١ Persons
١٩ مايو ٢٠١٩ - ١٤:١٧
هل العراق ذراع سياسي وعسكري لإيران؟

متضاربة ولقاءات وزيارات متعددة، ماذا يجري في العراق وما هي كواليس هذا النشاط السياسي المتصاعد؟

خبرأونلاین- تزامنا مع قرار الرئيس الإيراني حول تعليق بعض التزامات بلاده بـ “الاتفاق النووي”، ألغى وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو زيارته إلى ألمانيا متوجها إلى العراق في زيارة غير معلنة، حيث اجتمع برئيس الوزراء عادل عبد المهدي والرئيس برهم صالح وتركز حديث الجانبين حول إيران.

بومبيو صرح بأن هدف زيارته كان مناقشة أمن العراق واستقراره، لكن كواليس الزيارة وما سرب من أنباء كانت تدل على العديد من القضايا.

لا شك إن إيران كانت هدف زيارة بومبيو إلى العراق، لكن كواليسها وما سرب عنها من أنباء أشابها الغموض.

ماذا يجري في العراق بالضبط؟ وسائل الإعلام المعادية لإيران تسعى جاهدة لضرب العلاقات بين البلدين الجارين إيران والعراق، حتى إن رئيس وزراء الكيان الصهيوني وجه استخباراته بالتركيز على العراق.

وفي هذا الصدد ولمعرفة طبيعة ما يجري اليوم في العراق ودور الأحزاب والجماعات السياسية في العلاقات الثنائية بين إيران والعراق، أجرينا نقاشا مع الدكتور هادي الأنصاري الناشط الاجتماعي والخبير في القضايا العراقية.

يشير الدكتور الأنصاري إلى ما أعلنه وزير الخارجية العراقي حول القرار الأمريكي بضرب قوات الحشد الشعبي، دون إذن من الحكومة العراقية، وذلك في حال قيامهم بأي عمل يستهدف الأمريكيين أو معسكراتهم.

وفي الوقت نفسه لا ننسى إن لأمريكا تاريخ طويل من هذه التهديدات الجوفاء، ففي حال قيام أمريكا بأي هجوم فإنهم يواجهون ردا من عدة جبهات: من الحشد الشعبي في العراق وحزب الله في لبنان وأنصار الله في اليمن.

من جهة أخرى فإن التيارات السياسية المناصرة لإيران في العراق ومنها تيار السيد عمار الحكيم ورئيس الوزراء العراقي والتيارات السياسية العراقية الأخرى، حتى العلمانيين مثل أياد علاوي وآخرون، قد اتخذوا مواقف مساندة لإيران، فأمريكا تراقب بدقة كل تلك القضايا، لهذا فإن هذه التيارات تكون جبهة قوية داعمة لجمهورية إيران الإسلامية في العراق وان إيران تعول عليها.

الأحزاب العراقية وموقفها من دور إيران في المنطقة

ان موقف رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي مؤسس على مبدأ عدم رغبة العراق في دخول أي حرب والقضاء على أي خلافات في المنطقة. فبغداد تعمل في سبيل ترسيخ أسس السلام في المنطقة.

يريد كل من العراق وإيران الوقوف بوجه أي تهديد يستهدف البلدين. كما صرح عبد المهدي بانه ينوي القيام بزيارات مهمة لمختلف دول العالم. وفي زيارته لإيران قدم حلولا كثيرة علنا وسرا لحلحلة مشاكل المنطقة. هذا ويرى رئيس الوزراء العراقي أن مشاكل الشرق الأوسط متداخلة ولا يمكن الوصول إلى بر الهدوء والاستقرار في المنطقة دون حلحلة كل تلك المشاكل.

العراق يريد إنهاء التوتر بين إيران وعدد من دول المنطقة وخاصة السعودية. ويأمل بأن يسود الاستقرار كل من سوريا واليمن وكل دول المنطقة، ذلك إن اندلاع الحرب أو نشوب الأزمة في المنطقة يترك تأثيره على العراق.

إن العراقيين على علم بأن نيران أي أزمة قد تصل إلى بلدهم، فتنظيم داعش وقبل أن يظهر في العراق كان ينشط في سوريا، والكلام نفسه يصدق على تنظيم القاعدة والجماعات المتطرفة الأخرى.

هذا وقد دخل أياد علاوي في الساحة للوساطة بالرغم من أنه لا يعد من المناصرين للسياسة الإيرانية.

دور السيد عمار الحكيم

تفيد الأنباء التي تتحدث عن مواقف قائد تيار الحكمة الوطني العراقي بأنه قد أجرى العديد من اللقاءات في الشهر الماضي وتحدث إلى المسئولين السياسيين والأحزاب السنية والشيعية بحيث يمكن القول بانه كان الشخصية الأكثر نشاطا في قضية مواجهة فرض العقوبات الأمريكية على إيران، فدافع عن جمهورية إيران الإسلامية في مواجهة السعوديين وحتى المندوبين الأمريكيين ومساعد الوزارة الخارجية الأمريكية، كما صرح بأنه لا يزور السعودية إلا لإجراء الحوار حول إيران ولقضايا أخرى.

كما تحدث عن سياسة تقليص صادرات النفط الإيرانية إلى الصفر التي انتهجتها أمريكا وقال إن هذه القضية تعني تجاوز سياسة الضغط وتبني سياسة ممارسة الضغط الشديد على الحكومة والشعب الإيراني وان هذه الممارسات ستأتي بتداعيات كارثية على المنطقة وخاصة العراق، وان العراق لا يقف مكتوف الأيدي في الدفاع عن مصالحه في الصراع الإيراني-الأمريكي.

وفي الصعيد نفسه فإن السيد عمار الحكيم وفي مراسم ذكرى وفاة والده عبد العزيز بالنجف الأشرف، بعث برسالة واضحة إلى الأمريكيين كان مفادها بالحرف الواحد: لا تتوقعوا بأن العراق يترك إيران شعبا وحكومة في مواجهة ضغوطكم.

قائد تيار الحكمة الوطني صرح في الوقت نفسه بأننا نعي تماما القلق السائد على العراق نتيجة الصراع الإيراني-الأمريكي، قائلا إن العراق يقع في مركز المنطقة والحدود الجغرافية للصراعات وعلينا إبعاد بلدنا عن سياسة التكتلات وعلى العراق أن يكون وسيطا في الصراعات بدلا من أن يكون في مركز الصراعات. وفي هذا الإطار عليه ان يسعى لخفض وتيرة التوتر في المنطقة.

الحكيم أكد على إن العراق لا يقف مكتوفة الأيدي في الدفاع عن مصالحه في الصراع الإيراني-الأمريكي، مصرحا إن سياسة تصفير صادرات النفط الإيرانية التي تنتهجها أمريكا تعني تجاوز سياسية ممارسة الضغط والتوجه نحو تضييق الخناق على إيران شعبا وحكومة، وإن هذه الممارسات ستأتي بتداعيات كارثية على المنطقة وخاصة العراق.

كما طالب الحكومة العراقية لعب دور الوسيط لحلحلة الأزمة المتصاعدة بين إيران وأمريكا.

الوساطة العراقية

التقى الشهر الماضي السفير السعودي في العراق عبد العزيز الشمري بالسيد عمار الحكيم وكرر دعوة المسؤولين السعوديين له لزيارة السعودية التي وجهوها له قبل عدة أشهر.

قدم الحكيم عدة شروط لقبوله القيام بتلك الزيارة وقال إن زيارته للسعودية يجب أن تنتهي بتحسين علاقات البلدين وتوسيع نطاقها ودعم العملية السياسية في العراق ودعم الحكومة العراقية، كما يجب ان تأتي بأثمارها للشعب العراقي. وحدد شرطين لزيارة السعودية: أولا اللقاء بشيعة السعودية والتوجه إلى المناطق الشيعية في السعودية. وثانيا أعلن انه يجب تحديد مصير محاصرة الشيخ عيسى قاسم قائد الشيعة في البحرين واعتقال الشيخ علي سلمان الأمين العام لحزب الوفاق.

صرح السفير السعودي بعد معرفته هذه الشروط بانه سوف ينقل الرسالة إلى الرياض.

الحقيقة ان السيد عمار والسفير السعودي يعرفان جيدا بان السعودية لا تقبل بهذه الشروط لكن ردا على سبب وضع قائد تيار الحكمة هذه الشروط يمكن الإشارة إلى عدة نقاط:

بعد زيارة السيد مقتدى الصدر للرياض، انتقدته بعض التيارات الشيعية في العراق والمنطقة بالقول ما الذي حصل عليه لقاء ما قدمه للطرف السعودي (زيارة قائد من قادة شيعة العراق الرياض).

ان السعودية بذلت مساعي جبارة طوال الأشهر الماضية لبناء العلاقة بالتيارات الشيعية في العراق لكن عليها ان أرادت استمرار هذه العلاقة ان تبدي تساهلا في التعامل مع شيعة المنطقة الشرقية وشيعة البحرين، ذلك انه لا يمكن ممارسة الضغط على الشيعة في مكان ما وبناء علاقات ودية في مكان آخر.

يعرف السيد عمار الحكيم جيدا التنافس الإقليمي بين إيران والسعودية وخاصة في السنوات المنصرمة ويعرف التطورات الإقليمية ووجوب القيام بأعمال دقيقة في هذه الفترة. على هذا وإلى جانب التأكيد على التقارب بين العراق وطهران قد شدد مرارا على وجوب إقامة اجتماع يجمع قادة المنطقة (بغداد وطهران والرياض وأنقرة والقاهرة) لحلحلة القضايا الإقليمية والبدء بالحوارات السياسية.

يعرف الحكيم جيدا بان العراق وإيران تشكلان العمق الاستراتيجي لبعضهما البعض وفضلا عن هذا ان العراق يشكل جسرا لوصول إيران إلى العالم العربي، وعليه فإنه يحاول ان يتابع أنشطته الإقليمية في هذا الإطار.

من جهة أخرى يعرف رئيس تيار التحالف الوطني ان أهل السنة في العراق يتبعون سياسات بعض الدول العربية في المنطقة وان نيران أي تطرف يذكيها حطب تلك الدول، على هذا يحاول الحكيم أن يرتب أوراق سياستها الإقليمية على نحو يحافظ على مبادئه وتبني علاقات جيدة لجيران العراق العرب.

ان العراق يعيش حاليا مرحلة ما بعد داعش وسيشهد في الأشهر القادمة انتخابات مجالس المحافظات، فإن أهم أولوية العراق الراهن الحفاظ على الاستقرار لإقامة الانتخابات وإعادة بناء هذا البلد وهو بحاجة إلى الاستثمار والابتعاد عن التوترات والأزمات الطائفية.

كما يعرف رئيس تيار التحالف الوطني تلك القضايا ويريد تحقيق الوحدة الداخلية والتقليل من التوترات الإقليمية لكنه إذا ما كان من المقرر ان يزور الرياض واللقاء بقادة السعودية فإنه لا يبحث عن التقاط صور تذكارية إلى جانب قادة السعودية بل يتابع أهدافه الإقليمية.

المنطقة تحيط بها ظروف حساسة

يرى الأنصاري ان إيران عملت بذكاء في ظل الظروف الراهنة، ويعاني الأمريكيون من ضغط الصهاينة ولا يسمحون لأنفسهم بشن أي هجوم، ذلك ان إسرائيل ستكون ضمن الدول المتضررة ولا يقبل الصهاينة بهذه المغامرة أبدا.

يريد ترامب ان يضع إيران في مواجهة دول المنطقة وخاصة السعودية كي يستغلها ماليا، ويعرف ترامب جيدا بان شعبه ليس مستعدا للقيام بأي حرب خاصة في المنطقة، انه يحاول ببيع الأسلحة لتحسين ظروف مصانع الأسلحة ماليا.

الكل يعرف ان السعودية أخفقت في اليمن فهل تلعب بالنار بمواجهة إيران؟

ما تجدر الإشارة إليه هو أن اعتماد أمريكا على العملاء الداخليين يفوق اعتمادها على الحرب وما يماثلها.

ان العراق وبغية الحفاظ على استقراره من جهة والحاجة إلى الكهرباء والغاز الإيرانيين، يحاول ان يحافظ على استقراره وحكومته من جهة، ومن جهة أخرى وردا على مساعدات إيران للمعارضة طوال ثلاثة عقود يريد أن يلعب دور الوسيط فيضرب عصفورين بحجر واحد، كما يحاول وبالاستقرار والقوة داخليا ولعب دور الوسيط، التمتع بمكانة عالمية وخاصة في داخل إيران.

جدير بالذكر بأن السيد عمار الحكيم لعب دورا بارزا في تكوين مثل هذا التفكر وتبني هذا الأسلوب.

انه وطوال الشهر المنصرم قام بأعمال كثيرة حتى خرج بقرارات مهمة وإنجازات كبيرة بعد اجتماعات على المستوى الفردي أو الجماعي مع الشخصيات السياسية.

يبدو انه ومن خلال الحلول المطروحة يقوم العراق بشراء الغاز والكهرباء من إيران بمبالغ تتجاوز المليارات الدولار. وان هذه القضية تكتسب أهمية قصوى بحيث جاءت تلك الاتفاقيات بعد الضوء الأخضر الأمريكي، إذ اتفقوا مع المسئولين العراقيين خفية.

يبدو ان السيد عادل عبد المهدي والحكيم والصدر والجماعات المناصرة لإيران يريدون من جهة تحقيق الاستقرار لبلدهم، ومن جهة أخرى يشعرون بالقلق من الأوضاع السياسية داخل العراق بحيث لا يتحول العراق نتيجة هذه المواجهة إلى سوريا أخرى، لهذا بدأوا يتحركون ويريدون دعوة الأمريكيين والسعوديين إلى ضبط النفس.

هل حققوا النجاح؟

قدمت تفاسير أخرى لزيارة وزير الخارجية الأمريكية إلى العراق، في الحقيقة ان الأمريكيين كانوا يبحثون عن قضايا أخرى وإرغام إيران على استئناف المفاوضات بشروط ما، لكن العراقيين رفضوا المقترحات غير المنطقية، فالأمريكيون يريدون حلولا لكن إيران لا تعتمد على حلول الأمريكيين.

في نهاية المطاف أراد ترامب بان يجتمع بقادة إيران بغية العمل على ابرام اتفاق والاهم من هذا اتخاذ خطوات تمنح إيران مكانة لائقة في مستقبلها.

غير ان مستقبل إيران وفقا للخطة الامريكية، يختلف تماما عن المستقبل الذي رسمه المسئولون في نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

رمز الخبر 189542

تعليقك

You are replying to: .
6 + 1 =