٠ Persons
٩ ديسمبر ٢٠١٢ - ٢٠:٠٥

عادل عبد المهدی


 

خبرأونلاین-فی عملیة الاجتیاح الاسرائیلی للبنان عام 1982، کانت الطائرات الاسرائیلیة تلاحق الزعیم الفلسطینی الراحل یاسر عرفات.. کنت اقف فی شرفة الشقة التی اسکنها.. وانظر امامی وارى عن بعد عمارة مرتفعة.. التفت قلیلاً، ثم سمعت صوتاً اشبه بالکوابح الهوائیة للشاحنات الکبیرة (بششش)، واعدت النظر الى الامام. لم اع اولاً ما حدث.. ثم ادرکت ان العمارة البعیدة الشامخة بکاملها قد غابت عن الانظار..

لم یکن هناک دوی انفجار بل تصاعداً للغبار.. وکانت هذه هی المرة الاولى التی اسمع فیها بالقنبلة الفراغیة او الهوائیة.. وملخصها ان القنبلة تفرغ هدفها من الهواء او الاوکسجین.. فیقوم الضغط الخارجی بعمله فی الانقضاض على الجسم المستهدف لیحیله الى تراب منثور.

ونظریة الفراغ فی السیاسة لا تختلف اطلاقاً عن ذلک.. فعندما یحصل فراغ سیاسی فی الرؤى والنظریات.. وفراغ قیادی لحملة المشروع، فان کافة عوامل الضغط الخارجی ستجتاح بسرعة مساحات الفراغ وتملأها بشتى النظریات والسیاسات المدمرة.. کما ستجتاح مراکز القیادة تیارات وعناصر تحرف المسارات عن اتجاهاتها الصحیحة.

وفی التجربة العراقیة کنا، وما زلنا، نرى ان الوعاء النظری للمرحلة الجدیدة هو المبادىء الاساسیة التی ثبتها الدستور لبناء دولة معاصرة دیمقراطیة دستوریة برلمانیة اتحادیة جدیدة.. وکنا، وما زلنا، نرى ان القوى الرئیسیة الفائزة فی الانتخابات تمثل القیادة الطبیعیة المنتخبة للبلاد. لکننا -ولعوامل عدیدة- اخذنا بالمناورة والالتفاف على الدستور الى ان افرغناه تماماً من دوره ومعانیه. وبدل بناء جبهة صلبة، او تحالفات وطنیة کبرى، لها برنامج واضح یواجه الارهاب والتخریب ویقود البلاد الى شاطىء السلام ویعالج المشکلات الاساسیة التی تواجهنا.. لیتجاوز الموروثات السلبیة والکارثیة الماضیة ویبدأ بتوفیر الخدمات للمواطنین، تآمرنا على انفسنا عبر المحاصصة، والتصارع على المواقع، فتولد لدینا، شئنا ام ابینا، وبنوایا مخلصة او مبیتة، فراغ سیاسی وقیادی کشف البلاد تماماً لشتى الازمات والتیارات الضارة التی تعصف به.. فلا تخرج من ازمة الا لتقع باکبر منها.

یتساءلون ما الحل؟ انه واضح -رغم مراکمتنا للصعوبات بوجهه- ویتمثل بمعالجة الفراغ، والتحصن ضد القنابل الهوائیة، والعودة للمضامین الدستوریة والتعاقدیة.. والانتخابات النزیهة والعادلة، لیختار الشعب قیاداته.. وبناء جبهة من القوى المؤمنة بالدستور وبرامج الاصلاح، والقادرة على قیادة البلاد الى بر السلام والامان والخدمات.


 

رمز الخبر 183874