله اعلن مرارا فی خطاباته الاخیرة عن دعمه لبشار الاسد، بالرغم من اشارته الصریحة الى الاجراءات الخاظئة التی اقدم علیها.

صحیح ان قوات حماس فی سوریا اصیبت بنوع من التناقض فی مواقفها ازاء نظام بشار الاسد. فهم یعارضون عملیة قمع الشعب  لکن من جهة اخرى یشعرون ان النظام السوری یعتبر اکبر داعم لهم وقام بدعم حماس سیاسیا وعسکریا. ان استراتیجیة حماس فی الوقت الراهن هی السکوت امام التطورات التی تشهدها سوریا. واعتقد ان حزب الله لو قام باتخاذ هکذا موقف لکان  افضل لعلاقاته مع الحکومة المقبلة فی سوریا.

لماذا لجأ الاسد ومنذ البدایة الى استخدام القمع؟ هل کان القمع وسیلة لا بد منها لیستخدمه؟ ای هل لم یکن هناک ای سبل اخرى لتهدئة الشعب؟
ان ردة فعل قوى الامن تجاه الاحتجاجات کانت عملیة ممنهجة ووفقا لما هو معمول به عادة فی مثل هذه الحالات. فهم لا یعرفون سوى هذه الطریقة. ان نظام الامن والشرطة السوری وخلال  50 عاما بنی على هذا اساس، اساس استخدام العنف والقمع حال وقوع ای احتجاجات. حتى فی الوقت الذی لم ینسحب فیه الجیش السوری من لبنان ، تعامل مع معارضیه وفی الاراضی اللبنانیة بهذا الاسلوب ومن ثم تم نقلهم الى سجون سوریا. ان قوات الامن السوری استخدمت العنف مع معارضیها فی الاراضی اللبنانیة وهی لا تفکر سوى باستخدام الاسلوب العسکری. وما من شک لم یکن فی حسبانهم ان استخدام العنف سیؤدی الى اتساع رقعة الاحتجاجات. فی زمن حافظ الاسد شهدت مدن حماة وحمص اضطرابات کبیرة واحتجاجات واعمال شغب ، وقامت قوات حافظ الاسد آنذاک بقتل حوالی 25 الى 27 الف شخص وتم تسویة الازمة. الان وعقب 4 اشهر ای منذ بدایة الاشتباکات اعتقدت قوات الامن ان الاوضاع ذاتها تتکرر  وانها تستطیع تسویة الامر بذات الطریقة. بینما ان الاحتجاجات الاخیرة فی سوریا مستلهمة من التطورات التی شهدها العالم العربی فی مصر وتونس . والتی تعتبر صحوة وادراکا شعبیا وان الوقت الراهن ونظرا لتطور وسائل الاتصال بحاجة الى متطلبات عصریة. لذا نرى ان قمع قوى الامن ادى الى اتساع رقعة التظاهرات.

ترى من هی الجماعات الیوم التی تتواجد على الساحة السیاسیة وتحلم بالیوم الذی یلی سقوط الاسد؟ هل للاخوان امکانیة تولی هذا الامر؟

ان جماعة الاخوان المسلمین فی مصر وبالرغم من تاریخها الذی یعود الى 80 عاما، لا تعتبر هی من خلق الحرکة الشعبیة. ان من اوجد التحرک الشعبی فی مصر هم شباب 6 ابریل وعامة الشعب عبر استخدام  شبکات التواصل الاجتماعی وفی تلک الاثناء انضم الاخوان المسلمون الى حشود الجماهیر وواکبوا  الاحداث وبسبب وجود تنظیم منسجم للاخوان استطاعوا التفوق على التیار الشعبی. وفی سوریا نرى الوضع ذاته بالنسبة للاخوان المسلمین. فالاخوان المسلمون فی سوریا یمثلون جزءا من الحرکة الاحتجاجیة وهم متواجدون بین جمیع التیارات المعارضة من القومیین، اللیبرالیین وحتى الشیوعیین. لکن ما مدى الدور الذی یمکن للاخوان لعبه فی الحکومة السوریة هذا امر قابل للبحث.

ما هو رأیکم حول مواقف ترکیا تجاه تطورات الاحداث فی سوریا؟

ان الدور الترکی فی تطورات الاحداث السوریة هو فی ذات امره موضوع مفصل و یجب بحثه على حدة، اما فیما یخص السیاسة الترکیة ازاء تطورات سوریا فیمکن القول، ان ترکیا تلعب الیوم دورا هاما ومؤثرا على صعید تحولات منطقة الشرق الاوسط. کما رأیتم وعقب سقوط مبارک کان من المنتظر تعزیز سبل تطویر التعاون الثنائی بین ایران ومصر، لکن المصریین تعاملوا مع الامر بتجاهل ومن جهة اخرى وعقب زیارة داوود اوغلو وزیر الخارجیة الترکی للقاهرة ، قاموا بتشکیل مجلس استراتیجی اعلى مع ترکیا لیتمکن البلدان من بحث القضایا الاستراتیجیة ذات الاهتمام المشترک . وبالتأکید  سنرى فی القریب العاجل ان مصر وترکیا ستتحولان الى اهم قدرتین مؤثرتین فی المنطقة. ترکیا تشعر انه وبرحیل الاسد یجب ان تبحث عن موطئ قدم لها فی الحکومة السوریة المقبلة. وان الخطوات التی اقدمت علیها مؤخرا کدعوة المعارضین وعقد اجتماع لهم فی ترکیا وتوفیر مأوى للاجئین تأتی کلها فی هذا السیاق. ان سیاسة ازالة التوتر مع دول الجوار والتی ابتکرها داوود اوغلو تم تحقیقها حتى مع ارمنستان. فی الحقیقة انه وعقب سقوط بشار الاسد سیکون للاتراک سهما فی سوریا بقدر السهم الذی ستفقده ایران حینها.

وکیف تنظرون الى مستقبل المقاومة اذا ما تحقق الحلم الامیرکی الاسرائیلی ؟
من المرجح وبسبب العلاقة الوثیقة الموجودة بین نظام بشار الاسد وجبهة المقاومة فان مع سقوط الاسد، سیتم قطع الدعم والمساعدات السوریة لحزب الله. اما فیما یتعلق بالفلسطینیین وحماس وعلاقاتهم فیحتمل ان یستمر الدعم لهم.

وما هی توقعاتکم لآفاق المنطقة؟

ان المنطقة تحمل فی احشائها احداثا کثیرة من الممکن ان تستمر حتى عام 2020 او عقد آخر بحیث اننا سنشهد ظهور شرق اوسط جدید. ویعتقد البعض ان شرقا اوسطا اسلامیا على اعتاب الظهور فی حین یسمیه البعض الآخر بشرق اوسط دیمقراطی. لکن الامر المؤکد ، ان الانظمة الفردیة، الملکیة والاستبدادیة فی المنطقة شاءت ام ابت ونظرا للاحداث التی تشهدها الساحة الدولیة، ستفقد قدرتها وسیحل محلها انظمة شعبیة وسیادات تبتنی على ارادة الشعوب. وان سوریا هی احدى الدول التی تعصف بها الازمة جراء سیادة حزب البعث الشمولیة.

4949

رمز الخبر 161946