خبر اونلاین - ان الامر الذی یفرض نفسه فیما یتعلق بالثورات الشعبیة فی العالم العربی، ان بدایة تفجر هذه الثورات فی تونس ومصر کان عفویا وادهش کافة البلدان خاصة الغربیة.

محمد علی مهتدی

وبالطبع وعقب الدهشة  التی اصابت امیرکا واوروبا کانوا بحاجة لوقت لبحث وتحلیل هذه النهضات التی شهدتها المنطقة. لقد قاموا بقیاس سیر ثورات المنطقة من منطلق مصالحهم وقاموا بدراستها من ناحیة تفضی الى السیر بالاحداث وفقا لما یحقق مصالحهم.
یبدو ان الغرب نجح على هذا الصعید، حیث شهدنا نجاح الغرب فی کل من تونس ومصر.

ففی هذان البلدان وعقب مرور اکثر من خمسة اشهر نرى ان الاختلافات لا تزال موجودة ومستقبل النهضات الشعبیة محاطا بهالة من الغموض.
ان لهذه المقدمة اهمیة من منطلق اننی اعتقد ان الغرب ومن خلال تحلیله لثورات الشرق الاوسط توصل الى نتیجة هی ، انه فی حال تخلیه عن نهضات المنطقة فان هذه الثورات الشعبیة ستتحول من تلقاء نفسها نحو الاقتراب من محور المقاومة فی المنطقة ای الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة وسوریا.


من هنا نرى ان الغرب یؤکد على محور هام فی کل هذه النهضات ، یتمثل فی اغلاق الطریق على ایران حتى لا تتمکن من ایجاد سبل للاتصال بهذه التحرکات الشعبیة، وشهدنا ممارسة هذا النهج فی کل من تونس ومصر، حیث لا تزال مصر وبالرغم من انتصار الثورة تتلقى المعونات الغربیة شرط عدم فتح الطریق امام ایران وایجاد علاقة بین القاهرة وطهران.

کما ینطبق هذا الامر على لیبیا، فقد شهد هذا البلد حالة خاصة تجلت مع بدایة التحرکات الشعبیة حین اقدمت حکومة القذافی على قتال الشعب بوسیلة قوات الکتائب وفی المقابل استغل الناتو الفرصة بذریعة حمایة المدنیین وقام بشن هجوم عسکری على هذا البلد.

من وجهة نظر الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة تتمثل روح الثورات الشعبیة فی المنطقة فی اعلان المطالب المناهضة للاستبداد وطلب العدالة والتی یجب تلبیتها. عندما بدأ قتل المدنیین ، کانت ایران مستعدة للمساعدة بشتى الوسائل لکن حتى الاجراءات الانسانیة ایضا جوبهت بعراقیل مختلفة.

وعلد ما یبدو ان هناک توافقا دولیا یرمی للحیلولة دون دخول الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة الى ساحة الثورات الشعبیة فی المنطقة. والسبب واضح، فاذا ما دخلت ایران الى سیر تطورات المنطقة ، والمودة التی تکنها الشعوب للقضیة الفلسطینیة وتحریر القدس ووضع سیاسة مستقلة لتحقیق کرامة شعوب المنطقة، فان جمیع ارجاء الشرق الاوسط ستتحول الى جبهة للمقاومة.
من جهة اخرى کان موقف الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة ازاء تطورات المنطقة هو التاکید على تلبیة مطالب الشعوب ، والعمل على تفعیل الاصلاحات التی ینشدها الشعب.

نظرة طهران للاوضاع فی لیبیا
اما فیما یتعلق بلیبیا فبسبب دخول قوات الناتو الى هذا البلد نرى ان الظروف مختلفة وبات واضحا ان الغرب لدیه دوافع خاصة فی لیبیا. فهذا البلد وخلافا لتونس ومصر هو بلد غنی ولدیه مصادر نفطیة کبیرة کما ان نفطه مرغوب اکثر من باقی البلدان، ومن الطبیعی ان هذه العوامل حفزت القوى المتسلطة للتدخل فی لیبیا، فبالرغم من تدخلها تحت غطاء القرارات الدولیة بذریعة حمایة المدنیین لکنها ربما تکون قد قتلت عددا من المدنیین عن طریق الخطأ یفوق عدد اولئک الذین قتلوا على ید کتائب القذافی.

کما ترى ایران ان على الشعب اللیبی تعیین مصیره دون تدخل الناتو والیوم حیث تم الاطاحة بنظام القذافی، یتوجب على قوات الناتو مغادرة الاراضی اللیبیة. لکن یبدو اننا على اعتاب بدء عهد جدید من التدخل الاجنبی فی لیبیا . حتى اعضاء الناتو لا یرغبون باستتباب الاستقرار فی لیبیا لانهم یرمون الى التواجد الطویل الامد فی هذا البلد. لذا فان اثارة الاضطرابات یمکن ان یکون ذریعة مناسبة للناتو لمواصلة تواجده فی لیبیا، وهذا الامر هو ما تعارضه الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة.

نهج ایران ازاء سوریا
اما فیما یخص سوریا فالقضیة دقیقة جدا وتختلف عن کافة بلدان المنطقة. فسوریا وخلافا للانظمة السابقة فی تونس ومصر والیمن لم تکن یوما فی الخدمة الاستراتیجیة لامیرکا فی المنطقة بل وعلى العکس کانت فی مواجهة سیاساتها. فسوریا ومن خلال کونها فی محور المقاومة قدمت الدعم لفلسطین وصمدت امام تهاجم الکیان الصهیونی.

هناک امرین حول سوریا، الاول المطالب الشعبیة التی تاتی فی سیاق رفع الاستبداد وتقصیر الجهاز الحکومی فی تجاهل حقوق الشعب ومطالب اخرى تتعلق بالحریة ومکافحة الفساد الاقتصادی. وطهران تؤید هذه المطالب واعلنت وجوب تلبیتها. حیث ان مباحثات طهران - دمشق والدبلوماسیة الایجابیة بین الجانبین تحتم على حکومة بشار الاسد ضمن رفع النواقص، المضی نحو تفعیل الاصلاحات بصورة جادة واجتناب ممارسة العنف بحق الشعب.

القضیة الثانیة تتعلق بالمخطط الغربی الذی تم العمل علیه منذ وقت طویل. ان هدف الغربیین اخراج سوریا من محور المقاومة وتغییر النظام وتحویل سوریا الى بلد یشبه السعودیة وباقی الدول التی تعارضالمقاومة.
ان الجهاز الدبلوماسی للبلاد لدیه تقریر کامل حول حجم المؤامرات الخارجیة التی تحاک لتدمیر سوریا ومحور المقاومة، ولطالما حذرت وعلى الدوام من هذا الامر.ونرى ان النشاط الدبلوماسی لایران کزیارة وزیر الخارجیة لسوریا، ومشاورات ایران وترکیا حول قضایا سوریا وتبادل وجهات النظر بین طهران وباقی البلدان تاتی کلها فی هذا السیاق.
ان ایران ترفض المؤامرة الغربیة الرامیة لتغییر النظام فی سوریا وکسر محور المقاومة واذا ما تقرر دخول الغرب الى سوریا عسکریا ، فما من شک ان ایران وباعتبارها حلیف دمشق وبلدا یدافع عن القضیة الفلسطینیة ، ستقف الى جانب سوریا.
ویبدو ان موقف ایران الحازم فی دعم سوریا قد اثبت نجاحه حتى الیوم وحقق انجازات ایجابیة. بالطبع کان هناک دعایة مغرضة حول تدخل ایران فی احداث سوریا لکنها باءت بالفشل، وکان الغرض منها لیس تفعیل الاصلاحات وبسط الدیمقراطیة بل اخراج سوریا من محور المقاومة.
فی الحقیقة لا یرید الغرب من نظام بشار الاسد تفعیل الاصلاحات بل کسب امتیازات ترمی لتحقیق امن اسرائیل والابتعاد عن المقاومة. وان ایران مطلعة بصورة تامة على دوافع الغرب فی سوریا ومن اجل احباط هذا المخطط نراها تقف الى جانب سوریا.

محلل لقضایا الشرقالأوسط

30349

رمز الخبر 170726