خبراونلاین- خلال الایام الثلاثة لاعلان نبأ اعتراض وانزال طائرة التجسس الامیرکیة "آر کیو 170" المشهورة باسم "سنتینل" وبشکل سلیم داخل الاراضی الایرانیة ، تناولت غالبیة وسائل الاعلام المحلیة هذه القضیة بالمناورة على قدرات القوات العسکریة الایرانیة التی استطاعت القیام بهذا العمل الذی مثل ضربة قاسیة وهامة للتحرکات العسکریة الامیرکیة فی العالم ، فیما اغفلت هذه الوسائل تناول الجوانب القانونیة، السیاسیة والدبلوماسیة لهذا العمل القیم.

نصرة الله تاجیک‬

صممت هذه الطائرة التی تعتبر من ناحیة التصنیع وتجنب الرادارات وحیازتها لاحدث التقنیات لتکون آخر انموذج للطائرات المتفوقة التی تستخدمها امیرکا للاغراض التجسسیة وجمع المعلومات الاستخباراتیة. وکانت تستخدم تقنیة تصنیعها سابقا على طائرات من طراز "بی 2" و "اف 35" ویتم توجیهها عبر قمر صناعی على اتصال بمحطات ارضیة فی افغانستان وامیرکا.

على الرغم من استدعاء وزارة الخارجیة لسفیر سویسرا فی ایران وابلاغه باحتجاج طهران على الولایات المتحدة لکن القاء نظرة على اجراءات مماثلة سابقا یظهر انه یتوجب على ایران اتخاذ تدابیر واجراءات اخرى للحیلولة دون تکرار هذا الامر وایضا لتقبل افغانستان وامیرکا مسؤولیة هذا الانتهاک السافر.
 
فی عام 1960 میلادی اطاحت قوات الدفاع الجوی للاتحاد السوفیاتی بطائرة تجسس امیرکیة من طراز "یو 2" التی دخلت اجواء بلادها عبر ترکیا ، ایران وربما باکستان فی عمق 1200 کیلو متر داخل اراضی هذا البلد وقامت باعتقال طیارها الذی رمى بنفسه الى خارج الطائرة عبر مظلته وزجت به فی السجن.

لقد القت هذه القضیة ولفترة مدیدة بظلالها على الاجواء الدولیة والعلاقات السیاسیة بین البلدین ابان عهد الحرب الباردة ، واستطاع الروس وعبر هذه الورقة الرابحة فی ایدیهم وعلى اعتاب اجتماع قمة الدول الاربعة امیرکا، الاتحاد السوفیاتی، بریطانیا وفرنسا فی 15 من نفس الشهر آنذاک فی باریس استغلالها والافادة منها بافضل طریقة على الصعید السیاسی. فی بدایة الامر
وبالاضافة الى تبادل مذکرات الاحتجاج عبر سفارتی البلدین تم احالة القضیة الى مجلس الامن الدولی والامم المتحدة وطالب الجانب الروسی باعتبار هذا الاجراء انتهاکا سافرا وعدوانا یرمی الى زعزعة السلام والامن العالمی کما طالبوا بان یتحمل الجانب الامیرکی تداعیاته ومسؤولیته عنه . والیکم فی هذه الوصلة ملخص للاجراءات التی تم اتخاذها على هذا الصعید.(1)

ابان فترة الحرب الباردة الاولى وخلال مرحلتیها الناشطة والمتوترة والمنافسة التسلحیة بین قطبیها العظیمین، صب الجانبان جل اهتمامه على التوصل الى المعلومات التی تم تسجیلها فی مثل هذه الطائرات و التوصل الى تکنولوجیا تصنیعها کما دفع کلاهما تکالیف مادیة ومعنویة کثیرة بغیة الحفاظ على التفوق.
 
احد عوامل القلق الذی کان یساورهم حینها ایضا هو توصل الاقمار الصناعیة لکلا القطبین  للمعلومات الاستخباراتیة ولتکنولوجیا و کیفیة السیطرة علیها من قبل الجانب المنافس. ان صمت  المسؤولین الامیرکیین امام الاقتدار والاجراء الجدیر بالاستحسان للقوات المسلحة الایرانیة وعدم تأییدهم لنبأ اعتراض الطائرة خلال الیومین الاولین وقبولهم لخبر اسقاطها من قبل قوات الناتو انما هی مؤشرات على التوتر الامیرکی وسیاسته الانفعالیة امام ایران وربما الرغبة وعبر عقد مصالحة من خلف الستار فی ایجاد خاتمة لهذه الواقعة. ویبدو ان الامیرکیین واستنادا لتاریخ الحرب الباردة یخشون حصول کافة البلدان المجاورة لافغانستان مثل الصین، باکستان وایضا روسیا على المعلومات التی تم جمعها بواسطة هذه الطائرة فضلا عن تکنولوجیا تصنیعها.

لذا اسفر اعلان نبأ اعتراض وانزال هذه الطائرة من قبل المسؤولین العسکریین فی ایران فی بادئ الامر عن ایجاد شکوک وشبهات من قبل وسائل الاعلام الغربیة حول سلامة الطائرة ، لکن وعند انتشار وبث افلام الطائرة التجسسیة التی وقعت تحت قبضة ایران فی موقع الیوتیوب وباقی المواقع الالکترونیة قاموا وعبر الهروب من الاقرار بوجود هذه القدرات لدى ایران فی انزال ابرز مظاهر التکنولوجیا الحدیثة التی تم توظیف ملایین الدولارات لدراستها وتصنیعها والتی اسهمت حتى فی تدمیرهم قاموا بانتهاج السیاسة الانطوائیة واضطروا الى التوجه نحو القضایا الفرعیة والحملات الدعائیة مثل الافتتاح المبکر لسفارتهم الافتراضیة على الانترنت. ان هذا الاجراء العسکری لخیرة شباب هذه الارض والذی اسفر عن فخر واعتزاز کل ایرانی لا یمکن ان ینحصر فی اطار الاجراءات التی اتخذت حتى الان.

ان هذا الاجراء یمثل ورقة رابحة وبامتیاز على صعید الساحة الدولیة التی وقعت بید الدبلوماسیة الایرانیة . ان انزال طائرة تجسسیة لقوة عظمى یمثل بحد ذاته فخرا ویجب الافادة منه سیاسیا ودعائیا الى جانب الافادة من جوانبه القانونیة الدبلوماسیة. وبغرض مناقشة موضوع البحث الذی هو الیوم على طاولة الخبراء المختصین یتم هنا طرح عدد من الاقتراحات لیتسنى من خلالها تقدیم حلول عملیة اکثر فی هذا المجال: 1- ارسال رسالة من قبل وزیر الخارجیة الایرانی الى الامین العام للامم المتحدة لبحث ومناقشة الاخطار المترتبة عن الاجراءات العدائیة للولایات المتحدة ضد ایران. فهذا الاجراء الامیرکی یمثل وبشکل سافر اسباب تواجد امیرکا فی افغانستان، فهنا نلحظ اختلافا واضحا فی الاهداف التی اعلنت عنها امیرکا لتواجدها فی افغانستان بینما نرى ان اجراءاتها فی هذا البلد تظهر مدى کذب وتحایل امیرکا ازاء تعاطیها مع القضایا الدولیة.

یجب مطالبة الامین العام فی هذه الرسالة بالاضافة الى التندید بمثل هذه الاجراءات الامیرکیة ضد ایران احالة القضیة الى اول اجتماع سوف یعقده مجلس الامن الدولی، ویتوجب على رئاسة واعضاء مجلس الامن بحث ومناقشة جوانب هکذا اجراءات والتی من اقل تداعیاتها جر المنطقة الى حرب وتهدیدها للسلام العالمی واتخاذ اجراءات على هذا الصعید واطلاع المجتمع الدولی علیها. 2- ابلاغ احتجاج ایرانی للحکومة الافغانیة ، ما من شک ان الغرض من تواجد القوات الامیرکیة فی افغانستان هو التجسس والعمل على اجراءات معادیة ضد ایران، ان على الحکومة الافغانیة تقبل مسؤولیاتها ازاء الاجراءات الامیرکیة المضادة لایران والاطلاع على تداعیاتها. او ان تقوم افغانستان بتقدیم اعتذار رسمی وتتعهد بعدم السماح للقوات المسلحة الامیرکیة استخدام اراضیها للقیام بای عمل ضد ایران وتحمل مسؤولیة ای قضایا مشابهة تحدث فی المستقبل.

(1) http://www.mtholyoke.edu/acad/intrel/u2.htm

30349

رمز الخبر 181381