٠ Persons
٢٢ فبراير ٢٠١٢ - ١٥:١٩

خبراونلاین- ان مواقف تنظیم القاعدة ازاء احداث سوریا بات یعتریها نوع من التناقض والصراع. لقد کان الهدف من هجمات القاعدة حتى یومنا هذا هو امیرکا والغرب اما الیوم فقد اضحت مواقفها جنبا الى جنب مواقف اعداء الامس.

*محمد ایرانی
لقد اعلن ایمن الظواهری زعیم القاعدة قبل فترة من خلال رسالة مصورة عن دعمه لمعارضی بشار الاسد. ولم تکن هذه هی المرة الاولى التی یحدث فیها امر مماثل بحیث تقف القاعدة جنبا الى جنب معارضی الاسد. فقبل عدة اشهر ایضا شهدنا مواقف لقوات القاعدة تعلن فیها دعمها لمعارضی الاسد فی لبنان وبعض البلدان العربیة. ویبدو ان مواقف تنظیم القاعدة ازاء احداث سوریا بات یعتریها نوع من التناقض والصراع. فحتى الیوم کان الهدف من هجمات القاعدة الغرب وامیرکا حتى فیما یتعلق باسلوب تعاملها مع الکیان الصهیونی هناک شکوک وشبهات حول اسباب اعتبار زعیم القاعدة ان عدوه الاول هو امیرکا ولیس اسرائیل. من هنا وبسبب ان سیاسة بشار الاسد تقع ضمن محور المقاومة ومواجهة الغرب وامیرکا واسرائیل ولم تکن یوما  فی سیاق سیاسة امیرکا ، فمن الطبیعی ان الا تکون القاعدة من داعمی معارضی سوریا الذین یلقون الدعم من قبل امیرکا. وهنا یوجد دلیل واحد فقط على ذلک وهو ان بعض التیارات السلفیة تصطف الیوم فی صف معارضی الحکومة السوریة.
من الناحیة العقائدیة، یعتبر السلفیون وتنظیم القاعدة من خلال وجهة نظرهم المشترکة فی زمرة الفصائل الاسلامیة المتشددة. لا یعتقد کلا هذین التیارین بالسیادة الشعبیة او الدیمقراطیة وتطبیقها ولا یدعمان رعایة الحقوق المدنیة. ان شعور القاعدة عقب ظهور التطورات التی شهدتها المنطقة مؤخرا سواء فی الدول العربیة والاسلامیة لیس انها فقط تخلفت عن تغییرات المنطقة بل انها لا تلعب ای دور على هذا الصعید وان هناک جماعة الاخوان المسلمین المعتدلة التی فتحت الخنادق فی هذا المجال لذا نجدها الیوم تسعى لایفاء دور من قبلها ومن قبل انصارها. فی هذه الاثناء نرى ان النظام العلمانی السوری وعلى الرغم من مواقفه المتعارضة مع الغرب اصبح محل هجمات القاعدة وبالطبع فان هذه المواقف سیتم الافادة منها من قبل بشار الاسد. یکفی القاء نظرة على تصریحات جیمز کلابر مسؤول الامن القومی الامیرکی الذی یقول ان هناک مؤشرات على تورط القاعدة فی هجمات دمشق وحلب. على کل یبدو ان القاعدة لا تسعى الیوم وراء الربح والخسارة بل انها تشعر انها تخلفت عن رکب التطورات الاخیرة وهی کباقی الفصائل فی المنطقة ترمی للتواجد السیاسی والعسکری على صعید القضایا والازمات الاخیرة عبر التواجد على الساحة واعلان الحضور.
لقد بذل تنظیم القاعدة فی اعقاب احداث 11 من ایلول وعلى الدوام السعی لان تکون له مشارکة فاعلة فی کافة تطورات الشرق الاوسط لذا نجده یطرح نهجه فی اطار مواجهة التیار الغربی والامیرکی ویقوم باستعراض تعریف معین لکافة مواقفه السیاسیة. اما فیما یتعلق باحداث سوریا فقد اتخذ جانب الوقوف الى صف المعارضین، وهذا الامر له دلیل واحد هو وجود السلفیین السوریین فی صفوف المعارضة. لکن یا ترى هل سیکون السلفیون هم فاتحو المعرکة فی المستقبل، هناک شکوک کثیرة تحوم حول تحقیق هذا الامر.
الیوم لا یمکن التنبؤ ولا یمکن القول ای من التیارات لها السهم الاکبر والحصة المنفردة فی مجال التغیرات والتطورات التی تشهدها سوریا او هل یمکن للمعارضة لوحدها التغلب على نظام بشار الاسد م لا؟ لکن الشئ الهام هو ان جماعة الاخوان المسلمین فی سوریا لها حضور فاعل على ساحة التطورات فی سوریا. تحظى هذه الجماعة من ناحیة التنظیم والتشکیل وکباقی الدول السنیة فی المنطقة بتاریخ طویل یعود الى اکثر من 80 عاما لذا بمجرد وقوع تحول وبسبب اطلاعها التام والکافی على الرأی العام خاصة لاهل السنة ستقوم برکوب الموجة وتوجیه الساحة والتصرف بها حسب مبتغاها. ان التیار السلفی وکما هو الحال فی مصر لا یعتبر لوحده حزبا او تکتلا ولیس له هذه المکانة لوحده فی سوریا، لذلک نراه یقف الى جانب الاخوان المسلمین ودخل الساحة بواسطتهم. وقد شهدنا ذات النهج من قبل الاخوان والسلفیین فی مختلف الاصعدة ، لکن فی سوریا هناک فجوة اقل بین هذین الفصیلین وذلک یعود الى فقدانهم لای نشاط على مدى امد طویل ولطالما کانوا موضع ملاحقة من قبل الحکومة. ویمکن القول ان التیار السلفی فی المنطقة وقبل وقوع التطورات الاخیرة کان یؤمن بان النضال ضد الحاکم الذی یحکم بلدا اسلامیا هو حرام وهم کانوا لا یعتقدون بالقیام على "اولی الامر" لکن هذا الموقف وبسبب الضغوط السیاسیة للحکومة على هذا التیار وعلى ای تیار اسلامی اخر اسهمت فی تقلیل المسافة بین هذه الفصائل.
لکن یبدو ان هناک تکتیکا جعل هذین الجماعتین الیوم جنبا الى جنب. حیث وفی حال کسب السلطة فانهما وتدریجیا وبسبب منشاهما العقائدی والفکری المختلف واختلاف اعتمادهما البیئی والاقلیمی ای فی قطبی العالم العربی مصر والسعودیة فانهما سیبتعدان عن بعضهما البعض.

على کل وفی جمیع الاحوال وفیما یخص سوریا یجب القول انه نظرا للازمة الجادة الراهنة فی هذا البلد من المستبعد عودة نظام بشار الاسد الى سابق عهده واعادة الاستقرار الى الاوضاع المتزعزعة التی تواجهه ، وفی ذات الوقت یجب الاقرار بان النظام السوری لا یزال یمسک بیده العدید من الآلیات التی تمکنه من الافادة منها. لذلک فان معالم الصورة ستتضح مع مرور الزمن.
*سفیر ایران السابق فی الاردن

30349

 

رمز الخبر 181779