سید مرتضى نعمت زادة

 

 

خبراونلاین - بدأت ایران جولة جدیدة من المساعی الدبلوماسیة الرامیة الى عقد اجتماع بین الجماعات والاحزاب المعارضة والموالیة للنظام السوری التی تعارض التدخل الاجنبی فی ازمة هذا البلد.

الجامعة العربیة قامت یوم الثلاثاء رسمیا وفی خطوة تم الاعداد لها مسبقا بالاعتراف بالائتلاف الوطنی للثورة والمعارضة السوریة ممثلا للشعب السوری. حیث اعلن المعارضون وعقب اجتماعات على مدى اربعة ایام فی الدوحة ، عن التوصل لوحدة یبدو انها هذه المرة حظیت بتأیید کافة الجماعات المشارکة فی الاجتماعات. لکن السؤال الرئیسی الذی یطرح نفسه هنا هو لماذا وکیف توصلت المساعی هذه المرة الى ضرورة توحید الصفوف وهل یمکن اعتبارها بدایة لتحول وتغییر جذری یرمی للاطاحة بالنظام السوری.

 

وبالرغم من امکانیة تبیین وحدة المعارضات السوریة فی الدوحة فی اطار التغییرات التی تشهدها الابعاد  الداخلیة، الاقلیمیة والدولیة للازمة السوریة، لکن وفی ذات الوقت یمکن اعتبارها نتیجة مجموعة من التوترات التی لن توصل طرفی النزاع فی سوریا الى النتیجة المرجوة. فی داخل سوریا، نرى ان المعارضین وبالرغم من الهجوم الواسع النطاق الرامی للسیطرة على قلب الحکومة فی مدینتی دمشق وحلب، لکنهم منوا بالهزیمة وفی المقابل نرى ان الحکومة تفتقد لامکانیة تسویة المعرکة وانهاءها وابادة المسلحین بالکامل.


من هنا وعقب 20 شهرا من الاشتباکات العنیفة وعدم انهاء الصراع من قبل الجانبین، نرى ان اتخاذ القرار حول مستقبل سوریا یضع امامنا وضعا جدیدا ویمهد الارضیة للدخول فی مرحلة جدیدة  والتوصل الى حل جدید.

 

على الصعید الاقلیمی هناک لاعبون مؤثرون مثل ترکیا، ایران، الاردن، العراق الذین توصلوا الى حقیقة مفادها ان الازمة السوریة لها تداعیات خطیرة حال استمرارها وان لهیب نیرانها سیذهب بالمنطقة نحو وضع متأزم على وشک الانفجار. من هنا فان التوصل لحل لانهاء الازمة فی سوریا یقع ضمن اولویات قادة الدول ویتم متابعة هذه القضیة الیوم بشکل جدی. ان تغییر موقف قادة ترکیا وابتعادهم عن المعارضین یمکن مناقشته ضمن هذا الاطار. لکن مقدمة النهج الجدید، هی المساعی السیاسیة الرامیة لاضفاء الشرعیة على هذا الائتلاف على صعید دول العالم.

 

على الصعید الدولی کان قد قیل ان امیرکا وحتى الانتهاء من الانتخابات الرئاسیة لن تقوم بانهاء الازمة فی سوریا. لکن هناک توقعات الیوم من قبل عدد من دول المنطقة واوروبا تعمل على تحث اوباما على بذل مساع جادة لانهاء الازمة فی سوریا. لکن الحقیقة ان امیرکا تنظر من نافذة اخرى للازمة السوریة تتمثل فی ان ای تدخل بحاجة لاجراءات ومقدمة منها توحید المعارضات. بالطبع کان یفضل اوباما توصل المعارضین للوحدة بانفسهم، لکن عمق الخلافات والتنافس على السلطة والمحاصصة بینهم من جهة وحماتهم من جهة اخرى تسبب فی الحیلولة دون تحقیق الوحدة والتنسیق. لذا فان الوحدة الراهنة لا تبتنی على اسس واهداف ومصالح مشترکة بل تعتمد جدول اعمال امیرکی تموت باوامر من واشنطن.


وان تعیین شخص مسیحی على رأس المجلس الوطنی للمعارضة یعتبر ایضا من ضمن الامور الجدیرة بالتمعن فیما یخص مؤتمر الدوحة ویتناسب مع النهج الجدید الرامی الى منح الثقة للاقلیات الدینیة والمذهبیة والطائفیة فی سوریا التی لیس لدیها نظرة حسنة بالنسبة للمعارضة ولا تزال تقف الى جانب بشار الاسد. وان تعیین شخص مسیحی معناه ان هذا المجلس یسعى الى الایحاء ان الاقلیة تتبوأ مکانة فی النظام السوری وارسال رسالة الى الغرب والاقلیات ان السلطة المستقبلیة لن تقع فی ید السلفیین والمتطرفین.

 

ان تعیین شخصیة معتدلة اسلامیة ودینیة فی رأس الائتلاف ایضا یرمی الى تعدیل واعادة بناء وجه المعارضو المتطرفة والسلفیة لا سیما محو خطر القاعدة فی سوریا التی بررت امیرکا لحد الان عدم تدخلها فی سوریا بسبب تواجدها هناک. ان هذا الانتخاب یرمی عبر هذا السبیل الى تسلیط الضوء على الوضع الراهن ورسم صورة مقبولة عن المعارضین لدى الرأی العام الداخلی والدولی والتمهید للتدخل فی سوریا داخلیا وخارجیا.

 

فی الوقت الراهن یعتبر الائتلاف الجدید، ورقة جدیدة موجودة فی ید الائتلاف الامیرکی-الاوروبی-العربی- الترکی امام ائتلاف داعمی النظام السوری ای روسیا، الصین، ایران والعراق وکذلک لبنان ولا شک ان امیرکا من خلال هذه الورقة الجدیدة ستدخل ساحة التأثیر فی الازمة السوریة بشکل آخر. ولم تتضح بعد معالم هذا الامر وان هذا التأثیر هل سیکون عسکریا او سیاسیا لکن ونظرا لمعارضة روسیا والصین التامة والواضحة للتدخل العسکری یبدو ان اننا سنشهد خلال هذه المرحلة جولة جدیدة من المساعی السیاسیة التی من الممکن ان تصل الى نتیجة. عدا ذلک فان من الواضح لکافة اللاعبین الاقلیمیین والدولیین ان عدم نجاح المساعی الدبوماسیة ، سیتمخض عنه اتخاذ الازمة السوریة جوانب دولیة جادة وستتبدل الى الى انفجار خطیر من الممکن ان یمهد الارضیة لازمة اخرى.


لکن وفی مقابل المساعی الرامیة لاضفاء الشرعیة على هذا الائتلاف والخطوات التالیة التی تعتمده ایضا، فلا شک ان الجبهة المعارضة للتدخل العسکری وانصار الحل الدبلوماسی (روسیا والصین وایران) لم تقف مکتوفة الیدین وسوف تسعى الى عرض مشروع سیاسی على معارضة الداخل والخارج لرفع امکانیة نجاح الحل السیاسی للازمة. ویبدو ان ایران وروسیا لدیهما مبادرات وهناک مساع لتطبیقها. فی الوقت الراهن بدأت ایران جولة جدیدة من المساعی الدبلوماسیة الرامیة الى عقد اجتماع بین الجماعات والاحزاب المعارضة والموالیة للنظام السوری التی تعارض التدخل الاجنبی فی ازمة هذا البلد.

 

فی ظل هذه الظروف هناک انموذجان لانهاء الحرب والازمة المسنزفة فی سوریا: انموذج حل الازمة من خلال التدخل الاجنبی وانموذج حل الازمة دون تدخل اجنبی. اولئک الذین فی قطر والسعودیة من انصار التدخل والحل العسکری، فی حین ان المعارضة التی تؤید الحل السیاسی بعیدا عن التدخل الاجنبی، لا تزال لم تلتحق بهذا الائتلاف ولا تزال هذه الشریحة تشکل جزءا هاما من الحل السیاسی الداخلی وبامکانها لعب دور ایجابی فی الحل السیاسی المستقبلی وان ایران تسعى الى التوصل الى حل یعتمد هؤلاء المعارضین الذین یتمتعون بثقل جید ولدیهم قاعدة شعبیة جیدة مقارنة بالجماعات المسلحة.

 

فی الختام یبدو ان تشکیل الائتلاف الغربی-العربی-الترکی یذهب نحو مرحلة جدیدة من المساعی السیاسیة واعتراف بفشل المساعی العسکریة وانموذج العملیات الارهابیة لاسقاط نظام بشار الاسد الذی انتهج فی المراحل السابقة لذا یبدو ان الساحة الجدیدة ستکون ساحة استعراض المبادرات الدبلوماسیة عبر الافادة من الآلیات والضغوط العسکریة والامنیة بشکل محدود.
 

رمز الخبر 183680