خبرأونلاین:تحدث رئیس مکتب حقوق الانسان فی وزارة الخارجیة فی مقابلة مع مقهى الخبر عن ازدواجیة المعاییر الاوروبیة تجاه تعریف حقوق الانسان وعولمة حقوق الانسان موضحا ان السیاسیین الاوروبیین لم یظهروا عزما جازما ازاء مکافحة موضوع محاربة الاجانب والعدائیة ضد الاسلام.

محمدرضا نوروزپور

عندما تحدثت وسائل الاعلام عن مقتل 92 شخصا فی حادث اطلاق نار ارهابی فی النرویج قلما کان هناک شخص لم یتبادر الى باله تنظیم القاعدة والمتطرفین الاسلامیین لکن وعقب مضی بضع ساعات اعلن النرویجیون ان الحادث تم على ید شاب مسیحی متطرف. هذه المرة لم یکن هناک حدیث عن مطلقی اللحى والمعممین. کان الارهابی هذه المرة شاب اشقر وبالطبع یعانی من الافکار المشؤومة لتنظیم القاعدة. لقد قام بهذا العمل تحت شعار الاعتراض على سیاسات الهجرة ومجاراة المسلمین فی اوروبا واظهر للعالم اجمع نمو توجهات العدائیة للاسلام وللمهاجرین فی القارة الخضراء. ان وقوع هکذا حادث فی القارة الخضراء التی تحمل لواء مراعاة حقوق الانسان، التعددیة الثقافیة وتعددیة الاراء ومراعاة حقوق الموطنة حملنا للحدیث مع "علی بحرینی" رئیس مکتب حقوق الانسان فی الخارجیة الایرانیة وفیما یلی تفاصیل الحوار:

 الحادث الارهابی الذی اسفر عن وقوع 92 ضحیة فی النرویج على ید شاب مسیحی متطرف اوجد صدمة لدى سکان العالم. هذه المرة لم یکن الارهابی مسلما متطرفا بل مسیحیا. ترى ما هو تقییمکم لهذا الحادث واین ترون جذوره؟
ان احد اسباب اهمیة هذا الحادث تکمن فی تعقیده. حیث استطاع شخص وخلال زمن وجیز من تخطیط وتنفیذ حادثین ارهابیین بهذا الحجم الضخم فی بلد اوروبی آمن. اول ما یلفت الانتباه هو ما کتبه هذا الارهابی فی وثیقة عن اسباب قیامه بهذا الحادث والتی نشرتها وسائل الاعلام والمواقع الالکترونیة والتی اشار فیها الى افکاره المتشددة والمعادیة للاسلام والاجانب وشدد على معارضته لتواجد المهاجرین والمسلمین فی اوروبا ولسیاسة التعددیة الثقافیة فی هذه القارة زاعما وجوب تقیید سیاسة الهجرة ووضع عراقیل امام الهجرة الى اوروبا. وثانیا امر الانتماءات التنظیمیة لهذا الشخص. فهذا الشاب  "آندریاس برویک" هو عضو فی تنظیم یسمى

"پی.سی.سی.تی.اس" واسمه الاخر الفرسان وهو تنظیم معاد للاجانب وله سیاساته الخاصة احدها ایجاد قلعة اوروبیة وعدم السماح بالهجرة والتشدد ازاء هذا الامر . من جهة اخرى ادان هذا التنظیم التعدد الثقافی معزیا ذلک الى تشویه الهویة الثقافیة الاوروبیة.

 هذا التنظیم الذی تکلمتم عنه هل هو معروف ام مندثر؟
وفقا للاحصائیات الموجودة لدى المصادر الاوروبیة استطاع هذا التنظیم من استقطاب العدید تحت شعار وسیاسة معاداة الهجرة کما اثبتت الاحاصائیات ان الاشخاص الذین یمکنهم القیام باعمال مماثلة لیسوا بالقلیل. حیث یمکن لمس التطرف الشدید لدى هذا التنظیم. وبرویک هو انموذج للاشخاص الذین ینتمون له وهو ما یظهر من توجهاته وافکاره وشخصیته.

 ما هی الرسالة التی حملها هذا الحادث للاوروبیین؟
من خلال تصریحات برویک ودراسة انتماءه التنظیمی بات واضحا ان هذا الحادث جاء جراء السیاسة الراهنة لمعاداة الاجانب فی اوروبا التی اعربوا عن قلقهم حیالها منذ مدة طویلة. لذا یمکن القول ان احدى الرسائل التی حملها هذا الحادث هی التفات اوروبا الى ظاهرة معاداة الاجانب، المهاجرین وابرز مصادیقها معاداة الاسلام.

 وهل یعنی هذا ان الاوروبیین الذین هم على اطلاع بکل دقائق الامور فی باقی البلدان وخاصة المسلمة منها ویقومون بتحجیم مشاکلها واصدار القرارات ضدها لیسوا على علم بهذه المشکلة الحادة فی قارتهم وکانوا ینتظرون وقوع هکذا حادث؟

ان المشکلة الرئیسیة لاوروبا فی کیفیة التعامل مع هذا الامر، تکمن فی انها لم تکن تود تحدید  هذه المشکلة والاطلاع علیها. ای ان سیاستها تقضی بعدم قبول وجود هکذا مشکلة. ان الفشل فی تحدید المشکلة اسفر عنه ظهور مشاکل متعددة. لذلک نرى ان موضوع معاداة الاجانب ظهر الى الساحة فی عدة مجالات وتمخض عنه معاداة المسلمین من خلال عدة موجات مشاعر معادیة  احدها عقب هجمات 11 ایلول. وتلاها نشر امور تشهیریة بالاسلام والمسلمین ومن ثم رسوم الکاریکاتور المسیئة للرسول الاکرم (ص).

وما هو رد فعل المسؤولین الاوروبیین ازاء هذا التیار من معاداة الاجانب ومعاداة الاسلام؟
لقد لمسنا خلال السنوات الاخیرة تغییرا تدریجیا فی طریقة تعامل المسؤولین الاوروبیین ازاء هذه المشکلة. ففی برهة سعى السیاسیون الاوروبیون الى انکار هذا الامر. ومن ثم وعقب وقوع حوادث مختلفة من اعتداءات وعنف ضد المهاجرین والمسلمین فی شتى الدول الاوروبیة سعى السیاسیون الاوروبیون الى تبریر تلک الافعال، کالتبریر القانونی او تحت مسمیات الدفاع عن النفس والدفاع عن حریة التعبیر. ان هذا التغییر فی التعاطی یمکن لمسه من خلال اسلوب تعامل القادة الاوروبیین ومن خلال الاسالیب الدولیة لهذه البلدان.

 وهل یمکن القول وبصراحة ان هذا النهج بات جاریا وسار مفعوله فی کافة انحاء اوروبا؟
بالطبع هو کذلک. فالقاء نظرة على تشکیلة البرلمانات الاوروبیة یظهر وجود احزاب متطرفة فیها. وسبب ذلک یعود الى ان غالبیة القوانین الاوروبیة تجیز تواجد حزب فی البرلمان حتى فی حال حیازته على مقعد نیابی واحد ، وهذا الامر حدث فی عدة دول ای ان الاحزاب المتطرفة استطاعت التواجد فی البرلمان من خلال کسب عدد قلیل من الاصوات.

 هل ترون ان تعالیم معاداة المهاجرین والاجانب تعود جذورها الى اسلوب التعلیم فی الدول الاوروبیة؟
ان هذا لا یعنی تعلیم هذه الطریقة من التعامل لابناءهم بل عدم وجود تعلیم للحیلولة ولمکافحة هذه النظرة وعدم الترویج لها فی المجتمع. لا یجب غض النظر عن البعد الترویجی والدعائی لهذا الامر، فالقاء نظرة على عدد المواقع المروجة للعنصریة ولمعاداة الاسلام والتی شهدت نموا مطردا خلال الاعوام الاخیرة فی اوروبا وللاسف ممارستها لعملها تحت شعار حریة التعبیر. کما ان المواد التعلیمیة فی اوروبا فیما یخص ایجاد مجتمع یتحمل الاخر ومنسجم قلیلة وغیر کافیة فی حین ان تواجد المهاجرین اسفر عن ایجاد مجتمعات متعددة الثقافة.

 لقد اوضحتم اننا سنشهد فی المستقبل القریب ظهور مواجهة بین المهاجرین ومعادی الهجرة او بین المسلمین ومعادی الاسلام فی اوروبا.
هذا الموقف یعتمد کثیرا على سیاسات الاتحاد الأوروبی وسیاسة دوله وبرلماناته. لکن یجب اتخاذ ثلاث خطوات هامة هی:
 اولا: تحدید هذه المشکلة بشکل دقیق، ای على اروبا الاعتراف بهذه المشکلة بجدیة وان ما یجری هو مخالف للمقررات الدولیة وللقیم الانسانیة.
ثانیا: وضع قوانین مناسبة، حیث شهدنا خلال العقد الاخیر تشریع قوانین فی مختلف الدول الاوروبیة على المستوى القومی والاتحادی وکلها تعادی الاجانب والاسلام.
 ثالثا: اتخاذ خطوات عملیة للسیطرة على هذه الآفة، فی اطار برنامج عملی مدون یحول دون الاجراءات المتطرفة یشتمل على برامج تعلیمیة ، تثقیفیة ومراقبة وسائل الاعلام.

 هل یمکن الاشارة الى نماذج من هذه القوانین التی تحدثتم عنها آنفا؟
مثلا قوانین حظر الحجاب فی الاماکن العامة، ومنع ارتداء الزی الاسلامی فی المدارس، وقوانین حظر بناء المآذن ، ینبغی على اوروبا الحیلولة دون تدوین هکذا قوانین ووضع قوانین تحول دون الاجراءات المعادیة للاجانب.

 ان مکافحة العنصریة وای نوع من التطرف تعتبر من اهم قضایا مجال حقوق الانسان لذا لم لا یلتفت الاوروبیون الذین یعتبرون حاملی لواء حقوق الانسان الى هذه القضایا؟
الان احد اهم قضایا مکافحة العنصریة سواء على المستوى الوطنی والدولی هو عدم وجود قواعد کافیة. حیث یعد احد اهم تعهدات البلدان فی العالم هو وضع قوانین کافیة تضمن مراعاة حقوق الانسان فیها ، لکن اوروبا تتعاطى مع هذا الامر بصورة انتقائیة ولم تقم بوضع ای قوانین جدیدة تعاصر التغییر الذی تشهده ولطاما نرى انها تعانی من خلأ قانونی بهذا الشأن.

 فیما یتعلق بقضیة برویک فی النرویج لم نشهد ای موقف خاص یذکر من قبل البلدان الاوروبیة بوصف هذا الحادث بالارهابی. حتى ان وسائل الاعلام الاوروبیة والامیرکیة لم تستخدم عبارة متطرف او ارهابی. ترى لم انتهج الاوربیون نهجا غیر ارهابی ازاء هذا الحادث؟
کما ذکرت احد الاسباب ربما یعود الى عدم وجود رغبة لتحدید حجم واهمیة موضوع الارهاب بشکل تام والاهتمام به. فمن جهة نرى وجود جهود على مر السنین لارجاع اسباب التطرف لدین خاص وهذا بحد ذاته یمثل عائقا امام فتح باب العملیات الارهابیة فی اوروبا. لقد عمل الاوروبیون بشدة على هذه النظریة وروجوا لها کثیرا للتعریف عن ان المسلمین هم ارهابیین. ای انهم بذلوا الجهد لالصاق اسالیب التطرف والارهاب بصورة نظریة بدین وبمذهب خاص. والان یصعب علیهم قبول خطأهم التاریخی الکبیر الذی ارتکبوه ای قبول ان "برویک" المسیحی والذی ینتمی لتنظیم مسیحی هو من قام بهذا العمل الارهابی، ای وفی الحقیقة قبول خطأهم التاریخی. ربما اوروبا لا تعتزم قبول هذه الاخطاء وعدم قبولها لها سیسفر عنه استمرار هذه الاوضاع، ای ینبغی على اوروبا دراسة وتحلیل واقع هذه الظاهرة، وتقبل ان ظاهرة التطرف هی نتاج للاسالیب الخاطئة للحکومات وان ظاهرة الارهاب المتطرف لا تقتصر على دین خاص او قومیات خاصة او منطقة خاصة بل اذا ما کان اسلوب تعاطی الحکومة غیر مناسبا فان ظهور هذه الظاهرة یمکن ان نشهده فی ای بقعة وفی ای ثقافة ولدى ای اتنیة. 

4949

رمز الخبر 166420