٠ Persons
٣١ ديسمبر ٢٠١٢ - ١٣:٣٨

التضحیة الحسینیة هی اعظم المآثر الاسلامیة والانسانیة عطاء وعاطفة وإحساسا، وازاء ذلک فانها کانت ومافتئت تلتحم بشکل مباشر بالضمائر الحیة والاهداف العادلة والتطلعات المصیریة لبنی البشر کافة على مر العصور.

 

 

فی هذا السیاق  تعتبر (مسیرة الاربعین) مشیا على الاقدام من انحاء العراق  صوب مدینة کربلاء  المقدسة حیث مرقد الامام الحسین بن علی (علیهما السلام) والثلة الطاهرة من اهل بیته واصحابه الکرام الذین استشهدوا فی یوم العاشرمن محرم عام 61 للهجرة (عاشوراء) ، محطة خالدة فی التاریخ الاسلامی جدیرة بالکثیر .
من الاهتمام والتأمل والدراسة ، باعتبارها حرکة جماهیریة هائلة تکتسب میزاتها الاساسیة من العفویة والبساطة والزهد والتواضع والتعاون والتکاتف، وهی المعانی النبیلة التی یتنافس المحتفون بهذه الذکرى علی تجسیدها قولا وعملا، وهم بالملایین نساء ورجالا وشیوخا واطفالا ، علماء ومفکرین وساسة ، اغنیاء وفقراء ، مسؤولین وکسبة وعمالا وفلاحین ،اصحاء ومرضى ومعوقین، یحدوهم الامل جمیعا بأن تدون اسماؤهم فی سجل المناصرین لثورة حفید الرسول الاکرم  محمد بن عبد الله (صلى الله علیه وآله وسلم)، على الطغیان والانحراف والردة یوم تحکم "ابناء الطلقاء" برقاب المسلمین، واخذوا یسوقون الامة نحو مسالک المعاصی والهلکة وسوء العاقبة.
وبما ان الاعمال تعبر عن ادق الاحاسیس، فانه من المفید القول بأن (مسیرة الاربعین) هی ثورة اسلامیة ناعمة تحمل رسائل معنویة هائلة الى شعوب العالم اجمع ،اهمها:
اولا) ان التضحیة من اجل العقیدة والمبدأ یهون دونها الغالی والنفیس، والاموال والارواح والابناء والأحباء والاخلاء.
ثانیا) ان هذه المسیرة الملایینیة مظهرعظیم للطاقات والقدرات الایمانیة الصادقة لعموم الامة، باعتبار ان المشارکین فیها-عدا ابناء البلد - جاؤوا  الى العراق من شتى انحاء الارض، وقد یمموا وجوههم سیرا ، لمئات الکیلومترات وبعضهم حفاة ، صوب تلک البقعة الطاهرة التی تضم فی  طیاتها جثمان اعظم بنی البشر من آل البیت النبوی الشریف (علیهم السلام)، واجساد المجاهدین الکبار الذین واسوا سید شباب اهل الجنة الامام الحسین (علیه السلام) بأرواحهم واغلی ما عندهم  دفاعا عن الاسلام المحمدی الاصیل.
ثالثا) یعتبر المراقبون ان (المسیرة) تجسد حالة تعبویة موًاجة، وهی فی خدمة حمایة العملیة السیاسیة العراقیة  بقدرات لا حدود لها، وصیانة منجزاتها التغییریة على مستوى تحریرالشعب من قیود الافکار الشوفینیة  والعنصریة والمادیة البائدة ، وتخلیص البلاد والعباد من العصابات الارهابیة والمجموعات المتطرفة، ومکافحة المشاریع الطائفیة الخارجیة الساعیة الى اعادة ارض وادی الرافدین الى المربع الاول.
رابعا) انها تمثل تحدیا شعبیا سلمیا  للغة "القتل" و"الرعب" و"التطرف المذهبی" و"الابجدیات التکفیریة" التی ینفر المسلمون ویبرأون منها ، لاسیما بعدما تحولت هذه اللغة الى استراتیجیة (صهیوغربیة ــ سعودیة ـــ قطریة) لاغراق العالم الاسلامی بشلالات الدم والفوضى والاضطرابات والتناحرات بین ابناء الوطن الواحد من جهة، وفی اوساط الامة بأسرها من جهة اخرى.
خامسا) ان الطبیعة الجوهریة لمسیرة الاربعین وزیارة ضریح الامام الحسین(ع) یوم العشرین من صفر من کل عام تقضی بان تکون الشمولیة الجماهیریة، هی سید الموقف والغایة الاساسیة لهذه (الثورة الناعمة)، ومن هذا المنطلق المبدئی ترسم هذه المسیرة (لوحة فسیفسائیة رائعة) لا نظیر لها فی العالم علی صعید التنوع البشری والمذهبی والفکری والاجتماعی.
مما مضی یتضح ان (مسیرة الاربعین) هی ثورة عقائدیة واخلاقیة ناعمة ، کما انها حرکة  نهضویة وتضحویة فی ان معا. وهی منظومة جهادیة واعیة قوامها الارادة الحرة لأبناء الامة الاسلامیة على البذل والعطاء والصبر وتحمل والشدائد والصعاب ومقاومة الطغاة والمستکبرین و والغاصبین والمنحرفین، مثلما صنع سید الشهداء الحسین بن علی (علیهما السلام) فی ثورته الخالدة التی انطلقت من اجل الاصلاح  فی امة جده المصطفى محمد (صلى الله علیه وآله وسلم) وسیادة قیم الحریة والعدالة والمساواة والخیروالفضیلة ، والامر بالمعروف والنهی عن المنکر.

 

رمز الخبر 184061