وفی هذا السیاق اجرى موقع خبراونلاین مقابلة مع وزیر الخارجیة الایرانی محمد جواد ظریف تناول فیها الاوضاع على الساحة الدولیة والاقلیمیة وآخر مستجدات البرنامج النووی الایرانی.
ظریف وفی بدایة حدیثه اشار الى الارتباط الوثیق الذی یربط دول العالم الیوم بحیث اصبح من الضروری انتهاج سیاسة عالمیة ، مضیفا ان ایران وبالاضافة لکونها قوة اقلیمیة فهی قوة ذات جانب دولی بحیث لم یعد الیوم بالامکان الحدیث من منطلق وجهة نظر واحدة بل ینبغی انتهاج سیاسة شمولیة ومتعددة الاطراف.
وقال ظریف ان الحکومة الایرانیة الحادیة عشرة اتت الى الساحة مع سیاسة التفاعل والتعاطی. مضیفا "التعاطی الذی یستند على العزة ویبتنی على ایماننا باقتدار وقوة البلاد ای ان لدینا نظرة ایجابیة نحو انفسنا، نحن نؤمن بانفسنا وهذا یختلف عن ان یکون لنا نظرة ایجابیة نحو الشرق والغرب".
وتابع القول: "لیس بالامکان ایجاد علاقات مع دول الجوار بغض النظر عن العلاقات التی تربطنا مع العالم الاکثر شمولا والعکس صحیح، ان لهذین الجانبین تأثیر معقد للغایة ووثیق على بعضهما البعض حیث لا یمکن انتهاج سیاسة اقلیمیة فقط والمضی بها قدما بل ینبغی انتهاج سیاسة خارجیة عالمیة".
وفی معرض رده على سؤال حول السیاسة الخارجیة الناجحة اجاب قائلا:
"فیما یخص هذا الشأن ینبغی هنا اجتناب ارتکاب سیاسة خاطئة لانه لن یکون بالامکان الحضور والمشارکة فی المرات القادمة. ینبغی انتهاج سیاسة منسجمة، وثیقة، استمراریة وشفافة لان العالم مکان للشفافیة ولیس مکانا لاخفاء الاسرار وان کافة هذه العوامل من الممکن ان تؤثر فی تشکیل سیاسة خارجیة ناجحة وتخلق رجلا سیاسیا یمکن الثقة به".
واضاف : "فی مجال السیاسة لا یمکن القاء نظرة على افریقیا او الشرق او امیرکا اللاتینیة فقط بل ینبغی انتهاج سیاسة عالمیة لا تتجاهل ای من اعضاء دول العالم ویجب التعاطی مع الجمیع وفقا للامکانیات المتاحة بما یساعد على تحقیق المبادئ والمصالح الوطنیة وترتکز على المصالح المشترکة".
واشار ظریف الى تفاعل ایران مع امیرکا على الدوام وفی هذا الصدد قال موضحا: "اننا نتفاعل کل یوم مع امیرکا ، مثلا لدینا مواقف فی الوقت الراهن ازاء السیاسة الامیرکیة تجاه سوریا، کما ان لدینا وجهة نظرنا الخاصة فیما یخص سیاسة امیرکا حیال الشرق الاوسط. وفیما یخص الموضوع النووی وعندما نتفاوض مع مجموعة 1+5 ففی الحقیقة ان الجانب الرئیسی فی المفاوضات هی امیرکا، لذا سواء شئنا ام ابینا لدینا تفاعل مع مختلف البلدان وهذا التفاعل یکون فی بعض الاحیان بصورة علاقات وثیقة وفی بعضها الآخر یکون بصورة علاقات متوترة".
واشار الى ان هدف طهران المنطقی فیما یخص الملف النووی هو الافادة السلمیة من مختلف جوانب الطاقة النوویة وینبغی ان یکون هدف الطرف المقابل التأکد من عدم استخدام طهران لهذا البرنامج للاغراض العسکریة واعتقد ان هذین الهدفین لا یتعارضان مع بعضهما بل وانهما یسیران فی نفس الاتجاه.
واضاف ان "بعض الاصدقاء فی الجانب الایرانی والعدید من الفاعلین فی الجانب المقابل دخلوا القضیة من منطلق الخسارة-الربح ولم یتوصلوا لایة نتیجة ویعتقدون الان انه حال المشارکة من منطلق الربح-الربح فلا بد من تقدیم امتیازات للجانب المقابل. وفی الحقیقة هذا نتاج لعبة الخسارة-الربح وهو نهج نتیجته مجموع الصفر، للاسف نرى بعض الاصدقاء الذین لیسوا على اطلاع بمبادئ واسس العلاقات الدولیة یقومون باظهار وجهات نظرهم فیما یخص المواضیع النظریة".
وتابع وزیر الخارجیة القول : "اذا شعرنا ان امیرکا على استعداد لاقامة علاقات تبتنی على اسس الاحترام المتبادل، المصالح المشترکة والموقف المتساوی فاننا سنکون مستعدین للحوار مع امیرکا وبحث کیفیة التحکم بالخلافات القائمة بین البلدین".
وقال ظریف : "نحن باعتبارنا اکبر واقوى دول المنطقة من الطبیعی ان نخطو الخطوة الاولى فیما یخص دول جوارنا لضمان فکرة ان مصالحهم لا تتعارض مع مصالحنا".
واضاف: لا یمکننا ان نقبل بلدا یسمح لنفسه بقول ان کافة الخیارات مطروحة على الطاولة لاننا نعتقد ان قانون الغاب قد عفا علیه الزمن منذ امد بعید، لذا لدینا اختلاف فی وجهات النظر مع امیرکا من هذا المنطلق وعندما نتباحث حول المواضیع الدقیقة نصل الى خلافات کبیرة فیما یخص وجهات النظر ، لکن ومع هذا اذا کان الطرف المقابل وعلى الرغم من کل هذه الخلافات مستعد للتعاطی من منطلق موقف المساواة ، والاخذ بعین الاعتبار هواجس ایران واحترام وجهات نظر ایران والتخلی عن التدخل فی شؤونها الداخلیة، والتخلی عن التدخل فی علاقات ایران الخارجیة والتخلی عن سیاسة ترویع الجمهوریة الاسلامیة فان هذا سیسهم فی توفیر ظروف تعتمد على ثلاثة عوامل هی: الاحترام المتقابل، المواقف المتساویة والمصالح المشترکة لبدء التفاعل ، هذا التفاعل لا یعنی الصداقة ولا یعنی العداء.
وفیما یخص الشأن السوری قال ظریف : "ان المتطرفون یعملون الیوم على حمل ادارة اوباما على شن الحرب وان السید اوباما اصبح الیوم على حافة الفخ الذی بسطه له عدد من الجماعات ذات المصالح المتعارضة واعتقد ان الحکمة والمنطق، المصالح الامیرکیة وحتى مصلحة السید اوباما تتطلب عدم وقوع الرئیس الامیرکی فی هذا الفخ وبذل الجهود للتوصل الى حل سیاسی للازمة فی سوریا".
واضاف : "ان اوباما وقع الیوم فی فخ اولئک الذین لم تتمخض سیاسة اشعالهم للحرب وتأجیجها فی سوریا خلال العامین المنصرمین عن نتیجة لکنهم لا یزالون لا یریدون تصدیق هذه الحقیقة ومن هنا نجدهم یتشبثون بالقیام بعمل عسکری اجنبی بقیادة امیرکا سعیا لتغییر توازن القوى داخل سوریا بما یصب فی صالحهم".
وختم وزیر الخارجیة بالقول : "فی وقت ما کان بامکان الدول ان تقرر العیش بعزلة وتحیا حیاتها لوحدها، لکن لا یمکن الیوم اتخاذ مثل هذا القرار، حتى وبالرغم من رواج فکرة رغبة العزلة التامة فی امیرکا والاعتقاد بانها جزیرة فی غنى عن العالم اجمع ، لکن لا یمکنها العیش دون باقی بلدان العالم، لقد اظهرت احداث 11 ایلول/سبتمبر ان زعزعة الامن فی زاویة صغیرة فی العالم من الممکن ان تسهم فی ایجاد تهدید خطیر لاقوى بلد ، لذا فان العزلة الاختیاریة لا مکان لها على الساحة الیوم".