٠ Persons
١ ديسمبر ٢٠١٣ - ١٧:٥٨

لاشک ان عموم السلام فی العالم یشکل مقدمة ومدخلا لبسط الامن فی المجتمع ومطلباً لکل الشرفاء... والوصول الى هذا الهدف لا یکون الاَ من خلال مواجهة الارهاب والاطماع. لان الارهاب والافکار المتطرفة تترابط فیما بینها بعلاقة علیَة. ومن هنا یعتبر مواجهة التطرف ضرورة انسانیة فی جمیع المجتمعات البشریة. والاکثر من ذلک، دراسة جذریة ومعمقة لظروف نمو تلک الافکار وکیفیة تحولها الى ظواهر خطرة على الصعید المجتمعی.

فاطمه محمدی
 

المقدمة:
لاشک ان عموم السلام فی العالم یشکل مقدمة ومدخلا لبسط الامن فی المجتمع ومطلباً لکل الشرفاء... والوصول الى هذا الهدف لا یکون الاَ من خلال مواجهة الارهاب والاطماع. لان الارهاب والافکار المتطرفة تترابط فیما بینها بعلاقة علیَة. ومن هنا یعتبر مواجهة التطرف ضرورة انسانیة فی جمیع المجتمعات البشریة. والاکثر من ذلک، دراسة جذریة ومعمقة لظروف نمو تلک الافکار وکیفیة تحولها الى ظواهر خطرة على الصعید المجتمعی.
ولعل من اسباب الانغلاق الاجتماعی ونمو التطرف یعود الى قصر العلاقات والمناسبات الاجتماعیة، فی حین ان ادارة العلاقات الاجتماعیة وفقا للمنطق والثقافة والتقالید المجتمعیة وبالنظر الى متطلبات وحاجات افراد المجتمع المذکور یبدد الارضیة التی یقوم علیها الفکر المتطرف.

1 ـ جذور انعدام الامن والعنف ضد المرأة فی الشرق الاوسط:
ان اهمال المشاعر والحساسیات الثقافیة والعقدیة والتقلیدیة لدى افراد المجتمع واستفزاز المشاعر العامة من خلال سلوکیات تتعارض مع القیم والاعراف المجتمعیة، وایضاً عدم الالتفات الى متطلبات الناس فی مسیرتهم لتحقیق الرفاه والامن والطمأنینة النفسیة وفی النمو والتنمیة، وبالتالی مصادرة الدور الاجتماعی للناس فی ادارة المجتمع وابتعاد السلطة عن السیادة الشعبیة(الدیمقراطیة)، کل ذلک یشکل واحدة من تبعات وآثار سیادة الفکر المتطرف والعنف.
هذه الظروف التی نشهدها الیوم فی الشرق الاوسط واغلب البلدان الاسلامیة، وهی نتائج لعقود من اهمال مطالیب الناس ومطالبات شعوب المنطقة، ظروف جعلت الحراک الجماهیری العظیم فی بعض البلدان یصل الى طریق مسدود.

والحقیقة، هی ان التیارات المتطرفة الجدیدة التی ظهرت بعد الثورات والحراک الجماهیری من جانب وفلول الانظمة السابقة التی تسعى جاهدة لاستعادة مواقعها المفقودة من جانب آخر، وایضاً عدم الاهتمام بالثقافة الاسلامیة ــ الشرقیة المتجذرة فی الوعی المجتمعی لهذه البلدان ومواجهة السیادة الشعبیة المستندة الى تلک الثقافة الاصیلة على ارض الواقع، اوجد ظروفاً صعبة للغایة فی المنطقة وفی البلدان الاسلامیة.

ان التطرف بالدرجة الاولى یستهدف ثقافة المجتمع والعلاقات الاجتماعیة فیه عن طریق التطرف والعنف، حتى تحول قتل الانسان وفقاً للفکر "التکفیری" الى قیمة عامة تهدد وحدة المجتمعات بشکل متصاعد. وفی مثل هذه الظروف تکون مطالیب جمیع افراد المجتمع مواجهة التطرف والسعی للوصول الى "السلام" والامن فی المجتمعات البشریة عن طریق البناء الثقافی وبالطبع مواجهة التیارات المتطرفة على ارض الواقع.

2 ـ دور المرأة فی مواجهة اتساع العنف فی الشرق الاوسط:
ان جمیع الاحصائیات والاخبار المنشورة فی وسائل الاعلام وایضا تقاریر الامم المتحدة والمؤسسات التابعة لها، تؤکد ان "المرأة" فی مقدمة المستهدفین من اعمال العنف والتطرف التی یشهدها الشرق الاوسط. فی حین ان المرأة تلعب دوراً کبیراً واساسیاً فی عملیة بناء الثقافة المجتمعیة. ولعل هذا الدور النسوی هو الذی جعل المرأة ومکانتها الاجتماعیة هدفاً لموجة العنف الاخیرة التی شهدها الشرق الاوسط على ید الجماعات المتطرفة. وهو ما نشاهده ـ للاسف الشدید ـ فی العدید من المجتمعات الاسلامیة الیوم.
وفی مثل هذه الظروف فأن ما نتوقعه من المرأة هو الاستمرار بدورها الممیز على صعید الثقافة وتعبئة الرأی العام ضد العنف والتطرف والتحرک لتحقیق السلام وصناعة التاریخ.

1 ـ 2 ـ دور المرأة فی الاسرة:
ان دور المرأة فی الاسرة یعتبر دوراً قیادیا، فهی ومن خلال قواها وقدراتها العاطفیة یمکنها تثبیت اسس استقرار الاسرة بأعتبارها نواة المجتمع وتوجیه مباشر للزوج والابناء والاخوة وسائر الاقرباء بما یبعدهم عن السقوط فی براثن الفکر المتطرف.

2 ـ 2 ـ دور المرأة کلاعب اجتماعی:
المرأة وبأعتبارها نصف المجتمع یمکنها ومن خلال التواجد الدائم فی مختلف المجالات الاجتماعیة والمشارکة فی اتخاذ القرار والعلاقات الاجتماعیة توجیه الامور بشکل یبعد الخطر عن السقوط فی مستنقع الافراط والتفریط او الافکار الجزمیة والرؤى المطلقة.

3 ـ 2 ـ الدور التربوی:
جمیع الاحصائیات تشیر الى ان حضور المرأة فی أغلب البلدان الاسلامیة یترکز فی مجال التربیة والتعلیم، وان مشارکتها هناک اوضح من المجالات الاخرى. بعبارة اخرى، التربیة والتعلیم من اهم مجالات الحضور النسوی، والسبب الاساس هو قدرات المرأة الجبارة فی المجال التربوی. والحقیقة ان الشعور بالامومة والصبر جعلها تسجل حضوراٌ ممیزاً وموفقاً جداً فی مجال التربیة والتعلیم. وبالتأکید فان دورالمرأة التربوی لایقتصرعلی حضورها فی المدارس والجامعات والمراکز التعلیمیة والتربویة، بل یمکن الاستفادة من حضورها وتجربتها فی مجال تحدید ووضع السیاسات التعلیمیة والتربویة بشکل دقیق وبنحو شامل.

4 - 2 - قدرة المرأة فی تعبئة الرأی العام:
ان تعبئة الرأی العام ولفت انظاره نحو هدف وطنی او عالمی مهم، من القضایا المهمة والحساسة فی عالم الیوم، ویعد ذلک من عناصر القوة. وتلعب المرأة الیوم دوراً کبیراً ونشطاً فی مجال الاعلام، والعلاقات الاجتماعیة والمؤسسات المدنیة والاهلیة من اجل تعبئة الرأی العام وتوجیهه. وبالتالی نغتنم هذه الفرصة للاستفادة من امکانیات المرأة فی تعبئة الرأی العام باتجاه دور فاعل فی أهم القضایا التی یعانی منها المجتمع.

نهایة الحدیث:
مع ان المرأة کانت ولا زالت الضحیة الاولى للتطرف فی جمیع المجتمعات، لکن ذلک لا یعنی ألغاء قدرات المرأة فی التأثیر على مسار التیارات المجتمعیة والسیاسیة. لانه ومنخلال دراسة العوامل المؤثرة فی نمو التیارات المتطرفة نجد ارتباطاً مباشراً بین حجم النشاط النسوی وتصاعد وتیرة العمل المتطرف. وبعبارة اخرى، کلما ازداد نشاط تلک التیارات واجه العمل النسوی عقبات وموانع اکثر واکبر فی تأدیة دوره الاجتماعی، للحد الذی یصبح تواجدها الاجتماعی صعباً. وقد بلغت هذه الضغوط فی فترة معینة حداً اخل بالتوازن النفسی والروحی للمرأة، مما انتهى ببعض النسوة الى ردود افعال متطرفة ایضاً. الامر الذی ترفضه اغلب النساء العاقلات.
ومن الطبیعی ومن أجل تحقیق السلام العالمی والاستفادة من قدرات المرأة للعب دورها فی هذا المجال، لابد للنساء من تعاون وتعاضد بینهن. هذا التعاون الذی یمکن ان یؤسس للاستفادة من تجارب بعضهن والسعی لتقدیم افکار جدیدة فی مواجهة التطرف.

رمز الخبر 185888