لیس المرض ما قتل الرئیس الفلسطینی الراحل یاسر عرفات، بل إنه اغتیل عبر تسمیمه بمادة البولونیوم المشعّة.

هذا ما صرّحت به أرملته سهى عرفات أمس، بعد تسلّمها تقریر "معهد لوزان للفیزیاء الإشعاعیة" السویسری. فبعدما أصدر المرکز الجامعی للطب الشرعی فی مدینة لوزان السویسریة تقریر الأطباء الشرعیین حول فحص رفات عرفات، والذی جاء فی 108 صفحات، بالاضافة الى تقریر آخر أعده مرکز الطب الجنائی الروسی بطلب من فلسطین، وبعدما أکد التقریر العثور على مادة البولونیوم المشع فی رفاته، اذا فأن نسبة الاشبتاه بأن السیاسی الفلسطینی توفی مسموما بهذه المادة ترتفع إلى 83%. وأوضح التقریر أن مستویات البولونیوم التی وجدت فی رفات عرفات تفوق المستویات الطبیعیة بـ18 مرة. ویعمل الخبراء الفلسطینیون حالیاً على دراسة التقریر الذی استلمته لجنة التحقیق الفلسطینیة یوم الثلاثاء 5 نوفمبر/تشرین الثانی بالاضافة الى تقریر آخر أعده مرکز الطب الجنائی الروسی بطلب من فلسطین، وقدمه الى اللجنة قبل 3 أیام. ومن المتوقع أن تعلن اللجنة عن النتائج بعد أن تنتهی من دراسة التقریرین.

الشکوک وبدایة التحقیق والتحلیل

کان الزعیم الفلسطینی قد أصیب بمرض غامض یوم 12 تشرین الأول/أکتوبر 2004 أثناء حصار مقره فی رام الله من قبل القوات الإسرائیلیة على خلفیة أحداث الانتفاضة الفلسطینیة. وظهرت على عرفات أعراض غثیان یصحبه قیء وآلام بطن، وبدأته حالته تتدهور ولم ینجح فی إیقافها أطباء مصریون وتونسیون، مما استدعى نقله یوم 29 تشرین الأول/أکتوبر إلى مستشفى بیرسی العسکری فی باریس. کما أخفق الأطباء الفرنسیون هم أیضا فی تشخیص حالته، فدخل فی غیبوبة ما لبث أن توفی بعدها یوم 11 تشرین الثانی/نوفمبر من العام نفسه عن 75 عاما. وأثار الاشتباه لدى الجانب الفلسطینی بأن عرفات قد یکون توفی مسموماً لعدم خضوع جثمانه للتشریح أو لم یتحدد سبب الوفاة أو الکشف عن سجله الطبی.

تقریر"الجزیرة" وسهى ترفع دعوة ضد مجهول بتهمة اغتیال عرفات

وفی صیف 2012 بثت قناة "الجزیرة" تحقیقا استقصائیا عن احتواء أغراض عرفات الشخصیة التی تحمل بقعا من السوائل البیولوجیة على مادة البولونیوم 210 المشعة. وأجرى آنذاک علماء معهد الفیزیاء الإشعاعیة فی سویسرا تحلیلات بطلب من الصحفیین، دون أن یتم التطرق إلى من قتله وکیف. وعلى أثر ذلک تقدمت سهى عرفات أرملة الراحل بدعوى ضد جهة مجهولة، وفتحت نیابة مدینة نانتیر الفرنسیة فی 28 أغسطس/اب عام 2012 تحقیقا فی وفاة الزعیم الفلسطینی بناء على دعوتها بتهمة الاغتیال اثر العثور على آثار مادة البولونیوم المشعة على الاغراض الخاصة لعرفات. وأعلن فیما بعد معهد الفیزیاء الاشعاعیة فی المرکز الطبی الجامعی بمدینة لوزان السویسریة عقب ذلک عن نیته بدء فحص رفات عرفات بعدما حصل على موافقة ارملته من اجل البحث عن آثار البولونیوم.

العینات من رفات عرفات

وتم فی 26 نوفمبر / تشرین الثانی 2012 إخراج جثمان عرفات من مدفنه لمعرفة أسباب وفاته. حیث قدمت مجموعة من الخبراء إلى الضفة الغربیة، حیث یقع ضریح عرفات، وشارکت ثلاث وفود دولیة روسیة وسویسریة وفرنسیة فی عملیة أخذ العینات دون تحریک الرفات من مکانها. وقد هدد رئیس اللجنة الفلسطینیة للتحقیق فی وفاة یاسر عرفات اللواء توفیق الطیراوی انذاک أن القیادة الفلسطینیة ستتوجه إلى محکمة الجنایات الدولیة فی حال حصول دلیل على إغتیال عرفات.

وبعدما تسلمت سهى نسخة من التقریر أعلنت أن زوجها مات مقتولا، وإن هناک جریمة ارتکبت، مضیفة أن الخطوة التالیة بالنسبة للمحققین الفرنسیین هی متابعة التحقیق للکشف عن القاتل. وقالت سهى: "مرتکبو الجریمة جبناء لأنهم لا یریدون أن یضعوا بصمتهم علیها، لکن إرادة الله شاءت أن یتم الکشف عنها بعد تسع سنین"، وأضافت "تذکرت وضعه فی أیامه الأخیرة بالمستشفى.. أخبرنی أنه لا یخاف الموت، لکنه کان یفضل الموت فی معرکة.. مات أبو الفلسطینیین جمیعا.. لقد أصبحوا أیتاما من بعده". وأکدت "سأبذل جهدی.. سأعمل على مستوى العالم کی یؤتى بالقاتل"، ودعت السلطة الفلسطینیة للذهاب "إلى النهایة لمعرفة الحقیقة، وعلیها اتخاذ إجراءات صارمة".

 اسرائیل تقول إنها غیر معنیة بالتقریر

 واعتبرت وزارة الخارجیة الاسرائیلیة أن الباحثین الذین فحصوا عینات من رفات عرفات لم یکونوا مستقلین بل تم توظیفهم فی خدمة أجندة مغرضة تصب أصلاً فی مصلحة أرملة عرفات سهى. وأشار الوزارة على لسان ناطقها عقب صدور التقریر إلى الخلل البیِّن فی أداء الباحثین خاصة وأنهم لم یحصلوا من المستشفى الفرنسی الذی عالج عرفات قبل وفاته على ملفه الطبی بالإضافة إلى عدم تحقیقهم فی الآثار البیئیة التی کانت ستترتب حتماً على تعرّض عرفات لمادة البولونیوم لو حصل بالفعل علماً بأن أیاً من المحیطین به لم یتأثر بها. وأکد الناطق أن الأمر بمجمله لا یعنی إسرائیل مطلقاً لأنها غیر مرتبطة بأی حال بوفاة عرفات. وتبقى الانظار تتجه نحو اعلان اللجنة الفلسطینیة فی التحقیق، لأن الکلمة الأخیرة تبقى لها وهی ستحدد المسار لما بعد ذلک.

RT


 


 


 


 



 

رمز الخبر 185735