لا تزال مصر ساحة لاعمال عنف وشغب، اضطرابات واشتباکات بدأت بالتزامن مع احیاء الذکرى الثانیة لثورة 25 ینایر، ومع اصدار احکام اعدام 21 شخصا من المتهمین باحداث ملعب بورسعید التی راح ضحیتها 74 شخصا، وامتدت تداعیات ذلک الى القاهرة، بور سعید والاسماعیلیة. وتواجه مصر هذه الاحداث فی ظل ازمة اقتصادیة ومشارفة احتیاطی العملة الصعبة فیها على الانتهاء، فیما لا تزال تنتظر قرضا یعادل 4 ملیارات دولار من صندوق النقد الدولی. کما لم تتمکن حکومة مرسی من کسب رضا المصریین. ان مصر وحکومتها الاسلامیة تواجه الیوم ظروفا صعبة ویعتقد العدید من المحللین ان الانتخابات البرلمانیة المقبلة ستتأثر بعدم کفاءة حکومة مرسی ومکانتها. وفی هذا السیاق اجرى موقع خبراونلاین مقابلة مع احمد بخشی، خبیر شؤون القارة الافریقیة حدثنا خلالها عن آخر مستجدات الاوضاع فی مصر.
بعد مضی عامین على الثورة المصریة هل یمکن القول ان اهداف الثورة تحققت الى حد ما؟
ربما ان اطلاق تسمیة ثورة على اوضاع مصر یعتبر امرا ثقیلا. اذا قلنا اوضاع او مجموعة من القضایا التی تتشکل ربما یکون افضل. لقد تجاوزت مصر الانتخابات الرئاسیة والبرلمانیة لکنها لم تتمکن بعد من التوصل الى اهدافها ونهایتها ولا تزال تواجه ازمات عدیدة ولا تزال الکثیر من الاحداث تقع جراء الثورة. ینبغی دراسة اوضاع العامین المنصرمین فی مصر لمعرفة اسباب هذه الاضطرابات. ان ما یحدث فی مصر لم تکن ثورة کاملة، ای الانقلاب والاطاحة واسقاط نظام واستبداله بنظام جدید باهداف وافکار جدیدة وقادة مختلفین. لقد شهدنا تولی المجلس العسکری زمام الامور عقب تنحی مبارک. فی الحقیقة ان ما حصل فی مصر 2011 تطورات ، جزء کبیر منها یتعلق بالمستقبل. عقب مضی عام کان للناس مطالبات اخرى. حیث قالوا ان صورة الثورة لم تکتمل وینبغی تنحی المجلس العسکری عن السلطة واجراء انتخابات. حیث شهدنا اجراء انتخابات العام الماضی وفوز مرسی بنسبة هشة فیها. لقد اظهرت ترکیبة الآراء ان المجتمع یحمل فی بطنه تطورات مهمة واذا ما کانت هناک ارادة لادارة هذه التطورات ینبغی على الحکومة التخلی وتفویض جزء من الامتیازات من وراء الستار السیاسی. تأخیر اعلان فوز مرسی اثبت وجود احداث هامة.
مع هذا الحدیث فان مرسی لا یحظى حتى بنصف الآراء ، من هذا المنطلق ما هی التحدیات التی تواجه رئیس الجمهوریة؟
یمکن القول ان الرئیس المصری لم یکن یحظى بتأیید نصف المصریین فی البدایة کما ان العدید من رفاقه تخلوا عنه اثر موضوع الاعلان الدستوری والاستفتاء على الدستور. فی الحقیقة ان الحکم فی المجتمع المصری یستدعی الاطلاع جیدا ومعرفة بعلم اجتماع وجغرافیا مصر بما یتناسب مع المجتمع والاطیاف القومیة، الاجتماعیة والسیاسیة والثقافیة بالاضافة الى ادراک جغرافیا العمق الاستراتیجی المصری لوضع خطة عمل ملائمة. مرسی والاخوان المسلمین ودون الالتفات الى هذه الامور قاموا بالترکیز فقط على المواضیع الثقافیة والقومیة وغضوا النظر عن الشؤون الاجتماعیة والجغرافیة ما انعکست تداعیاته خلال الاستفتاء على الدستور. لذلک رأینا استقالة عدد من نواب المجلس التأسیسی احتجاجا على نهج مرسی، لکنه اعلن فی نهایة المطاف ضرورة صیاغة مسودة الدستور فی موعدها المحدد واجراء الاستفتاء وما تبع ذلک من احداث.
لقد تلاشت العدید من الاصوات المؤیدة لمرسی خلال الفترة الثانیة من رئاسة الجمهوریة و بعد ذلک خلال الاستفتاء على الدستور تلاشت اکثر. هذا لا یعنی ان الاشخاص انقلبوا على الثورة واصبحوا ضدها بل شهدنا ولادة خطابات داخل خطابات الاسلامیین. مثل خطابات الاسلامیین اللیبرالیین فهم اسلامیون لکنهم یختلفون عن الاخوان المسلمین. هذه القضیة کان لها تداعیاتها على ترکیبة الاصوات وآراء الاطیاف، على سبیل المثال شارک 20% فقط من الاشخاص الذین یتمتعون بشروط التصویت فی الانتخابات وهو مؤشر على ارتفاع وتیرة الاحتجاجات.
ومع هذا حصل الدستور على الآراء اللازمة خلال الاستفتاء.
على الرغم من انه ومن ناحیة القانون الدولی، یعتبر الدستور المصری حائز على آراء الشعب المصری ویعتبر میثاقا قانونیا لکن الحقیقة انه یفتقد لدعم العدید من افراد المجتمع المصری. ونظرا لبقاء اقل من شهرین على الانتخابات البرلمانیة المصریة فان هذه الخطابات الجزئیة باتت تظهر للعیان. حیث نرى ان المحتجین من مختلف الاطیاف من لیبرالیین، مؤیدی احمد شفیق والمتطرفون یطرحون مطالبات مختلفة. حتى النسبة الهشة التی حققها محمد مرسی خلال الانتخابات الرئاسیة ستنخفض بسبب فقدان اجماع قانونی وعدم مواکبة الشعب له. کما ان هناک شرخ بین صفوف الاخوان المسلمین وهناک احتجاجات من قبل العدید من التکتلات السیاسیة الاجتماعیة ضد سیاسات مرسی الامر الذی شهدناه خلال الذکرى الثانیة للثورة المصریة. الحدیث السائد الیوم فی مصر هو ان الشعب لم یکن یرید مبارک وکانوا یریدون شخصا جدیدا ذو سیاسة جدیدة، لکن مبارک جدید صعد الى سدة الحکم بشخصیة وفکر جدید.
ما هی توقعاتکم لمستقبل مصر؟
نظرا الى اجزاء الصورة غیر المکتملة فی مصر والتطورات التی شهدتها خلال العامین الاخیرین فان مستقبل مصر غامض. من المهم جدا اتجاه الاجواء فی مصر حتى موعد اجراء الانتخابات البرلمانیة نحو اتجاه یمکن من خلاله اجراء الانتخابات لانه من الممکن ان تفضی الاضطرابات الى الوصول الى مستوى لن یکون فیه من الممکن اجراء الانتخابات وسیکون من الصعب لقوى الامن تهدئة الاوضاع ومن الممکن ان تؤدی الى تلاشی فرص الحوار وتعزیز فرص المعارضة. من جهة اخرى اذا اقیمت الانتخابات فی مصر فانه ونظرا للخطاب القائم وعدم امکانیة حذف الاسلامیین والجیش ومطالبة کل منهما بحصته الى جانب مطالبات کافة الاطیاف والتیارات (اللیبرالیة والمتطرفة و..) فان المنافسة بین هذه المجموعات ستحتدم على صعید البرلمان ومن المتوقع ان نشهد ارتفاع وتیرة العنف فی مصر خلال فترة اجراء الانتخابات.
وما هی توقعاتکم حول فرص الاخوان المسلمین خلال الانتخابات المقبلة؟
نظرا لان الدستور المصری لا یسمح للاحزاب بحیازة اکثر من نسبة ثلثی الاصوات ونظرا لان ثلث الاشخاص ینبغی مشارکتهم بالانتخابات بصورة انفرادیة، لذا لا امکانیة لفوز ای من الاحزاب فی مصر ما سیفضی عنه هشاشة الاصوات. ونظرا لظهور الخطابات المختلفة، لن یتمکن خطاب الاخوان المسلمین من حیازة الاغلبیة بسبب سیاسات مرسی خلال العام المنصرم. فمن جهة لم یتمکن الاخوان من تلبیة المطالبات الاقتصادیة والمعیشیة للشعب ولم یتمکنوا من ایجاد مظلة سیاسیة لکافة الاشخاص لذا سنشهد مستقبلا تعدد الاحزاب، التکتلات والاشخاص فی البرلمان ومن الان یمکن التکهن بان محمد مرسی وحکومته والمجتمع المصری على اعتاب مواجهة منعطفات تاریخیة خطیرة وصعبة. کان بامکان مرسی وخلال المرحلة الماضیة ایجاد اجماع ونهج افضل یفضی الى کسب الاطیاف الاجتماعیة لکنه لم یتمکن من ایجاد سیاسة جماعیة یشارک فیها الجمیع لا اقل خلال هذه الفترة والتفاف الجمیع حوله وتعاطى مع مجریات الامور بصورة فردیة ومن منطلق وجهة نظر شخصیة. من المتوقع ان یرافق تطورات الاحداث فی مصر، عنف اکثر. حتى من الممکن ان نواجه رفضا لمحمد مرسی والاخوان المسلمین مستقبلا.